إصلاح المستشفيات بدون منافسة.. التامني تتهم الحكومة بتجاوز مرسوم الصفقات العمومية    مشروع قانون المالية ل2026 ينص على إحداث 36 ألفا و895 منصبا ماليا جديدا    المغرب يرفع "ميزانية الدفاع" إلى 157 مليار درهم    الحكومة تمدد إعفاءات استيراد الأبقار وتضاعف الحصة إلى 300 ألف رأس    حزب التقدم والاشتراكية يدعو الحكومة إلى تحويل مشروع قانون المالية 2026 إلى سياسات ملموسة    برنامج الأغذية العالمي: تدفق الغذاء إلى غزة لا يزال أقل بكثير من المستهدف    شباب المحمدية يستغل سقوط م. وجدة أمام "الماط" وينفرد بالصدارة    لقجع لمنتخب الناشئين: "انتزعوا الكأس... واستمتعوا بالمجد"    أبطال أوروبا.. البارصا في مهمة التعويض و"PSG" وإنتر وآرسنال لمواصلة العلامة الكاملة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    كيف سيتم توزيع ال 380 مليار درهم استثمار عمومي في مشروع قانون مالية 2026؟    "لارام" تدشن خطا مباشرا بين الدار البيضاء وميونيخ    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    "أونسا": الجبن المخصص للدهن يخضع لمراقبة صارمة ولا يشكل خطرا على المستهلك    وثيقة "مسربة" تكشف أسماء 30 ألف عسكري إسرائيلي متورط في إبادة غزة    الأمين العام لجامعة الدول العربية: فوز المغرب بكأس العالم لكرة القدم لأقل من 20 سنة إنجاز يستحق الإشادة والتقدير    بعد التتويج بكأس العالم.. هل خسر المغرب موهبة القرن أم ربح مشروعاً يصنع الأبطال؟    مباحثات مغربية أمريكية لتعزيز التعاون العسكري    خمس سنوات سجناً نافذاً لساركوزي بتهمة تمويل غير قانوني من ليبيا    من ينقذ موسم سيدي بوعبد اللي..؟    تيزنيت: الأستاذ الجامعي عبد العزيز ياسين ينعش ذاكرته بين شتائل الثانوية التقنية ابن سليمان الرسموكي.    كنزة الغالي.. سفيرة بروح وطنية عالية تجسد الوجه المشرق للمغرب في الشيلي    عاجل.. استقبال شعبي وملكي اليوم للمنتخب المغربي بعد إنجازه التاريخي في الشيلي    رياضي سابق يفارق الحياة في مقر أمني بأمريكا    تعيين مسؤولين ترابيين جدد في دكالة والشرق    تاكايشي أول رئيسة للوزراء باليابان    إسرائيل تؤكد تسلم جثة ضابط صف    الملك محمد السادس يطلق جيلاً سياسياً جديداً: الدولة تموّل 75% من حملات الشباب لكسر هيمنة المال والنفوذ    القصر الكبير : حجز أزيد من 30 كيلوغراما من مادة محظورة داخل مرايا معدة للتصدير    كيوسك الثلاثاء | مشروع قانون المالية لسنة 2026 يكشف عن خطة الحكومة للتشغيل    تمديد آجال الترشيح للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة    السكوري: نظام التكوين بالتدرج المهني مكن من توفير 39 ألف منصب شغل خلال شهري غشت وشتنبر    المغاربة يترقبون ممراً شرفياً لكأس العالم للشباب في الرباط...    تمديد آجال الترشيح للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة    عن أي سلام يتحدثون؟    الصين تدعو الولايات المتحدة لحل الخلافات التجارية عبر الحوار    صحافة البؤس أو بؤس الصحافة!    المعادن النادرة ورقة ضغط بخصائص صينية ...    عمور: المغرب يستقبل 15 مليون سائح ويسجل رقما قياسيا ب87.6 مليار درهم    زواج صناعة الألعاب الإلكترونية بالسينما    مؤسسة الدوحة للأفلام تعلن عن مجلس الأمناء الجديد    ميزانية القصر الملكي ترتفع بنسبة 2.5% في مشروع مالية 2026    من وحي المؤتمر الوطني الثاني عشر .. رسالة التجديد والثقة والإصلاح من أجل مغرب العدالة الاجتماعية    إلى ذلك الزعيم    توقيع مؤلفات جديدة في فعاليات ملتقى سينما المجتمع التاسع ببئر مزوي    هاجسُ التحديثِ في الأدب: دراسةٌ في النُّصوصِ الأدبيَّة لعبد الله العروي    التشكيلي المنصوري الإدريسي يمسك ب «الزمن المنفلت»    اليوم الثالث من فعاليات المهرجان الوطني للفيلم يتميز بالمرأة والحرية والخيال    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    ساعة أمام الشاشة يوميًا تخفض فرص التفوق الدراسي بنسبة 10 بالمائة    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الزين لي فيك".. كان من الممكن أن نلوم نبيل عيوش..

المرور الأخير لنبيل عيوش عند بلال مرميد، سلط الضوء بالنسبة لي على أمور لم تأخد حقها في النقاش، و حلت محلها أشياء أخرى لا تساعدنا على فهم أسباب و أبعاد منع فيلم "الزين لي فيك".
تذكرت أن من بين أسباب منع الفيلم، قول وزير الاتصال وقتها، بأنه "يمس بصورة المرأة المغربية" (كذا)، مع أن الفيلم لا يحكي تاريخ المرأة المغربية، بل يرصد حياة بضع ممتهنات بيع خدمات جنسية، و هي فئة لا تزعم تمثيل المرأة المغربية، ومنطق المنع هذا اذا تم تعميمه للحكم على الأفلام، فسيكون من يصور فيلما عن تسلط الحكومات، انما يسئ لصورة الحكومة المغربية الطاهرة الوقورة، و من يصور فيلما عن محامي مرتشي، سيكون مستهدفا لمهنة المحاماة النبيلة، و من يسلط الضوء على ظاهرة البطالة في فيلمه، فهو بالتأكيد يستهدف الروح المعنوية المرتفعة للشعب المغربي، أما اذا اختار مخرج التطرق الى استعمال الدين لتجهيل و قمع الناس و التأسيس لاستبداد "شرعي"، فسيكون خائنا مندسا مأجورا يتهجم على الدين الحنيف.. انه، كما نرى، منطق متهافت ضعيف، لايمكن أن يصدر عن انسان يفهم أن الفن و الخيال و حرية التعبير، أشياء مرتبطة، لا يمكن فصل بعضها عن بعض.
بهذا المنطق، وزير الاتصال لا يعتبر تفقير الناس و تهميشهم سبة، لكنه يعتبر في المقابل تصوير هذا الواقع هو العيب و العار الكبير، و عندما نعلم أن نفس الوزير لم يحترم القانون لما منع فيلما لم يتقدم أصلا بطلب فيزا العرض التجاري، نستنتج أن الوزير يعتبر أن خرق القانون لايسئ للمغرب، لكنه يزعم، مزهوا بانجازه، أن ما يسئ لبلادنا، هو السماح للناس بمشاهدة أو عدم مشاهدة أفلام، هم يختارونها دونما وصي عليهم.
المنطق المقلوب لوزير الاتصال يمكن أن يسبب الكوارث لهذه البلاد، فاذا كان من المعروف أن غاية المنع، هي حجب الشئ و توقيفه، فان ما حصل هو العكس تماما، و هذا دليل آخر على أن الوزير لم يستوعب بعد أن المنع في هذا العصر، يؤدي عكس مهمته.
بسبب المنع، شاهد ملايين المغاربة الفيلم بنسخ متعددة، بل ان المنع دفعهم لمشاهدة لقطات لم تكن متضمنة في الفيلم، و لو سمح بعرض النسخة النهائية دون ضجة في القاعات، لشاهدها بضع عشرات من الآلاف، لقلة صالات العرض، ثم مر الناس لشئ آخر، عوض ما هو واقع اليوم، و الذي يجعل من عنوان الفيلم أكثر ما يبحث عنه في غوغل، ليس فقط في المغرب، و لكن في كل العالم.
بفضل "عبقرية" وزير الاتصال الذي أراد الوقوف أمام "تشويه" صورة المرأة المغربية (و هو مبرر سطحي للغاية)، أصبحت "الشوهة" بعد قرار المنع، دولية، عالمية، كونية.
المضحك في الأمر، و هو ضحك كالبكاء، أن قرار المنع تم الاعلان عنه بنفحة دونكيشوتية، و باخراج مسرحي، (أو سينمائي) ردئ، كما لو أن من اتخده كان متيقنا حقا أن منع الصورة في عصر الصورة هو أمر ممكن فعلا!!، وعندما يكون من اتخد القرار، وزير "اتصال"، يمكننا تبين حجم المأساة/الملهاة.
بسبب المنع، أصبح فيلم (في نظري) عادي و متوسط و تجريبي، فيلما عالميا، بل ان جريدة لوفيغارو وضعته ضمن أحسن عشرة أفلام في سنة 2015.
بفضل المنع، أصبحت ممثلة مغمورة مثلت في ثلاثة أعمال دون المتوسط، اسما مرشحا لجائزة السيزار، و هو لمن لا يعلم، الأوسكار بصيغته الفرنسية.
كنت دائما أمتنع عن انتقاد الفيلم فنيا و تقنيا، لأنني أعتبر الأمر ثانويا أمام مصيبة المنع، و هو ما أكدته الأيام، فالناس انشغلت بالانتصار للفيلم على مستوى دولي ضد الظلم المسلط عليه، و القمع الذي طال صانعيه، ولولا المنع لتم جلده فنيا، و لتكفل المتتبعون بوضعه في مستواه الحقيقي، أي الثناء على قوة موضوعه و انتقاد ضعف المعالجة على مستوى السيناريو و الاخراج.
نبيل عيوش مخرج موهوب، هذا أمر لا شك فيه، لكن أكثر الموهوبين يكون عرضة للسقوط في أخطاء أو سوء تقدير. نبيل عيوش مخرج في رصيده أفلام جيدة، بل لا يمكن اليوم ذكر تاريخ تصالح المغاربة مع سينماهم دون ذكر "مكتوب" و"علي زاوا"..
لكن، ولأن "الدنيا.. مقودة".. كما تركها "متورخة" أحد أبطال "على زاوا".. لا أفهم اليوم، لماذا نلوم نبيل عيوش بدعوى أن فيلمه يحقق شهرة عالمية غير متوقعة؟ لم أفهم لماذا نلوم نبيل عيوش لأنه يستغل بذكاء عائدات المنع الغبي؟ لم أفهم حقيقة لماذا نطلب من نبيل أن يعتذر لجمهور تم منعه من مشاهدة فيلمه؟ لم أفهم لماذا نطلب من مخرج حقيقي أن يعتذر ل"ملايين" "النقاد" الافتراضيين الذين يتحدثون عن فيلم لم يشاهدوه؟
كان من الممكن أن نلوم نبيل عيوش فنيا و تقنيا لو لم يكن فيلمه ممنوعا، كان من الممكن أن نلومه و قد شفع له "خيل الله" و سانده "علي زاوا" على هذا ال"مكتوب"، دون أن نسب أمه و نشتم أصله و نقذف عائلته بأقذع النعوت..
كان من الممكن أن نلوم نبيل عيوش بحرقة و نسأله بألم، ماذا فعلنا لك حتى "تفضحنا" أمام أنفسنا و تصدمنا.. دون مقدمات؟
كان من الممكن أن نلوم نبيل عيوش بقوة و نسأله منتفضين، ما ذنبنا نحن حتى نشاهد هذا الواقع النيئ القذر الفاضح.. دون روتوشات؟
كان من الممكن أن نلوم نبيل عيوش بقلق و نسأله معاتبين، لماذا اختار موضوعا قويا.. و رؤية اخراجية أقل قوة؟
كان من الممكن، كان مفترضا، كان واردا، لكن للأسف، حرمنا أنفسنا من حوار و نقاش و أخد و رد، بسبب قرار غبي، احتقر ذكاء المغاربة و قدرتهم على المفاضلة و التمييز، قرار لا يفهم صاحبه أن هناك فرق، واسع شاسع، بين رفض الشئ.. و منعه.
شادي عبد الحميد الحجوجي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.