"البلوكاج" يؤجل انتخاب اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال    اتفاق جديد بين الحكومة والنقابات لزيادة الأجور: 1000 درهم وتخفيض ضريبي متوقع    تعميم المنظومتين الإلكترونيتين الخاصتين بتحديد المواعيد والتمبر الإلكتروني على جميع البعثات الدبلوماسية والمراكز القنصلية    بنك المغرب : سوق الصرف (18 24 أبريل)..الدرهم يتراجع بنسبة 0.46 في المائة مقابل الأورو    الفيلم المغربي "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان مالمو للسينما العربية    اعتقال مئات الطلاب الجامعيين في الولايات المتحدة مع استمرار المظاهرات المنددة بحرب إسرائيل على غزة    بيع ساعة جَيب لأغنى ركاب "تايتانيك" ب1,46 مليون دولار    العسكر الجزائري يمنع مشاركة منتخب الجمباز في بطولة المغرب    نصف ماراطون جاكرتا للإناث: المغرب يسيطر على منصة التتويج    اتحاد جدة يقترب من إبرام صفقة الزلزولي    توقعات أحوال الطقس غدا الإثنين    هذه مقاييس الأمطار المسجلة بالناظور خلال 24 ساعة الماضية        دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    توقيف مرشحة الرئاسة الأمريكية بسبب فلسطين    حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على عزة ترتفع إلى 34454 شهيدا    الدورة 27 من البطولة الاحترافية الأولى :الحسنية تشعل الصراع على اللقب والجيش الملكي يحتج على التحكيم    نهضة بركان يضع آخر اللمسات قبل مواجهة اتحاد العاصمة الجزائري    قادمة من بروكسيل.. إفشال محاولة لإدخال هواتف غير مصرح بها    "خائف ومتوتر".. نتنياهو يخشى احتمال صدور مذكرة اعتقال بحقه من الجنائية الدولية    التاريخ الجهوي وأسئلة المنهج    مطالب بإحداث خط جوي دائم بين مطار العروي وفرانكفورت    طنجة "واحة حرية" جذبت كبار موسيقيي الجاز    رغم ارتفاع الأسعار .. منتوجات شجرة أركان تجذب زاور المعرض الدولي للفلاحة    الفكُّوس وبوستحمّي وأزيزا .. تمور المغرب تحظى بالإقبال في معرض الفلاحة    تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية لفن الخطابة    شبح حظر "تيك توك" في أمريكا يطارد صناع المحتوى وملايين الشركات الصغرى    المعرض الدولي للفلاحة 2024.. توزيع الجوائز على المربين الفائزين في مسابقات اختيار أفضل روؤس الماشية    نظام المطعمة بالمدارس العمومية، أية آفاق للدعم الاجتماعي بمنظومة التربية؟ -الجزء الأول-    مور انتخابو.. بركة: المسؤولية دبا هي نغيرو أسلوب العمل وحزبنا يتسع للجميع ومخصناش الحسابات الضيقة    خبراء "ديكريبطاج" يناقشون التضخم والحوار الاجتماعي ومشكل المحروقات مع الوزير بايتاس    الحبس النافذ للمعتدين على "فتيات القرآن" بشيشاوة    تعيين حكم مثير للجدل لقيادة مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    بسبب خريطة المغرب.. إتحاد العاصمة الجزائري يتجه نحو تكرار سيناريو الذهاب    المغرب يشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    محمد صلاح عن أزمته مع كلوب: إذا تحدثت سوف تشتعل النيران!    توقيف سارق ظهر في شريط فيديو يعتدي على شخص بالسلاح الأبيض في طنجة    صديقي: المملكة قطعت أشواط كبيرة في تعبئة موارد السدود والتحكم في تقنيات السقي    بمشاركة خطيب الأقصى.. باحثون يناقشون تحولات القضية الفلسطينية    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    ما هو صوت "الزنّانة" الذي لا يُفارق سماء غزة، وما علاقته بالحرب النفسية؟    سيارة ترمي شخصا "منحورا" بباب مستشفى محمد الخامس بطنجة    بدء أشغال المجلس الوطني لحزب "الميزان"    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    رسميا.. نزار بركة أمينا عاما لحزب الاستقلال لولاية ثانية    قيادة الاستقلال تتوافق على لائحة الأسماء المرشحة لعضوية اللجنة التنفيذية    ابتدائية تنغير تصدر أحكاما بالحبس النافذ ضد 5 أشخاص تورطوا في الهجرة السرية    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    انطلاقة مهرجان سينما المتوسط بتطوان    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توحش السرطان
نشر في أخبارنا يوم 06 - 02 - 2024

يبدو ان الوضع الصحي بالعالم سيكون أكثر قتامة في العقود المقبلة مما هو عليه الآن ،وخصوصا بعد التقرير الأخير لمنظمة الصحة العالمية حول مستقبل الإصابة بالسرطان الذي توعد البشرية بانفجار كبير في الإصابات والوفيات .
كثيرون يمرون مرور الكرام أمام مثل هذه التقارير غير عابئين ولا حافلين بها ، يفعلون ذلك رغم أنها غالبا ما تقرع جرس الخطر، وتبوح لهم بثلاثة ارباع الحقيقة .
اغلبهم يتعللون بأن المنظمة تقمصت منذ بضع سنين دور "النائحة" العالمية ، وأنها إنما قد "اهتدت" فقط إلى أن تدعو لجعل كل مرض، وكل برنامج وقائي ، و كل سياسة صحية ، أولوية للحكومات ،وبذلك تضمن بهكذا نهج احترازي استباق كل لوم او عتاب يلحقها أيا كان نوع الخطب الصحي الذي سيحيق لامحالة بالعالم :
مرة نجدها تحذر من الوباء اكس ،وقبلها بحين نسمعها تطالب بتعميم التغطية الصحية الشاملة ،ثم هي دائما تحض و تحث على نهج الرعاية الاولية ..الخ .
و لذلك هي في رأيهم لم تشذ في 4 فبراير الأخير عن اسلوبها . ففعلت نفس الشيء بخصوص السرطان مادام هذا اليوم يوما عالميا لمحاربة الداء الخبيث ،
دافعة هذه المرة وكالتها الدولية للبحث في السرطان لكي تصدر تقريرا كارثة كان عبارة عن قنبلة تناثرت ارقاما مقلقة بل ومخيفة جدا تنتظر العالم بعد 25 سنة فقط .
من السهل علينا أن نفهم الاسباب الدفينة لهذا التحامل خصوصا بعد صدمة كورونا حين اساءت الصحة العالمية التقدير والتصرف ،ولكني أعتقد انه من الصعب ان لانبالي بصرختها هاته حول السرطان ،فالنسب التي أعلنتها ليست للوعظ و لا حتى للترهيب،وإنما هي لاستحثاث همم الحكومات لإعداد خطط المواجهة ضد وباء جعل يستشري بشكل كبير ،وذلك قبل ان يفوت الأوان. فالنسب المعلنة لها مايؤكدها من معطيات علمية وبيئية وسلوكية تحذر جميعها بالتوحش المرتقب للسرطان .
.الأرقام مرعبة حقا . فعدد حالات السرطان الجديدة سيرتفع بنسبة 77% عند متم 2050 ليصل 35 نسمة.كما ان واحدا من كل 5 اشخاص سيصاب بالسرطان خلال مرحلة مامن مراحل حياته، ورجلا من كل تسعة رجال ، وامراة من كل اثني عشرة من النسوة ،سيقتلهما حتما هذا الداء الخبيث .
لكن الآفة الكبرى ان الناس لن يكونوا جميعا سواسية في تحمل وطأة السرطان: فمواطنو الدول ذات مؤشر التنمية المنخفض هم من سيعاني الأمرين من تبعاته القاسية .سيضغط هذا المرض على اقتصاديات دولهم بشكل أقوى، وسيستمر هذا التفاوت الصارخ وهذا الميز المشين بينهم وبين مواطني العالم الأول في الولوج للخدمات الصحية الخاصة بالسرطان و في الاستفادة من ثمار البحث العلمي في هذا المجال الى ماشاء الله . هذا التفاوت سيكون حتى داخل الدولة الواحدة بين اغنيائها وفقرائها، وبين متعلميها وأمييها.
المفارقة الكبرى أنه في الوقت الذي يفلح فيه الخبراء في فك شفرة السرطان وفهم خصائصه، و في اكتشاف علاجات جذرية تشفي منه او تحوله على الأقل لمرض مزمن يمكن التعايش معه ،لا نستطيع في عدد من مناطق العالم بسبب الفقر،وتعثر التنمية ، وغياب الوعي، أو عدم توفر الارادة السياسية، وضعف الحكامة الصحية، في أن نتوصل لكل الحالات وعلاجها في الوقت المناسب وبالطريقة المثلى الفعالة .
السرطان الآن أخذ أيضا يتأنث ويتشبب، بمعنى أنه صار يميل للانتشار في اوساط الشباب والنساء بسبب ضعف التثقيف الصحي و تبني سلوكيات خطرة ، وبالتالي قد أصبح وزرا اقتصاديا ينوء به كاهل العديد من الدول ، وهو ما يفاقم وطاته الاجتماعية والأسرية والنفسية .
العلاجات كذلك صارت شخصية أو فردية ،لم نعد نسدي نفس العلاج للمصابين، بل لكل وصفته وبرتكوله العلاجي . فالعلاج اذا شئنا القول عاد يفصل كما تفصل البذلة عند الخياط، وهذا يجعله انجع استهدافا واقل شراسة ،لكن هذه الحرب الذكية التي توظف على المقاس الأدوية الموجهة، تحيل العلاج ذا كلفة لا تستطيعها ميزانيات العديد من حكومات العالم ،إضافة إلى ذلك تصر الدول الكبرى والمصنعة على أن تحتكر براءات الاختراع للعديد من الفحوصات التشخيصية والعلاجات الثورية للسرطان ،مما يحرم مرضى العالم الثالث ،و يفرغ كل تضامن او تنسيق دولي ضد الداء الخبيث من كثير من مضمونهما.
الصحة العالمية عددت عوامل الإصابة بالسرطان، كالتغذية غير المتوازنة، والسمنة، والتوتر ،والتدخين ،والكحول...الخ ،وطالبت الحكومات برصد اعتمادات كافية، وتشريعات ،وأنظمة فعالة للحماية الاجتماعية تستوعب مرضى السرطان ،ولكنها لم تتجرأ أن تصدح بالحقيقة كاملة بأن تتهم النموذج الحياتي الغربي الاستهلاكي في شيوع السرطان ،او تشير بأصبعها الى المركب الصناعي الذي يساهم في نشر السرطان بالتغير والتلوث المناخي الذي تسبب فيه .
سرطانات كثيرة لم تعد نظريا تقتل بفضل الوقاية والرصد المبكر.وسرطان الثدي وسرطان عنق الرحم مثالان ساطعان على ذلك ، حتى أنه الموت بسببهما صار مسؤولية شخصية في الدول التي توفر مجانا هذه البرامج .لكنه يبقى مسؤولية الدولة التي تفتقد الرؤية والاستراتيجية الثاقبة فتعدم الوسائل لانقاذ نسائها من مرض يمكن تلافيه ،ومع ذلك فبالنسبة لبعض الدول الفقيرة ،يشكل هذا الموت وصمة عار في جبين المجتمع الدولي الذي يترك كثيرا من الناس يموتون بالسرطان بسبب المكان الذي يعيشون فيه .
لاتحير منظمة الصحة العالمية في اطلاق شعارات رنانة ،لكن مأساتها أنها تصرخ في واد بينما كبار العالم يجرون في واد آخر ،وادي الحروب والتسلح وتدمير البيئة الطبيعية، و ترويج البضائع الاستهلاكية التي تلبي جشع السوق و لا تحتاج لها سعادة البشر في شيء، لدرجة اني اشك ان كانت هذه المنظمةلا تؤدي مجرد وظيفة منبرية ليس إلا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.