تحليل إخباري: الأمم المتحدة على أعتاب منعطف حاسم في قضية الصحراء    احتجاجات "لا ملوك" في مدن أمريكا تستقطب حشودا كبيرة للتنديد بترامب    "حماس": ملتزمون باتفاق غزة بينما إسرائيل تواصل خرقه    جولة لونجين العالمية للأبطال .. صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس الجائزة الكبرى للرباط 2025    لو باريسيان: بفضل مواهبه المنتشرة في كل مكان، المغرب ضمن أفضل الأمم الكروية في العالم    سرقة مجوهرات "لا تقدر بثمن" من متحف اللوفر    سرقة مجوهرات في متحف اللوفر بباريس    إسرائيل تتهم "حماس" بانتهاك الاتفاق    ندوة «فلسطين ما بعد اتفاق السلام» : أحمد مجدلاني: خطة ترامب خطة اعتراضية لإفشال المسار الدولي الذي أعلن عنه مؤتمر نيويورك    "حماس" ترفض اتهامات بخرق الاتفاق    انطلاق الموسم الفلاحي وشبح الجفاف .. المؤشرات المائية تنذر بعام صعب    ندوة « إفريقيا: تحديات التنمية والأجندة الجيوسياسية»: الإرث الاستعماري بإفريقيا عمق أزماتها ورهن مستقبلها للصراعات    المنتخب النسوي يواجه اسكتلندا وهايتي    "باليستينو" يهدي قميصا للمدرب وهبي    موتسيبي يساند "الأشبال" في الشيلي    "حالة استعجال قصوى" تدفع الحكومة لمنح ترخيص استثنائي لإصلاح المستشفيات    "إجراءات مُهينة" بمطارات تركيا تدفع مغاربة إلى طلب تدخل وزارة الخارجية    المهرجان الوطني للفيلم بطنجة.. التاريخ في مرآة السينما ووجع المجتمع    لا شرقية ولا غربية... وإنما وسطية    سرقة مجوهرات نابوليون بونابرت وزوجته من متحف "اللوفر"    ساعة أمام الشاشة يوميًا تخفض فرص التفوق الدراسي بنسبة 10 بالمائة    تقرير يضع المغرب ضمن أكثر الدول يسود فيها الغضب في العالم    موعد والقنوات الناقلة لمباراة المغرب والأرجنتين اليوم في نهائي كأس العالم للشباب    إطلاق خط بحري جديد لنقل البضائع بين طنجة وهويلفا    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    ضبط شحنة من المخدرات معدة للتهريب بساحل الحسيمة    كانت تحاول الهجرة إلى سبتة سباحة.. العثور على القاصر "جنات" بعد اختفائها    تأخر التساقطات المطرية يثير مخاوف الفلاحين المغاربة    بعد صدور حكم بالبراءة لصالحها.. سيدة الأعمال الملقبة ب"حاكمة عين الذياب" تلجأ للقضاء الإداري للمطالبة بوقف قرار الهدم لمطعمها    5 سنوات لزعيم شبكة القروض بالجديدة .. أفرادها استغلوا هويات موظفين بالعمالة قبل حصولهم على 72 مليونا    الناجي: "الاتحاد الاشتراكي" أصبح يتيما بعد وفاة الحسن الثاني وأُصيب بفراغ فكري ونرجسية سياسية عطّلت قدرته على التجديد    التعاضدية العامة تعتمد برنامج عمل لتقويم الأداء والرفع من المردودية    تونس توضح حقيقة منع تصدير التمور إلى المغرب    جيبوتي تتخذ المغرب نموذجا في نشر القوانين وتعتبر تجربته رائدة    حسن واكريم.. الفنان المغربي الذي دمج أحواش والجاز في نيويورك    نهائي مونديال الشيلي.. جيسيم: "عازمون على انتزاع اللقب العالمي"    استدعاء كاتب فرع حزب فدرالية اليسار بتاونات بسبب تدوينة فايسبوكية    الجيل الرقمي المغربي، قراءة سوسيولوجية في تحولات الحراك الإفتراضي وإستشراف مآلاته المستقبلية.    نتانياهو يعلن عزمه الترشح مجددا لرئاسة الوزراء في الانتخابات المقبلة    ارتفاع مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي ب 64 في المائة عند متم شتنبر في ميناء طانطان    باكستان/أفغانستان: اتفاق على "وقف فوري لاطلاق النار" بعد محادثات في الدوحة    "مرحبا بيك".. إينيز وريم تضعان بصمتهما الفنية في كأس العالم النسوية بالمغرب    بعد توقف ثمانية أيام.. حركة "جيل زد" تستأنف احتجاجاتها في أكثر من مدينة وسط أجواء سلمية    انتقادات تطال وزيرة المالية وسط صمت حكومي وتأخر في عرض مشروع قانون المالية على الملك    الصحافة الأرجنتينية: قيمة فريق "التانغو" تفوق خمس مرات "أشبال الأطلس".. لكن الحسم سيكون فوق العشب    خريبكة تحتضن الدورة 16 للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بمشاركة دولية ومحلية واسعة    انتقاء أفلام المهرجان الوطني للفيلم.. جدلية الاستقلالية والتمويل في السينما    الفنان فؤاد عبدالواحد يطلق أحدث أعماله الفنية    ارتفاع المداخيل الجبائية إلى 258 مليار درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا شوه جهلة بالدين الإسلام بتحولهم إلى "جهاديين" دمويين
نشر في أخبارنا يوم 05 - 06 - 2016

في هجمات باريس وبروكسل وغيرها قام الإرهابيون بقتل أبرياء بشكل عشوائي باسم الإسلام؛ فأساءوا بأعمالهم الوحشية إلى واحد من أكثر الأديان انتشارا في العالم. ويبرر "الجهاديون" جرائمهم وما يفعلونه من خلال الاستناد إلى آيات قرآنية. وهذه مسألة تمثل كارثة بالنسبة لغالبية المسلمين المسالمين، ونسبتهم 98 في المائة من إجمالي عدد المسلمين، البالغ 1.6 مليار نسمة. حيث ينشر ذلك الأمر شبهات ضد كل المسلمين وضد عقيدتهم ويدعو للاعتقاد وكأن هناك علاقة قوية بين الإسلام والعنف.
منتقدو الإسلام وجزء كبير من العالم الغربي يرون مبدئيا وجود سمة قتالية في الدين الإسلامي. ويشيرون في ذلك أيضا إلى نصوص قرآنية تدعو إلى قتل الكفار مثل الآية 191 من سورة البقرة، والآية 89 من سورة النساء. لكن المسألة ليست بتلك السهولة. فعلماء اللاهوت يعتبرون أنه لا خلاف على أن الإسلام في تعاليمه الأصلية لا يتضمن بالنسبة لتمجيد أعمال العنف أو بشأن شرعية استخدام العنف، شيئا أكثر مما هو موجود في الإنجيل (المسيحي).
ويقول توماس فولك، الخبير في الدراسات الإسلامية لدى مؤسسة كونراد آديناور، غير الربحية، إن التعابير، التي تعطي شرعية للعنف لا تقتصر على القرآن فقط، فمثلها موجود أيضا في اليهودية والمسيحية. "الكتب (المقدسة) في أديان التوحيد الثلاثة بها العديد من النصوص، التي ينزعج منها القارئ المعاصر؛ لأنها تمجد العنف وتتضمن تفوق دينها على المؤمنين الآخرين أو أن لها صبغة عدائية ضد النساء. ولذلك يجب الانتباه عند التعامل مع تلك النصوص"، حسب ما يؤكد توماس فولك.
توجيه أصابع الاتهام إلى آيات قرآنية بها إشكاليات لا يمكن أن يشرح وحده لماذا يقوم العديد من الشباب، سواء في سوريا أو في العراق أو بروكسل بالتذرع بالإسلام عند ارتكاب أعمال العنف. لأن الآيات أو الأحاديث، التي تعطي شرعية لأعمال العنف موجودة منذ أكثر من 1400 عاما ولم تؤد في السابق إلى ارتكاب أعمال إرهابية، على طريقة داعش حاليا. فلماذا يحدث ذلك الآن؟
السياق التاريخي
بكيم أغاي، أستاذ الثقافة والمجتمع الإسلاميين بجامعة غوته في فرانكفورت بألمانيا يشير إلى أن القرآن جاء في ظروف تاريخية مختلفة عن الظروف الحالية، "آنذاك كانت الحرب هي ما تميز الأوضاع في العلاقات بين الشعوب والأمصار". ويضيف أن الدين تغلغل لاحقا في كل مجالات الحياة فأصبح شرح عناصر "الدولة والمجتمع والحرب والسلم يتم من منطلق الدين".
فالقرآن هو الذي أعطى التعليمات في حالات الحرب والسلم، ووجب على الفقهاء تفسير تلك التعليمات حسب الأوضاع. وكان من الواضح آنذاك أن الدولة -وليس الفرد المسلم- هي التي تقرر في شرعية أو عدم شرعية استخدام العنف، حسب ما يرى البروفيسور أغاي.
وهناك جدال طويل في الكتابات الإسلامية عبر التاريخ عند الحديث عن اختلاف مضامين الآيات في مواضيع السلم والحرب والعنف وغيرها. ويضيف بكيم أغاي "التقليد الإسلامي بدأ مبكرا جدا في الفصل بين الأوضاع التاريخية التي جاءت فيها النصوص والحياة المعاصرة للمجتمع." وبحسب أغاي، كان الهدف دائما هو: "تفسير النص القرآني في السياق الزمني الآني بهدف التفريق بين شرعية استخدام العنف أو عدم استخدامه. ولذلك فإن الانطلاق من نص قرآني دون ذكر سياق نشأته (أسباب نزوله) يتنافى مع التقليد الإسلامي بهذا الشأن".
وبهذه الطريقة إذن كان من الممكن ومنذ زمن بعيد إقامة توازن بين المضامين ذات الإشكالية للنص القرآني، حتى لا يكون هناك سوء فهم يخول لأحد القيام بأعمال عنف محظورة.
جهلاء بالدين يصبحون جهاديين
في يومنا هذا تختلف طبعا الظروف السياسية والثقافية بشكل كامل. وفي عصر الحداثة و العولمة يستغل المتطرفون إشكاليات في بعض النصوص فيعملون على بترها من سياق نزولها. وفي العالم العربي ضاع الاجتهاد الفقهي المعروف في التقليد الإسلامي بصفة عامة، حيث انزوى الجهاديون القتلة عن هذا التقليد. وأغلب هؤلاء يجهلون دينهم، فهم لا يرتكبون أعمال القتل بعد دراسة للقرآن لسنوات طويلة.
إنهم يظهرون أعمال العنف التي يرتكبوها بمظهر قديم وعتيق، غير أن ظاهرة الإرهاب الإسلاموي هي ظاهرة حديثة. ويرى البروفيسور أغاي أن استناد هؤلاء في أعمالهم الإرهابية إلى الإسلام كما يدعون؛ يعكس رغبتهم في استغلال النصوص القرآنية لأهدافهم كجهاديين يتولون بأنفسهم مكانة تمثيل المسلمين والقيام بتفسيرات قرآنية هي أصلا من مهمة الفقهاء والدول.
يضاف إلى ذلك حدوث تسييس للدين على خلفية التوترات الهائلة التي تهز العالم العربي من شرقه إلى غربه. ولا يوجد لمؤسسات علماء السنة شيئ ملموس لمواجهة هذا التطور. كما أن كبار الهيئات الممثلة للإسلام السني كالأزهر مثلا تنأى بنفسها في الواقع عن الإرهاب؛ إلا أنها لا تملك القوة المعنوية أو المقدرة الكافية للدخول في مواجهة مع تسييس الدين. كما أن تلك الهيئات لم تستطع الظهور في موقف شجاع أمام القيادات السياسية في بلدانها. ويعني ذلك أن "الفقهاء السنة لم يستطيعوا وضع إطار ثابت ومحدد لمواجهة استغلال دينهم من طرف المتطرفين" كما يلاحظ الباحث في الدراسات الإسلامية توماس فولك، ويضيف: "إن التعامل بشكل نقدي مع نصوصهم التقليدية قد يغير شيئا ما. لكن كل من تجرأ على القيام بذلك تم اعتباره كافرا"، وهذه مشكلة حقا، يضيف فولك.
النظرة النقدية تعد كفراً
حجب صفة "المفهوم البديهي" عن النصوص المتضمنة لإشكاليات، كما يفعل أغلب المسلمين، الذين يرون في الإيمان منطلقا لإقامة حياة سلام بناءة، مسألة لا تكفي، حسب فولك. ويرى الباحث في الدراسات الإسلامية لدى مؤسسة كونراد آديناور أنه "يجب على المسلمين أن يتعاملوا بشكل نقدي مع كتابهم المقدس وشرح النص غير الواضح من منطلق التأويل والتلقي في شرح النصوص". ويرى الباحث أنه لا يوجد حاليا في العالم العربي فضاء فكري يسمح بالقيام بذلك، مشيرا إلى أنه حتى في المهجر الأوروبي فإن أية "قراءة تاريخية نقدية للقرآن ليست بالأمر البديهي." ويستخلص الباحث فولك أنه فقط من خلال التعامل فقهيا مع الفقرات "المثيرة للإنزعاج" في القرآن، يمكن الوصول إلى تهميش كل التأويلات التي تؤدي إلى مواقف التطرف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.