بعد ميسي.. لامين يامال يحمل رقم 10 في البارصا    واقعة معتصم "شاطو" جماعة اولاد يوسف تخرج الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ببني ملال ببلاغ للرأي العام    الكاف يختار غزلان الشباك ضمن التشكيلة المثالية لدور مجموعات "كان السيدات"    نجم الكرة المغربية أحمد فرس يغادرنا إلى دار البقاء    "أرض اليهودي" تشد الانتباه بطنجة    هيئات حقوقية وحزبية پإوروبا تتضامن مع المهاجرين المغاربة بمورسيا    أتلتيكو مدريد الإسباني يعزز صفوفه باللاعب كاردوسو القادم من ريال بيتيس    الدار البيضاء: توقيف مواطن فرنسي موضوع أمر دولي بإلقاء القبض    أمين لام يتألق في "هاك وارا" من توقيع منعم سليماني -فيديو-    58 ألفا و573 شهيدا حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ بدء الحرب    هيئة مغربية تدين العدوان الإسرائيلي الغاشم على سوريا وتدعو لوقف إفلات تل أبيب من العقاب    لجنة تسيير قطاع الصحافة تسلم حصيلتها للحكومة وتوصي بإصلاح جذري ينطلق من تأهيل المقاولة والإعلاميين    ارتفاع طفيف في أسعار الغازوال واستقرار في البنزين بمحطات الوقود بالمغرب    محكمة كيبيك تدين هشام جيراندو بتهمة التشهير وتعويضات تفوق 160 ألف دولار    مقتل مغربي طعنًا في اسبانيا    الحسن الثاني ومانديلا.. ذاكرة دعم مغربي مبكر لحركة تحرير جنوب إفريقيا قبل أن يعترف بها العالم    الدورة الثانية لمهرجان العيطة المرساوية تنطلق عبر ثلاث محطات فنية بجهة الدار البيضاء سطات    المساعدات الدولية للبلدان الفقيرة في مجال الصحة قد تسجل أدنى مستوياتها منذ 15 عاما    في المؤتمر الإقليمي الخامس بالناظور.. إدريس لشكر الكاتب الأول: حزبنا بيت الديمقراطية، والعدالة المجالية مدخلٌ للتنمية ومصالحة الوطن مع أطرافه    بورصة البيضاء تغلق على الانخفاض    حميد الدراق: الحكومة أخلفت وعودها في النمو والقدرة الشرائية وتورطت في مديونية مقلقة    النقابة المهنية لحماية ودعم الفنان تنتفض ضد إقصاء الفنانين وتجاهل حقوقهم في مهرجانات الشواطىء    رحلة إلى قلب الفلامنكو في مسرح رياض السلطان بطنجة    خواطر وهمسات على أديم الفضاء الأزرق    أكثر من 300 قتيل في جنوب سوريا    الحشرة القرمزية تعود لتهدد حقول الصبار بالمغرب    هل تكتب أو تنشر أو ترسم للأطفال؟..الجائزة الدولية لأدب الطفل ترحّب بالمواهب المغربية والعربية.    التقدم والاشتراكية: احتجاج آيت بوكماز تأكيد على ضرورة النهوض بالعدالة المجالية والاجتماعية    وزارة الثقافة الفرنسية: المغرب خزان فني في ازدهار مستمر    إحداث نحو 49 ألف مقاولة بالمغرب مع نهاية ماي منها أزيد من 15 ألفا في البيضاء    الاتحاد الدولي لكرة القدم يكشف عن برنامج بيع تذاكر كأس العالم 2026    ارتفاع كمية مفرغات الصيد البحري بميناء طنجة    أحزاب إسبانية تقاضي زعيم "فوكس" بتهمة التحريض على الكراهية ضد المهاجرين المغاربة    خامنئي: هدف الحرب إسقاط النظام    مسلسل "سيفيرانس" يتصدر السباق إلى جوائز إيمي بنيله 27 ترشيحا    إسرائيل تقصف رئاسة الأركان السورية    دراسة: تناول البيض بانتظام يقلل خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى كبار السن    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    هيئة أطباء الأسنان الوطنية تدعو إلى تعزيز الثقة في ممارسة المهنة    لامين يامال يواجه عاصفة حقوقية في إسبانيا بعد حفل عيد ميلاده ال18        مشروع القرن ينطلق من المغرب: الأنبوب العملاق يربط الطاقة بالتنمية الإفريقية    قمة أورومتوسطية مرتقبة في المغرب.. نحو شراكة متوازنة بين ضفتي المتوسط    باريس سان جيرمان يضم الموهبة المغربية محمد الأمين الإدريسي    كيوسك الأربعاء | معالجة نصف مليون طلب تأشيرة إلكترونية خلال ثلاث سنوات    فضيحة دولية تهز الجزائر: البرلمان الأوروبي يحقق في "اختطاف" للمعارض أمير دي زاد    دراسة: المشي اليومي المنتظم يحد من خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    قراءة في التحول الجذري لموقف حزب "رمح الأمة" الجنوب إفريقي من قضية الصحراء المغربية    تعاون جوي مغربي-فرنسي: اختتام تمرين مشترك يجسد التفاهم العملياتي بين القوات الجوية    الدفاع الجديدي يرفع شعار التشبيب والعطاء والإهتمام بلاعبي الأكاديمية في الموسم الجديد …        "دراسة": الإفراط في النظر لشاشة الهاتف المحمول يؤثر على مهارات التعلم لدى الأطفال    الإفراط في النظر لشاشات الهواتف يضعف مهارات التعلم لدى الأطفال    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سطات.. مأساة بغل..
نشر في أخبارنا يوم 29 - 10 - 2014

تلوح في الأفق مؤشرات وملامح لغد قد لا يبدو كما نشتهيه.. ولربما ظن الكثيرون أن أكبر المتفائلين لا يتوقع غدا مشرقا أو بالأحرى على ما يرام.. وتلكم أيها السادة نهاية اللعبة التي لم تبتدئ أصلا.. فالحكاية تسرد فصول تراجيديا سطاتية بطلها الحيوان ووقودها الإنسان.. ولكي لا نطيل في مثل هكذا مقدمات.. ولا نجعل الأمور تبدو ضبابية وجب تحديد لب المقال وإلزامه بالمقام.
فالمقال أيها السادة الكرام، كلام عن الحيوان.. والمقام أيها الفضلاء استهتار بكرامة الإنسان.. ولا أقل من التوضيح بالخبر.. وإن كان كما قيل قديما أن "اللبيب بالإشارة يفهم" وليس أبو علم كأخو جهالة.. ومنبع القول حينما أوردت الصحف المحلية بسطات مؤخرا خبرا عن بغل ترك يحتضر.. وحين مات ترك لينال حظا وافرا من المشاهدين من المارة.. فلربما ارتأى مسؤولونا العظماء أن يتركوا للسيد البغل "فرصة" لينال عطف الناس وترحم المترحمين.. وإلى حين تم رفع جثته، لتترك وراءها شرخا كبيرا في كرامة أهل المدينة.. على اعتبار أن جثة الحيوان كانت مستقرة بجانب أهم سوق بالمدينة حيث الخضراوت واللحوم والأسماك التي تنتقل إلى بيوت المواطنين وتفعل فعلها بصحتهم الجسمية (مواد السوق بتفاوت درجات جودتها) أو النفسية ( المرور على جثة بغل !!) وكأن المرحوم البغل كان يردد عبارة المصريين الشهيرة في أفلامهم : لن تنالوا مشترياتكم إلا على جثتي..
البغل.. هذا الحيوان الأليف.. القوي.. الصبور.. يبدو أن القدر شاء أن ينحث له تاريخا في صفحات عذرية كرامة المواطن السطاتي.. فإذا كان قد حرَّك..(لو حقا فعل ذلك) مشاعر المسؤولين إلى حين الأمر برفع جثته دونما اكتراث إلى جنبات المكان الذي تواجدت به، والذي تبدو جثة البغل هي أنقى جزء فيه.. ليترك المواطن أمام الكميات الكافية من التلوث بجانب المركز التجاري الأكثر رواجا.. حتى تخال نفسك وأنت تمر عبر البوابة الخلفية لسوق "شطيبة" ناحية تجار الدجاج، تخال نفسك قبل ولوجها أنك في مركز لمعالجة المياه العادمة ناهيك عن الأعداد الهائلة من الحشرات الطائرة و التي يبو أنه يتم تدجينها بالمكان..
البغل.. هذا الحيوان المأسوي.. والذي يبدو أنه يقدم حياته قربانا وخدمة لصالح المواطن السطاتي.. والذي يبدو أنه قد ظلم من حيث رمزيته وإلا ربما رفع الحصان المستقر على نصب فاخر بقلب المدينة ووضع محله مجسم لهذا الحيوان العظيم الذي يستبسل في خدمة المواطن السطاتي باذلا أغلى ما يملك.. حياته..
البغل.. هذا الحيوان الذي قدم نفسه كأضحية جديدة بعد العيد الأعظم.. ليدق ناقوس الخطر المنبه إلى مساحة كبيرة من أراضي المدار الحضري والتي تشغلها السكة الحديدية "غير مؤمنَّة"، ولا يفصلها عن المواطنين أي فاصل.. لا أسوار.. ولا حتى أسلاك شائكة.. أو غير شائكة حتى.. فعلى طول المدينة امتد صرح العمران وتجاورت التجزئات.. لكن دون الأخذ في الحسبان من طرف مسؤولي السكك الحديدية ولا مسؤولي البلدية أو العمالة أو الولاية أو أي كان نوع المسؤولين.. لم يتم أخذ سلامة المواطنين بالحسبان.. لتظل مساحات كبيرة ومجاورة للسكان مكشوفة وليتم المرور عبرها.. لكونها أصبحت تتوسط الأحياء.. ربما كي لا تترك بعض سكانها أحياء.. فهل يعقل أن تترك السكة الحديدية دون عزل؟ وهل يعقل أن يتم الترخيص للتجزئات والتعاونيات لتهيئة الأرض وبيعها للمواطنين دونما أخذ بعين الاعتبار مجاورتها للسكة الحديدية؟ أليست سلامة المواطن أهم من أي شيء؟ فلِمَ يتم التفريط بها عبر التهاون في درء المخاطر عنها؟
البغل.. هذا الحيوان الأكثر احتقارا.. والأشد كراهة بين الدواب.. هل بات اليوم المنقذ؟.. هل دفعه لجثتي اثنين من بني جنسه، سيكون كافيا لإزالة الظباب من أمام أعين مسؤولي الصحة والنظافة بهذه المدينة السعيدة؟ وكذا مسؤولي الأمن والسلامة؟ ومسؤولي السكك الحديدية؟ وربما حتى المسؤولين بالعاصمة؟.. فلربما وبخوا من فرط ولو بغير قصد في إعطاء الاهتمام اللازم والسهر الكافي على تدبير شؤون هذه المدينة السعيدة.
البغل.. هل هو حقا من يعتبر بغلا؟.. أم ذاك الذي يراوح نهاره وليله ماشيا وجالسا في بيئة غير نظيفة.. وطرق مهترئة.. ومياه شرب تكاد تقارب في بعض الأحيان المياه العادمة.. وأزقة تعلوها الأتربة.. ومياه أمطار تقض مضجعه ربما في كل ليلة ممطرة؟.. ترى هل البغل هو ذاك المرحوم الذي شطر جسده تحت عجلات القطار وبين قضبان السكة الحديدية.. أم ذاك الذي تهان كرامته.. حين يحشر في حافلة أو حويفلات نقل بالعشرات والمئات كل صباح في طريقه إلى ينبوع العلم والمعرفة بالجامعة؟.. هل البغل هو من ترك لمصيره المعذب بجوار السوق أم ذاك القابع داخله بين ركام الصناديق وفضلات الخضراوات الفاسدة المرمية في جنبات سوق غير مهيكل، حتى تزكم أنوف المقبلين على السوق..
البغل.. ذاك الحيوان.. أم هذا الإنسان المعذب.. الدائم الطعن في كرامته.. ذاك الذي لا يطلب شيئا سوى القيام على أموره بذمة وأمانة.. في مدينة ترصد لها الإعتمادات تلو الإعتمادات.. فلا ترى منها سوى الصباغات على الأرصفة أو في أكثر الحالات تبديل الأعمدة بالأعمدة وتشييد الحدائق.. فلربما المجال الأخضر صار أولوية الأولويات.. في حين تتراجع كرامة المواطن الذي يصرخ ويصرخ صائحا مطالبا بأبسط حقوقه.. الحق في الحياة الكريمة وفقط..
البغل.. عذرا أيها الحيوان العظيم.. فلربما أمضيت حياتك كلها في خدمة الإنسان.. الذي يأبى أخوه الإنسان أن يعترف حتى بإنسانيه.. وداعا أيها البغل العظيم.. نودعك .. آملين أن يرتقي من يعنيه القول، على الأقل، للقدرة على إدراك رسائل تضحيتك.. نقول وداعا.. أو ربما وجب علينا أن ننتظر إلى أن تنقرض جميع بغال المدينة.. فحينها فقط.. ربما لا نحتاج لبعث الرسائل..
نودع البغل.. ونقول للمسؤولين كما دائما.. عبارتنا المواطنة: " إننا لا نتهم أحدا.. لكن من حقنا مساءلة الجميع" على الأقل كي لا تروح تضحيات البغل سدى..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.