وافق مجلس النواب الجزائري، الأربعاء، على مشروع قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي ويطالب باريس بالاعتذار ودفع تعويضات عن حقبة استعمار استمرت 130 عاماً، في خطوة اعتبرتها فرنسا «عدائية». وصوّت النواب على نص يصف الاستعمار الفرنسي بأنه «جريمة دولة»، ويحمّل فرنسا مسؤولية «جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية» خلال الفترة الممتدة بين عامي 1830 و1962، كما يجرّم أي «تمجيد» لتلك المرحلة.
ولا يزال المشروع بحاجة إلى مصادقة مجلس الأمة وتوقيع الرئيس عبد المجيد تبون ليصبح نافذاً. ويتضمن النص أكثر من عشرين مادة، من بينها مادة تُحصي 27 شكلاً من الجرائم المرتبطة بالاستعمار، تشمل الهجمات العسكرية ضد المدنيين، والاستخدام المفرط للقوة، واستعمال أسلحة غير تقليدية، والإعدامات خارج القانون، وممارسة التعذيب الجسدي والنفسي على نطاق واسع، إضافة إلى النهب المنهجي للثروات. كما ينص على مطالبة فرنسا بتنظيف المواقع الملوّثة جراء التجارب النووية التي أجرتها في صحراء الجزائر خلال ستينيات القرن الماضي، وتقديم خرائط بالمناطق المتضررة، وتعويض الضحايا وذويهم. ويدعو المشروع أيضاً إلى استعادة الممتلكات «المادية» و«غير المادية»، بما في ذلك الأرشيف الجزائري الموجود في فرنسا. ويُجرّم النص «تمجيد الاستعمار الفرنسي» بأي شكل، بما في ذلك الأفعال والكتابات ومقاطع الفيديو، مع عقوبات قد تصل إلى السجن عشر سنوات وغرامة تصل إلى مليون دينار جزائري، من دون تحديد دقيق لمعايير التمجيد. وقال رئيس مجلس النواب إبراهيم بوغالي إن القانون «لا يستهدف أي شعب، ولا يسعى إلى الانتقام أو تأجيج الكراهية»، مؤكداً أن «الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم». باريس تندّد في المقابل، نددت وزارة الخارجية الفرنسية بما وصفته خطوة «عدائية بوضوح»، سواء تجاه استئناف الحوار الفرنسي–الجزائري أو «العمل الهادئ في قضايا الذاكرة»، مؤكدة في الوقت نفسه عزمها مواصلة السعي إلى «حوار صارم» مع الجزائر، لا سيما في ملفات الأمن والهجرة. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا إلى «علاقات هادئة» مع الجزائر، محذراً من تحويل العلاقة بين البلدين إلى ورقة في السياسات الداخلية، ومؤكداً ضرورة «تصحيح العديد من الأمور» وبناء علاقة مستقبلية قائمة على التهدئة. وتحمّل الجزائرباريس مسؤولية التصعيد، معتبرة أن فرنسا «اختارت طريق التهديد بدل الحوار البنّاء»، ومؤكدة رفضها «الرضوخ لأي ضغوط أو محاولات ابتزاز».