من مؤسفات هذا الزمن الأغبر أن أصبح الكل قادرا على أن يصبح أي شيء. صديقنا محمد يتيم من العدالة والتنمية غاضب للغاية لأن الأحداث المغربية ومعها موقعها المتميز "أحداث.أنفو" لم يريا في ترشيح حمادي القباج مايجب أن يرياه من قدرة بيجيدية على احتضان المغرب كله بين أذرع العدالة والتنمية خصوصا إذا أضيف القباج إلى الوزاني "مول العهد" إلى بقية المفاجآت غير المفرحة كثيرا التي توعد بها أهل البيجيدي المغاربة، لذلك كتب مقالا متوسطا كالعادة عن الموضوع أحداث.أنفو ولأنه يحزن كلما كتب شخص ما شيئا ما ولم يجد طريقه إلى العموم قرر أن يعيد نشر مقال يتيم، ففيه الفائدة أولا، وفيه الدليل ثانيا على كثير الغيظ، وفيه ثالثا بعض مما يفسر عقلية أهلنا في الحكومة حاليا هم الذين لا يرون بديلا عن البقاء فيها بعد الانتخابات وإن هددونا بكل العواصف. لنقرأ ولنحوقل، ولنستغفر رب العزة، ولنعتبرها من "غفارات الذنوب" وكفى غصة القباج والوزاني..و"التبوحيط" الإعلامي والسياسي أصابت الترشيحات المنفتحة لحزب العدالة والتنمية على كفاءات من حساسيات ومشارب فكرية متنوعة، (أصابت) البعض بالدوار على غرار "الأحداث المغربية" وتقاريرها الخاصة، ومثيلاتها، حيث كتبوا كتابات متحاملة متضاربة متناقضة تكاد تميز من الغيظ ولكن ينسف بعضها بعضا. فمن اتهامات بئيسة بانتكاسة الحزب إلى خطاب ظلامي تكفيري، إلى تحرك جمعية نسيناها ولم نعد نسمع لها همسا، قالوا إنها تسمي نفسها "ما تقيسش ولدي " خرجت تذكرنا بأن القباج هو تلميذ المغراوي القائل بجواز زواج القاصرات ( كل أدوات القصف أصبحت مباحة)، إلى حديث مما ومن تبقى من الاتحاد اشتراكي ، اتحاد يحلم "زعيمه" بالفوز في الانتخابات القادمة وتصدرها ، ولعله يقصد من أسفل الترتيب ، بعد أن نفض عدد كبير من المناضلين الأصلاء الذين يمثلون حقا ما صح من الاتحاد الاشتراكي أيديهم منه، إلى حديث محللين ومعلقين عباقرة – قلوبهم على "الوضوح" السياسي والأيديولوجي – عن "الترحال السياسي" حين تم الإعلان عن ترشح الدكتور القباج في لوائح الحزب بمراكش والدكتور الوزاني في لائحة مشتركة مع العدالة والتنمية بمدينة الحسيمة . وباختصار قرأنا العجب العجاب في أحاديث هي اقرب إلى الهذيان وفيها كل أعراض الدوار والانفعال، مما يدل على أن الذكاء السياسي للحزب في تدبير ترشيحاته أصاب المتحكمين وأدواتهم وبعض مناضلي وأقلام البؤس التحكمي وأدواته في مقتل . دعونا نمحص دلالات انفتاح الحزب على كفاءات من خارج صفوفه ومناضليه . لو كانت تلك " الأقلام " منصفة لاعتبرت ترشيح المناضل السيد القباج وقبوله للترشيح تطورا نوعيا في الفكر السلفي المغربي وترجمة للانفتاح على الجانب المتنور من السلفية العلمية التي تخلصت من السلفية الاورتودوكسية، لو كانوا منصفين لرجعوا إلى إسهام السيد القباج ومجموعته في تفكيك ونقد الفكر الداعشي وتحصين الشباب السلفي ضده وتمنيعه ضده . لو كانوا منصفين لاعتبروا هذا القبول بالترشيح تطورا نوعيا في الإيمان بالعمل الديمقراطي المؤسساتي من قبل نشطاء التيار السلفي في المغرب واندماجا في المنظومة الوطنية من خلال البوابة البرلمانية ، بما تتيحه من احتكاك بالواقع ومكابدة لتعقيدات الواقع ، بما ينتج عن ذلك من واقعية إصلاحية، وتفاعل مع مختلف القوى الوطنية كما هو الشأن عند اعتماد الحركات الإسلامية لنهج المشاركة السياسية . لو كانوا ديمقراطيين فعلا وكان السيد القباج بهذه الخطورة ، وكان صحيحا انه يتبنى فكر الغلو والتطرف لتركوا الكلمة للمواطنين الناخبين ليقولوا كلمتهم فيه ، بل لنزلوا بمشروعهم الحداثي "التنويري" وقطعوا عليه الطريق ، اللهم إذا افترضوا مسبقا أن ترشيحه سيلقى القبول الحسن، إلا إذا افترضوا أن الشعب الذي سيذهب الى مراكز الاقتراع والذي سيصوت عليه في مراكش داعشي إلى النخاع . لو كانوا منصفين ودارسين لفكره ومتابعين لانتاجاته، لحكموا عليه كما حكم عليه مولاي إسماعيل العلوي الامين العام السابق للتقدم والاشتراكية الذي خبر كفاءة الرجل وقدراته ويتكلم فيه اليوم بكل إعجاب وتقدير حين صاحبه في ندوات المجتمع المدني التي اشرف عليها . لو كانوا ينطلقون في تحليلهم من منظور موضوعي صحفي ، وليس عن هوى أو توجه وتوجيه تحكميين لأدركوا بكل بساطة بان الأمر يبرهن عن قدرة استيعابية خلاقة وانفتاح على كفاءات مجتمعية متنوعة ، التقت كلها في تحليل موضوعي يعتبر أن المعركة اليوم ليست معركة إيديولوجية، أو معركة بين الحداثة والماضوية ، بين الإسلاميين وبين العلمانيين كما يزعمون ، وإنما هي لحظة من اجل الحسم النهائي للمعركة في النضال الديمقراطي ضد التحكم والتخويف كما قال الدكتور نجيب الوزاني ، حسم المعركة من اجل مواصلة البناء الديمقراطي وأوراش الإصلاح التي فتحتها الحكومة التي قادها حزب العدالة والتنمية في الولاية المنتهية، وأن تعتبر – وهذا هو الأهم- أن العدالة والتنمية صار يعبر عن تطلعات فئات عريضة من المجتمع ترفض التحكم وتمييع الحياة السياسة وترفض أن تذعن لمنطق الخوف والتخويف وهو التحليل الذي جمع ويجمع منذ مدة رجلا إسلاميا مثل بن كيران مع رفيق يساري من قبيل بن عبد الله ، وجعل تقاربهما ممكنا واشتغالهما معا ميسورا ومقدرا، وجعلت بن عبد الله في صف الإصلاح والتقدم نحو الديمقراطية، ومحسوبين على الاشتراكية في صف مقاومة التغيير وتبييض وجه التحكم . ما يجمع السيد القباج مع السيد نجيب الوزاني هو الثقة بان حزب العدالة والتنمية لم يعد تنظيما حزبيا أو مشروعا سياسيا خاصا بمجموعة أو طائفة، بل مشروعا وطنيا يجد فيه نفسه كل الذين يدركون المخاطر المحدقة بالتطور الديمقراطي، ويستشعرون عودة عصر التخويف ولغة الأوامر . ما يجمع هذين هو الذي يجمع في التحليل رجلا مثل حسن طارق ورجلا مثل نجيب شوقي مع بن كيران اي مواجهة حزبه للتحكم والإيمان أن الأولوية اليوم هي معركة الديمقراطية. ما يجمع هؤلاء مع سمير عبد المولى البامي السابق وبوصوف الذي مورست عليه ضغوط كبيرة من أجل ثنيه عن الترشح في لوائح العدالة والتنمية هو ثورة هادئة ، وجبهة بدأت تتسع، جبهة مستشعرة ما أصبح يتهدد بلادنا والتطور الديمقراطي مع مخاطر التمكين لحزب تحكمي يجمع منتخبين أعيان لعدد كبير منه سوابق جنائية وشبه إفساد للحياة السياسية وقابلية كبرى للترحال ، كائنات انتخابية ليس بينها ارتباط تنظيمي أو عمق جماهيري أو مشروع سياسي ، جبهة تقول لا للتخويف ورفض التهام أحزاب سياسية والقنص في الحديقة الخلفية لأحزاب أخرى للمرشحين المتوفرين على "حظوظ الفوز" بمقعد انتخابي بجميع الوسائل الممكنة إلا الإيمان بمشروع سياسي وتاريخ نضالي وعمق جماهيري. كان من الممكن أن نستمع "لتبوحيط" بعضهم حول الترحال السياسي و"النقاء الايديولجي" و"الوضوح السياسي" و"الاصطفاف البرنامجي" لو أنهم خصصوا بعضا من مداد محابرهم "الخاص جدا" للوائح الحزب التحكمي ومرشحيه وتاريخهم النضالي وسوابقهم السياسية والجنائية ووضوحهم الإيديولوجي وبرنامجهم السياسي، كنّا فعلا سنتأمل نصائحهم لان المخالف النزيه يكون في كلامه ما ينفع ، حيث إن خصما عاقلا هو أفضل من صديق جاهل . كنّا سنتعظ بكلامهم لو شرحوا لنا كيف اجتمع في حزب البؤس التحكمي رجال كانوا يحسبون على أقصى اليسار مع رجال ونساء كانوا يمثلون أقسى اليمين، إن كان في المغرب يسار ويمين، وكيف تحول "مناضل" متسكع ، منقطع عن الدراسة الى ميلياردير نافذ !! كنّا سنستمع لهم لو نورونا عن الوضوح الإيديولوجي والمشروع المجتمعي الذي يجمع رجلا مثل طاهر شاكر وبنشماش. وحيث إنهم جزء من المشروع التحكمي وأدوات حزبية مهترئة سيجري التخلص منها بعد نهاية الخدمة ، وأقلام صحفية غالب معطياتها من تقارير "خاصة" ومحاضر للشرطة الجنائية تنزل إلى مكاتبهم قبل أن يطلع عليها المتهم المدان قبل أية محاكمة، من الطبيعي أن يتعرض السيد القباج والسيد الوزاني وأمثالهم لهجمة شرسة، وان تكثر مقالات التبوحيط الإعلامي والسياسي .