قليلون في المغرب من استوقفهم تصريح السفير الروسي في المغرب "فاليري بوروفيوف" حين قال لوزير الخارجية صلاح الدين مزوار، خلال زيارته لمقر الخارجية المغربية: " سأقول لك في مكتبك.. الصحراء مغربية ". السفير الروسي لن يخفي بعدها قناعته الشخصية بأن الصحراء مغربية حتى في تصريحاته لوسائل اعلام مغربية مختلفة.. و قد عرف عن "فاليري بوروفيوف" حبه الشديد للمغرب، لدرجة أنه صرح لوفد من وكالات الأسفار الروسية يقوم بزيارة للمغرب هذه الأيام: "بالنسبة لي، المغرب هو أحسن بلد في شمال افريقيا و الشرق الأوسط، ليس فقط بفضل مناخه و طبيعته و ناسه، و لكن أيضا بأمنه و استقراره.." الاستقرار الصلب، هو مفتاح التحول في الموقف الروسي اتجاه قضية الصحراء، ففي السنوات القليلة الماضية، كانت روسيا قد انتقلت من المساندة اللامشروطة لدول المعسكر الشرقي، و من بين هذه الدول كانت الجزائر، الى الحياد، لكن نقطة التحول البارزة هي عندما وقفت روسيا، و ضد كثير من الانتظارات، مع المغرب و رفضت أن يتم الحديث عن توسيع صلاحيات بعثة المينورسو في الصحراء لتشمل مراقبة حقوق الانسان في 2013. الولاياتالمتحدةالأمريكية كانت ستتقدم في هذه السنة (2013) إلى مجلس الأمن بمشروع قرار لطلب توسيع مهام "المينورسو" لتشمل مراقبة احترام حقوق الإنسان في المنطقة، لكن مشروع القرار الأمريكي، عندما كان قيد الإعداد ضمن "مجموعة أصدقاء الصحراء" (الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنساوروسيا وإسبانيا)، عرف معارضة روسيا، اضافة الى فرنسا، الحليف التقليدي للمغرب. واستمرت روسيا على موقفها الى اليوم، و قد صرح السفير الروسي السنة الماضية في حوار صحفي أن بلاده ضد توسيع مهمة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، وأنها مستعدة لاستخدام حق الفيتو. في نفس الحوار قال "فاليري بوروفيوف": "نعتبر المغرب كنموذج للتعاون، لأن مع المغرب يمكن تنظيم علاقات سياسية ، اقتصادية، تجارية، ثقافية وإنسانية، إننا نعتبر المغرب جزيرة للاستقرار بالمقارنة مع الدول الأخرى في شمال إفريقيا أو في منطقة الشرق الأوسط، إذ له سياسة سلمية وعلاقات ديبلوماسية في مختلف الاتجاهات وعلاقاته جيدة تقريبا مع كل الدول، ومن وجهة نظرنا فعلاقات المغرب مع روسيا متشابكة وليس فيها أية مشاكل وليس هناك خلافات أو تناقضات". و أضاف "المغرب عبارة عن نافذة على أوربا، وله موقع جيو استراتيجي مهم ،وهذا له تأثير كبير على دول مناطق الجوار، كما أن المغرب كبير جدا بدبلوماسيته، حيث قام مؤخرا بمبادرة أصدقاء المغرب ضد الإرهاب والتي تضم 30 دولة". و عند حديثة عن مشروع الحكم الذاتي صرح قائلا: "المغرب كذلك اقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية ورسميا في الأممالمتحدة هناك تسمية الصحراء الغربية.. " لا يمكن اذن فصل النجاح الكبير للزيارة الملكية الأخيرة لروسيا و لقائه المثمر مع الرئيس فلاديمير بوتين عن تحركات السفير الروسي "فاليري بوروفيوف" صاحب كتاب "الدوامة المأساوية للتاريخ". التاريخ يقول لنا أيضا أن روسيا حاليا، "الاتحاد السوفياتي" سابقا، هو أول قوة عظمى تعترف باستقلال المغرب، كما أنها كانت أول من بنى معملا للطاقة في جرادة شرق المملكة. يستمر المغرب اذن بفضل سياسة ملكية حكيمة في اضافة حلفاء أقوياء جدد لتعزيز موقفه في قضية الصحراء المغربية بالأممالمتحدة، و المكالمة التي أجراها اليوم جلالة الملك محمد السادس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تقول ان المملكة لديها أكثر من ورقة في يدها.. و أكثر من صديق الى جانبها..