أصبحت المحاكم المغربية تعج بمختلف القضايا التي تدخل في خانة الجرائم الجنسية، بعد أن عرفت الأخيرة تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة. في مايلي يتطرق عميد الأمن الممتاز السابق محمد أكضيض إلى أنواع الجرائم الجنسية المنتشرة بالمغرب وظروف انتشارها، وكيفية تعاطي القانون المغربي مع هذا النوع من الجرائم. بدأت الجرائم الجنسية تتفشى داخل المجتمع بشكل واضح، عندما عرف المغرب طفرة اقتصادية بفضل انتعاش قطاع السياحة الذي يعتبر من القطاعات الحيوية في اقتصاد المغرب، إلى جانب اتساع هامش الحريات حتى أصبح الوضع في المغرب لا يختلف كثيرا عن الوضع في الدول الغربية. بعد أن أصبح عدد السياح الذين يتوافدون على المغرب في تزايد مستمر، كانت الدعارة وجرائم البغاء من أول الظواهر السلبية والجرائم الجنسية التي تطفو على السطح في عدد من المدن الكبرى كالدارالبيضاء وأكادير وطنجة، فالعديد من السياح خاصة الذين ينحدرون من دول الخليج العربي حرصوا منذ ثمانينيات القرن الماضي على استئجار شقق فاخرة لاستقبال ممتهنات الدعارة، وذلك لإشباع رغباتهم الجنسية مقابل منحهن الأموال والهدايا، وكان أصحاب الشقق أول المستفيدين من تلك التجارة الجنسية التي وجدوا فيها الطريق الأقرب والأسهل إلى الثروة. فتيات كثيرات من اللواتي حلمن بالتخلص من الفقر وقعن بسهولة فريسة للسياح الأجانب الذين ينتمون إلى شبكات متخصصة في تصوير الأفلام البورنوغرافية داخل الشقق والفيلات التي يستأجرونها ببعض المدن السياحة الكبرى، ولكن سرعان ما انتهى بهن المطاف خلف قضبان السجن، بعد أن تقع الأشرطة الجنسية التي يظهرن فيها في قبضة الشرطة. يعاني العديد من السياح الذين يزورون المغرب من «البيدوفيليا» والشذوذ الجنسي، الأمر الذي يقودهم إلى اغتصاب الطفلات وهتك أعراض القاصرين. والقانون الجنائي المغربي لا يتساهل مع مرتكبي الجرائم الجنسية بمختلف أنواعها وخاصة الجرائم المرتكبة ضد القاصرين، فممارسة الجنس على فتاة قاصر تعد اغتصابا حتى وإن تم الأمر برضاها، لأن دستور المغرب وقوانينه المستمدة من الدين الإسلامي باعتباره دين الدولة الرسمي تدين كل أشكال الاعتداء الجنسي على الأطفال والشذوذ الجنسي والمثلية التي تتناقض مع القيم الإسلامية والأخلاق العامة، كما تحارب كل أشكال التحرش الجنسي والتحريض على الفساد، ويحبط كل محاولة للاتجار بالرقيق الأبيض داخل وخارج الوطن، خاصة أن بعض الشبكات تسعى إلى توسيع نطاق جرائمها والانتقال بها إلى أوروبا ودول الخليج عبر مطار الدارالبيضاء. هذا النوع من الجرائم الجنسية المرتكبة في حق الفتيات والأطفال القاصرين ليس مرتبطا بالسياحة الجنسية فقط، فهناك من المغاربة من تعاطوا أيضا هتك عرض القاصرين بل وقتلهم كذلك، وراكموا عدة جرائم قبل أن يقعوا في قبضة العدالة كما حدث في حالة سفاح تارودانت. كما اهتز الشارع المغربي في السنوات الأخيرة أيضا على جرائم الاغتصاب التي كانت ضحاياها تلميذات المدارس، وخاصة تلك التي كان مرتكبوها معلمين وأساتذة بالمدارس الابتدائية والإعداديات أيضا، فأصبحت بالتالي تلك الجرائم ترعب كل أولياء أمور التلاميذ والتلميذات وتقض مضجعهم، دون أن ننسى التغرير بالقاصرات الذي تكون نتائجه إقامة علاقات جنسية غير شرعية وعواقب أكثر خطورة. العلاقات الجنسية غير الشرعية في حد ذاتها تقود إلى ارتكاب جنح وجرائم متعددة يعاقب عليها القانون كالقتل والضرب والجرح وعمليات الإجهاض التي تتم بشكل سري داخل بعض العيادات الطبية والمصحات الخاصة، وتعريض حياة الرضيع بعد الولادة للخطر بعد التخلي عنه ورميه في الشارع. في الآونة الأخيرة أصبحت الخيانة الزوجية والجرائم المرتبطة بها من الظواهر السلبية المتفشية بشكل كبير داخل المجتمع، وذلك نتيجة تراجع القيم بالإضافة إلى التفكك الذي تعاني منه العديد من الأسر المغربية، وإن لم تعرض حالات كثيرة من الخيانة الزوجية على المحاكم فالسبب وراء ذلك بالتأكيد هو تستر أحد الزوجين على تلك الخيانة خوفا من الفضيحة وحفاظا على سمعة العائلة، وكثيرا ما اهتز المجتمع على وقع جرائم الانتقام حماية لشرف العائلة، والتي يرتكبها الأخ أو الأب بسبب إقامة الفتاة علاقة جنسية خارج إطار الزواج. إعداد: شادية وغزو *عميد أمن متقاعد