طنجة.. توقيف 16 شخصًا بينهم قاصرون في حملة أمنية مشتركة بحديقة "الدار الخالية"    هبوط أسعار النفط بنسبة مهمة مع هدوء التوترات بالشرق الأوسط    اتفاق أمني مغربي فرنسي جديد يرسم خارطة طريق لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة    باستعمال الدرون والكلاب البوليسية.. حجز 3 أطنان من الشيرا كانت موجهة للتهريب الدولي    أزمة مالية تهوي بليون الفرنسي إلى الدرجة الثانية    الجواهري : يجري استكمال مشروع الميثاق الخاص بالمقاولات الصغيرة جدا    بنفيكا يزيح بايرن عن الصدارة وبوكا يودّع مونديال الأندية    "حرب بلا هوادة".. سلطات عمالة المضيق تواصل القضاء على احتلال الشواطئ وتزيل مظلات الأغنياء    بعد غياب طويل.. عودة الإعلامية لمياء بحرالدين للساحة الإعلامية بشكل جديد    مجلس الحكومة ينعقد للحسم في تاريخ الشروع الفعلي للمجموعة الصحية الترابية لجهة طنجة تطوان الحسيمة    بنعلي: المغرب حقق قفزة نوعية في مشاريع الطاقات المتجددة    بركة: 300 كيلومتر من الطرق السريعة قيد الإنجاز وبرمجة 900 كيلومتر إضافية    لائحة لبؤات الأطلس المشاركة في "كان السيدات 2024"    استمرار حملات الإغاثة المغربية لفائدة العائلات الفلسطينية الأكثر احتياجا في قطاع غزة    ارتفاع حصيلة القتلى في إيران إلى 610 منذ اندلاع المواجهة مع إسرائيل    رئيس الهيئة: التسامح مع الفساد والريع المشبوه يُضعف المؤسسات ويكرس اللامساواة    "ماتقيش ولدي" تدق ناقوس الخطر بعد حادث الطفلة غيثة وتطالب بحماية الأطفال على الشواطئ    الجديدة.. جهوية الدرك تضبط 10 أطنان من مسكر "الماحيا"    ردود الفعل الدولية على تصاعد التوتر الإيراني الإسرائيلي    الصوديوم والملح: توازن ضروري للحفاظ على الصحة    إشادة كبيرة ومدويةللإعلام الفرنسي للنجم المغربي حكيمي كأفضل ظهير أيمن في العالم    الحسيمة .. دعوات لمقاطعة شركة "ارماس" تقسم نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي        المغرب على موعد مع موجة حر شديدة نهاية الاسبوع    الأداء الإيجابي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    بودريقة يقدم للمحكمة صوراً مع الملك محمد السادس    المملكة المغربية تعرب عن إدانتها الشديدة للهجوم الصاروخي السافر الذي استهدف سيادة دولة قطر الشقيقة ومجالها الجوي    بعد مسيرة فنية حافلة.. الفنانة أمينة بركات في ذمة الله    راغب علامة : المغرب بلد عظيم ومشاركتي في موازين محطة مميزة في مسيرتي    تركيا تنجز في المغرب مشاريع إنشائية بقيمة 4.3 مليار دولار وتعد بمزيد من الاستثمارات .. تفاهم مغربي تركي على إزالة العقبات التجارية ورفع المبادلات فوق 5 ملايير دولار    العراق يعلن إعادة فتح مجاله الجوي    مهرجان "موازين" يتخلى عن خدمات مخرجين مغاربة ويرضخ لشروط الأجانب    ترامب: إسرائيل وإيران انتهكتا الاتفاق    دراسة تكشف ارتفاع معدلات الإصابة بالتهاب المفاصل حول العالم    الإكثار من تناول الفواكه والخضروات يساعد في تحسين جودة النوم    هل تعالج الديدان السمنة؟ .. تجربة علمية تثير الدهشة    قبيل حفله بموازين.. راغب علامة في لقاء ودي مع السفير اللبناني ورجال أعمال    في برنامج مدارات بالإذاعةالوطنية : وقفات مع شعراء الزوايا في المغرب    تعزية في وفاة الرمضاني صلاح شقيق رئيس نادي فتح الناظور    زغنون: في غضون شهرين ستتحول قناة 2m إلى شركة تابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة    نادر السيد يهاجم أشرف داري: "إنه أقل بكتير جدًا من مستوى نادي الأهلي"    الهولوغرام يُعيد أنغام عبد الحليم حافظ إلى الحياة في مهرجان موازين    في مهرجان موازين.. هكذا استخفت نانسي عجرم بقميص المنتخب!    بوغبا يترقب فرصة ثمينة في 2026    إسرائيل تعلن رصد إطلاق صواريخ إيرانية بعد إعلان وقف إطلاق النار وطهران تنفي    الوداد يطمئن أنصاره عن الحالة الصحية لبنهاشم وهيفتي    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    ترامب يعلن التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار شامل بين إسرائيل وإيران    ميزانية الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها    رمسيس بولعيون يكتب... البرلماني أبرشان... عاد إليكم من جديد.. تشاطاراا، برويطة، اسعادات الوزاااار    "بي واي دي" الصينية تسرّع خطواتها نحو الريادة العالمية في تصدير المركبات الكهربائية    الهلال السعودي يتواصل مع النصيري    بركة: انقطاعات مياه الشرب محدودة .. وعملية التحلية غير مضرة بالصحة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضية "خديجة" والاغتصاب الأفظع والأبشع !
نشر في أخبارنا يوم 01 - 09 - 2018

بتزامن مع الأيام الأولى من عيد الأضحى المبارك، الذي لم تنته بعد أفراح المغاربة بمناسبة حلوله، وفي سابقة لم يشهد لها تاريخ المغرب المعاصر نظيرا عدا حادث محاولة اغتصاب فتاة بحافلة عمومية بالدار البيضاء، اهتز فجأة الرأي العام ومن خلفه وسائل الإعلام الوطنية والدولية على جريمة نكراء، جراء اعتداء وحشي على فتاة قاصر تدعى خديجة ذات 17 ربيعا، تنحدر من قرية مهمشة "أولاد عياد" بضواحي مدينة الفقيه بنصالح.
وعلى إثر هذه الاعتداء الوحشي الخطير، تضامن مع الضحية "خديجة" عدد كبير من الشخصيات البارزة في المجتمع والمنظمات الحقوقية والجماهير الشعبية، التي أدانت الواقعة بقوة عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها. ويتعلق الأمر هنا بحالة اغتصاب أخرى رهيبة، والاغتصاب جريمة بشعة لا تخلو محاكمنا من ملفات حوله، ولا يمر يوم دون أن تتطرق وسائل الإعلام بكافة أشكالها إلى الحديث عن قضايا مرتبطة به من هنا وهناك، دون أن تستطيع نداءات المنظمات الحقوقية والجمعيات المدنية والاحتجاجات الشعبية والعقوبات الحبسية المخففة الحد منه، فالظاهرة ما انفكت تتفاحش بشكل رهيب في مجتمعنا، ولم يعد الأمر مقتصرا على اغتصاب الأطفال وحسب، بل تعداه إلى الراشدين من الجنسين.
والاغتصاب هو كل ممارسة جنسية تفرض من طرف شخص على آخر دون رضاه، ويرى بعض الباحثين أن هذه الجريمة غالبا ما ترتكب من لدن الأقارب وفق المعطيات المتوفرة في سجلات الأحداث والوقائع المضبوطة. وأن ما يفوق 80 بالمائة منها يتم التكتم الشديد عنها، خوفا من العار أو الانتقام.
بيد أن جريمة إقليم الفقيه بنصالح تعد هي الأفظع والأبشع، وتكمن فظاعة هذا الفعل الإجرامي غير المألوف ببلادنا، في كون الضحية تعرضت إلى اغتصاب جماعي من طرف أزيد من عشرة أشخاص بذات المنطقة، احتجزوها في بيت أحدهم لمدة حوالي شهرين. ولم يكتفوا بالتناوب عليها في إفراغ مكبوباتهم الجنسية، وإنما عمدوا بعدوانية مفرطة إلى التمثيل بجسدها وتشويه معالمه، حيث حولوه إلى شبه لوحة رديئة من الرسوم والوشوم الغريبة والمقززة، فضلا عن إحراق المناطق الحساسة بأعقاب سجائرهم، وهي أفعال وحشية لم نعتد على مشاهدتها حتى في أفلام العنف المرعبة.
ومما ساهم في تأجيج نيران الغضب وانقسام المجتمع، انتشار أشرطة مصورة، أحدها لمواطنة مغربية قيل إنها أخصائية في الوشم، جاءت من نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية نزولا عند رغبة بعض الأصدقاء في شأن الفتاة المغتصبة خديجة، تعرض من خلاله كيف انتقلت مباشرة إلى بيت أسرتها، وأنها بعد إلقاء نظرة سريعة على تلك الأوشام وحديثها مع الضحية، تبين لها أنها في حالة نفسية جيدة وأن عمر الوشوم يتجاوز بكثير فترة الاحتجاز، مشككة بذلك في رواية القاصر وغير مكترثة بحداثة سنها ونفسيتها ومشاعر أهلها، علما أن الطبيب ملزم بالحفاظ على السر المهني، وعدم نشر نتائج فحوصاته على الملأ، لاسيما أن ملف القضية معروض على القضاء للتحقيق بالغرفة الأولى لدى محكمة الاستئناف ببني ملال.
وبذلك تكون "الإخصائية" قد انتصرت من جهة لعائلات المتهمين التي تدعي أن الفتاة منحرفة، تتعاطى المخدرات وبأنها لم تكن قط محتجزة. ولأولئك الذين يكذبون ادعاء والد الضحية أن المرض وعجزه عن الحركة حالا دون الذهاب إلى مركز الدرك الملكي لتقديم شكاية فور عودة ابنته إلى البيت، متسائلين عن سبب عدم قيام والدتها بذلك مكانه، وعن الأسباب التي منعته من التبليغ عن اختفائها في حينه؟ من جهة أخرى أثارت موجة من السخط العارم في صفوف المتعاطفين مع الضحية، الذين رفضوا بشدة استنتاجاتها المتسرعة، دون إخضاع الضحية إلى فحص طبي عميق أو تحاليل مخبرية دقيقة، للتأكد
إذا ما كانت الوشوم حقا قديمة أم حديثة. وعقب ذلك ظهرت أشرطة لأطباء اختصاصيين في الجلد يعارضون أقوالها، معتبرينها غير مؤهلة لاستصدار أحكام جزافية في قضية معقدة، ومفندين نتائج تشخيصها المعتمد فقط على العين المجردة، في حين أن معاينة الوشم تستدعي فحصا شاملا وعينات من الجلد، قصد تحليلها وتحديد عمر الوشم بدقة. موجهين لها انتقادات حادة لعدم احترام خصوصية الفتاة. إذ حتى في حالة إقدامها فعلا على وشم يدها بنفسها تحت تأثير مخدرات أو غيرها، لا يجوز التشهير بها أمام ما تخفيه من آلام الاغتصاب الجماعي والتشويه الجسدي خلف ابتساماتها البريئة.
وفي مقابل ذلك يشار إلى أن وزارة الصحة لم تتأخر في الإعلان عن استعدادها لتطهير جسد الضحية بما يلزم من تدخلات طبية. وتطوع عدد كبير من أطباء التجميل والتقويم مغاربة وأجانب، لتقديم العلاجات الضرورية التي من شأنها رفع المعاناة النفسية عن الضحية وأبويها. كما سارعت نخبة من الفنانين إلى التعبير عن مساندتهم والدعوة إلى مدها بالحماية والدعم النفسي والمادي الواجبين...

إننا أمام واقعة خديجة الأليمة وما سبقها من جرائم اغتصاب لا تقل عنها وحشية، نتساءل بحرقة إلى متى سنستمر في الوقوف عند حدود التنديد والاستنكار والمطالبة بدعم الضحايا، بدل البحث عن الحلول الكفيلة باجتثات جذور أمراض المجتمع؟ فما يحدث بمجتمعنا من انحرافات خطيرة في ظل انهيار منظومة القيم وإفلاس الأسرة والمدرسة في القيام بدورهما التربوي، وإخفاق الحكومات المتوالية في الحد من معدلات الفقر والأمية والبطالة والنهوض بأوضاع الشباب المزرية في القرى والمدن، ينذر بمزيد من الانفلات الأخلاقي والجرائم الفظيعة، ما لم تسارع السلطات المعنية إلى إيقاف النزيف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.