نشرة جوية إنذارية من الأحد إلى الأربعاء    الأمن الوطني يشرع في اعتماد الأمازيغية على مركباته    أزمة المقاولات الصغيرة تدفع أصحابها لمغادرة الحسيمة ومهنيون يدقون ناقوس الخطر    ضربة البداية أمام جزر القمر.. المنتخب المغربي يفتتح "كان 2025" بطموح اللقب    قنوات مجانية تنقل جميع مباريات كأس أمم إفريقيا المغرب 2025    كأس افريقيا للأمم بروفة للمونديال    افتتاح أفضل نسخ "الكان".. الأنظار تتجه إلى المنتخب الوطني ضد جزر القمر في مباراة إثبات الذات    مغربي مرتبط بالمافيا الإيطالية يُدوّخ الشرطة البلجيكية    مسلحون مجهولون يفتحون النار على المارة في جنوب إفريقيا    عرس كروي استثنائي    مبابي يعادل الرقم القياسي لرونالدو    التعويض عن الكوارث جزء أصيل من إدارة الأزمة..    ضيعة بكلميم تتحول إلى مخزن للشيرا    إسرائيل توافق على إقامة 19 مستوطنة    مجموعة نساء شابات من أجل الديمقراطية تعلن تضامنها مع نزهة مجدي وسعيدة العلمي وتطالب بالإفراج الفوري عنهما    فريق "الاتحاد المغربي للشغل" بمجلس المستشارين يطالب بإرجاء تعديل قانون الصحافة ويدعو إلى نقاش وطني موسع    المستشفى العسكري بالرباط ينجح في إجراء 4 عمليات دقيقة بواسطة الجراحة الروبوتية    أشرف حكيمي يطمئن الجماهير المغربية بخصوص مشاركته في ال"كان"    السعدي: أعدنا الاعتبار للسياسة بالصدق مع المغاربة.. ولنا العمل وللخصوم البكائيات    "فيسبوك" تختبر وضع حد أقصى للروابط على الصفحات والحسابات المهنية    حركة "التوحيد والإصلاح" ترفض إعلانًا انفصاليًا بالجزائر وتدعو إلى احترام سيادة الدول    الأحمدي يحذر المنتخب من الثقة الزائدة    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    اختتام حملتي "حومتي" و"لقلب لكبير" بجهة طنجة تطوان الحسيمة: مسيرة وطنية بروح التضامن والعطاء    نقابة التعليم بالحزام الجبلي ببني ملال تنتقد زيارة المدير الإقليمي لثانوية بأغبالة وتحمّله مسؤولية تدهور الأوضاع    أجواء ممطرة في توقعات اليوم الأحد بالمغرب    بايتاس بطنجة: "النفس الطويل" العنوان الأبرز لمسار الأحرار في تدبير الشأن العام ومواجهة التحديات    فاتح شهر رجب بعد غد الاثنين بالمغرب    "تيميتار" يحوّل أكادير عاصمة إفريقية    "أفريقيا" تحذر من "رسائل احتيالية"    قطبان والجيراري يفتتحان معرضهما التشكيلي برواق نادرة    تنبيه أمني: شركة أفريقيا تحذر من محاولة احتيال بانتحال هويتها    خطر التوقف عن التفكير وعصر سمو التفاهة    أكادير تحتفي بالعالم بصوت أمازيغي    الدرهم في ارتفاع أمام اليورو والدولار    كأس إفريقيا .. مطارات المغرب تحطم أرقاما قياسية في أعداد الوافدين    مهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي في دورته الثانية يشرع في تلقي الأفلام        القوات المسلحة الملكية تنشئ ثلاث مستشفيات عسكرية ميدانية بأقاليم أزيلال والحوز وميدلت    روبيو: هيئات الحكم الجديدة في غزة ستشكل قريبا وستتبعها قوة دولية    البنك الدولي يوافق على منح المغرب أربعة ملايين دولار لتعزيز الصمود المناخي    الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    بعد مرور 5 سنوات على اتفاقية التطبيع..دعوات متواصلة لمقاطعة أي تعاون ثقافي مع الكيان الصهيوني    ناسا تفقد الاتصال بمركبة مافن المدارية حول المريخ    ترامب يعلن شن "ضربة انتقامية" ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    تنظيم الدورة السابعة عشر من المهرجان الوطني لفيلم الهواة بسطات    الشجرة المباركة تخفف وطأة البطالة على المغاربة    وجدة .. انخفاض الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانقلاب و الاغتصاب "كيف كيف"!
نشر في أخبارنا يوم 25 - 07 - 2016

للانقلابي والغاصب نفس الأسلوب ونفس المنطق لتبرير أفعالهما، فالأول يزعم أنه "مستفز" من سلوك الحكومة و سوء تسييرها لشؤون البلاد بينما الثاني و هو المغتصب الجنسي يزعم كذلك أنه ضحية "استفزاز" المرأة التي تشحنه غرائزياً بسلوكها الفاجر على حد تعبيره.
أما المتطرفون فيبتهجون في كلتا الحالتين ويعطون المصداقية للانقلابي والغاصب على حد سواء بالمنطق التالي "إذا كانت الحكومة لا تدير شؤون البلاد حسب فكرهم وإيديولوجياتهم ولا يسود العدل حسب مفاهيمهم فلانقلابيين الحق في إسقاطها بالعنف والقوة، وإذا كانت المرأة متبرجة وتسلك سلوكاً مخالفاً لمعاييرهم و مفاهيمهم فللمغتصب كامل التبرير لارتكاب جرمه وليس للضحية حق التظلم !".
وهكذا بنظرة تحليلية نرى أن المغتصب أو الغاصب يدفعه هوسه الجنسي ورغباته الشهوانية "لأنه مُستفز" لإعلاء، عبر ما يسمى في الاصطلاح العلمي، "بِفالوسِه" phallus (رمز الفحولة الذكورية ) ضد المرأة الضحية.
أما في حالة الانقلاب المسلح تتم نفس العملية،حيث أن الانقلابيين أو ما يسمون في الاصطلاح الأكاديمي ب البوتشيست putchistes يدفعهم تعطشهم للسلطة والنفوذ إلى رفع السلاح (phallus) في وجه حكومة السلطة القائمة للانقضاض عليها والاستحواذ عليها بالإكراه والقوة الجبرية.
منطقياً للغاصب والانقلابي مجالات للتمتع بحياتهما بشكل طبيعي سليم دون إلحاق الضرر بالآخرين ودون اللجوء للعنف والإكراه . فالغاصب له خيار مفتوح ليعيش حياة جنسية طبيعية سوية من خلال إقامة علاقة توافقية مقبولة نفسياً واجتماعياً وأخلاقياً أما الانقلابي فله مجال اللجوء إلى الوسائل السلمية والقانونية للتعبير عن تظلماته وأرائه وله أيضاً باب المشاركة في صنع القرار وبلوغ السلطة عبر أدوات الانتخابات وتداول السلطة المتعارف عليها.لكن في كلتا الحالتين ورغم توفر جميع الخيارات الإيجابية نجد الغاصب والانقلابي لا صبر لهما أمام شحنات رغباتهما الجنسية والسلطوية الجامحة.
ويمكننا أن ندرك بنظرة فاحصة أن كلاً من الغاصب والانقلابي يعانيان من ضعف الثقة في النفس ويخشيان من عدم الفوز ويسعيان لانتصارات وهمية سريعة. فالغاصب المغتصب يستعمل قوته الذكورية لكسر حاجز المرأة أما الانقلابي فيستعمل قوة السلاح والإرهاب لكسر حاجز السلطة.
فما هو الحل الممكن للحد من هذه الجرائم؟ وفي كلتا الحالتين فإن الجنس والسلطة متشابهين لأنهما الدافعين الأساسيين للبحث عن "متعة القوة"!
ليس مصادفة أن الرجال دون النساء هم الغاصبون والإنقلابيون في آن واحد! فهل السبب في ذلك هو كون الرجال لديهم قوة "فالوس" والعضلات والسلاح؟
لربما نجد الجواب عند النساء!
انا موقن لو كانت النساء يحكمن العالم لما رأينا كل ما شهدناه من هذه الحروب المدمرة والمآسي المهلكة ، ذلك أن المرأة على عكس كثير من الأفكار الموروثة الشائعة تفوق الرجال بذكائها وتتفوق عليهم بحكمتها وصبرها وطبيعتها الفكرية وقوتها الجنسية! فعاطفة المرأة وغريزة الأمومة لديها وحبها لأبنائها وبناتها الذي لا يعرف حدوداً للتضحية والعطاء يجعلها لا تتقبل أبداً أن يرسل أحد منهم ليقتُل أو ليقتل في حروب عبثية وهي بذلك تتمتع بحس إنساني أصيل.
فلما لاحظ الرجل بضعفه الجنسي أمام المرأة وتفوقها عليه بدورها الحيوي في عملية الإنجاب وصناعة الحياة سرعان ما نظم انقلاب عليها للسيطرة عليها بقوة عضلاته. وهكذا نشأ الخلل الاجتماعي للتسلط الذكوري فكيف تريدون إقامة مجتمع سليم وحكومة سليمة اذا لم تتوفر المساواة والتكامل الحقيقي بين الرجل والمرأة؟
إن الحل بلا شك يكمن في التربية! فلا بد لنا من التركيز على القيم الأخلاقية الإنسانية ونسقط أشكال التمييز الجائر بين الطفل والطفلة . كما لا بد في مجال التعليم من التحرر من فكر ايديولجية التنافس في المنزل والمدرسة التي تشجع القوي والمتفوق على الفوز بكل الوسائل ولو على حساب الضعفاء من زملائه وتنتج هذه المنظومة الفاسدة الخالية من قيم التعاون والمحبة نوعية من المتضررين الذين سيحاولون مستقبلاً الانتقام بدورهم من المجتمع ومن البيئات التي يحملونها مسؤولية فشلهم.
إن التربية المنزلية أو المدرسية بشكلها الحالي تدخل الطفل منذ سنواته الأولى في معارك المنافسة وتوهمه أن التفوق على الغير هو أفضل سبيل للحصول على فرص حياة أفضل ومواقع أعلى وموارد أكبر !
وهكذا أصبحت المنافسة في غياب قيم التعاون والإخاء أكبر بلاء يدمر المجتمع ويعرقل ازدهار الأفراد ونموهم الطبيعي وبروز مواهبهم النافعة!
إن النظام المدرسي الحالي قائم على التمييز ضد الضعيف عبر معاييره ونظمه غير الموضوعية التي تفرض نماذج وقوالب محدودة للتفوق ،أليس هذا تعصباً فكرياً و تمييزاً عنصرياً؟
بطبيعة الحال نحن مختلفون عن بعضنا البعض فمنا الضعيف والقوي فكرياً أو جسدياً ولكل شخصيته الفريدة ومواهبه وقدراته. لذاك فإن اعتماد قيم التسامح والتعايش بين جميع الأطفال ينتج روح الشراكة التعاونية ويمحو روح التنافس العدوانية بين أجيال المستقبل.
فما هو مصير التلاميذ الذين لا يتفوقون في الامتحانات والمباريات ؟ وما هو مصير التلاميذ والطلبة الذين يتم تصنيفهم كراسبين أو ضعفاء؟ وما هو مصير ذوي الحاجيات أو القدرات الخاصة ممن يعجزون عن التأقلم مع متطلبات النظم التعليمية المفروضة عليهم في المدارس؟
لاشك أن هذه المنظومة الجائرة تشحن العديد من الأفراد بالحقد والكراهية ومهما طال الزمان او قصر فستنفجر هذه النوازع الانتقامية لديهم بأشكال مختلفة لا يمكننا تصور أثارها المدمرة البعيدة المدى!
للأسف إن التلميذ أو الطالب في جل النظم التعليمية والتربوية الحالية يتم ترويضه منذ صغره على حروب المنافسة، وأنه لا بد له أن يكون المتفوق الأوحد الذي يتمتع بالأفضلية على الآخرين، خاصة أنه في عالم المنافسة لا يوجد سوى فرص ومواقع محدودة ومقعد واحد لا سبيل له سوى تصارع وتنافس أعداد كبيرة من المتنافسين يتم التعامل معها من قبل المؤسسات التعليمية على أنهم أرقام دون مراعاة أنهم كائنات بشرية لها خصوصياتها وإنسانيتها !
كذلك الفتاة منذ الصغر يتم ترويضها لتكون الأجمل والأذكى وأعظم مغرية حتى تسيطر على عالم الرجل وتكون لها فرص حياة أفضل ولكن ليس هناك إلا مقعد واحد لملكة الجمال في عالم المنافسة! وحتى الولد يتم ترويضه ليكون أعظم رجولي ورغم عدم وجود مسابقة لملك الرجولية فسوف يحاول أن يتفوق في معارك الشوارع وفي المنزل بشتى الوسائل ليكون ملك الرجولية حسب مفاهيم مجتمعه الذكورية!
وخلاصة القول على المستوى الاجتماعي أن الولد "يتروض" ليكون الأكثر تفوقاً والأغنى والأقوى والأشد رجولية. وكذلك الفتاة يتم ترويضها لتكون الأكثر جمالا وإغراءً وذكاءاً حتى تتزوج الرجل الأكثر مالاً ونفوذاً.
و هؤلاء الأطفال الذين يتربون في هذه الأجواء هم الذين سيسيرون العالم علماً انه ليس هناك حد معين أو معيار شامل للحُسن والجمال والقوة والثراء والفطنة و الذكاء ولا مقياس ثابت يحدد حجم الثروة المادية و الفكرية لكل إنسان، فهكذا تستمر المنافسة بدون نهاية!
لماذا إذن نندهش مما يعيشه العالم المعاصر من مآسي اجتماعية وأخلاقية وكوارث اقتصادية وصراعات سياسية وحروب مدمرة؟ فما هي كلها إلا نتيجة نظمنا التربوية والتعليمية سواءً بالمنزل أو المدرسة وهي حصيلة اختياراتنا وثمار تقصيرنا في مسؤولياتنا جميعاً بدون أي استثناء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.