الحكومة تنفي نيتها الهيمنة على المجلس الوطني للصحافة وتؤكد انفتاحها على تعديل القانون    فرنسا والصحراء المغربية .. منعطف استراتيجي كبير    إسرائيل تقصف مجددا مبنى الأركان في دمشق وتوقع إصابات    مجلس النواب يصادق على مشروع القانون المتعلق بإحداث "مؤسسة المغرب 2030"    الدار البيضاء.. توقيف مواطن فرنسي متورط في تبييض الأموال والترويج الدولي للمخدرات    هل تكتب أو تنشر أو ترسم للأطفال؟..الجائزة الدولية لأدب الطفل ترحّب بالمواهب المغربية والعربية.    سعيد موسكير يقص من المضيق شريط الدورة ال 21 لمهرجان الشواطئ    الجديدة أولى محطات مهرجان ''العيطة المرساوية'' .. قبل أن يحط الرحال بمديونة والبيضاء    الفريق الاستقلالي في مجلس المستشارين: مؤشرات البطالة في المغرب غير مرضية    التقدم والاشتراكية: احتجاج آيت بوكماز تأكيد على ضرورة النهوض بالعدالة المجالية والاجتماعية    إحداث نحو 49 ألف مقاولة بالمغرب مع نهاية ماي منها أزيد من 15 ألفا في البيضاء    وزارة الثقافة الفرنسية: المغرب خزان فني في ازدهار مستمر    الاتحاد الدولي لكرة القدم يكشف عن برنامج بيع تذاكر كأس العالم 2026    ارتفاع كمية مفرغات الصيد البحري بميناء طنجة    اختتام برنامج "تجديد المعارف" لفائدة الأطر الحاصلين على رخصة "كاف برو"    رسميا.. ريال مدريد يعلن رحيل لوكاس فاسكيز وإقامة حفل وداع خاص بحضور بيريز    بينهم أطفال.. إسرائيل تقتل 13 فلسطينيا بغزة منذ فجر الأربعاء    القضاء الكندي ينتصر لمحام مغربي في مواجهة "تيكتوكر" متهم بالتشهير    خامنئي: هدف الحرب إسقاط النظام    إسرائيل تقصف رئاسة الأركان السورية    أحزاب إسبانية تقاضي زعيم "فوكس" بتهمة التحريض على الكراهية ضد المهاجرين المغاربة    رئيس جنوب أفريقيا الأسبق يستحضر لقاءه التاريخي مع الملك محمد السادس    مسلسل "سيفيرانس" يتصدر السباق إلى جوائز إيمي بنيله 27 ترشيحا    دراسة: تناول البيض بانتظام يقلل خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى كبار السن    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الارتفاع    لامين يامال يواجه عاصفة حقوقية في إسبانيا بعد حفل عيد ميلاده ال18        ارتفاع جديد في اسعار المحروقات في محطات البنزين بالمغرب    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    هيئة أطباء الأسنان الوطنية تدعو إلى تعزيز الثقة في ممارسة المهنة    مشروع القرن ينطلق من المغرب: الأنبوب العملاق يربط الطاقة بالتنمية الإفريقية    قمة أورومتوسطية مرتقبة في المغرب.. نحو شراكة متوازنة بين ضفتي المتوسط    مقتل مهاجر مغربي طعنًا في اسبانيا    باريس سان جيرمان يضم الموهبة المغربية محمد الأمين الإدريسي    إسبانيا.. قادة الجالية المغربية في توري باتشيكو يدعون للتهدئة بعد اشتباكات مع اليمين المتطرف    كيوسك الأربعاء | معالجة نصف مليون طلب تأشيرة إلكترونية خلال ثلاث سنوات    لقجع: المداخيل الجبائية ترتفع ب25,1 مليار درهم حتى متم يونيو 2025    فضيحة دولية تهز الجزائر: البرلمان الأوروبي يحقق في "اختطاف" للمعارض أمير دي زاد    زوما يصفع من الرباط النظام الجزائري: ندعم مغربية الصحراء ونرفض تقسيم إفريقيا تحت شعارات انفصالية    دراسة: المشي اليومي المنتظم يحد من خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    تعاون جوي مغربي-فرنسي: اختتام تمرين مشترك يجسد التفاهم العملياتي بين القوات الجوية    مشروع ضخم لتحلية المياه يربط الجرف الأصفر بخريبكة لضمان استدامة النشاط الفوسفاطي    الدفاع الجديدي يرفع شعار التشبيب والعطاء والإهتمام بلاعبي الأكاديمية في الموسم الجديد …    لقاء تنسيقي بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة استعداداً للدخول المدرسي 2025-2026 واستعراضاً لحصيلة الموسم الحالي    مطار طنجة: إحباط محاولة تهريب أزيد من 32 كيلوغرام من الحشيش داخل حقائب سفر    مجلس النواب يصادق على مشروع القانون المتعلق بإحداث "مؤسسة المغرب 2030"    الاتحاد صوت الدولة الاجتماعية    "طقوس الحظ" إصدار جديد للكاتب رشيد الصويلحي"    "الشرفة الأطلسية: ذاكرة مدينة تُباد باسم التنمية": فقدان شبه تام لهوية المكان وروحه الجمالية    "دراسة": الإفراط في النظر لشاشة الهاتف المحمول يؤثر على مهارات التعلم لدى الأطفال    العيطة المرساوية تعود إلى الواجهة في مهرجان يحتفي بالذاكرة وينفتح على المستقبل    الإفراط في النظر لشاشات الهواتف يضعف مهارات التعلم لدى الأطفال    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجتمع المدني في ميدان الإعاقة بين الفعل ورد الفعل
نشر في أخبارنا يوم 14 - 12 - 2013

بعض النظر عن الإنتشار الذي تعرفه الجمعيات المدنية المهتمة بالإعاقة في ربوع الرقعة الترابية للمعرب، ورغم المكانة التي أمست تحتلّها، كشريك متميز في الإستراتيجية الحكومية المرتبطة بتدبير ملف الإعاقة، لا يزال عمل ونشاط هذه الجمعيات يصطدم بعراقيل جمّة منها ما يرتبط بضعف الإمكانيات المالية والبشرية المرصودة لها. ومنها ما يعود إلى نوعية الثقافة الإقصائية والتمييزية، التي لا تزال سائدة في أوساط لا يستهان بها من النخبة السياسية والمواطنين .
محدودية الموارد المالية.
غالبا ما تنحصر الموارد المالية للعمل الجمعوي في مستحقات الأعضاء المنخرطين والهبات الإحسانية على قلّتها، وكذا بعض المساعدات الخارجية المشروطة، والتي تتمّ في إطار سياسة التضامن المدني العبر وطني، بجانب مساعدات بعض المنظّمات الدولية الحكومية مثل الإتحاد الأوروبي، وبرامج التعاون الإنساني التابعة للوكالات المتخصّصة للأمم المتحدة.
ومن دون تبخيس المجهودات التي تتولاها الدولة في إطار المبادرة الوطية للتنمية البشرية المدعومة من لدن المؤسسة الملكية، وكذا في إطار سياسة التعاون الوطني القطاعي والشامل، تبقى إستراتيجية الدولة في تدبير هذا المجال المهّمش قاصرة عن بلوغ المطلوب والمرجو منها كما سلف. كما أن العديد من المسئولين الرسميين لم يتجاوزوا بعد المقاربة الإحسانية الخيرية في النظر للحقوق المالية والمادية للشخص المعاق، وفي التعامل مع مشاكله، سواء على المستوى المحلي، أو المركزي، الأمر الذي لا يساعد على إكساب المعاق وضعية الفرد الحاصل على المواطنة القانونية الكاملة، التي تؤهله لتحمل الواجبات والتمتع بالحقوق شأنه في ذلك، شأن كل أفراد المجتمع الأسوياء دون إقصاء، أو تمييز.
إن المقاربة الحقوقية تبقى واجبة التطبيق في التعامل مع إحتياجات المعاق والجمعيات المدنية التي تتبنى همومه اليومية، ولاسيما فيما يخص الدعم المالي، من خلال إخراج قوانين تتولى تخصيص جزء من ميزانية الدولة، لرعاية هذه الفئة من المجتمع وضمان عيشها الكريم، عن طريق إحداث صندوق دعم وطني للأشخاص المعاقين، سواء من خلال الميزانية الجماعية، أو القانون المالي السنوي للدولة.
بيد أن كل هذا لا يمنع من الإشارة إلى الإختلالات المالية التي تعرفها الكثير من هذه الجمعيات، في ظل غياب التدبير الحكيم والمعقلن لميزانياتها على قلّتها، وحضور النية لدى بعض مسؤوليها في استثمار معاناة المعاق، لأجل تركيم مصالح مالية، أو سياسية.
موارد بشرية غير مؤهلة .
تشير أغلب التقارير المجراة حول وضعية الإعاقة بالمغرب، (ومن ضمنها البحث السنوي حول الإعاقة لسنة 2006 الصادر عن وزارة التخطيط) إلى الشحّ المشهود الذي يعرفه المجال الجمعوي المرتبط بالإعاقة، فيما يخص الأطر التربوية والطبية و النفسية المكلّفة بالعناية بالشخص المعاق ورعايته. ويعود ذلك، في الغالب الأعم، إلى غياب الإهتمام الكافي بهذه الفئة، وإلى اللامبالاة التي ظلّ يعرفها المجال إلى عهد قريب، وكذا إلى عدم وجود التحفيزات المادية والمالية الكفيلة بدفع المتعلّمين إلى دخول هذا المجال.
كما أن غياب إستراتيجية شمولية واضحة للدولة، لتأسيس مراكز طبية وتربوية عمومية متخصّصة في ذلك، جعل القطاع الخاص يتولى بعض المبادرات في هذا المجال، عن طريق تأسيس مراكز تدريس خاصة للترويض الطبي، يطغى عليها عامل الربح أكثر من جودة التكوين الشيء الذي أدى إلى فشل تلك المبادرات في غالب الأحيان، نتيجة لعدم تلائم الوسائل مع الأهداف إذ إنّ صرف مبالغ مرتفعة للتكوين ظلّ يقابل بغياب فرص شغل قارّة ومربحة، على اعتبار أن المجال المعني هو مجال مقصي ومهمّش، ويضمّ في معظمه أشخاصا معاقين لعائلات فقيرة ومعوزة، لا تجد حتى مصاريف إعالة الشخص المعاق، فما بالك بدفع مصاريف الترويض الطبي وغيرها..
ولا يقتصر الأمر فيما يخصّ غياب وعدم كفاية الموارد البشرية المؤهّلة على هذا المجال فقط، بل يمتد ليشمل أيضا العاملين داخل الجمعية من أطر إدارية وترفيهية وتعليمية، إذ تكاد تغيب الأطر البشرية المتوفّرة على تكوين خاص، للتواصل مع الشخص المعاق وتعليمه وتربيته، بما يتلاءم ووضعياته الذهنية والبدينة والنفسية الخاصة. بيد أنّ هذا لاينفي كلية بعض المجهودات التطوعية، لبعض الأطباء والممرضين المغاربة، لاسيما بالمدن الكبرى مثل الرباط، فاس والدار البيضاء الذين ينخرطون بنشاط كامل ضمن بعض الجمعيات كأعضاء فاعلين.
إنّ سدّ الخصاص الحاصل في هذا المجال، يتطلّب من الدولة إقرار إستراتيجية وطنية، تدمج الإحتياجات التربوية والتعليمية للشخص المعاق، ضمن البرامج التربوية لوزارة التربية الوطنية، وتخصيص موارد مالية لها من الميزانية القطاعية للوزارة، حتىّ تتمكن الحكومة من بناء مراكز لتكوين هذه الأطر النوعية من جهة، ومن جهة أخرى ينبغي عليها صياغة مقتضيات قانونية واضحة، كفيلة بدمج الشخص المعاق ضمن التعليم النظامي، بعد تطوّر قدراته الذهنية، وتبيّن نبوغه الفكري داخل أقسام التأهيل الأوّلي، لعدم كفاية تلك المعمول بها راهنا، التي ينبغي أن تشرف عليها الأطر المؤهّلة خريجة المدارس السالفة، طبعا مع توفير الوسائل «اللوجيستيكية» لذلك من نقل ورعاية صحية وتتبّع وتقييم.
حملات تحسيسية صورية .
لعلّ أبرز ما يطغى على مجمل الحملات التحسيسيّة المنظّمة لفائدة المعاق، لا فرق في ذلك بين تلك التي تقوم بها الدولة، أو المنظّمات المدنية، هو الطابع الظرفي والموسمي؛ فخارج تاريخ3 دجنبر و 30 مارس من كلّ سنة، تستمر حالة المعاق تُسيّجها وضعية النسيان السياسي، نظرا لغياب خطة وطنية، تتولىّ التفعيل اليومي لقضايا المعاق في المجال العمومي، باعتبار ذلك مبدأ من مبادئ إقرار العدالة والمساواة داخل برامج التنمية البشرية والاقتصادية للبلاد.
وهكذا، فبعد أن كان شعار الإعاقة، متضمّنا في تسمية الوزارة المكلفة بذلك، تمّ حدفه لصالح تسميّة جديدة بعد تنصيب حكومة السيد عباس الفاسي، عقب انتخابات 7 شتنبر2007 هي: وزارة التنمية الإجتماعية والأسرة والتضامن، من دون الإشارة إلى مسألة الإعاقة صراحة، وهو ما يدلّ على وضعية التراجع التي أصبحت تعرفها الإعاقة في سلم أولويات الوزارة الوصية، لصالح قضايا أخرى.
إنّ تكريم الشخص المعاق وضمان قبوله السلس والإيجابي داخل هياكل المجتمع، من دون تشنج، أو تعال، أو إقصاء، (تبعا لكون الأسوياء كيفما كانت مستوياتهم ليسوا في مأمن من الإعاقة ومن دوائر الزمن)، يتطلب إضطلاع الدولة بالمزيد من حملات التحسيس التضامنية والتواصلية مع هذه الفئة، التي تكاد تمثّل عشر البشرية، أي ما يناهز (650) مليون شخص، حسب الإحصائيات الأخيرة للأمم المتحدة، إذ يضم المغرب لوحده أكثر من (1.530.000) معاق، أي بنسبة ,51% من الساكنة، منهم (230) ألف طفل معاق تقل أعمارهم عن عاما، حسب إحصائيات الوزارة المكلّفة بالقطاع.
كما أنّ على الدولة تخصيص الدعم الكافي للجمعيات المدنية على نحو ما سبق (أي توفير الدعم المالي والأطر البشرية المؤهّلة)، حتّى تتمكّن هذه التنظيمات التطوعية من القيام بعمل تحسيسي جاد، مؤهّل ومستمر، يجنّب الشخص المعاق الإقصاء والتهميش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.