بوزنيقة.. إعادة انتخاب نزار بركة أمينا عاما لحزب الاستقلال    حزب الاستقلال يجدد الثقة في نزار بركة أميناً عاماً    المغرب يشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    على هامش المعرض الدولي للفلاحة.. تتويج المربين الفائزين في مسابقات اختيار أفضل روؤس الماشية    الحرب في غزة محور مناقشات قمة اقتصادية عالمية في المملكة السعودية    ساعة جيب لأغنى ركاب "تايتانيك" بيعت في مزاد لقاء 1,46 مليون دولار    ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق "تيك توك"؟    مسؤولون في الخارجية الأمريكية يقولون إن إسرائيل قد تكون انتهكت القانون الإنساني الدولي    محمد صلاح عن أزمته مع كلوب: إذا تحدثت سوف تشتعل النيران!    الحسنية يلحق الهزيمة الأولى بالجيش الملكي في البطولة    طقس الأحد.. أمطار رعدية وثلوج بهذه المناطق المغربية    السلطات المغربية تتعقب صاحب صفحة "لفرشة"    الحبس النافذ للمعتدين على فتيات بسبب تلاوتهن القرآن    الحصيلة المرحلية للحكومة في قطاع التعليم: من أجل أن تكتمل الصورة    محاولة الهجرة إلى سبتة تؤدي إلى مصرع شاب وظهور جثته في الحسيمة    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    افتتاح مهرجان تطوان المتوسطي ب"بنات ألفة"    توقيف سارق ظهر في شريط فيديو يعتدي على شخص بالسلاح الأبيض في طنجة    مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان يندد بالإعدامات التعسفية في حق شباب محتجزين بمخيمات تندوف    صديقي: المملكة قطعت أشواط كبيرة في تعبئة موارد السدود والتحكم في تقنيات السقي    بمشاركة خطيب الأقصى.. باحثون يناقشون تحولات القضية الفلسطينية    "دكاترة التربية الوطنية" يطالبون بتعويض المتضررين من عدم تنفيذ اتفاق 2010    سيارة ترمي شخصا "منحورا" بباب مستشفى محمد الخامس بطنجة    ما هو صوت "الزنّانة" الذي لا يُفارق سماء غزة، وما علاقته بالحرب النفسية؟    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    عاجل.. مؤتمر "الاستقلال" يختار نزار بركة أمينا عاما لولاية ثانية    حزب "الاستقلال" يختتم مؤتمره.. في انتظار الحسم في اختيار أمينه العام واتجاه لتزكية بركة لولاية جديدة    قيادة الاستقلال تتوافق على لائحة الأسماء المرشحة لعضوية اللجنة التنفيذية    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    بدء أشغال المجلس الوطني لحزب "الميزان"    الجيش الملكي يستنكر "الأخطاء التحكيمية" في مباراة الحسنية ويشكو الرداد للجنة التحكيم    ابتدائية تنغير تصدر أحكاما بالحبس النافذ ضد 5 أشخاص تورطوا في الهجرة السرية    حكيم زياش يبصم على أداء كبير رفقة غلطة سراي التركي    وزان ..تحديد أفق إطلاق مشروع دار الاقتصاد الأخضر    صحيفة "النهار" الجزائرية: إتحاد العاصمة الجزائري يتجه إلى الإنسحاب من مواجهة نهضة بركان    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    انطلاقة مهرجان سينما المتوسط بتطوان    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    بفضل فوائده وجودته.. منتوج العسل المغربي يطرق أبواب السوق الأوروبية    بعد مشادات مع كلوب.. صلاح: حديثي سيشعل الأمر    الأمثال العامية بتطوان... (584)    اتحاد العاصمة باغيين يلعبو وخايفين من الكابرانات: هددو ما يلعبوش ويرجعو فالطيارة اليوم للجزائر وفاللخر مشاو يترينيو    صافرة كونغولية لمباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    "حماس" تعلن ارتفاع عدد القتلى في غزة    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    نادية فتاح: المغرب يتيح الولوج إلى سوق تضم حوالي مليار مستهلك بإفريقيا    جاري القروض الصغرى المستحقة يصل إلى 8,4 مليار درهم في متم 2022    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    مجلس الأمن .. حركة عدم الانحياز تشيد بجهود جلالة الملك لفائدة القضية الفلسطينية    تفاصيل وكواليس عمل فني بين لمجرد وعمور    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطاب العرش: خطاب الوقفة مع الذات لمواجهة التحديات
نشر في أخبارنا يوم 30 - 07 - 2017

يعتبر خطاب الملك بمناسبة حلول الذكرى الثامنة عشرة لتربعه على العرش يومه السبت 05 ذي القعدة 1438ه الموافق 29 يوليوز 2017، خطاب الصراحة، وخطاب تجديد العهد مع الشعب من أجل مواصلة الإصلاحات التنموية، والمكتسبات التي عرفتها المملكة في ظل حكم الملك محمد السادس سواء محليا أو وطنيا، افريقيا وحتى دوليا، هذه الإنجازات التي يشهد بها الجميع، والتي أصبحت تتقدم بالبلاد إلى مصاف الدول السائرة في طريق النمو بشكل كبير، وبوثيرة متسارعة. هذا الخطاب الملكي جاء في وقت تعرف فيه المملكة تشنجات في بعض المناطق، مما استدعى معه توجيه الملك لخطابه لهاته الفئة التي تنتظر منه ما يثلج صدرها، وهو الشيء الذي تأتى لها قبل سماع الخطاب وذلك عن طريق العفو الملكي عن عدة معتقلين في هذا الحراك، والذي سعى من خلاله الملك إلى توجيه عدة رسائل من بينها أنه يهتم أشد الاهتمام بسكان هذه المنطقة وبتنميتها وتطويرها، وأنه لا فرق بينه بين سكان الشمال أو سكان الجنوب، ولا بين أمازيغي ولا عربي ولا غيره، وأن البرامج التنموية التي تعرفها البلاد لا تستثني مدن عن بعض آخر. فالخطاب الملكي شكل جسرا للتواصل بين المؤسسة الملكية والشعب، الأمر الذي جعل منه الملك فترة ومكان وزمان مهمين من أجل فتح قنوات التواصل بين الشعب.
فخطاب الملك هو خطاب انتظره جميع المغاربة، وهو خطاب جاء مختلفا في مضمونه وشكله، من خلال طرحه لمجموعة من المشاكل والمعيقات التي تعرفها المنظومة المؤسساتية ببلادنا. هذا الخطاب استعملت فيه كلمتين أساسيتين هما الانتهازية وانعدام المسؤولية، وأيضا الرسائل الملكية التي وجهها الملك للعقليات الفاسدة والمتحجرة
التي تتغلغل في إداراتنا المغربية، وهو خطاب الاستمرارية، حيث حاول من خلاله الملك الاستمرار في خطبه الموجهة والمحذرة والمعاقبة، حيث يشكل هذا الخطاب جزءا لا يتجزأ من الخطاب الملكي السابق الذي يعد خطابا واعدا بكل المقاييس.

أولا: المشاريع التنموية في خطاب العرش

الملك محمد السادس في هذا الخطاب يقوم بتوصيف المسؤولية، بحيث تكلم عن ربط المسؤولية بالمحاسبة، من خلال ربطه للمشاريع التنموية والإصلاحات السياسية والمؤسسية مع المسؤولية الملقاة على عاتق المسؤولين الذين يجب محاسبتهم في حالة ما إذا وقع هناك فساد أو تعطيل للعمل، أو رشوة أو شتى المشاكل التي تعاني منها الإدارات العمومية المغربية من انعدام للمسؤولية وللمواطنة الإيجابية، الشيء الذي أكد عليه الملك من خلال قوله: "إن المشاريع التنموية والإصلاحات السياسية والمؤسسية، التي نقوم بها، لها هدف واحد ، هو خدمة المواطن، أينما كان . لا فرق بين الشمال والجنوب، ولا بين الشرق والغرب، ولا بين سكان المدن والقرى. صحيح أن الإمكانات التي يتوفر عليها المغرب محدودة. وصحيح أيضا أن العديد من المناطق تحتاج إلى المزيد من الخدمات الاجتماعية الأساسية. إلا أن المغرب، والحمد لله، يتطور باستمرار. وهذا التقدم واضح وملموس، ويشهد به الجميع، في مختلف المجالات. ولكننا نعيش اليوم، في مفارقات صارخة، من الصعب فهمها، أو القبول بها . فبقدر ما يحظى به المغرب من مصداقية، قاريا ودوليا، ومن تقدير شركائنا ، وثقة كبار المستثمرين ، ك"بوينغ" و "رونو " و"بوجو "، بقدر ما تصدمنا الحصيلة والواقع، بتواضع الإنجازات في بعض المجالات الاجتماعية، حتى أصبح من المخجل أن يقال أنها تقع في مغرب اليوم. فإذا كنا قد نجحنا في العديد من المخططات القطاعية، كالفلاحة والصناعة والطاقات المتجددة، فإن برامج التنمية البشرية والترابية، التي لها تأثير مباشر على تحسين ظروف عيش المواطنين، لا تشرفنا ، وتبقى دون طموحنا، وذلك راجع بالأساس، في الكثير من الميادين، إلى ضعف العمل المشترك، وغياب البعد الوطني والإستراتيجي، والتنافر بدل التناسق والالتقائية ، والتبخيس والتماطل، بدل المبادرة والعمل الملموس. وتزداد هذه المفارقات حدة، بين القطاع الخاص، الذي يتميز بالنجاعة والتنافسية، بفضل نموذج التسيير، القائم على آليات المتابعة والمراقبة والتحفيز، وبين القطاع العام، وخصوصا الإدارة العمومية، التي تعاني من ضعف الحكامة، ومن قلة المردودية".

ثانيا: الإدارة المغربية في خطاب العرش

الملك محمد السادس في هذا الجانب، يحدد المسؤوليات من خلال تشخيصه للوضعية التي تعرفها المؤسسات بالمغرب، فإلى جانب الاختيارات الاستراتيجية الجيدة والصائبة فهي تصطدم بوجود أناس يغلب عليهم عقلية الغنيمة وعقلية أنا ومن بعدي الطوفان، لذلك، فالملك يقول بأن مختلف هذه المشاكل تِثر لا محالة على مسار الإصلاحات التي تعرفها البلاد، الأمر الذي أكده الملك محمد السادس بأنه: "إن اختياراتنا التنموية تبقى عموما صائبة. إلا أن المشكل يكمن في العقليات التي لم تتغير، وفي القدرة على التنفيذ والإبداع. فالتطور السياسي والتنموي، الذي يعرفه المغرب، لم ينعكس بالإيجاب، على تعامل الأحزاب والمسؤولين السياسيين والإداريين، مع التطلعات والانشغالات الحقيقية للمغاربة. فعندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون، إلى الواجهة، للإستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة. أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الإختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه. وهو ما يجعل المواطنين يشتكون لملك البلاد، من الإدارات والمسؤولين الذين يتماطلون في الرد على مطالبهم، ومعالجة ملفاتهم، ويلتمسون منه التدخل لقضاء أغراضهم".
لذلك، فلإصلاح الإدارة المغربية، يجب ربطها بمجموعة من الأشياء من بينها ضرورة رقمنة الإدارة المغربية، فغير معقول بأننا في زمن العوملة ومجموعة من الدول سبقتنا بأشواط وسنوات في مجال استخدام المعلوميات في الإدارة من أجل تسهيل المأمورية أمام مواطنيها، فماذا حققنا اليوم من مشروع الحكومة الإلكترونية؟ وماذا حققنا مشروع المغرب الرقمي؟ ولماذا لحد الساعة لم يتم محاسبة المسؤولين عن تأخر توزيع ورقمنة الإدارة الإلكترونية في شتى ربوع المملكة. ونحن اليوم في سنة 2017، يجب تفعيل الدستور في هذا الصدد، فنحن نتكلم عن ما يزيد عن 6 سنوات على تطبيقه.

ثالثا: ربط المسؤولية بالمحاسبة في خطاب العرش

الملك في هذا الجانب يتحدث عن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، فالملك يذكر بضرورة خجل المسؤولين من أنفسهم وهم يعرفون بأنهم فاسدين رغم أنهم يقفون وجها لوجه أمام المواطنين، لذلك، فالملك يقول بأن المواطنين أصبحوا يتوجهون بشكاياتهم أمام أنظار الملك وحده لأن هناك مسؤولين فاسدين غير قادرين على لعب أدوارهم ومسؤولياتهم على النحو المطلوب، الشيء الذي يضر بصورة المغرب دوليا وقاريا، وهنا فالأحزاب المغربية
أصبحت خارج اللعبة وخارج منظومة التأطير المجتمعي والمؤسساتي، وهنا أصبح للمواطن منفذ واحد هو الملك، الأمر الذي أكده من خلال كلامه: "أنا لا أفهم كيف يستطيع أي مسؤول، لا يقوم بواجبه، أن يخرج من بيته، ويستقل سيارته، ويقف في الضوء الأحمر، وينظر إلى الناس، دون خجل ولا حياء، وهو يعلم بأنهم يعفون بانه ليس له ضمير .ألا يخجل هؤلاء من أنفسهم، رغم أنهم يؤدون القسم أمام الله، والوطن، والملك، ولا يقومون بواجبهم؟ ألا يجدر أن تتم محاسبة أو إقالة أي مسؤول، إذا ثبت في حقه تقصير أو إخلال في النهوض بمهامه؟ وهنا أشدد على ضرورة التطبيق الصارم لمقتضيات الفقرة الثانية، من الفصل الأول من الدستور التي تنص على ربط المسؤولية بالمحاسبة. لقد حان الوقت للتفعيل الكامل لهذا المبدأ. فكما يطبق القانون على جميع المغاربة، يجب انم يطبق أولا على كل المسؤولين بدون استثناء أو تمييز، وبكافة مناطق المملكة".

رابعا: الأحزاب السياسية في خطاب العرش

هناك نقطة مهمة وقوية جاء بها خطاب الملك، هي نقطة حاول من خلالها الملك بسط مجموعة من الإشكالات المرتبطة بالأحزاب السياسية، هذه الأخيرة التي أصبحت بعيدة عن مشاكل واهتمامات المواطنين وعن التأطير الفعلي والفعال للمواطنات اوالمواطنين، وأصبحت بعيدة كل البعد عن المنظومة المجتمعية، الشيء الذي يؤدي لا محالة إلى نفور المواطنين وعدم ثقتهم في هذه الاحزاب، مما يؤثر مباشرة على المشاركة في العملية السياسية. هذه الأحزاب التي أصبحنا نراها فقط إذا كانت هناك أشياء إيجابية، أما إذا كان هناك أشياء سلبية أو أخطاء ومشاكل فلن تجد لها ممثلا. الأمر الذي حدى بعاهل البلاد إلى التأكيد على أنه :"إن بعض الأحزاب تعتقد أن عملها يقتصر فقط على عقد مؤتمراتها، واجتماع مكاتبها السياسية ولجانها التنفيذية، أو خلال الحملات الانتخابية. أما عندما يتعلق الأمر بالتواصل مع المواطنين، وحل مشاكلهم، فلا دور ولا وجود لها. وهذا شيئ غير مقبول، من هيآت مهمتها تمثيل وتأطير المواطنين، وخدمة مصالحهم. ولم يخطر لي على البال، أن يصل الصراع الحزبي، وتصفية الحسابات السياسوية، إلى حد الإضرار بمصالح المواطنين. فتدبير الشأن العام، ينبغي أن يظل بعيدا عن المصالح الشخصية والحزبية، وعن الخطابات الشعبوية، وعن استعمال بعض المصطلحات الغريبة، التي تسيئ للعمل السياسي. إلا أننا لاحظنا تفضيل أغلب الفاعلين ، لمنطق الربح والخسارة ،للحفاظ على رصيدهم السياسي أو تعزيزه على حساب الوطن، وتفاقم الأوضاع .إن تراجع الأحزاب السياسية وممثليها، عن القيام بدورها، عن قصد وسبق إصرار أحيانا، وبسبب انعدام المصداقية والغيرة الوطنية أحيانا أخرى قد زاد من تأزيم الأوضاع".
الأمر الآخر في هذا الإطار، هو أنه رغم الإصلاحات التنموية التي يعرفها المغرب، إلا أن هذا لم يؤثر إيجابا على تعامل الأحزاب والسياسيين والإداريين مع تطلعات ورهانات المغاربة، الشيء الذي أكد من خلاله الملك على أنه لدينا إشكالات كبيرة مرتبطة بعلاقة المواطن بالمسؤولين، الشيء الذي يؤدي إلى حوار للصم بينهما، الشيء الذي يؤثر على الوقوف الإيجابي والتعامل الإيجابي للمسؤولين وحاجات المواطنين، هذه الأشياء مسبباتها هي عدم إصلاح الإدارة المغربية بإرادة فعلية، ووجود مسؤولين ومنتخبين يوظفون الرشوة والزبونية والمحسوبية والبطالة في العملية الانتخابية، وهو الأمر الذي نجده في خطاب الملك من خلال قوله:"فالتطور السياسي والتنموي، الذي يعرفه المغرب، لم ينعكس بالإيجاب، على تعامل الأحزاب والمسؤولين السياسيين والإداريين، مع التطلعات والانشغالات الحقيقية للمغاربة. فعندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون، إلى الواجهة، للإستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة. أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الإختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه. وهو ما يجعل المواطنين يشتكون لملك البلاد، من الإدارات والمسؤولين الذين يتماطلون في الرد على مطالبهم، ومعالجة ملفاتهم، ويلتمسون منه التدخل لقضاء أغراضهم. والواجب يقتضي أن يتلقى المواطنون أجوبة مقنعة، وفي آجال معقولة، عن تساؤلاتهم وشكاياتهم، مع ضرورة شرح الأسباب وتبرير القرارات، ولو بالرفض، الذي لا ينبغي أن يكون دون سند قانوني، وإنما لأنه مخالف للقانون، أو لأنه يجب على المواطن استكمال المساطر الجاري بها العمل. وأمام هذا الوضع، فمن الحق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانون هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟. فممارسات بعض المسؤولين المنتخبين، تدفع عددا من المواطنين، وخاصة الشباب، للعزوف عن الانخراط في العمل السياسي، وعن المشاركة في الانتخابات. لأنهم بكل بساطة، لا يثقون في الطبقة السياسية، ولأن بعض الفاعلين أفسدوا السياسة ، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل".

خامسا: الأمن في خطاب العرش

الملك في خطابه أشاد بقوات الأمن من درك وشرطة وقوات مساعدة، من خلال عملهم على استتباب الأمن والحفاظ عليه، من خلال تطبيق القانون على الجميع وبشكل يتناسب مع حقوق الإنسان، والمواثيق الدولية في هذا الخصوص، فالأمن في هذا الجانب ومن خلال خطاب العرش أمر لابد منه في أي بلاد وأي مجتمع، لأن الأمن أمر ضروري ومهم من أجل خلق جو من الراحة النفسية والاجتماعية لدى المواطنات والمواطنين، وأي خرق
أو ضرب لمنظومة الأمن في بلادنا هو ضرب لأمن المغاربة ولراحتهم وسكينتهم، لهذا ننادي اليوم بضرورة بسط القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للأمن في ظل التحديات الأمنية التي تعرفها بلادنا، فأصبح من اللازم والمؤكد التفعيل السريع لهذه المؤسسة الدستورية الأمنية التي ستشكل لبنة أساسية وصرحا أمني كبير ومهم في وجه جل التحديات والمشاكل الأمنية التي تتربص ببلادنا، الأمر الذي أكده الملك من خلال: "وأمام هذا الفراغ المؤسف والخطير ، وجدت القوات العمومية نفسها وجها لوجه مع الساكنة ،فتحملت مسؤوليتها بكل شجاعة وصبر، وضبط للنفس، والتزام بالقانون في الحفاظ على الأمن والاستقرار. وهنا أقصد الحسيمة، رغم أن ما وقع يمكن أن ينطبق على أي منطقة أخرى. وذلك عكس ما يدعيه البعض من لجوء إلى ما يسمونه بالمقاربة الأمنية، وكأن المغرب فوق بركان، وأن كل بيت وكل مواطن له شرطي يراقبه. بل هناك من يقول بوجود تيار متشدد، وآخر معتدل، يختلفان بشأن طريقة التعامل مع هذه الأحداث. وهذا غير صحيح تماما. والحقيقة أن هناك توجها واحدا، والتزاما ثابتا، هو تطبيق القانون، واحترام المؤسسات، وضمان أمن المواطنين وصيانة ممتلكاتهم. ويعرف المغاربة بأن أصحاب هذه الأطروحة المتجاوزة يستغلونها كرصيد للاسترزاق، وكلامهم ليست له أي مصداقية. وكأن الأمن هو المسؤول عن تسيير البلاد، ويتحكم في الوزراء والمسؤولين، وهو أيضا الذي يحدد الأسعار، الخ. في حين أن رجال الأمن يقدمون تضحيات كبيرة، ويعملون ليلا ونهارا، وفي ظروف صعبة، من أجل القيام بواجبهم في حماية أمن الوطن واستقراره، داخليا وخارجيا، والسهر على راحة وطمأنينة المواطنين وسلامتهم. ومن حق المغاربة، بل من واجبهم، أن يفتخروا بأمنهم، وهنا أقولها بدون تردد أو مركب نقص : إذا كان بعض العدميين لا يريدون الاعتراف بذلك، أو يرفضون قول الحقيقة، فهذا مشكل يخصهم وحدهم".

سادسا: الأمن في خطاب العرش

إن الخطب الملكية جميعها التي وجهها الملك إلى الشعب المغربي، حاول من خلالها تقريب الرؤى والاستراتيجيات التي سيعمل بها عاهل البلاد، وهو بذلك يقوم بإعلام عام لعموم المواطنات والمواطنين بما سيقدم عليه من مشاريع، وخطط تنموية وإصلاحية، لأن أغلب هذه المشاريع ما هي إلا استجابة عن تطلعات المواطنين، وهو ما أكده الملك بقوله:"إني أعتز بخدمتك حتى آخر رمق، لأنني تربيت على حب الوطن، وعلى خدمة أبنائه. وأعاهدك الله، على مواصلة العمل الصادق، وعلى التجاوب مع مطالبك، ولتحقيق تطلعاتك. واسمح لي أن أعبر لك عن صادق شعوري، وكل ما يخالج صدري، بعد ثمانية عشرة سنة، من تحمل أمانة قيادتك. لأنه لا يمكن لي
أن اخفي عنك بعض المسائل، التي تعرفها حق المعرفة. ومن واجبي أن أقول لك الحقيقة، وإلا سأكون مخطئا في حقك".

سابعا: فصل السلط في خطاب العرش

هذا المبدأ أكد عليه الدستور المغربي لسنة 2011، فعندما يتم التخلي عن المسؤولية يقول الملك بشكل غير مباشر أين هو دور الحكومة، وهي رسالة للمسؤولين بمختلف مشاربهم من حكومة ومسؤولين بألا ينتظروا منه الأوامر من أجل البت في مسألة ما، لأان هذا الأمر لا يدخل ولا يتناسب مع مبدأ فصل السلط، هذا المبدأ إن تم تطبيقه على النحو المطلوب لما أصبحنا نواجه اليوم مجموعة من المعضلات والنقط السلبية التي تكاثرت وتكاثفت وتزايدت، مؤكدا على ضرورة تجاوز هذا الأمر والعمل بشكل إيجابي، وبروح من المسؤولية، ونكران الذات، من أجل مسألة واحدة وهي تنمية البلاد والمساهمة في رقي وازدهار المملكة، الأمر الذي أكده الملك بقوله:"وإني أحرص كل الحرص على احترام اختصاصات المؤسسات، وفصل السلط. ولكن إذا تخلف المسؤولون عن القيام بواجبهم، وتركوا قضايا الوطن والمواطنين عرضة للضياع، فإن مهامي الدستورية تلزمني بضمان أمن البلاد واستقرارها، وصيانة مصالح الناس وحقوقهم وحرياتهم. وفي نفس الوقت، فإننا لن نقبل بأي تراجع عن المكاسب الديمقراطية. ولن نسمح بأي عرقلة لعمل المؤسسات. فالدستور والقانون واضحان، والاختصاصات لا تحتاج إلى تأويل".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.