ماكرون: صعود القوميين والديماغوجيين يهدد أوروبا ومكانة فرنسا في العالم    السنغال تهزم موريتانيا في نواكشوط    ما حقيقة مغادرة حكيم زياش لمعسكر أسود الأطلس بأكادير؟    ماكرون يحل البرلمان ويدعو لانتخابات تشريعية مبكرة    منتخب الكونغو في طريقه إلى المغرب لمواجهة "أسود الأطلس"    ألكاراس يكتب التاريخ ويصبح أصغر لاعب يفوز ببطولات كبرى على ثلاث أرضيات مختلفة    باكالوريا 2024 .. نحو 82 الف مترشح يجتازون الاستحقاقات بجهة طنجة    أكثر من نصف الشباب المغربي يرغبون في الهجرة وهذه وجهاتهم المفضلة    الرئيس الفرنسي يحل الجمعية الوطنية بعد نكسة حزبه في الانتخابات الأوروبية    ارتفاع حصيلة وفيات حريق قيسارية الدباغ بفاس    العلامة بنحمزة.. الشرع لا يكلف الفقير ويمكن لسبعة أشخاص الاشتراك في أضحية    وزارة الحج والعمرة السعودية: إلغاء تصاريح بعض حجاج الداخل لعدم تلقي اللقاحات    استقالة عضوي مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس وغادي آيزنكوت من الحكومة    بنحمزة يوضح موقف الشرع من الاشتراك في أضحية واحدة    باب سبتة: ضبط أكثر من 500 كلغ من مادة المعسل المحظورة    الإمارات تدين الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة    طواف المغرب للدراجات .. الفرنسي ناربوني زوكاريلي يحرز اللقب    الحسيمة.. وزير الفلاحة يطلق مشروع لغرس 630 هكتار من الصبار المقاوم للقرمزية (فيديو)    الملك يبارك تنصيب الوزير الأول للهند    دراسة: 80 بالمائة من المواطنين المغاربة يثقون في أداء المؤسسة الأمنية    استطلاع: ثلثا المغاربة لا يثقون في أخنوش وحكومته    شغيلة الصحة تواصل التصعيد أمام "صمت الحكومة" على الاتفاق الموقع    كتائب القسام لأهالي أسرى الاحتلال: حكومتكم تقتل عددا من أسراكم لإنقاذ آخرين    مطار الحسيمة يستقبل رحلات جوية سياحية من لشبونة البرتغالية    منظمة الصحة العالمية تحذر من احتمال تفشي وباء جديد    افتتاح مهرجان الفيلم الوثائقي (فيدادوك) بأكادير    تقرير.. تراجع ملحوظ في دعم التطبيع واهتمام متزايد بالقضايا الاقتصادية والفساد بالمغرب    سوق الصرف: الدرهم شبه مستقر مقابل الأورو (بنك المغرب)    مزراوي مرشح لمغادرة نادي بايرن ميونيخ    فيدرالية اليسار تقود ائتلافا لدعم "حراك فكيك"        توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    جازابلانكا.. حفل اختتام رائع للدورة 17 يمزج بين إيقاعات الكناوي وموسيقى الفوزين    أعمال كبار الفنانين المغاربة تزين أروقة متحف الفن الحديث المرموق في باريس    المقالع بالمغرب تتعرض للاستغلال المفرط و تعاني من ممارسات الغش وعدم التصريح الكامل بالمداخيل ( المجلس الاقتصادي والاجتماعي)    تواصل ارتفاع أسعارها يصعب على المغاربة اقتناء أضاحي العيد..    الدفاع‮ ‬والصحراء والتبادل التجاري: ‬البرازيل في‮ ‬استراتيجية المغرب الدولية... ‬والعكس‮!‬    تطوير مدرسة Suptech Santé.. مؤسسة البحث والتطوير والابتكار في العلوم والهندسة تتجاوز عتبة مهمة بين سنتي 2023 و2024 ( أزولاي)    هكذا عرفت الصين.. محمد خليل يروي قصة الفرق بين الصين في الثمانينيات واليوم    انطلاق بيع تذاكر مباراة المغرب والكونغو    المغرب يسجل حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا    مهرجان صفرو يستعرض موكب ملكة حب الملوك    استطلاع رأي.. أزمة تدبير الغذاء تعصف بثلثي المغاربة    هذه تفاصيل أطروحة جامعية لفقيد فلسطيني خطفه الموت قبل مناقشة بحثه    البلجيكيون يتوجهون إلى صناديق الاقتراع برسم الانتخابات التشريعية الجهوية والأوروبية    زينب قيوح تترأس أشغال لقاء تواصلي حول برنامج التنمية الجهوي 2022-2027 لجهة سوس ماسة    تواصل المطالب بالإرجاع الفوري للأساتذة الموقوفين وزملاؤهم يحملون الشارة الحمراء ويلوحون بالتصعيد    جمعية سلا تُتوج بكأس العرش لكرة السلة    عبد السلام بوطيب يكتب : في رثاء نفسي .. وداعا "ليلاه"    تشوهات الأسنان لدى الأطفال .. أكثر من مجرد مشكلة جمالية    نقابة تدخل على خط منع مرور الشاحنات المغربية المحملة بالخضر إلى أوروبا    رحلات أبولو: من هم رواد الفضاء الذين مشوا على سطح القمر ولا يزالوا على قيد الحياة؟    العلامة التجارية الرائعة في تسويق السيارات المستعملة Auto 24 تفتتح فرعا لها بمدينة الجديدة    ماذا يحدث لجسم الإنسان حال الإفراط في تناول الكافيين؟    موسم الحج 1445: السلطات السعودية اتخذت جميع التدابير لضمان سلامة وأمن ضيوف الرحمان    وزارة الصحة تعلن حالة وفاة ب"كوفيد"    الحج 2024: خمسة آلاف طبيب يقدمون الرعاية الصحية للحجاج عبر 183 منشأة    فيتامين لا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الحاجة إلى مدونة للسلوك السياسي والعمومي
نشر في أخبارنا يوم 10 - 06 - 2018

أثارت مشاركة الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة السيد لحسن الداودي في الوقفة التي نظمها بعض عمال شركة سنطرال دانون بالمغرب، احتجاجا على استمرار المقاطعة التي طالت منتوجات الشركة، أثارت ردود أفعال صاخطة من قبل عموم المواطنين والمتتبعين للشأن العام ومن مختلف الأطياف السياسية بما فيها حزب العدالة والتنمية، وهو ما دفع بالوزير تحت الضغط لطلب إعفائة من المسؤولية,

لا يختلف اثنان على الخطورة القانونية والسياسية والرمزية للتصرف غير المحسوب من طرف مسؤول حكومي بدرجة وزير ووقوفه في وقفة احتجاجية أمام مؤسسة دستورية صال وجال داخلها رافضا سلوك المقاطعة محاولا إقناع عموم الناس بخطورته على الاقتصاد عموما وعلى الشركة الفرنسية على وجه التحديد.

فهذا السلوك المدان طبعا، لا يمكن قراءته بمعزل عن الوضع السياسي بالمغرب، والذي شهد تدهورا كبيرا وانحرافا خطيرا بدأت معالمه تتنامى منذ سنة 2011، حيث طغى الخطاب الشعبوى على الفرقاء السياسيين، واستمر ليتحول لحالة من الفوضى السياسية غير الخلاقة، في ظل استفحال ظواهر لا تمث للسلوك السياسي القويم بصلة، ولا تحترم قيمة المؤسسات الدستورية بل وتضرب عرض الحائط مصلحة المواطن الحقيقية.

فاتسمت المرحلة بانتشار مقلق لسلوكات سياسية شاذة، كالاتهامات بالتخوين، والإيحاءات الجنسية، والاستعانة بقواميس غريبة كالحيوانات والجن، ثم امتدت لتطال الاحتقار والاستخفاف بالمواطنين باعتبارهم "مداويخ"، أو "قطيع"، وغير ذلك من النعوت القدحية، وانتهت باحتجاج الوزير على سلوك المواطن الذي لم يبرح مكانه من أجل

الاحتجاج على تدهور وضعيته الاجتماعية، بل اختار ممارسة الضغط باعتبارها مستهلكا، على اعتبار أن ممارسة حقوقه باعتباره مواطنا لم تؤت أكلها، ولم تفلح القنوات الرسمية من إيصال الصوت وإحداث الزلزال الاقتصادي والاجتماعي المنتظر,

كل ذلك وغيره، أدى وسيؤدى إلى مزيد من تهميش المؤسسات الرسمية، وفقدان الثقة في الوساطات الاجتماعية والسياسية من قبل المواطن، وهو ما نبه إليه ملك البلاد عندما قال بصريح العبارة أنه لم يعد يثق في السياسيين، فكيف للمواطن البسيط والمغلوب على أمره أن تكون له هذه الثقة، وكيف يمكن إقناعه بالمشاركة السياسية والمواطنة، وكيف نطلب من الموظف التفاني في العمل، والتلميذ والطالب الجدية في التحصيل، والأستاذ التضحية من أجل الأجيال، التاجر احترام أخلاقيات التجارة,, وهذه الفئات وغيرها ترى وتسمع وتعايش وتعاني من انحطاط الفعل السياسي والعمومي وانحرافهما، فلا يمكن إقناع الغير بنقيض الفعل، وإلا سارت القوانين والأنظمة والمؤسسات آليات مفرغة من أبعادها التربوية والتهذيبية قبل التنظيمية أو الزجرية,

لذلك، لا عجب اليوم أن نقف عند سلوكات اجتماعية غريبة عن المجتمع المغربي، من قبيل الاعتداء على الأصول، اغتصاب الآباء لأبنائهم، انهيار المؤسسات التربوية، هشاشة مؤسسة الأسرة، التباهي بالتخريب والاعتداء على الأملاك العمومية، اللجوء إلى شرع اليد,, كلها سلوكات مدانة طبعا، لا يمكن فصلها عن واقع الفعل السياسي والعمومي الذي لطالما شكل نموذجا بيداغوجيا للمواطنة واحترام القانون والمؤسسات في الدول التي تعي قيمة الرسائل التي يلتقطها المجتمع من الفاعل السياسي.

لكل ذلك ولغيره، فإننا اليوم في حاجة إلى إعادة النظر بشكل جدي في الممارسة السياسية والعمومية في اتجاه إعادتها إلى سكتها الصحيحة من خلال العديد من الإجراءات الصارمة، من بينها صياغة مدونة للسلوك السياسي والعمومي، تنهل من المبادئ الدستورية المتعلقة بالمسؤولية والمحاسبة والمواطنة وثقافة الشأن العام والمرفق العمومي، وتقديم مصلحة المواطن والوطن، وإعادة الاعتبار لقيمة المؤسسات السياسية ومن خلالها باقي المؤسسات الاجتماعية على رأسها الأسرة والمدرسة,

مدونة السلوك هاته لا ينبغي أن تنضاف إلى ترسانة النصوص القانونية التي لا أثر لها في الواقع، وإنما ينبغي أن تكون ميثاقا أخلاقيا وقانونيا يضبط السلوك السياسي والممارسة العمومية في اتجاه تحصينها من الانزلاقات الخطيرة والارتقاء بها، وترتقي بالفاعل السياسي والعمومي لدرجة المواطنة، وإعطاء السلطة القضائية دورا أساسيا في تفعيل مقتضياتها بشكل تلقائي وترتيب الجزاءات على مخالفتها، حتى نعيد الاعتبار للعمل السياسي ونصالح المواطن مع الدولة والمؤسسات والمجتمع,, وهي مقومات أساسية لكل استقرار وتنمية وتقدم وعيش كريم..


وما دام الفاعل السياسي والعمومي لا يعترف برأي المواطن لا يتفاعل معه، فإن هذه المدونة يتعين أن يحث عليها ملك البلاد وأن يحرص على وجودها وعلى تنفيذها بالصرامة اللازمة حفظا لما تبقى من هذا الوطن العزيز ومن أبناءه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.