ضمنهم حكيمي وبونو.. المرشحين للكرة الذهبية 2025    قاضي جرائم الأموال يأمر بسجن رئيس المجلس الإقليمي لشفشاون بتهم ثقيلة    باريس تُعلّق الإعفاءات الدبلوماسية.. والجزائر تردّ بالمثل في أزمة جديدة بين البلدين    نتنياهو: إسرائيل تريد السيطرة على غزة "لا حكمها"    حقوقيون: السقوط الدستوري للمسطرة الجنائية ليس معزولا عن منهجية التشريع المتسمة بانعدام الشفافية    المنتخب المغربي المحلي يستعد لمواجهة كينيا    الأرصاد تُحذر: موجة حر وزخات رعدية تضرب مناطق واسعة بالمملكة ابتداءً من اليوم    انتحار طفل في ال12 من عمره شنقًا.. وأصابع الاتهام تشير إلى لعبة "فري فاير"    تدخل أمني بمنطقة الروكسي بطنجة بعد بث فيديو يوثق التوقف العشوائي فوق الأرصفة        تدخل سريع يخمد حريقا اندلع بغابة "ازارن" بإقليم وزان والكنافي يكشف حيثياته    لجنة عربية تطلق حملة ضد ترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام    الارتفاع يسم تداولات بورصة البيضاء    فشل الجزائر في قضية الصحراء المغربية يفاقم التوتر الدبلوماسي مع فرنسا    وزارة الخارجية تحتفل باليوم الوطني للمغاربة المقيمين بالخارج    الوداد يعقد الجمع العام في شتنبر    بني بوعياش.. اطلاق الشطر الاول لمشروع التأهيل الحضري        أول نسخة من "الهوبيت" تجني 57 ألف دولار        لسنا في حاجة إلى المزيد من هدر الزمن السياسي    الماء أولا... لا تنمية تحت العطش    الملك كضامن للديمقراطية وتأمين نزاهة الانتخابات وتعزيز الثقة في المؤسسات    وزير الإعلام الفلسطيني : المساعدة الإنسانية والطبية العاجلة سيكون لها أثر إيجابي ملموس على حياة ساكنة غزة    تيمة الموت في قصص « الموتى لا يعودون » للبشير الأزمي    «دخان الملائكة».. تفكيك الهامش عبر سردية الطفولة    السرد و أنساقه السيميائية    المغرب.. من أرض فلاحية إلى قوة صناعية إقليمية خلال عقدين برؤية ملكية استشرافية    فرنسا تلغي إقامة مغربي أشعل سيجارة من "شعلة الجندي المجهول" في باريس (فيديو)    زيلينسكي يدعو بوتين مجددا إلى لقاء لإنهاء الحرب في أوكرانيا والرئيس الروسي يعتبر "الظروف غير متوفرة"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية كوت ديفوار بمناسبة العيد الوطني لبلاده        ارتفاع أسعار الذهب بفضل تراجع الدولار وسط آمال بخفض الفائدة الأمريكية    "صحة غزة": ارتفاع وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 197 بينهم 96 طفلا    سون هيونغ مين ينضم للوس أنجليس الأمريكي    "أيميا باور" الإماراتية تستثمر 2.6 مليار درهم في محطة تحلية المياه بأكادير    يوليوز 2025 ثالث أكثر الشهور حرارة فى تاريخ كوكب الأرض    وكالة: وضعية مخزون الدم بالمغرب "مطمئنة"    صيف شفشاون 2025.. المدينة الزرقاء تحتفي بزوارها ببرنامج ثقافي وفني متنوع    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    من هم الأكثر عرضة للنقص في "فيتامين B"؟    الفتح الناظوري يضم أحمد جحوح إلى تشكيلته        رخص مزورة وتلاعب بنتائج المباريات.. عقوبات تأديبية تطال أندية ومسؤولين بسبب خروقات جسيمة    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    الداخلة.. ‬‮«‬جريمة ‬صيد‮»‬ ‬تكشف ‬ضغط ‬المراقبة ‬واختلال ‬الوعي ‬المهني ‬    الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة التي فرضها ترامب تدخل حيز التنفيذ    المغرب ‬يرسّخ ‬جاذبيته ‬السياحية ‬ويستقطب ‬‮«‬أونا‮»‬ ‬الإسبانية ‬في ‬توسع ‬يشمل ‬1561 ‬غرفة ‬فندقية ‬    قروض ‬المقاولات ‬غير ‬المالية ‬تسجل ‬ارتفاعا ‬بنسبة ‬3.‬1 ‬في ‬المائة ‬    جو عمار... الفنان اليهودي المغربي الذي سبق صوته الدبلوماسية وبنى جسورًا بين المغرب واليهود المغاربة بإسرائيل    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    حين يتحدث الانتماء.. رضا سليم يختار "الزعيم" ويرفض عروضا مغرية    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسائل في صيام الست من شوال
نشر في أخبارنا يوم 15 - 08 - 2013

صيام ست من شوال بعد فريضة رمضان سنّة مستحبّة وليست بواجب ، ويشرع للمسلم صيام ستة أيام من شوال ، و في ذلك فضل عظيم ، وأجر كبير ذلك أن من صامها يكتب له أجر صيام سنة كاملة كما صح ذلك عن المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر . " رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
وقد فسّر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة : (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) . " وفي رواية : " جعل الله الحسنة بعشر أمثالها فشهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام تمام السنة " النسائي وابن ماجة وهو في صحيح الترغيب والترهيب 1/421 ورواه ابن خزيمة بلفظ : " صيام شهر رمضان بعشرة أمثالها وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة " .
وقد صرّح الفقهاء من الحنابلة والشافعية : بأن صوم ستة أيام من شوال بعد رمضان يعدل صيام سنة فرضا ، وإلا فإنّ مضاعفة الأجر عموما ثابت حتى في صيام النافلة لأن الحسنة بعشرة أمثالها .
ثم إنّ من الفوائد المهمّة لصيام ستّ من شوال تعويض النّقص الذي حصل في صيام الفريضة في رمضان إذ لا يخلو الصائم من حصول تقصير أو ذنب مؤثّر سلبا في صيامه ويوم القيامة يُؤخذ من النوافل لجبران نقص الفرائض كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال يقول ربنا جل وعز لملائكته وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت تامة وإن انتقص منها شيئا قال انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم " رواه أبو داود

متى يتم بدء صيام ست من شوال ؟
يُمكن الشروع بصيام الستّ من شوال ابتداء من ثاني أيام شوال لأنّ يوم العيد يحرم صيامه ويُمكن أن تصوم الستّ في أيّ أيام شوال شئت وخير البرّ عاجله .
وقد جاء إلى اللجنة الدائمة السؤال التالي :
هل صيام الأيام الستة تلزم بعد شهر رمضان عقب يوم العيد مباشرة أو يجوز بعد العيد بعدة أيام متتالية في شهر شوال أو لا؟
فأجابت بما يلي :
لا يلزمه أن يصومها بعد عيد الفطر مباشرة، بل يجوز أن يبدأ صومها بعد العيد بيوم أو أيام، وأن يصومها متتالية أو متفرقة في شهر شوال حسب ما يتيسر له، والأمر في ذلك واسع ، وليست فريضة بل هي سنة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
حكم صيام الكفارة مع الست من شوال

أن جعل صيام كفارة اليمين في شوال ، واحتسابها من الأيام الستة منه ، الوارد في فضل صومه مع رمضان أنه كصيام الدهر فرضاً : فنقول : إنه إن ترتب في ذمتك الصيام لعجزك عن الإطعام والكسوة : فلا تحسب من الأيام الستة من شوال ، ولا يجوز التشريك بين نية واجبة ، ونية نفل ، وصيام الكفارة مخصوص يحتاج لنية مستقلة ، كما هو الحال في صيام الأيام الستة من شوال ، وعليه فصيامك للأيام الثلاثة كفارةً ليمينك لا تُحسب من صيام الأيام الستة من شوال .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
هل صوم ستة من شوال ، ويوم عاشوراء ، ويوم عرفة ، هل يجزئ عن الأيمان ، وقد عجز المرء على حصرها ؟ .
فأجابوا :
كفارة الأيمان هي : عتق رقبة مؤمنة ، أو إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، فإن لم تجد شيئاً من ذلك : فتصوم عن كل يمين ثلاثة أيام .
وأما عجزك عن حصر الأيمان : فيجب عليك الاجتهاد في حصرها بالتقريب ، ثم التكفير فيما حنثت فيه منها ، ويكفيك ذلك إن شاء الله .
ولا يجزئ صيام يوم عاشوراء ، وعرفة ، وستة من شوال ، عن كفارة اليمين ، إلا إذا نوى بصيامها أنه عن الكفارة لا التطوع .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 23 / 37 ، 38 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
السائلة تذكر بأنها حلفت ، وتريد أن تكفر عن هذا الحلف بصيام ثلاثة أيام ، فهل يجوز أن أصومها مع صيام الست من شوال بحيث يكون صيامي ستة أيام ؟ .
فأجاب :
أولاً : لا يجوز للحالف إذا حنث في يمينه أن يصوم ، إلا إذا كان لا يجد إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، أو تحرير رقبة ؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال ( فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ) ، وقد اشتهر عند كثير من العامة : أن كفارة اليمين إذا حنث الحالف : صيام ثلاثة أيام لمن يجد الإطعام ، أو الكسوة ، أو العتق ، ومن لا يجد ، وهذا غلط ، بل لا يجوز الصيام إلا إذا كان الحالف الذي حنث لا يجد إطعام عشرة مساكين ، أو يجد لكن لا يجد مساكين ، فحينئذٍ يصوم ثلاثة أيام متتابعة .
ثم إذا كان يندرج تحت صيام الأيام الثلاثة : فإنه لا يجزئ أن ينوي بها صيام ستة أيام من شوال ؛ لأنهما عبادتان مستقلتان ، فلا تغني إحداهما عن الأخرى ، بل يصوم ستة أيام من شوال ، ثم يصوم الأيام الثلاثة زائدة على صيام الأيام الستة .
" فتاوى نور على الدرب " ( / 84 ، 85)
هل يشترط التتابع في صيام الست من شوال
أنه لا يُشترط التتابع فيها فلو صامها متفرقة أو متتابعة فلا بأس بذلك وكلما بادر كان أفضل ، قال الله تعالى : ( فاستبقوا الخيرات ) ، وقال : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ) ، وقال موسى عليه السلام : ( وعجلت إليك رب لترضى ) ولما في التأخير من الآفات وإليه ذهب الشافعية وبعض الحنابلة ، لكن لا حرج في عدم المبادرة ، فلو أخرها إلى وسط الشهر أو آخره فلا بأس .
قال النووي رحمه الله :
قَالَ أَصْحَابُنَا : يُسْتَحَبُّ صَوْمُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ ، لِهَذَا الْحَدِيثِ قَالُوا : وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَصُومَهَا مُتَتَابِعَةً فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ فَإِنْ فَرَّقَهَا أَوْ أَخَّرَهَا عَنْ شَوَّالٍ جَازَ . وَكَانَ فَاعِلا لأَصْلِ هَذِهِ السُّنَّةِ ، لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَإِطْلاقِهِ . وَهَذَا لا خِلافَ فِيهِ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَدَاوُد . المجموع شرح المهذب .
صيام ست من شوال متعلق بإتمام صيام رمضان على الصحيح ، ويدل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ) ، رواه مسلم (1164)
فقوله " ثم " حرف عطف يدل على الترتيب والتعقيب، فيدل على أنه لا بد من إتمام صيام رمضان أولا ( أداءً وقضاءً ) ، ثم يكون بعده صيام ست من شوال، حتى يتحقق الأجر الوارد في الحديث .
ولأن الذي عليه قضاء من رمضان يقال عنه : صام بعض رمضان ، ولا يقال صام رمضان .
لكن إذا حصل للإنسان عذر منعه من صيام ست من شوال في شوال بسبب القضاء ، كأن تكون المرأة نفساء وتقضي كل شوال عن رمضان ، فإن لها أن تصوم ستا من شوال في ذي القعدة ، لأنها معذورة ، وهكذا كل من كان له عذر فإنه يشرع له قضاء ست من شوال في ذي القعدة بعد قضاء رمضان ، أما من خرج شهر شوال من غير أن يصومها بلا عذر فلا يحصل له هذا الأجر .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عما إذا كان على المرأة دين من رمضان فهل يجوز أن تقدم الست على الدين أم الدين على الست ؟
فأجاب بقوله : " إذا كان على المرأة قضاء من رمضان فإنها لا تصوم الستة أيام من شوال إلا بعد القضاء ، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال ) ومن عليها قضاء من رمضان لم تكن صامت رمضان فلا يحصل لها ثواب الأيام الست إلا بعد أن تنتهي من القضاء ، فلو فرض أن القضاء استوعب جميع شوال ، مثل أن تكون امرأة نفساء ولم تصم يوما من رمضان ، ثم شرعت في قضاء الصوم في شوال ولم تنته إلا بعد دخول شهر ذي القعدة فإنها تصوم الأيام الستة ، ويكون لها أجر من صامها في شوال ، لأن تأخيرها هنا للضرورة وهو ( أي صيامها للست في شوال) متعذر ، فصار لها الأجر . " انتهى مجموع الفتاوى 20/19 ، راجع الأسئلة ( 4082 ) ، (7863 )
يضاف إلى ذلك أن القضاء واجب في ذمة من أفطر لعذر بل هو جزء من هذا الركن من أركان الإسلام وعليه فتكون المبادرة إلى القيام به وإبراء الذمة منه مقدمة على فعل المستحب من حيث العموم .
هل يجوز تقديم صيام الست من شوال على صيام النذر ؟

يجب أولاً صوم بقية النذر ، ثم صوم الستة من شوال ، وتركها فلا بأس ، لأن الصوم للستة من شوال مستحب وليس بواجب . أما صوم النذر فهو واجب فريضة فالواجب بدء بالفريضة قبل النافلة ولا ينبغي أن النذر بعد ذلك ، فالنذر لا ينبغي ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لَا تَنْذِرُوا ، فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يَرُدُّ شَيْئًا مِنْ الْقَدَرِ ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ) .
فلا ينبغي النذر لا للمريض ولا غير المريض ، ولكن متى نذر الإنسان طاعة لله وجب عليه الوفاء كالصوم والصلاة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ) رواه البخاري في الصحيح .
فإذا نذر الإنسان صوم أيام معدودة ، أو صلاة ركعتين ، أو صدقة بكذا من المال لزمه أن يوفي بما نذر من الطاعات ؛ لأن الله مدح المؤمنين فقال : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا) الإنسان/7 .
ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالوفاء كما في الحديث السابق ، فالنذر ليس هو سبباً للبرء ، وليس سببا لحصول الحاجة المطلوبة ، فلا حاجة إليه ، ولكنه شيء يكلف الإنسان به نفسه ، ويستخرج به من البخيل ، ثم بعد ذلك يندم ويقع في الحرج ويود أنه لم ينذر ، فالشريعة بحمد الله جاءت بما هو أرفق وأنفع للناس وهو النهي عن النذر" انتهى .
حكم صيام ست من شوال قبل قضاء أيام من رمضان
صيام ست من شوال متعلق بإتمام صيام رمضان على الصحيح ، ويدل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ) ، رواه مسلم (1164)
فقوله " ثم " حرف عطف يدل على الترتيب والتعقيب، فيدل على أنه لا بد من إتمام صيام رمضان أولا ( أداءً وقضاءً ) ، ثم يكون بعده صيام ست من شوال، حتى يتحقق الأجر الوارد في الحديث .
ولأن الذي عليه قضاء من رمضان يقال عنه : صام بعض رمضان ، ولا يقال صام رمضان .
لكن إذا حصل للإنسان عذر منعه من صيام ست من شوال في شوال بسبب القضاء ، كأن تكون المرأة نفساء وتقضي كل شوال عن رمضان ، فإن لها أن تصوم ستا من شوال في ذي القعدة ، لأنها معذورة ، وهكذا كل من كان له عذر فإنه يشرع له قضاء ست من شوال في ذي القعدة بعد قضاء رمضان ، أما من خرج شهر شوال من غير أن يصومها بلا عذر فلا يحصل له هذا الأجر .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عما إذا كان على المرأة دين من رمضان فهل يجوز أن تقدم الست على الدين أم الدين على الست ؟
فأجاب بقوله : " إذا كان على المرأة قضاء من رمضان فإنها لا تصوم الستة أيام من شوال إلا بعد القضاء ، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال ) ومن عليها قضاء من رمضان لم تكن صامت رمضان فلا يحصل لها ثواب الأيام الست إلا بعد أن تنتهي من القضاء ، فلو فرض أن القضاء استوعب جميع شوال ، مثل أن تكون امرأة نفساء ولم تصم يوما من رمضان ، ثم شرعت في قضاء الصوم في شوال ولم تنته إلا بعد دخول شهر ذي القعدة فإنها تصوم الأيام الستة ، ويكون لها أجر من صامها في شوال ، لأن تأخيرها هنا للضرورة وهو ( أي صيامها للست في شوال) متعذر ، فصار لها الأجر . " انتهى مجموع الفتاوى 20/19 ، راجع الأسئلة ( 4082 ) ، (7863 )
يضاف إلى ذلك أن القضاء واجب في ذمة من أفطر لعذر بل هو جزء من هذا الركن من أركان الإسلام وعليه فتكون المبادرة إلى القيام به وإبراء الذمة منه مقدمة على فعل المستحب من حيث العموم . راجع السؤال .
حكم صيام الست من شوال في ذي القعدة وغيره
روى مسلم في صحيحه (1164) عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ).
وظاهر الحديث أن تحصيل هذا الأجر إنما يكون لمن صام الست في شوال .
واختلف أهل العلم فيمن صام الست في غير شوال ، لعذر أو غيره ، هل يحصل له فضيلة صومها في شوال ، على أقوال :
القول الأول :
ذهب جماعة من المالكية وبعض الحنابلة إلى أن الفضيلة تحصل لمن صام ستة أيام في شوال أو بعده ، وأن الحديث إنما ذكر شوال من باب التيسير على المكلف ، لأن صومها بعد رمضان أسهل من صومها بعد ذلك .
قال العدوي في حاشيته على شرح الخرشي : (2/243) : " وإنما قال الشارع : ( من شوال ) للتخفيف باعتبار الصوم ، لا تخصيص حكمها بذلك الوقت ، فلا جرم أن فعلها في عشر ذي الحجة مع ما روي في فضل الصيام فيه أحسن ؛ لحصول المقصود مع حيازة فضل الأيام المذكورة , بل فعلها في ذي القعدة حسن أيضا , والحاصل : أن كل ما بعد زمنه كثر ثوابه لشدة المشقة " انتهى .
ونقل في "تهذيب فروق القرافي" لمحمد بن علي بن حسين مفتي المالكية بمكة ، المطبوع مع الفروق (2/191) عن ابن العربي المالكي أن قوله صلى الله عليه وسلم : (من شوال) "على جهة التمثيل ، والمراد : أن صيام رمضان بعشرة أشهر ، وصيام ستة أيام بشهرين ، وذلك المذهب [يعني مذهب الإمام مالك] ، فلو كانت من غير شوال لكان الحكم فيها كذلك ، قال : وهذا من بديع النظر فاعلموه" انتهى .
وقال ابن مفلح رحمه الله في "الفروع" (3/108) : " ويتوجه احتمال : تحصل الفضيلة بصومها في غير شوال , وفاقا لبعض العلماء , ذكره القرطبي , لأن فضيلتها كون الحسنة بعشر أمثالها , كما في خبر ثوبان , ويكون تقييده بشوال لسهولة الصوم لاعتياده رخصة , والرخصة أولى" انتهى .
ونقله صاحب الإنصاف وتعقبه بقوله : " قلت : وهذا ضعيف مخالف للحديث , وإنما ألحق بفضيلة رمضان لكونه حريمه , لا لكون الحسنة بعشر أمثالها ; ولأن الصوم فيه يساوي رمضان في فضيلة الواجب " انتهى من "الإنصاف" (3/344).
القول الثاني :
ذهب جماعة من الشافعية إلى أن من فاته صيام ست من شوال قضاها في ذي القعدة .
لكن ثوابها يكون دون ثواب من صامها في شوال ، فمن صام رمضان وأتبعه بست من شوال كان له ثواب صيام سنةٍ فرضا ، بخلاف من صام رمضان وستة من غير شوال ، فهذا له ثواب رمضان وثواب ستة أيام نفلا .
قال ابن حجر المكي في "تحفة المحتاج" (3/456) : " من صامها مع رمضان كل سنة تكون كصيام الدهر فرضا بلا مضاعفة ، ومن صام ستةً غيرها كذلك تكون كصيامه نفلا بلا مضاعفة" انتهى .
القول الثالث :
أنه لا تحصل فضيلتها إلا بصومها في شوال ، وهو مذهب الحنابلة .
قال في "كشاف القناع" (2/338) : " ولا تحصل الفضيلة بصيامها أي : الستة أيام في غير شوال ، لظاهر الأخبار" انتهى .
لكن يرجى لمن صام بعضها ولم يكملها لعذر أن ينال أجرها وفضيلتها .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " ولا يشرع قضاؤها بعد انسلاخ شوال ؛ لأنها سنة فات محلها ، سواء تركت لعذر أو لغير عذر " .
وقال فيمن صامت أربعة أيام من شوال ولم تكمل الست لبعض الظروف : " صيام الأيام الستة من شوال عبادة مستحبة غير واجبة ، فلك أجر ما صمت منها ، ويرجى لك أجرها كاملة إذا كان المانع لك من إكمالها عذراً شرعياً ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل مقيماً صحيحاً ) رواه البخاري في صحيحه . وليس عليك قضاء لما تركت منها . والله الموفق "انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (15/389 ، 395).
والحاصل :
أن صيام الست من غير شوال ، من أهل العلم من رآه كصيامها في شوال ، ومنهم من أثبت لها فضلا لكن دون فضل الست في شوال . ومنهم من رجي الثواب لمن لم يكملها لعذر ، وفضل الله واسع ، وعطاؤه لا منتهى له ، فلو أن هذه الأخت صامت يومين من ذي القعدة عوضا عما فاتها من شوال ، كان ذلك حسنا ، ويرجى لها الثواب والأجر إن شاء الله .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.