مؤشر ثقة الأسر المغربية في وضعها المالي يتحسن.. وآراء متشائمة في القدرة على الادخار    "لارام" و"سافران" تعززان شراكتهما في صيانة محركات الطائرات    تفاصيل مصادرة أمتعة نهضة بركان بالجزائر    "كان الفوتسال".. أنغولا يتأهل إلى النهائي    نشرة إنذارية.. أمطار ورياح قوية غدا السبت بعدد من مناطق المملكة    "صيد جديد".. الديستي والأمن بطنجة يطيحون بشبكة لترويج الكوكايين وحجز مبالغ بالملايين وسيارات    الوكيل العام يثبت جريمة الاتجار بالبشر في ملف التازي وينفي التحامل ضده    وزارة الصحة تكشف عن حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا    تتمة لمسرحية التصعيد بينهما: إسرائيل تشن هجوماً على إيران.. ولا خسائر تُذكَر    اوزين حسم الصراع مع لشكر: غانمشيو للتصويت على رئاسة لجنة العدل والتشريع    ميراوي التزم بحل الإشكالات التي يمكن إثارتها بعد عودة طلبة الطب للدراسة (بيان)    اليونسكو ضيف شرف الدورة 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    تعرض الدولي المغربي نايف أكرد للإصابة    سيول: راغبون في مشاركة المغرب بالقمة الكورية الإفريقية الأولى    الجزائر تبرر طرد صحافي بمواقف جون أفريك    حماية المعطيات الشخصية تذكر بشروط تثبيت كاميرات المراقبة في أماكن العمل    وفاة قنصل مغربي في هولندا والسلطات المغربية تسارع اجراءات نقل جثمانه    مجلس النواب يعقد جلسة لاستكمال هياكله    موعد الجولة ال27 من البطولة ومؤجل الكأس    ارتفاع كبير في أسعار النفط والذهب عقب الهجوم على إيران    بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    قرار جديد لوزارة الصحة يرفع سعر دواء للسرطان بنحو 973 درهم    السجن المحلي الجديدة 2 ترد على ادعاءات سجين سابق تقول ب "تجويع السجناء"    إطلاق الرصاص على كلب لإنقاذ قاصر مختطفة    "إعلان الرباط" يدعو إلى تحسين إدارة تدفقات الهجرة بإفريقيا    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني عن 81 عاما    طوق أمني حول قنصلية إيران في باريس    المكتب التنفيذي ل"الكاف" يجدد دعمه لملف ترشيح المغرب وإسبانيا والبرتغال لتنظيم مونديال 2030    بسبب فيتو أمريكي: مجلس الأمن يفشل في إقرار العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    سفيرة المغرب بإسبانيا تتحدث عن سبب تأخر فتح الجمارك بباب سبتة    قبل مونديال 2030.. الشركات البرتغالية تتطلع إلى تعزيز حضورها في السوق المغربية    "ميتا" طلقات مساعد الذكاء الاصطناعي المجاني فمنصاتها للتواصل الاجتماعي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    في تقليد إعلامي جميل مدير «الثقافية» يوجه رسالة شكر وعرفان إلى العاملين في القناة    طنجة .. توقيف ثلاثة أشخاص لإرتباطهم بشبكة إجرامية تنشط في المخدرات    صورة تجمع بين "ديزي دروس" وطوطو"..هل هي بداية تعاون فني بينهما    الطريق نحو المؤتمر ال18..الاستقلال يفتح باب الترشح لعضوية اللجنة التنفيذية    منظمة الصحة تعتمد لقاحا فمويا جديدا ضد الكوليرا    السودان..تسجيل 391 حالة وفاة بسبب الاصابة بمرضي الكوليرا وحمى الضنك    باستثناء الزيادة.. نقابي يستبعد توصل رجال ونساء التعليم بمستحقاتهم نهاية أبريل    التراث المغربي بين النص القانوني والواقع    المدير العام لمنظمة "FAO" يشيد بتجربة المغرب في قطاعات الفلاحة والصيد البحري والغابات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    أخْطر المُسَيَّرات من البشر !    مهرجان خريبكة الدولي يسائل الجمالية في السينما الإفريقية    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    ضربات تستهدف إيران وإسرائيل تلتزم الصمت    "الكاف" يحسم في موعد كأس إفريقيا 2025 بالمغرب    خطة مانشستر للتخلص من المغربي أمرابط    بيضا: أرشيف المغرب يتقدم ببطء شديد .. والتطوير يحتاج إرادة سياسية    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب بفرض عقوبات على الأندية الإسرائيلية    "قط مسعور" يثير الرعب بأحد أحياء أيت ملول (فيديو)    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



امتحان كورونا.. الناجحون والراسبون في حكومة العثماني

إذا كانت لجنة اليقظة الاقتصادية تقتسم نجاحاتها بينها، فإن أسلوب إدارة كل واحد من أعضائها لقطاعه هو ما جعل حضورهم في نجاحات قمرة القيادة متفاوتا، بينما اختفى وزراء آخرون عن شاشات الرادار ودخلوا في حجر قطاعي لافت، وهذه نتائج امتحان كورونا لعدد منهم.
عامل المبادرة والتخطيط والقدرة على التحرك بسلاسة ودقة، واستباق سد الهفوات، والقدرة على منح الاطمئنان للمواطنين، هو ما يفضي إلى حسن القيادة والتدبير، وهي صفات استطاع عدد من وزراء حكومة سعد الدين العثماني تجميعها طيلة هذه المرحلة من مواجهة جائحة كوفيد 19، فيما ظل وزراء يتذبذبون دون حسم تدخلهم بالشكل المطلوب، فيما اختفى عدد من وزراء القطاعات المعنية بمواجهة هذه الجائحة.
الصحة تتصدر نجاحات المغرب
ولأن عنوان الجائحة كان صحيا بالدرجة الأولى، فقد كان وزير الصحة في ميزان هذا الامتحان، ولأن الحكم على الوزراء ينبني على مردودية القطاعات ولمسة الشخص، فقد كانت وزارة الصحة ناجحة بدرجة كبيرة في هذه الأزمة، وبدت قادرة على مجاراة ضغط رهيب على هذا القطاع.
منذ البداية، حضرت الوزارة إلى البرلمان ليس كقطاع مكسور عادة ما يكون الالتفات إليه من باب القطاعات غير المنتجة، بل قدم توقعا لما سيواجهه المغرب في هذه الجائحة وتحدث عن سقف العشرة آلاف، والذي لازال صامدا، وبعد مرور حوالي ثلاثة أشهر على تسجيل أول إصابة بكورونا في المغرب، وبعد نحو شهرين من الحجر الصحي، فإن الخلاصة الأولى هي أن البلد اتخذ، بسرعة، احتياطات احترازية في الأسبوع الثاني من ظهور الوباء.
القرارات التي اتخذها المغرب أملتها مجموعة من الظروف، منها طبيعة المنظومة الصحية في البلد، انطلاقا من الواقع الوبائي الذي شهدته مجموعة من الدول قبلنا. فبالإضافة إلى ذلك، أنشئت وحدات طبية في غضون أيام قليلة، مثل المستشفى العسكري في بنسليمان ومستشفى آخر ب700 سرير في معرض الدارالبيضاء، وغيرها من الوحدات التي استقبلت مرضى كوفيد 19، في عدد من المدن بكفاءة عالية، غطت على كل التخوفات التي انتصبت مع بداية الجائحة.
وزير الصحة، الذي اختار التواري إعلاميا في متابعة التواصل اليومي حول الجائحة، يعتبر ناجحا بالقياس لإدارة القطاع الذي يسيره، والأكيد أن هذا النجاح كان خلفه جيش من الرائعات والرائعين في هذا القطاع.
الداخلية تمنح الأمان لقيادة المعركة
العنصر الثاني لنجاح هذه القيادة، هو توفير الأمن والطمأنينة في مثل هذه الأزمات، وهنا تظهر وزارة الداخلية بكل فروعها ورجالاتها، وقد كان تنزيل الحجر الصحي قرارا استراتيجيا ومركزيا في مكافحة هذه الجائحة، وكم تابعنا بحماس كيف انخرط رجال السلطة وأعوانها في تنزيل قرار الحجر الصحي بروح إنسانية غلبت على استثناءات القساوة المعزولة.
التدابير، التي تم اتخاذها تباعا من تعليق الدراسة بالمؤسسات التعليمية، وإغلاق دور العبادة والمقاهي والمطاعم، فمنع كل الأنشطة الرياضية والثقافية والسياسية والتجمعات الكبرى، وإحداث صندوق خاص لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، وإعلان حالة الطوارئ الصحية... استدعت إخراج كل مكونات هذه الوزارة إلى جانب الجيش إلى شوارع المملكة، بهدف التنزيل الأمثل لإجراءات الحماية لمواجهة الوباء، وهو ما أظهر حسن التوقع والاستعداد لتفعيل المتاح من إمكانيات تحت تصرف هذه الوزارة بشكل أثمر نتائج مهمة.
عبد الوافي لفتيت، الذي جاء للبرلمان عدة مرات، قدم الإفادة والإجابات عن كثير من الأسئلة والاستفسارات، تمكن من تجاوز مطبات كادت تعصف بجهود هذه الوزارة التي كانت في مقدمة فرض تنزيل حالة الحجر الصحي، وتمكن من إطفاء حرائق بعض رجالات السلطة وأعوانها، فيما استفاد من إبداعات بعضهم وقدرتهم على البصم على وجه جديد لممارسة السلطة في زمن تسرب المعلومة من كل قيد وتكتم.
الكثرة الكثيرة من المغاربة تلقوا هذه الإجراءات بالقبول السلس، على الرغم مما تفرضه من مقتضيات تقيد الحقوق والحريات، فالحركة أضحت مقيدة، وأضحت عادة مغادرة المنزل لدى عموم المواطنين مقيدةً بالضرورة القصوى، شريطة الحصول على رخصة مختومة من السلطة، تسمح لهم بذلك. وبات كل مخالف لهذه التعليمات مهددا بعقوبة سجنية، قد تصل إلى ثلاثة أشهر وغرامة مالية، وبالرغم من ذلك يمكن الاطمئنان إلى أن «سربيس» وزارة الداخلية مر بخير.
التعليم.. خطوات جريئة
منذ ظهور أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا كان وزير التربية الوطنية، سعيد أمزازي، سباقا إلى اتخاذ العديد من الإجراءات لحماية التلاميذ والأطر التربوية من العدوى بدءا بتوقيف الدراسة بصفة استثنائية في 13 من شهر مارس، وهو القرار الذي أصبح ساريا يوم 16 مارس بجميع المؤسسات التعليمية والجامعية ومؤسسات التكوين المهني ثم المرور إلى التعليم عن بعد.
وجاء هذا القرار قبل إقرار حالة الطوارئ الصحية، كما جاء في إطار جملة من التدابير الاحترازية والوقائية، التي اتخذت بغية الحد من العدوى وانتشار هذه الجائحة. ويهدف هذا الإجراء إلى الحفاظ على صحة المتعلمات والمتعلمين والأطر التربوية والإدارية.
ومباشرة بعد تعليق التعليم الحضوري، عملت الوزارة على تنزيل خطة وطنية من أجل ضمان الاستمرارية البيداغوجية، وذلك من خلال إطلاق عملية «التعليم عن بعد» مع التأكيد على أن الأمر لا يتعلق بتاتا بعطلة مدرسية استثنائية بل بتعويض التعليم الحضوري بالتعليم عن بعد.
وجندت الوزارة بجميع مسؤوليها وأطرها التربوية والإدارية والتقنية وعلى مستوى قطاعاتها الثلاثة، مركزيا وجهويا وإقليميا ومحليا، وفي وقت قياسي، من أجل توفير بدائل متعددة لضمان الاستمرارية البيداغوجية لفائدة 10 ملايين تلميذ وطالب ومتدرب.
وفي الوقت نفسه انكبت الوزارة على الإعداد للامتحانات بالنسبة للسنوات الإشهادية (الباكالوريا) والمستويات الجامعية والتكوين المهني، كما عملت على التحضير لاستئناف الموسم الدراسي خلال شهر شتنبر المقبل.
ولكي تمر الامتحانات في أجواء سليمة تعمل الوزارة على تعقيم جميع مرافق مراكز الامتحانات عدة مرات في اليوم، مع توفير الكمامات ووسائل التعقيم وأجهزة قياس الحرارة، واستعمال بعض المنشآت الرياضية، والتخفيف من عدد المترشحين داخل المراكز وداخل القاعات، حيث لن يتعدى عدد المترشحين بكل قاعة 10 أشخاص بالنسبة لامتحان البكالوريا.
وجاءت القرارات، التي اتخذتها وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي الخاصة بقطاع التربية، سواء ما تعلق بالجدولة الزمنية، أو تنظيم الامتحانات، منسجمة مع الإجراءات الاحترازية الصحية، التي تهدف إلى مكافحة انتشار فيروس كورونا والحرص على سلامة التلاميذ والتلميذات.
الصناعة والتجارة.. مفاجأة القطاعات الإنتاجية
لأن الحجر الصحي لا يواجه فقط بالتزام قيمي ونفسي، فإن توفير الاطمئنان العملي كان على عاتق وزارات معنية بالصناعة والتجارة والفلاحة وكل ما يدخل في الحاجيات الأساسية للمواطنين، وهنا كانت مفاجأة قطاع غالبا ما يكون متواريا، ويتعلق الأمر بقطاع الصناعة والتجارة، الذي ظهر فيه الوزير العلمي رجل ميدان جاب مصانع ومقاولات لتقديم نماذج الثقة في النفس.
فإلى جانب استمرار تزويد السوق بكل السلع الضرورية، وتدفق هائل في الأيام الأولى للحجر الصحي لمواجهة حالة الارتباك الأولى التي قادت الناس في عدد من الدول إلى اصطدامات مؤسفة، فإن قطاع الصناعة تمكن من تكييف وضعه مع هذه الجائحة لدرجة أثارت إعجاب العالم.
مجلة «جون أفريك» كتبت أنه على ضوء إعادة تأهيل مصنع لمادة الإيثانول في ظرف أسبوع، وتحول مصانع نسيج لتصنيع الكمامات الواقية، وقيام وحدة صناعية بإحداث سلسلة إنتاج خاصة بتصنيع أجهزة التنفس الاصطناعي، تكون الصناعة المغربية قد تأقلمت مع وباء فيروس كورونا وتمكنت من تحقيق إنجازات باهرة.
وأكدت المجلة التي تصدر بباريس أن «ملاءمة الآلية الصناعية من أجل تصنيع منتوجات أضحت حيوية- والتي تشكل موضوع نزاع تجاري بين القوى العالمية في فترة جائحة كورونا هاته- هي مقاربة اعتمدتها مجموعة من الشركات الصناعية المغربية»، التي لقيت التشجيع من طرف السلطات العمومية.
خصصت صناعة النسيج لحاجة اللحظة من الأقنعة وملابس العمل ومنعت أي إنتاج آخر، كما كانت الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ففي أوج النقص العالمي للأقنعة، كانت شركات النسيج المغربية المدعومة من وزارة الصناعة قادرة على تصنيع خمسة ملايين قناع في اليوم، تفي بالمعايير الدولية، كما قام آخرون بتصميم أجهزة تنفس، مما سمح بأسعار منخفضة أقل من 200 يورو لكل جهاز.
الفلاحة تنجح في رهان هدوء السوق
الأزمة التي تسبب فيها انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، قادت إلى النقاش العام مجددا حول «السيادة الغذائية» للدول، التي أصبحت على المحك بفعل تمدد مصادر التموين وتراجع الفلاحة إلى الصف الثاني، لفائدة قطاعي الصناعة والخدمات عموما.
وقد أظهرت هذه الجائحة الطابع الاستراتيجي للفلاحة، بكل فروعها، فالدول التي راهنت على هذا التوجه كانت اليوم أكثر أمنا، وأوفر حظا في ما يخص القدرة على ضمان عرض كاف لمواطنيها، فضلا عن كونها الأقدر على التحكم في تقلبات الأسعار.
الصورة التي رفقت هذه الجائحة بدت مطمئنة وذكية في ذات الوقت، فإلى جانب ضمان تزويد السوق، بقي القطاع محافظا على اليد العاملة مستقرة، بل سمح لقطاع التجارة أن يستفيد من هذا الاستقرار، وسواء تعلق الأمر بالمنتجات الطرية أو اللحوم أو المواد المصنعة، ذات الاستهلاك الواسع والضروري، فقد تم تزويد الأسواق بكميات وافرة من هذه المواد الأساسية، ودون تسجيل أي انقطاع في سلسلة التموين، حتى في أوقات الذروة، حينما كان التهافت على التسوق كبيرا بسبب تخوف البعض من نفاد السلع.
العرض كان أكثر من المعتاد بالنسبة لكثير من المواد، فيما حافظت الأسعار على مستوياتها العادية، وبقيت في المتناول، مع تسجيل انخفاض في بعض المواد، طفيف تارة وملحوظ تارة أخرى، باستثناء الارتفاع الذي شهدته الأسواق خلال منتصف شهر مارس الماضي، نتيجة التهافت الكبير عليها قبيل الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية.
عزيز أخنوش، الذي ظل يلاحق في تحركاته السياسية باستهداف كبير، تمكن من العودة بقوة للساحة لمواجهة هذه الجائحة، وبدا أن القطاع الذي يديره منح كثيرا من الطمأنينة في هذه الأزمة، بل حقق نجاحا مؤكدا تحدثت عنه كبريات الصحف العالمية.
مغاربة الخارج.. ارتباك العناية بالعالقين
يعتبر ملف المغاربة الذين وجدوا أنفسهم بعيدين عن الديار طيلة فترة الحجر الصحي أحد نقاط الضعف في نجاحات المغرب. هذا الملف يرتبط مباشرة بقطاع وزاري تديره الوزيرة نزهة الوافي، ويعتبر كثيرون أنه بالرغم من كون الملف يتجاوز حجمه الوزيرة المنتدبة إلا أن مسؤوليته مرتبطة بها.
نزهة الوافي، ومنذ تعيينها في 9 أكتوبر 2019 وزيرة منتدبة لدى وزير الخارجية مكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج في «حكومة الكفاءات»، لم تغتنم فرصة إثبات قدرتها على تدبير هذا القطاع بعدما حظيت بها عقب إعلان إغلاق جميع المعابر الحدودية المغربية، منتصف شهر مارس الماضي، وذلك بعدما علق أكثر من 18 ألف مغربي خارج تراب بلادهم لترتفع أصواتهم بالمطالبة بإعادتهم كما فعلت العديد من دول العالم.
الوافي تتكفل عمليا بهموم أكثر من 5 ملايين مغربي يقيمون خارج أرض الوطن، ويشكلون ثاني أهم مصدر للعملة الصعبة نتيجة تحويلاتهم، التي بلغت مع متم العام الماضي 64 مليار درهم، لذلك كان الكثيرون يتوقعون منها، وهي المهاجرة السابقة في إيطاليا، أن تصل إلى حلول ناجعة بخصوص ال18 ألف مواطن عالق يعيشون حاليا ظروفا مادية واجتماعية مزرية، والذين صارت أقصى آمالهم قضاء شهر رمضان مع أسرهم، لكن لم يكن ثمة من حلول مبتكرة استطاعت الوزيرة تقديمها، فحتى جهود سفارات المغرب بالبلدان، التي علق بها المغاربة، لم تتمكن الوزيرة من الدخول في موجتها لبث الاطمئنان.
الثقافة لم تستفد من ثورة التواصل
مع سرعة انتشار فيروس كورونا في العالم، اضطر المواطنون إلى الابتعاد عن الأماكن العامة، منعا للاختلاط والاقتراب والتلامس البشري للحد من انتشار هذا الوباء، ولكن بقي الناس في حالة تفاعل وتواصل من خلال الشبكة العنكبوتية التي اتسعت مساحتها لكثير من الفعاليات والنشاطات الثقافية والأدبية، لكنها ظلت مرتبطة بمبادرات خاصة بالجمعيات وبعض الندوات السياسية، فيما بقيت وزارة الثقافة بعيدة وغير مؤثرة.
وبالرغم من الالتفاتة، التي قامت بها الوزارة في صرف دعم الفنانين، إلا أن التواجد الفعلي في استثمار فورة اللقاءات والمنتديات التي فتحها زمن الحجر الصحي، جعل هذا القطاع بعيدا عن ابتكار أدوات تساعد على زرع الثقة في نفوس المواطنين.
وفي الوقت الذي خرج مواطنون لكسر الحجر الصحي بالدجل، لم تكن هناك مواكبة قوية للفعل الثقافي في مواجهة هذا الجهل، واعتبر كثيرون أنه كان بإمكان هذا القطاع أن يستغل زمن الحجر الصحي لتقديم منتج ثقافي يجذب المتلقي ويتواصل مع فئات واسعة لن تتوفر في أحسن من هذه المناسبة.
الوزير الشاب عثمان الفردوس، دخل مباشرة في معمعة كورونا بعد إعفاء سلفه، وبالرغم من بعض المبادرات الأولى التي لقيت استحسانا إلا أن تدبيره للقطاعات الثلاثة بدا مرتبكا وسقطت أسهمه بفعل التسرع، ولم يتمكن من الاستفادة من حيوية القطاعات الثلاث كأدوات استراتيجية في مكافحة جائحة كورونا، لاسيما بعد ارتباك وقف النشر والطباعة وارتباك الدعوة لاستئنافه في ظل غياب الشروط الملائمة.
السياحة والنقل.. تيه الصدمة
نادية فتاح العلوي، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، التي قدمت للقطاع ككفاءة من القطاع الخاص، وجدت نفسها مباشرة في معمعة كورونا، في القطاعات التي أسندت كلها إليها ضربها نحس كورونا المستجد، وبدا القطاع السياحي والنقل الجوي هما أكثر القطاعات المتضررة من أزمة كورونا بالمغرب.
الوزيرة أوضحت أن خروج القطاع السياحي والنقل الجوي من الأزمة قد يستغرق مدة طويلة، بالنظر إلى ارتباط هذه القطاعات بالعالم الذي يعاني بدوره من تداعيات فيروس «كوفيد 19».
وبينما تسارع تفشي فيروس «كورونا المستجد» عالميا، بدأت أزمات وتبعات الانتشار تظهر تدريجيا على السوق المغربية واقتصادها، الذي يعتمد بدرجة رئيسة على السياحة الأجنبية الوافدة. وإن كانت صناعة السياحة في البلاد من أبرز القطاعات المتأثرة بانتشار الوباء عالميا خاصة في الأسواق الرئيسة للمغرب، ممثلة بالاتحاد الأوروبي وأمريكا، ودول جنوب وجنوب شرق آسيا، فإنه يسجل الغياب التام للوزير الوصي على القطاع.
ويتوقع مراقبون مغاربة تضرر القطاع السياحي، الذي يعتبر ثاني أكبر مصدر للعملة الأجنبية، خصوصا أن أغلبية السياح الذين يزورون البلاد يأتون من أوروبا، التي سجلت معدلات مرتفعة من حالات الإصابة بالفيروس.
المثير هو أن تجميع هذه القطاعات في يد وزيرة الكفاءة لم يترجم بحضور قوي ومبدع في هذه الأزمة، فباستثناء الركون للجنة اليقظة التي تحاول التغطية على خسارات هذا القطاع، لم تظهر الوزيرة لمنح الانطباع بقدرة القيادة، وتظهر حالات التشكي في القطاعات الثلاثة واضحة، بينما كان الأهم هو خلق فضاءات التواصل الفوري والقوي لمنع سبات قاتل في القطاعات المذكورة.
قطاع التشغيل.. قيادة مرتبكة
لم يتمكن الشاب أمكراز من ترجمة فورة الشباب لدينامية تدبير تجعله أحسن متسابق في هذا الامتحان. قطاع الشغل هو عمق الخوف في قلب فيروس كورونا المستجد، فقد وجد نفسه ضمن خلية اللجنة المكلفة بتدبير هذه الأزمة الاستثنائية، غير أن حضوره بدا باهتا، ولم يلفت الأنظار خلال هذه المرحلة، ولم يخرج للعلن إلا بعد اندلاع أزمة تسريب مشروع قانون التواصل الاجتماعي.
المجهودات، التي بذلت على مستوى الكلفة المالية لطمأنة المغاربة العاملين بالقطاع الخاص كان كبيرا، وكان من اللازم وضع استراتيجية تواصلية كبيرة لذلك، صحيح كانت وسائل الإعلام حاضرة بقوة، غير أن بصمة الوزارة كانت ضعيفة.
وبعد قرب التخلص من الأرقام الكبيرة في الإصابات بهذا الوباء، ظهرت فجاة البؤر الصناعية، وبدا واضحا كل عيوب الوزارة في تتبع ظروف العمل بالقطاعات، التي واصلت عملها خلال فترة الحجر الصحي، وبدت معطيات صادمة عن غياب جهاز الرقابة والتفتيش، وكانت صرخات العمال المرعوبين من خطر الإصابة قد غطت حتى على الخرجات الأولى، التي حاول فيها الوزير الشاب الظهور بصورة ربان الأزمة المتيقظ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.