AHDATH.INFO – خاص "لستُ مثلية ولست مجبرة أن أكون كذلك لكي أدافع عن قضية مبدئية تتعلق بالاختيارات الخاصة للأفراد. انتهى". بعد نشر مقالة الأسبوع المنصرم على جريدة "الأحداث المغربية" و على موقع "أحداث.أنفو" ، والتي حملت عنوان: "المثلية الجنسية حرية شخصية"، توصلت بالعديد من الردود المشجعة أو المنتقدة. بعض هذه الردود عبّر عن رفضه للمثلية الجنسية وتخوفه منها. أولا، لنتفق على بعض البديهيات: أن ندافع على حق شخص ما في أن يمارس حريته الفردية، لا يعني أننا نطالب بفرض هذه الحرية على جميع أفراد المجتمع. أن يكون للمثليين الحق في الاستمتاع بحريتهم الجنسية، لا يعني المطالبة بتحويل كل المجتمع إلى مثليين. لكن ذلك سيضمن لهؤلاء الخروجَ من الشطط القانوني الذي يطالهم في أمر لا يشكل، مبدئيا، أي أذى للآخرين. في نفس الوقت، الدفاع عن الحرية الجنسية للأشخاص الراشدين، المثليين منهم أو الغيريين، لا يعني فرض الممارسة الجنسية خارج مؤسسة الزواج على غير الراغب في ذلك. وبالتالي، فأسئلة من قبيل: "هل تريدون تحويل المجتمع كله إلى مثليين؟" أو "هل تريدون فرض العلاقات الجنسية خارج الزواج؟"، هي أسئلة عبثية وساذجة… إن لم تكن تخفي مغالطات وسوء فهم كبيرين. البعض الآخر سألني إن كنتُ شخصيا مثلية جنسية. أعترف أن السؤال أضحكني. لا أعرف فيم يهمَّ انتمائي الجنساني كشخص. لكني مع ذلك سأرد، ليس من باب دفع الشبهة؛ لأن المثلية ليست تهمة بل هي اختيار هوياتي للأفراد: لستُ مثلية ولست مجبرة أن أكون كذلك لكي أدافع عن قضية مبدئية تتعلق بالاختيارات الخاصة للأفراد. انتهى. بعد هذين التوضيحين، أعترف بأني أستغرب من مجتمع تزعجه المثلية الجنسية ولا يزعجه الاغتصاب. مجتمع يحتج ضد علاقة جنسية مرغوب فيها بين رجل وامرأة راشدين ولا يحتج ضد زواج طفلات صغيرات. مجتمع ينزعج من مشهد شخصين يقبلان بعضهما ولا ينزعج من مشهد طفل ينام في العراء تحت البرد وتحت القرّ. مجتمع ينزعج من منظر امرأة تدخن ولا ينزعج من منظر امرأة يعنفها زوجها في الشارع، لأنه بالتأكيد "يربّيها". مجتمع ينزعج من مفطري رمضان ولا ينزعج ممن يتفوهون بأبشع الألفاظ وهم صيام، في الشهر واليوم نفسه. مجتمع تزعجه مهنية الجنس ويلعنها، ولا ينزعج أبدا من زبونها الذي يدفع مقابلا لمتعة جنسية عابرة. مجتمع يرفض أن تؤمه امرأة للصلاة، ولا تزعجه نسب الأمية المتفشية بين حوالي نصف نساء وطنه. مجتمع ينتفض، قولا وخطابا، ضد التخلف وضد الممارسات غير المواطنة، ويعيد هو نفسُه إنتاجَها. مجتمع يستهلك العديدُ من أفراده الكحول بغزارة ويعتبرونه حراما أربعين يوما قبل رمضان -فقط-، في لعبة جيمناستيك رهيبة يمزجون فيها الدين والعلم بدون أي منطق مقبول. مجتمع لا يزعجه اغتصاب الأطفال إلا إذا كان الضحية من جنس الذكور. مجتمع يزعجه منظر فتاة بتنورة قصيرة ولا يزعجه منظر رجل يخرج عضوَه ليتبول في الشارع. مجتمع يحاسب الفتاة على فقدان بكارتها، ويعتبر شريكها في العلاقة الجنسية ضحية لها. مجتمع يُنَظِّر ضد الفساد والاستبداد ولا ينزعج كثيرا من منظر خادمات البيوت الصغيرات يشغلهن أو يصادفهن في حياته اليومية. مجتمع يعتبر التحرش الجنسي مسؤولية المرأة المتحرَّش بها وليس الرجل المتحرِّش. مجتمع يخاف الحب والجنس ولا يخاف العنف. قد تطول لائحة تناقضاتنا إلى ما لا نهاية… وسنبقى نُنَظر لواقع ونعيش آخر بممارسات متناقضة. نهتف شعارات ونؤتي ممارسات غيرها. والخطأ لن يكون يوما خطأنا ولا مسؤوليتنا.