سيدة لا تختلف كثيرا عن غيرها من بقية نساء المغرب، متواضعة حد الخجل، صارمة حد السيف. تخاطبك بصوت واثق، متح من عمق الدراسات القانونية، التي تشبعت بها, منذ مرحلة الدراسة, قبل أن تندرج في سلك القضاء, وتتسلم أعلى المراتب, لتدشن حضور أول امرأة مغربية على رأس مؤسسة قانونية بجنوب مغربنا الحبيب. نخبة من الوجوه المسؤولة, حضرت مراسيم تنصيب الأستاذة رشيدة علمي مروني , كرئيسة للمحكمة الإدارية الإبتدائية بمراكش, يتقدمهم والي جهة مراكش تانسيفت الحوز, الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية بمراكش، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بمراكش الوكيل العام لجلالة الملك لدى نفس المحكمة , ورؤساء المحاكم الإبتدائية والتجارية إلى جانب والي الأمن الوطني وقائد الموقع العسكري. مسؤولون وازنون, حضروا لتهنئة هذه السيدة, التي عرفت كيف تنحت طريقها في صخر دواليب القضاء المغربي, بسيرة عطرة نالت إعجاب الجميع, ومنحتها بامتياز مكانة ضمن أسرة المسؤولين القضائيين, تشريفا وتكليفا لكل نساء هذا الوطن. سيدة لم تمنعها مسؤولياتها المهنية الجسيمة, من إيجاد متسع لعيش حياتها كإنسانة, فعرفت طعم الأمومة في ثلاث مناسبات, وهبت من خلالها الحياة لثلاث أطفال في عمر الزهور, تعمل اليوم جهد طاقتها لإشباعهم من نفس كأس المسؤولية, والخلاق الطيبة التي شبت وترعرعت عليها, شعارها في ذلك ” أفضل استثمار في حياتنا القصيرة ,أبناء مسؤولون يحملون المشعل, حين تطفىء شعلة الإنسان القصيرة” كان مسقط الرأس بالعاصمة العلمية فاس, أرض الحضارة ومهد العلم والثقافة المغربية الأصلية, قبل أن تنقلها الأقدار للعاصمة الاقتصادية حيث تابعت دراستها الابتدائية والثانوية, لتتدرج في سلك التعليم العالي وتحوز على شهادة الإجازة في شعبة القانون الخاص بالقسم الفرنسي سنة 1982 , وبعد قضاء مدة الخدمة المدنية وفترة تمرين في مهنة المحاماة, قررت الالتحاق بسلك القضاء سنة 1990. سنتين بعدها قضتها بالمعهد العالي للقضاء, وعينت سنة 1992 بالنيابة العامة كنائبة لوكيل للملك بابتدائية أنفا بالدارالبيضاء ثم قاضية بنفس المحكمة اقتضت ظروفها العالية انتقالها سنة 1995 إلى ابتدائية مراكش, حيث عملت كقاضية, عرفت بنزاهتها, واحتكامها لقيم العدالة والإنصاف, ما سمح بنقلها للعمل بالمحكمة الإدارية الابتدائية بمدينة سبعة رجال. ولأنه لكل مجتهد نصيب, فقد تمت ترقيتها سنة 2001 إلى مستشارة ” قاضية من الدرجة الثانية ” ثم سنة 2005 إلى مستشارة قاضية من الدرجة الأولى ليستمر بعدها تألقها القضائي, وتظهر عن علو كعبها مما جعل مصالح وزارة العدل توكل إليها أمر الإشراف على تسيير وتدبير شؤون ذات المحكمة سنة 2010 كرئيسة بالنيابة , وهي الرحلة التي انتهت بتعيينها رسميا وتنصيبها كرئيسة فعلية, بعد موافقة عاهل البلاد. بهذا التعيين أصبحت الأستاذة رشيدة علمي ماروني, خامس سيدة مغربية تتولى المسؤولية القضائية بالمغرب, وأولها تتسلم هذا المنصب بمنطقة الجنوب. تعيين اعتبرته الأستاذة والأم رشيدة, تشريف لكل نساء المغرب, وتكريما لكل القاضيات اللواتي يحضون كأشقائهم القضاة, بالعناية الملكية السامية, وهو ما عبر عنه حرص جلالته في خطابه السامي بتاريخ 20 غشت 2009, على أن تكون المرأة ممثلة تمثيلا مشرفا داخل المجلس الأعلى للقضاء, مع قطعها وعدا بأن تعمل جهد طاقتها ومن موقعها الجديد, على ترشيخ الرغبة الملكية في أن يكون قضاء المحكمة الإدارية بمراكش قضاء ناجعا منصفا فعالا و في خدمة المواطن. محمد موقس