"كان" السيدات.. الناخب الوطني يكشف تشكيلة المنتخب المغربي لمواجهة مالي    الحسيمة.. انقلاب سيارة تقودها مهاجرة بهولندا ببوكيدان يخلف إصابات    رياض مزور يكشف التحول الصناعي نحو الحياد الكربوني    وليد كبير: بيان خارجية الجزائر ضد الاتحاد الأوروبي ليس أزمة عابرة.. بل تعرية لنظام يحتقر المؤسسات ويخرق القانون الدولي    بعد 14 سنة من الغياب.. يوسف العربي يعود رسميا إلى "الليغ 1"    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    أخنوش : التنظيم المشترك لكأس العالم 2030 عامل تسريع لتحول استراتيجي للمغرب    مجلس المستشارين يعقد جلسة عامة سنوية يوم الثلاثاء المقبل    جمعية أبناء العرائش بالمجهر تتضامن و تنتقد تغييب المنهج التشاركي في تنفيذ مشروع الشرفة الأطلسية والمنحدر الساحلي بمدينة العرائش    إشارة هاتف تقود الأمن إلى جثة الطبيبة هدى أوعنان بتازة    انطلاق الموسم الصيفي لصيد الأخطبوط عقب فترة راحة بيولوجية    التنظيم المشترك لكأس العالم 2030 عامل تسريع لتحول استراتيجي للمغرب (أخنوش)    أخنوش: التنظيم المشترك لمونديال 2030 عامل تسريع لتحول استراتيجي للمغرب    ميناء الحسيمة : انخفاض طفيف في كمية مفرغات الصيد البحري خلال النصف الأول من العام الجاري    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    390 محكوما ب"الإرهاب" بالمغرب يستفيدون من برنامج "مصالحة"    نادي الهلال السعودي يجدد عقد ياسين بونو حتى 2028    البيت الأبيض يكشف: ترامب مصاب بمرض مزمن في الأوردة الدموية    بأمر من المحكمة الجنائية الدولية.. ألمانيا تعتقل ليبيا متهما بارتكاب جرائم حرب وتعذيب جنسي    اتحاديو فرنسا يرفضون إعادة إنتاج "الأزمة" داخل الاتحاد الاشتراكي    حرارة الصيف تشعل أسعار الدجاج وتحذيرات من الأسوأ    إحداث أزيد من 6200 مقاولة مع متم ماي الماضي بجهة الشمال    سقوط من أعلى طابق ينهي حياة شاب في طنجة    كيف يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الكتاب والأدباء والإعلاميين وصناع المحتوى..    حرب خفية على المنتجات المغربية داخل أوروبا.. والطماطم في قلب العاصفة    اشتباكات بين عشائر ومقاتلين "دروز"    ترامب يهدد صحيفة أمريكية بالقضاء    حزمة عقوبات أوروبية تستهدف روسيا    إحباط تهريب الشيرا ضواحي الجديدة    قاضي التحقيق يودع ثلاثة موظفين سجن عكاشة بملف سمسرة قضائية        "أنا غني".. سجال هاشم يستعد لإشعال صيف 2025 بأغنية جديدة    مدينة تيفلت تفتتح سهرات المهرجان الثقافي الخامس بباقة موسيقية متنوعة    دراسة: الذكاء الاصطناعي يحول تخطيط القلب العادي إلى أداة فعالة لاكتشاف عيوب القلب الهيكلية        رحيل أحمد فرس.. رئيس "فيفا" يحتفي بالمسيرة الاستثنائية لأسطورة كرة القدم الإفريقية    لوفيغارو الفرنسية: المغرب وجهة مثالية لقضاء عطلة صيفية جيدة    افتتاح بهيج للمهرجان الوطني للعيطة في دورته ال23 بأسفي تحت الرعاية الملكية السامية            جيش الاحتلال الصهيوني يواصل مجازره ضد الفلسطينيين الأبرياء    بعد تشخيص إصابة ترامب بالمرض.. ماذا نعرف عن القصور الوريدي المزمن    "مهرجان الراي للشرق" بوجدة يعود بثوب متجدد وأصوات لامعة    محمد أبرشان كاتبا إقليميا للحزب بالناظور، وسليمان أزواغ رئيسا للمجلس الإقليمي    ميتا تخطط لتطوير ذكاء اصطناعي يتجاوز قدرات العقل البشري    سانشيز: "الهجرة تساهم بشكل إيجابي في الاقتصاد الإسباني"    بطولة إيطاليا: انتر يسعى لضم النيجيري لوكمان من أتالانتا    فرحات مهني يُتوَّج في حفل دولي مرموق بباريس    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    "حزب الكتاب" يدافع عن آيت بوكماز    وزير الثقافة يعزي في وفاة الفنانين الأمازيغيين صالح الباشا وبناصر أوخويا    وداعا أحمد فرس    دراسة تكشف العلاقة العصبية بين النوم وطنين الأذن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معجزات الله في الجماد
نشر في أخبارنا يوم 24 - 04 - 2016

معجزات في الجماد وقد تمثَّل ذلك في استجابة الجماد لأمره ، وتكليمه إيَّاه، وشهادته برسالته، والمعهود في الجماد هو خلاف ذلك. ومن ذلك أنه أتى النبيَّ رجلٌ من بني عامر، فقال له رسول الله : "أَلاَ أُرِيكَ آيَةً؟"، قال: بلى. فنظر إلى نخلة، فقال العامري للنبي : ادعُ ذلك العِذق. قال: فدعاه، فجاء ينقز حتى قام بين يديه، فقال له رسول الله : "ارْجِعْ". فرجع إلى مكانه، فقال العامري: يا آل بني عامر، ما رأيتُ كاليوم رجلاً أسحر.

وفي رواية أخرى أنَّ العامري قال: والله لا أكذِّبك بشيء تقوله أبدًا. ثم قال: يا آل عامر بن صعصعة، والله لا أُكَذِّبه بشيء يقوله.

فتحرُّك الشجرة من مكانها وذهابها ومجيئها لَهُوَ آية معجزة، وبرهان دامغ على صدقه ونبوَّته .

ومثل ذلك أيضًا ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "سِرنا مع رسول الله حتى نزلنا واديًا أفْيَح يقضي حاجته، فاتَّبَعْتُه بإداوة من ماء، فنظر رسول الله فلم يَرَ شيئًا يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق رسول الله إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: "انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ". فانقادت معه كالبعير المخشوش5 انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ". فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما لأَمَ بينهما -يعني جمعهما- فقال: "الْتَئِمَا عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ"؛ فالتأمتا. يقول جابر: فإذا أنا برسول الله مُقبِلاً، وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق...".

وفي ذلك يقول الإمام أحمد رحمه الله: "في الحديث آيات من دلائل نبوة النبي منها: انقلاع الشجرتين واجتماعهما، ثم افتراقهما".

وقد ثَبَّتَ الله قلب حبيبه في مواجهة المحن التي تعرَّض لها بمكة بآية من جنس هذه المعجزات أيضًا، فقد روى أن أنس قال: "جَاءَ جِبْرِيلُ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ جَالِسٌ حَزِينٌ قَدْ خُضِّبَ بِالدِّمَاءِ، قَدْ ضَرَبَهُ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: فَعَلَ بِي هَؤُلاَءِ وَفَعَلُوا. قَالَ: أَتُحِبُّ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً؟ قَالَ: نَعَمْ أَرِنِي. فَنَظَرَ إِلَى شَجَرَةٍ مِنْ وَرَاءِ الْوَادِي، قَالَ: ادْعُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ. فَدَعَاهَا، فَجَاءَتْ تَمْشِي حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: قُلْ لَهَا فَلْتَرْجِعْ. فَقَالَ لَهَا، فَرَجَعَتْ حَتَّى عَادَتْ إِلَى مَكَانِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : حَسْبِي".

وغير استجابة الجماد لأمره ، فقد أيَّد الله نبيَّه محمدًا بأن جعل الجماد يُسَبِّح للهِ بين يديه، ويشهد له بالنبوة والرسالة.

يقول ابن مسعود : "لَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ".

ويقول أبو ذَرٍّ : "إني لشاهد عند النبي في حلقة وفي يده حصى فسبَّحْنَ في يده، وفينا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فسمع تسبيحهن مَنْ في الحلقة، ثم دفعهن النبي إلى أبي بكر، فسبَّحْنَ مع أبي بكر، سمع تسبيحهن مَنْ في الحلقة، ثم دفعهن إلى النبي فسبَّحْنَ في يده، ثم دفعهن النبي إلى عمر فسبَّحْنَ في يده، وسمع تسبيحهن من في الحلقة، ثم دفعهن النبي إلى عثمان بن عفان فسبَّحْنَ في يده، ثم دفعهن إلينا فلم يُسَبِّحْنَ مع أحدٍ مِنَّا".

ويقارن ابن كثير بين هذه المعجزة ومعجزة أخيه نبي الله داود عليهما السلام فيقول: ومع هذا كان تسبيح الحصى في كفِّ رسول الله وأبي بكر وعمر وعثمان أعجب"، ثم قال: "ولا شكَّ أن صدور التسبيح من الحصى الصغار الصمِّ التي لا تجاويف فيها؛ أعجب من صدور ذلك من الجبال؛ لما فيها من التجاويف والكهوف، فإنها وما شاكلَها تُرَدِّدُ صدى الأصوات العالية غالبًا، ولكن من غير تسبيح؛ فإنَّ ذلك من معجزات داود

وصدق الشاعر إذ يقول:

لئن سبَّحتْ صمُّ الجبال مجيبة *** لداود أو لاَنَ الحديدُ المصفَّح

فإنَّ الصخور الصمَّ لانَتْ بكفِّه *** وإنَّ الحصى في كفِّه ليُسبِّحُ

بل إن من هذه الجمادات التي لا تعقل ولا تنطق ما نطق بين يديه ، وقد بُدِئَ رسول الله بآية من هذا النوع قبل نبوته، فكان الحجر يُسَلِّم عليه، يقول رسول الله : "إِنِّي لأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ، إِنِّي لأَعْرِفُهُ الآنَ".

ثم بعد البعثة رأى الصحابة ذلك، يقول علي : "كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ بِمَكَّةَ، فَخَرَجَ فِي بَعْضِ نَوَاحِيهَا، فَمَا اسْتَقْبَلَهُ شَجَرٌ وَلا جَبَلٌ إِلاَّ قَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولِ اللهِ".

على أن هذه الآيات وتلك المعجزات في الجماد لم تتوقَّف عند استجابتها له والتسبيح بين يديه وأيدي أصحابه، وكذلك السلام عليه، بل إن الله أنطقها بالشهادة له بالنبوة والرسالة.

وفي ذلك يقول ابن عمر رضي الله عنهما: "كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي سَفَرٍ فَأَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ : "أَيْنَ تُرِيدُ؟". قَالَ: إِلَى أَهْلِي. قَالَ: "هَلْ لَكَ فِي خَيْرٍ؟". قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: "تَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ". فَقَالَ: وَمَنْ يَشْهَدُ عَلَى مَا تَقُولُ؟ قَالَ: "هَذِهِ السَّلَمَةُ". فَدَعَاهَا رَسُولُ اللَّهِ وَهِيَ بِشَاطِئِ الْوَادِي، فَأَقْبَلَتْ تَخُدُّ الأَرْضَ خَدًّا حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَاسْتَشْهَدَهَا ثَلاَثًا، فَشَهِدَتْ ثَلاَثًا أَنَّهُ كَمَا قَالَ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَنْبَتِهَا، وَرَجَعَ الأَعْرَابِيُّ إِلَى قَوْمِهِ، وَقَالَ: إِنِ اتَّبَعُونِي أَتَيْتُكَ بِهِمْ، وَإِلاَّ رَجَعْتُ فَكُنْتُ مَعَكَ".

ولا أغرب من أن يحنَّ جذع لفراقه !!

فمن عظيم خوارق العادات التي أوتيها النبي حَنين الجذع التي كان يخطب عليها في يوم الجمعة، وهي قصة مشهورة شهدها الكثير من أصحاب النبي ، يرويها جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فيقول: كان النبي يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار: يا رسول الله، ألا نجعل لك منبرًا؟ قال: "إِنْ شِئْتُمْ". فجعلوا له منبرًا، فلمَّا كان يوم الجمعة خرج إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي فضمَّها إليه، تئنّ أنين الصبي الذي يُسكَّن، قال جابر: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها.

وفي رواية أنس: "حتى ارتجّ المسجد لخواره". وفي رواية سهل: "وكثر بكاء الناس لما رأوه به". وفي رواية المطلب: "وانشق حتى جاء النبي فوضع يده عليه فسكت". زاد غيره فقال : "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ أَلْتَزِمْهُ لَمْ يَزَلْ هَكَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"؛ تَحْزُّنًا عَلَى رَسُولِ اللهِ ، فَأَمَرَ بِهِ فَدُفِنَ تَحْتَ الْمِنْبَرِ.

يقول ابن حجر في ذلك ومثله: "إن حنين الجذع وانشقاق القمر نُقل كلٌّ منهما نقلاً مستفيضًا، يُفِيد القطع عند مَنْ يطَّلع على طرق ذلك من أئمة الحديث".

وقال الشافعي: ما أعطى اللهُ نبيًّا ما أعطى محمدًا. فقال له عمرو بن سواد: أعطى عيسى إحياء الموتى. قال: أعطى محمدًا حنينَ الجِذعِ حتى سمع صوته, فهذا أكبر من ذلك.

وقد علَّق ابن كثير فقال: "وإنما قال: فهذا أكبر منه؛ لأن الجذع ليس محلاًّ للحياة، ومع هذا حصل له شعور ووَجَدَ لمَّا تحوَّل عنه إلى المنبر، فأَنَّ وحَنَّ حنين العِشار حتى نزل إليه رسول الله فاحتضنه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.