تعج، على نحو غير مسبوق، وسائل الاتصال الرقمية المغربية بما فيها الصحفية بسيل من أشرطة الفيديو تتناول لقاءات جنسية و حميمية لمغربيات ومغاربة تلصصت عليهم في حميميتهم عين التكنولجيا الحمئة. وتكاد تصبح وجبة ثابتة على مائدة الاستهلاك الإخبار ي اليومي، وأصبح المغاربة يوما بعد يوم يكتشفون سريرا جديدا وغرف نوم جديدة، بكل منطقة مغربية وأجساد مختلفة لأبطال جنسيين جدد. وباتت هذه الظواهر واحدة من إفرازات اختلال العلاقة التقليدية بين الخاص والعام التي تصدعت أركانها مع الاجتياح التكنولوجي لأكواننا الحميمية . النظام التكنولجي العالمي الجديد بالمجتمع المغربي وفوضى التحول الخلاق منذ أن حط النظام الرقمي العالمي الجديد رحاله بالمجتمع المغربي، غزا فيضه التكنولوجي أفراده وجماعاته، وفضاءاته وأزمنته، وقيمه وعاداته، وغدت كلها منتظمة وفق هندسة ثقافية جديدة، يعكسها "التجلي" الجديد أو "اللوك الطارئ" الذي يرتسم به في الفضاء الرقمي العام الجديد. بدا هذا المجتع المغربي يفرز مظاهر الاختلال الناجم عن عدم حدوث استيعاب كبير لواحدة من الانقلابات القيمية(على مستوى القيم) التي أحدثها الاجتياح التكنولوجي لقُرانا التقلدية، وهي تلك التي تجلت في إعادة تتريب المسافة بين الخاص والعام حيث أجهز عليها والغاها تماما، وتبدو التكنولوجيا الرقمية كما لوانها تسونامي فاضت على قرى دون موعد أو سابق إنذار، فأخرجت ما بداخلها وما كان حميميا وخاصا بأهلها إلى الشوراع العامة يتفقدها الناس جميعا. أصبح المغاربة بهاتف نقال يحمل كاميرا وفضاء رقمي ميسور الولوج، يستطيعون تدوين حياتهم اليومية بادق تفاصيلها ويعيدون إنتاجها على أستار المواقع الاجتماعية. وأصبحت تلك الفضاءات الرقمية مرآة تنطق بكل مفارقات المجتمع المغربي الإنسانية وقيم أبنائه الثقافية الممكنة، بشهامتهم و غفلتهم، بذكائهم أو غبائهم بكرمهم وبجحودهم، بجشعهم وعفتهم، باجسادهم واروحهم، بنزواتهم ومكبوتاتهم . ثمة فوضى ونزيف يبحثان لنفسيهما عن تجل جديد يعيد على نحو خلاق تركيب الوعي بلحظة التحول وبتداعياته الاجتماعية. وخصوصا تلك العلاقة الطارئة بصيغة جديدة ين الخاص والعام وبين الحميمي والمشاع.
وكيلكيس غرف النوم المغربية ثمة صدمة اجتماعية بالتأكيد يستشعرها فئة من المغاربة -بل كل المغاربة ماداموا قد يكونون بدورهم معرضين لذلك- وهم يفاجئون بلحظات حميمة لهم تُعرض على الأشهاد كان يحسبون انها محصنة. بالتأكيد ستولد تلك الصدمة وعيا جديدا بقدرة هذه التكنولجيا المتاحة لكل العالمين على إعاداة ترتيب وضع الناس في الحياة العامة،وإعادة إنتاج قيم جديدة و تنظيم علاقات وافدة بالتاكيد سيكون أبرزها ذلك الناجم عن هدم جدران برلين بين الخاص والعام بعد ان خضعت فضاءاتها للنظام التكنولوجي العالمي الجديد. خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ومع انتشار وسائل التصوير مثل الكاميرا المحملة في أجهزة الهاتف النقال وانتشار استعمال شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفايسبوك، انفجرت ظاهرة الأشرطة الجنسية. وأصبجت بعض المواقع في هذه الشبكات وجرائد رقمية متخصصة في الكشف عما يمكن تسميه "الوجه البورنوغرافي للمجتمع المغربي". والمثير أنه أينما جرى وضع الأصبع في الخريطة المغربية، أكانت مدينة كبرى أو متوسطة أو قرية كبيرة، إلا ولها حكايتها مع أشرطة جنسية أبطالها/ضحاياها فتيات مغربيات، قاصرات أو نساء ذهبن عن عمد أو بدون قصد ضحية غياب الوعي "لتسلسل الكاميرا الى السرير المغربي". حكايات من الدارالبيضاء ومن طنجة ومن مرتيل ومن الراشيدية، أحيانا يتعلق الأمر بتلميذ أو طالب وأحيانا بموظف إداري أو شرطي استغل منصبه وسقط في شباك غرائزه غير المسيطر عليها. وتبقى مدينة مراكش صاحبة الرقم القياسي في هذه الأشرطة بحكم ارتفاع السياحة ومنها الجنسية. وخلال الأسبوع الجاري حكم القضاء البلجيكي على شخص ادعى أنه صحفي وصور أشركة لفتيات مغربيات في أوضاع مخلفة، وبدوره اصدر القضاء المغربي في مراكش حكما بشهور على شاب نشر صورا كثيرة لفتيات مغربيات وابتزهن ماليا. هذه الأحداث تكشف عن "الجانب السري/العلني لبورنغرافيا المجتمع المغربي" التي هي من نتائج تسلسل التكنولوجيا الى غرف النوم المغربية المغربي بسبب عدم الوعي بالانعكاسات السلبية لهذه التكنولوجيا. قد تكون فضائحية هذه المضامين السمعية البصرية التي تعرضها المواقع الاجتماعية والصحفية الرقمية، مُنبها يخز الوعي في المجتمع المغربي وفي كل المجتمعات التي تعيش التجربة ذاتها، لاستنفار الإدراك بطبيعة المرحلة و عمق التحول الذي يحدثه العهد التكنولجي الجديد ، واستدراج الاستعداد الاجتماعي والثقافي للعيش في كنفه.
ذاكرة الصور الفضائحية بالمغرب بين الفضاءات المفتوحة في العهد التكنولجي والمغلقة فيما قبله تاريخ المغرب مع الأشرطة والصور الجنسية ليس وليد اليوم بل يعود الى بداية القرن العشرين عندما عمد مصورون أوروبيون الى تصوير نساء مغربيات عاريات وفي أوضاع جنسية مثيرة، كما شكلت الطبيعة المغربية فضاءات لتصوير أفلام جنسية في رياضات مراكش وفي جنوب البلاد ولعل أشهرها فيلم "ألف ليلة وليلة" للمخرج الإيطالي بيير باولو بازوليني. ويبقى المنعطف الرئيسي هو قضية مفتش الاستخبارات الضابط ثابت الذي سجل أكثر من 400 فيلم جنسي خلال اغتصابه لمئات النساء المغربيات في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات حتى افتضاح أمره والحكم عليه بالإعدام. في الوقت ذاته، كان الرأي العام المغربي يقرأ بين الحين والآخر في الصحف أخبار حول محاكمات تتعلق بأشخاص كانوا يصورون وخليلاتهن في أوضاع جنسية مخلة، ولكن هذه الصحافة لم تكن تجرأ على نشر هذه الصور بل تبقى في الأرشيف. أخلاق تلك الفترة تحكمت فيها أيضا وسائل الاتصال،مادامت هي التي تخلق القيم وتنتج الثقافات، هي التي تنشئى الوعي وتتحكم فيه، هي التي تجعل المجتمع يقبل من تشاء ويرفض من تشاء. غير أن ما يمكن رصده من فرق حول المواد الفضائحية التي كان يتداولها الإعلام التقلدي، وبين ما يجري اليوم، وهو في قوة التداول وفي زمانه وحيزه ، وكل ذلك مرتبط بحجم الأثر الذي ألحقه النظام التكنولجي العالمي الجديد بالسلوك الوعي الجمعيين. العهد التكنولجي الجديد مكن كل فرد من أفرد المجتمع المغربي من وسائل الإنتاج ومكنه من طرق سيارة للترويج لا حدود لها. عكس ما كان قائما قبل هذا العهد حيث وسائل إنتاج تلك الصور وحتى تداولها كان في يد فئة محدودة من الناسن قم فرق أيضا بين العهدين على مستوى قيمة الحيز والفضاء والزمان الذي يلغي في هذ العهد كل حدوده ويتدفق بلا نهاية مجتاحا العالم كله.