الاستيطان يتسارع في الضفة الغربية ويقوّض فرص قيام دولة فلسطينية    أزيد من 60 ألف متفرج في المنتخب    بعد الفوز على جزر القمر .. الركراكي يؤكد صعوبة مباريات افتتاح "الكان"    رصيف الصحافة: النيابة العامة تنتظر نتائج تشريح جثة رضيعة في فاس        المديرية العامة للأمن الوطني ترفع جاهزيتها لإنجاح العرس الإفريقي    أمطار غزيرة تعم جماعات إقليم الحسيمة وتنعش آمال الفلاحين    ولي العهد يترأس حفل افتتاح كأس إفريقيا للأمم        تعليق الدراسة بعدد من المؤسسات التعليمية بإقليم الحسيمة بسبب الامطار والثلوج            تصعيد ديموقراطي ضد إدارة ترامب لمحاولتها التعتيم على "وثائق إبستين"    تصعيد خطير بعد دعوات لطرد الإماراتيين من الجزائر    فرض مبالغ إضافية دون مقابل يثير الجدل في مقاهي طنجة خلال كأس أمم إفريقيا    في الذكرى الخامس للتطبيع.. تظاهرات بالمدن المغربية للمطالبة بإسقاطه ووقف الجرائم في فلسطين    رئيس فيفا: المغرب رافعة لكرة القدم    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية وهبات رياح من اليوم الأحد إلى الأربعاء المقبل    الليلة تبدأ الحكاية    وكالة بيت مال القدس الشريف تقدم إستراتيجيتها لدعم قطاع التجارة في القدس برسم سنة 2026    ماكرون يبحث في أبوظبي فرص التعاون    القوات المسلحة الملكية تنشئ ثلاث مستشفيات عسكرية ميدانية بأقاليم أزيلال والحوز وميدلت    دليلة الشعيبي نمودج الفاعلة السياحية الغيورة على وجهة سوس ماسة    أدب ومحاكمة ورحيل    "مجموعة نسائية": الأحكام في حق نزهة مجدي وسعيدة العلمي انتهاك يعكس تصاعد تجريم النضال    "محمد بن عبد الكريم الخطابي في القاهرة من خلال الصحافة المصرية" موضوع اطروحة دكتوراه بكلية عين الشق    أزمة المقاولات الصغيرة تدفع أصحابها لمغادرة الحسيمة ومهنيون يدقون ناقوس الخطر    مغربي مرتبط بالمافيا الإيطالية يُدوّخ الشرطة البلجيكية    ضيعة بكلميم تتحول إلى مخزن للشيرا    التعويض عن الكوارث جزء أصيل من إدارة الأزمة..    مسلحون مجهولون يفتحون النار على المارة في جنوب إفريقيا    السعدي: أعدنا الاعتبار للسياسة بالصدق مع المغاربة.. ولنا العمل وللخصوم البكائيات    "فيسبوك" تختبر وضع حد أقصى للروابط على الصفحات والحسابات المهنية    حركة "التوحيد والإصلاح" ترفض إعلانًا انفصاليًا بالجزائر وتدعو إلى احترام سيادة الدول    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    اختتام حملتي "حومتي" و"لقلب لكبير" بجهة طنجة تطوان الحسيمة: مسيرة وطنية بروح التضامن والعطاء    نقابة التعليم بالحزام الجبلي ببني ملال تنتقد زيارة المدير الإقليمي لثانوية بأغبالة وتحمّله مسؤولية تدهور الأوضاع    أجواء ممطرة في توقعات اليوم الأحد بالمغرب    "تيميتار" يحوّل أكادير عاصمة إفريقية    "أفريقيا" تحذر من "رسائل احتيالية"    خطر التوقف عن التفكير وعصر سمو التفاهة    أكادير تحتفي بالعالم بصوت أمازيغي    الدرهم في ارتفاع أمام اليورو والدولار    مهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي في دورته الثانية يشرع في تلقي الأفلام    كأس إفريقيا .. مطارات المغرب تحطم أرقاما قياسية في أعداد الوافدين    الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    البنك الدولي يوافق على منح المغرب أربعة ملايين دولار لتعزيز الصمود المناخي    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    الشجرة المباركة تخفف وطأة البطالة على المغاربة    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السهر الدائم ...أضرار وأخطار
نشر في أخبارنا يوم 30 - 09 - 2023

من الآداب الإسلامية النوم في وقت مبكِّر، والاستيقاظ في وقت مُبكِّر، ففي الْتزام ذلك مُسايرة لسُنَّة الله الذي جعل الليل سكنًا والنهار مَعاشًا؛ أي مجالاً للعيش والضرب في الأرض والسعْي في طلب الرزق والمصالح.
والأصل أن الليل للراحة والنوم، وأن النهار للسعي والحركة، وهي الفطرة التي فطر الله تعالى عليها الأحياء، ومخالفة هذا الأصل منهي عنها في الجملة إلا لغرض صحيح.
فالسهر مخالفة للسنة الإلهية قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} (الفرقان:47) ويقول - سبحانه وتعالى -: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} (غافر: 61) فالله - عز وجل - جعل الليل سكنًا ولباسًا يغشى العالم فتسكن فيه الحركات، وتأوي الناس إلى بيوتها، والطير إلى أوكارها، وتستجم فيه النفوس وتستريح من كدِّ السعي والتعب، حتى إذا أخذت منه النفوس راحتها وسباتها وتطلعت إلى معايشها وتصرفها، جاء فالق الإصباح - سبحانه وتعالى - بالنهار؛ فانتشر الناس وتصرفوا في معاشهم ومصالحهم وخرجت الطيور من أوكارها بحثا عن أرزاقها.
والسهر معناه عدم النوم ليلًا؛ لذلك يقال: "فلان يسهر ليلًا، وينام نهارًا"، وبالتالي فإن القول: إن مدة النوم الصحي سبع أو ست ساعات على الأقل جملة ناقصة، أضف لها "ليلًا"، فلو نام فلان هذا في النهار ساعات تعادل ما فاته من نوم الليل، لما أجزأَتْه، ولَمَا عوضت الخلل البيولوجي الناجم عن السهر، لا سيما لمن هو ديدنهم ذلك الأمر لمدد طويلة.
وعلى الأقل، فمما يعرفه الناس أن النوم العميق الذي لا بد منه لراحة الأعصاب والعين والأذن لا يحصل إلا مع هدوء الليل وظلمته، وأن الله تعالى قد جعل للإنسان دورةً يومية مع تعاقب الليل والنهار تؤثر فيه كما في الكون والكائنات، وعلميًّا يسمونها الساعة البيولوجية.
من أضراره السهر الاجتماعية
في النوم المبكِّر - إذا التزمت به الأسرة - مؤانسة للأسرة؛ وذلك عندما يعود الأب إلى بيته مُبكِّرًا فيُؤانس أولاده وأهله مدة، وفيه رعاية للأولاد في دروسهم وواجباتهم، ثم يُشرِف الأب على ذَهاب الأولاد إلى غرفة النوم، ويَخلُد الجميع إلى النوم، وإذا كان هناك عمل يُطلَب من الرجل إنجازه، فمن الأفضل إنجازه قبيل الفجر وبعده في وقت يكون فيه الذهن صافيًا، والبال هادئًا، والدنيا ساكنة، فلا ضَجيج ولا مُعكِّرات، وهذا الذي كان عليه سلفُنا الصالح، واستمرَّ حتى وقت قريب.
أما السهر المتواصل فيؤدي إلى
1- إهمال المنزل وأهله:
يجلس الشاب في المقهى أو على الأرصفة أو في الاستراحات أو في غيرها، ويتلذذ بالسمر مع أصحابه إما بمشاهدة القنوات الفضائية أو بلعب الكرة، وينسى نفسه وأهله ووالديه وقضاء حوائجهما، وتزداد المصيبة إذا كان صاحب أسرة فهو مشغول عن متابعة أولاده ورعايتهم والنظر في مصالحهم وقضاء حوائجهم ومتابعة دروسهم. أما الزوجة فهي آخر ما يفكر فيها فتجلس المسكينة إلى ساعة متأخرة من الليل واضعة يدها على خدها تنتظر زوجها الذي لم تكن في باله، ولم تَرِدْ في خياله.
وهذا كله من التفريط الذي يحاسب عليه العبد يوم القيامة؛ فعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَقُولُ: " كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» (رواه البخاري). فأعِدّ للسؤال جوابًا وللجواب صوابًا.
كما أن الاستمرار على هذه العادة قد يؤدي إلى الانفصال بين الزوجين؛ لأن المرأة مع كثرة الضغوط التي تواجهها والمصاعب التي تقابلها مِن جَرّاء تخَلِّي الزوج عن المنزل والأولاد قد تنفجر بكثرة المشاكل، أو بطلب الفراق والطلاق!! ثم لك بعد ذلك أن تفكر في المفاسد المترتبة على الطلاق خاصة إذا كان بينهما أولاد.
2- التفريط في الأداء الوظيفي أو الحضور المدرسي:
فإذا كان الشاب يسهر إلى ساعات متأخرة من الليل فهل يمكن لهذا الشاب أن يحضر لمدرسته مبكرا؟! وهل يمكن لهذا الموظف أن يأتي لعمله في الوقت المحدد؟ وإذا أتى على سبيل الافتراض في الوقت المحدد، فهل سيكون حضوره له فعاليته ونشاطه المطلوب؟ أم يكون على حالة يُرْثَى لها؟!! فيكون وجوده كعدمه!! فجسم الإنسان لابد أن يأخذ قسطًا من الراحة حتى يستعيد قدراته ونشاطاته الفكرية والبدنية، وبدون هذه الراحة سيظل طيلة يومه متعبًا قلقًا.
3- تفويت بركة البكور: إن النبيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - دعا لأمته بالبركةِ في البكور، فَعَنْ عُمَارَةَ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ سدد خطاكم عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا»، قَالَ: «وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا، وَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ». (رواه أصحاب السنن وصححه الألباني).
من أضرار السهر الصحية
وأضرار السهر متنوعة فمنها:
- أضراره على ذاكرة الإنسان والجهاز العصبي: أكدت الدراسات والبحوث أن السهر من أقوى العوامل المؤثرة على الجهاز المناعي والمثبطة لنشاط ذاكرة الجسم المناعية وحركة خلايا الجهاز المناعي. وقد ثبت أيضًا أن السهر يعوق طرفيات الجهاز العصبي وخلايا الإحساس من أداء عملها بشكل فعال. وللسهر تأثير سلبي حاد على الجهاز العصبي والمخ. ويتسبب السهر في فقدان التركيز وضعف الذاكرة وبُطْء الاستجابة العصبية.
وينصح من يريد الإبداع والإنتاج وزيادة القدرة العقلية والجسدية بالنوم مبكرًا والاستيقاظ مبكرًا لكي تنتظم حياته وتستقر صحته.
- أضراره في نمو الإنسان وتكامل بنيته: لقد أثبتت الأبحاث العلمية ذلك وأوضحت أن الكثير من الهرمونات التي تفرزها ساعات النوم ومنها - على سيبل المثال لا الحصر - هرمون النمو وهو مسؤول عن إكساب الجسم المزيد من القوة العضلية والقوة الذهنية، ومع طول السهر يُحْرَم الإنسان من إفراز الهرمونات بالصورة الطبيعية.
ولوحظ كذلك زيادة إفراز هرمون الميلاتونين أثناء النوم ليلًا وهو المسؤول عن إعطاء الجسم المزيد من الحيوية والنشاط وإكسابه المزيد من المناعة ضد الإصابة بالأمراض المختلفة بما فيها الأورام الخبيثة؛ ولذلك نلاحظ أن الذين يدمنون سهر الليالي يعانون من الكسل والهزال وضعف البنية الجسدية.
وفي تقرير آخر ذُكِرَ أن سهر الأطفال يؤدي إلى التأخير في نموهم أو حتى توقفه، وذلك لعدم إفراز هرمون النمو بكمية كافية، وهذه الهرمونات تنشط البروتينات التي تساعد على بناء خلايا الجسم التي يموت منها عشرات الآلاف يوميًّا، وتقوي العظام وتعطي الطاقة للعضلات، كما أن هرمون النوم الذي تقوم بإفرازه الغدة النخامية، ينظم نشاط الهرمونات التي تساعد على التئام كسور العظام وتقلل نسبة الكوليسترول في الدم، إضافة إلى أن المعادن التي يحتاج إليها الجسم لا تثبت إلا ليلًا.
وثبت علميًّا أن النوم مهم جدًّا لنضج مخ الطفل، كما أن النوم يمنزلة المأوى والهرب من المشكلات ويساعدنا على مواجهة ضغوط الحياة.
هذه الحقائق دعت فريقا من الباحثين وعلماء النفس بجامعة فلوريدا الأمريكية إلى دعوة الآباء والأمهات والمعلمين إلى ضرورة تعليم الأطفال نظام النوم منذ الصغر بنفس طريقة تلقينهم آداب المائدة والمحادثة.
وأجريت دراسة على ألف طفل في نيويورك، من أولئك الأطفال الذين يشخص الأطباء حالتهم على أنها نوع من الضعف الذهني، وهم في الواقع أصحاء نفسيا وذهنيا، ولكنهم يعانون اضطرابا في النوم يشتت أذهانهم وقدراتهم على التركيز والتذكر والتعليم. وأظهرت الدراسة أن 40% من الأطفال لا يحصلون على قسط كاف من النوم، وأن 17% يشكون دائما من الإرهاق، وأكثر من 11 % يشكون من صعوبات في النوم.
- السهر سبب من أسباب الحوادث: أعرب خبراء بريطانيون عن قلقهم من أن السهر وقلة النوم مشكلة كانت سببًا في كثرة الحوادث العالمية كانفجار تشيرنوبل، وكارثة مكوك الفضاء الأمريكي تشالينجر وغيرها من الحوادث، وضع فيها اللوم على العمال الذين غلبهم النعاس، أو الذين يشكون من التعب الشديد ولم يتمكنوا من القيام بعملهم على أكمل وجه، كما أثبتت دراسة أمريكية أن 90% من الحوادث الصناعية و (200) ألف حادث مروري كل عام سببها قلة النوم!!.
- السهر من أسباب زيادة الوزن فقد جاء في دراسات أن زيادة السهر تزيد من مستوى هرمون الجوع، وتقلل من مستوى هرمون الشبع في الجسم. وبالتالي زيادة مفرطة في الوزن، فلقد أظهرت دراسة شملت 12 رجلاً في بداية العشرينيات من العمر، أن مستوى هرمون الشبع «ليبتين» قد انخفض بمقدار 18% لدى الذين ناموا 4 ساعات فقط من الليل لمدة ليلتين، بينما ارتفع هرمون الجوع «جريلين» بمقدار 28%. كما أظهرت الدراسة أن المشتركين فيها قد مالوا إلى تناول الأطعمة السكرية على حساب الفواكه والخضار أو منتجات الألبان. وقد يفسر ذلك حاجة الدماغ إلى طاقة سريعة «سكر الجلوكوز» والتي فقدها خلال السهر.
وأظهرت دراسة أخرى أن أكثر الناس سهراً هم أكثر زيادة في الوزن. وقد فحص «د. مانويل» في جامعة «ستانفورد» بكاليفورنيا 1000 شخص، وسجل ساعات النوم لكل منهم، كما سجل مستوى هرموني «ليبتين، جريلين»، ووجد أن الذين ينامون خمس ساعات أو أقل ليلاً بشكل ثابت، قد ارتفع لديهم هرمون الجوع «جريلين» بمعدل 14.9%، بينما انخفض لديهم هرمون الشبع «ليبتين» بمعدل 15.5%، مقارنة بأولئك الذين ناموا 8 ساعات ليلاً.
- السهر من أسباب ضعف التحصيل العلمي فقد أظهرت الأبحاث الطبية أن الطلبة الذين لا يحصلون على نوم كاف أثناء الليل يكون أداؤهم الأكاديمي أقل من الطلبة الذين ينامون لساعات كافية، كما أن قلة النوم تؤثر سلبا على قدرة الطالب على التركيز، وتضعف الذاكرة قصيرة المدى، مما يؤثر على قدرة الطالب على التحصيل العلمي، وقد أظهرت الدراسات أن الأطفال المتفوقين ينامون 15-30 دقيقة ليلا أكثر من غيرهم.
من أحكام السهر
أرشد الإسلام إلى المُبادرة بالنوم بعد صلاة العشاء، وكرِه تضييع فترة الليل فيما لا يفيد خيرًا، وما دامت لا تُوجد ضرورة ولا حاجة تدعو إلى السهر.
ومن أجل التنسيق بين العمل والراحة، أرشد الله إلى أن قيام الليل يكون بحيث لا يُؤثر على الواجبات التي تَلْزَمُهَا الراحة وَتُبَاشَر بالنهار، قال تعالى في شأن قيام الليل: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَءوا مَا تَيَسَّر مِنْه} [المزمل:20]
وكذلك نهى عن إحياء الليل كله بالصلاة بصفة مستمرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، ردا على من قال: فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا.، وصوب فعل سلمان لما أمر أبا الدرداء أن ينام أول الليل، ثم صليا آخر الليل، وقال: إن لجسدك عليك حقا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان. وأخبر صلى الله عليه وسلم أن أَحَبَّ الصَّلَاةِ إلى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ: كان يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ. وهذا أفضل من قيام الليل كله.
ومما جاء في كراهية السهر لغير ضرورة أو حاجة، ما رواه البخاري ومسلم عن أبي برزة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُؤَخِّر العِشَاء إلى ثُلُثِ الليل، ويكره النوم قبلها والحديث بعدها.
أما كراهية الحديث بعدها لأن السهر مَظَنَّة غلبة النوم في آخر الليل فيفوت قيام الليل، ويعرض صلاة الصبح للفوات، وعن عمر - رضي الله عنه - أنه كان يضرب الناس على الحديث بعد العِشَاء، ويقول: "أسُمَّرًا أول الليل ونومًا آخره، أريحوا كُتَّابكم". والسُمّر: هم القوم الذين يسمرون بالليل.
ويزداد السهر للأسف في إجازة الصيف، وهو سهر كثير من الشباب في هذا الزمن، سهر على الفضائيات، أو تجمع في الاستراحات، أو تسكع في الأسواق والطرقات.
وشبكات التواصل الاجتماعي تنشط في الليل أكثر من النهار، وفيها من المحادثات المحرمة شيء كثير من الغيبة واللغو والقيل والقال وغير ذلك مما يعلمه الناس، والواحد ممن يسهرون على مثل ذلك يتثاقل عن الوتر، وربما تثاقل عن صلاة الفجر، وهو يمضي الليل كله يكابد السهر، وعيناه محملقة في جهازه.
فعلى كل مسلم ومسلمة أن يكون سهرهما فيما ينفعهما من أمور الدين أو الدنيا، وعلى الآباء والأمهات والمربين والمربيات توجيه ظاهرة السهر التي انتشرت في البيوت إلى ما ينفع البنين والبنات؛ فإن النفس إذا ما شغلت بما ينفع شغلت صاحبها بما يضر. والتوجيه يكون بالموعظة والقول الحسن والإقناع العقلي. كما يكون بتوفير البدائل الملائمة، والتكليف بأعمال نافعة، ووضع الحوافز المادية والمعنوية على إنجازها؛ فإن ذلك من أسباب حفظ الأولاد من أسباب الضياع والانحراف.
ومن سهر الطاعة: السهر في المرابطة وحراسة ثغور المسلمين؛ لئلا يقتحمها عدو، كسهر رجال حرس الحدود ورجال الشرطة وأطباء الطوارئ وأشباههم مما يقتضي عملهم السهر في مصالح المسلمين، يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" رواه الترمذي.
ومن سهر الطاعة: السهر على مصالح المسلمين، وفيه حديث عُمَرَ ابْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمُرُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فِي الأَمْرِ مِنْ أَمْرِ المُسْلِمِينَ وَأَنَا مَعَهُمَا» رواه الترمذي. وجاء عن عبد الرحمن بن عوف أنه لما وكل بالأمر بعد طعن عمر رضي الله عنه سهر ليالي يعمل ويستشير حتى انعقدت البيعة لعثمان رضي الله عنه.
وكان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – لم يكن له وقت ينام فيه فكان ينعس وهو جالس فقيل له: يا أمير المؤمنين ألا تنام؟، فقال: كيف أنام؟ إن نمت بالنهار ضيّعت حقوق الناس وإن نمت بالليل ضيّعت حظي من الله .
وقيل لعمر بن عبد العزيز: لم لا تنام، قال: ‌إن ‌نمت ‌بالليل أضعت نفسي وإن نمت بالنهار أضعت الرعية
فهذان النوعان من السهر من أعظم الطاعات، وأجل القربات، إذا حسنت النية فيهما؛ للمصلحة الراجحة فيهما؛ ولأن نفعهما يعم المسلمين.
ومن السهر المستحب: السهر لإكرام الضيف، ومؤانسة الأهل، وبوب عليه البخاري فقال: بَاب السَّمَرِ مع الضَّيْفِ وَالْأَهْلِ، وساق تحته حديثا طويلا في سهر أبي بكر رضي الله عنه لإطعام ضيوفه، وجاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه سمر مع بعض الوفود التي زارته، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سمر ذات ليلة مع زوجه ميمونة رضي الله عنها ثم رقد، ثم قام آخر الليل يتهجد.
ولما كان إيناس الأهل من حسن المعاشرة، وكان إكرام الضيف من مكارم الأخلاق؛ كان ما ترتب عليه من السهر مندوبا إليه بشرط ألا يؤدي إلى تضييع فريضة، وألا يكون السهر له عادة.
ومن السهر المشروع السهر لطلب العلم ومذاكرته؛ فقد ثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام حدث أصحابه ووعظهم بعد العشاء الآخرة، وبوب على ذلك البخاري فقال: بَاب السَّمَرِ في الْفِقْهِ وَالْخَيْرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ. وساق تحته حديثين يدلان على جواز السمر للحديث والموعظة، قال ابن رجب رحمه الله تعالى: ومقصود البخاري بهذين الحديثين: الاستدلال على جواز الموعظة وذكر العلم بعد العشاء، وأنه ليس من السمر المنهي عنه. ونص الإمام أحمد على أنه لا يكره السمر في العلم.
وقد سمر عمر مع أبي موسى في مذاكرة الفقه فقال أبو موسى الصلاة - يعني: صلاة الليل - فقال عمر: إنَّا في صلاة. فجعل رضي الله عنه طلب العلم مثل الصلاة.
والسهر في طلب العلم مشروط بأن لا يؤدي إلى تضييع فريضة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.