أخنوش يدعو إلى تعزيز التنسيق بين المرافق العمومية ومؤسسة وسيط المملكة لخدمة المواطنين    بنسعيد: التنظيم الذاتي جسر لدعم المقاولات الإعلامية الجادة وحمايتها من المنافسة غير الشريفة    بنسعيد: على الصحافيين تدبير أمورهم دون تدخل للحكومة وقانون "مجلس الصحافة" يعالج الاختلالات    رحيل القيادي اليساري مصطفى البراهمة بعد معاناة مع المرض    وهبي: عدد الأحكام بالعقوبات البديلة بلغ إلى غاية اليوم 450 حكما    "الاشتراكي الموحد" يؤكد أن الملكية البرلمانية هي المدخل الحقيقي لأي إصلاح سياسي ويدعو لانتخابات نزيهة    المداخيل الجمركية الصافية بلغت حوالي 73 مليار درهم عند متم شتنبر المنصرم    820 مليون درهم لتحويل ورزازات إلى وجهة مرجعية في السياحة الثقافية المستدامة    أسعار الذهب والفضة تقفز لمستوى قياسي جديد    اتفاق وقف إطلاق النار.. الإفراج عن 96 معتقلا فلسطينيا من سجن "عوفر"    ترامب من إسرائيل: الحرب انتهت ولا أعلم شيئاً عن ريفييرا غزة    هيئة حقوقية تطالب بمراجعة قوانين التظاهر ووقف متابعة المحتجين السلميين    صحيفة إسبانية: المغرب يفرض نفسه كأبرز المرشحين لكأس العالم بعد أداء "لا يمكن وقفه"    المغرب يضرب موعدا مع فرنسا في قبل نهائي كأس العالم للشباب    تقرير: تزايد أعداد الفتيات المغربيات المتسللات إلى سبتة سباحة    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    برادة: الحكومة تتعامل مع إصلاح التعليم كأولوية وبلادنا في الرتبة 16 عالميا من حيث الإمكانيات التي ترصدها للتعليم    فوز أميركي إسرائيلي وفرنسي وكندي بجائزة نوبل للاقتصاد    لافونتين المغربي والخطاب السياسي..    معايير منح جائزة نوبل بين التشريف السياسي والاستحقاق الأكاديمي    تمديد آجال الترشيح للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة إلى غاية 20 أكتوبر    علماء كنديون يكتشفون طريقة بسيطة عن طريق تحليل عينات من أظفار القدم للكشف المبكر عن سرطان الرئة    دراسة: الاستهلاك اليومي للشاي الأخضر يساعد على الوقاية من مرض الكبد الدهني    جدد مطالبته بالعمل على تأسيس إطار قانوني ملزم للعدالة المجالية في الجبال.. الائتلاف المدني من أجل الجبل يدعو إلى اعتماد سياسة مندمجة تراعي الخصوصيات    جائزة نوبل للأدب بيان ضدّ الشعبوية الأوروبية    «بين حبيبات الرذاذ، خلسة صفاء» .. ما بين المبتدأ وشبه الجملة، ينهمر شعر مينة الأزهر    إدغار موران: فيلسوف العصر العاشق للحمراء    المجلس الاقتصادي يعارض عضويته في مجلس الصحافة ويقترح تمثيل جمعيات حماية المستهلك    المغرب يفوز بأربع ميداليات خلال الدوري الدولي المفتوح للكيك بوكسينغ بأوزبكستان    الرئيس الصيني يدعو إلى مسيرة جديدة لتحقيق المساواة وتمكين المرأة عالمياً    الصين: ارتفاع الصادرات بنسبة 8,3 بالمائة في شتنبر رغم التوترات التجارية مع واشنطن    أمطار مفاجئة تحول شوارع الناظور والدرويش إلى أودية ومستنقعات    حافلات تقل معتقلين فلسطينيين تصل إلى رام الله في الضفة الغربية    المغاربة متوجسون من تداعيات انتشار الأنفلونزا الموسمية خلال فصل الخريف    الجامعة الملكية المغربية لكرة المضرب تعقد جمعها العام العادي    الأداء الإيجابي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    وهبي: نقاتل من أجل المغرب.. وحلمنا رفع كأس العالم    كيوسك الإثنين | تحذيرات من التواطؤ الثابت بين البوليساريو والجماعات الإرهابية    مصرع عون مساعدة بشركة الطرق السيارة في حادثة سير بالقنيطرة    الملك يشرف اليوم على تدشين مصنع لصناعة أجزاء الطائرات بالدار البيضاء    البرلمان يمطر حكومة أخنوش بأسئلة حارقة حول جودة التعليم ومآل مكافحة الفساد عشية احتجاجات شباب Z    الجيش الإسرائيلي يتسلم 7 أسرى من الصليب الأحمر داخل قطاع غزة    إيطاليا.. العداء المغربي الحسين العزاوي يتوج بطلا للعالم في سباق "غولدن تريل ورلد سيريز"    الفلبين: زلزال بقوة 5,8 درجة يضرب جزيرة سيبو    المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة يواجه فرنسا في نصف نهائي كأس العالم    ٍ"الأشبال" يواجهون فرنسا في النصف    نجيب أقصبي ل "لوموند": حركة "جيل زد" نتيجة مباشرة ل "رأسمالية التواطؤ" في المغرب التي سحقت الفقراء والطبقة الوسطى    نظام آلي جديد يراقب حدود أوروبا    "إكسباند" يستبق انطلاق "جيتكس غلوبال" بربط ألفي شركة ناشئة بالمستثمرين    العِبرة من مِحن خير أمة..    دراسة: الإفراط في استخدام الشاشات يضعف التحصيل الدراسي للأطفال    حاتم البطيوي يسلم الشاعرة الإيفوارية تانيلا بوني جائزة "تشيكايا أوتامسي" للشعر الإفريقي (صور)    سحر الرباط يخطف الأنظار.. صحيفة بريطانية تضع العاصمة ضمن أبرز الوجهات العالمية    الإصابة بضعف المعصم .. الأسباب وسبل العلاج    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقرنصات تحفة العمارة الإسلامية
نشر في العمق المغربي يوم 09 - 05 - 2019

يعبر الفن الزخرفي على مهارة الفنان و إبداعه , و مصدر إلهامه و محاكاة لهوية تعتبر ذاكرة الزمان و المكان. و في إطار المتغيرات العالمية و المعاصرة و تحديات العولمة الثقافية الراهنة قد يبدو لنا أن فن الزخرفة لم نعد نرى منه سوى أطلال تخضع بين الفينة و الأخرى لعمليات الترميم و سؤالي : هل مازال هناك وجود لفن الزخرفة في العمارة الإسلامية ؟.
لعبت الزخرفة دورا بارزا في العمارة العربية الإسلامية على الخصوص مما ميزها عن باقي الفنون الأخرى , فقد أبدع المسلمون في زخرفة مساجدهم و معالمهم الدينية , و اعتمد فيها الفنان على أفكاره و أحاسيسه . و نظر إلى الإنسان و الحيوان و النبات كمحور فني و عنصر هام في إبداعاته و ذئب ليجعله شكلا هندسيا صامدا متفردا محافظا على جماليته و خصوصيته التي تميزه عن غيره من الفنون الأخرى بحيث أنه فرض وجوده على مر العصور. و سنقف عند نموذج لطالما أثار انتباهي و اهتمامي ألا وهو : المقرنصات كفن زخرفي ميزت العمارة الإسلامية.
المقرنصات : و هي كلمة يعتقد أنها تعريب لكلمة إغريقية قديمة , فهي ترجمة للفظ يوناني يدل على الأشكال المتحجرة في الكهوف الكلسية , بفعل ظاهرة الصواعد و النوازل الناتج عن المياه المحملة بالكلس , و هذا اللفظ يطلق على الأعمدة التي تظل معلقة في سقف الكهوف 1 .
تعتبر المقرنصات إحدى إبداعات الفن الإسلامي , ترجع إلى القرن الخامس الهجري , كما أشار إلى ذالك عبد الرحيم غالب بوصفه لمسجد الجمعة في أصفهان : “يبقى مسجد الجمعة في أصفهان من أروع الآثار المقرنصة و أقدمها و التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي ” 2 ,ثم شاع استعمالها من قبل المسلمين و صارت تزين بها المساجد و المآذن و تحث القباب و في تيجان الأعمدة و في السقوف الخشبية و شرفات المآذن و المحاريب . لكن تاريخها يشوبه الغموض , لأنه عثر على حفريات جرت في إيران و في نيسابور تعود أصولها إلى قرنين أو ثلاث قرون سبقت تأسيس مسجد الجمعة في أصفهان 3 .
و قد استخدمت المقرنصات للتخفيف من ثقل الكتلة , حيث أن هذه الأخيرة تقسمها المقرنصات الى عدة أجزاء صغيرة , و هذا بدوره يؤدي إلى توزيع وقع ثقل الكتلة على نقاط متعددة و ذلك عن طريق تركيبها الهندسي الدقيق في صفوف بعضها فوق بعض .ناهيك عن وظيفتها الزخرفية و الجمالية فهي تعطي شكلا هندسيا ثلاثي الأبعاد . و نجد من أروع نماذج المقرنصات : تيجان أعمدة مدرسة العطارين بفاس ,و لعل مدينة فاس و ما تزخر به من تراث عمراني عتيق فهي تضم في ثناياها تاريخا عريقا عبر عنه مارمول كاربخال في كتابه “افريقيا ” ” بأنها عاصمة المملكة و بلاط الغرب ” 4 . و فاس لم تزل أم بلاد المغرب في القديم و الجديد , و هي ألان قاعدة ملوك بني مرين فهي بهم في المحل الرفيع و الشكل البديع 5 و مدينة فاس العتيقة تضم 11 مدرسة تقليدية تلقن فيها علوم الدين و اللغة و التاريخ و نجد من بين هذه المدارس مدرسة العطارين التي تتواجد عند طرف سوق العطارين فهي بذلك سميت على اسم السوق الذي ينفتح بابها عليه , و رغم صغر مساحتها فهي تعتبر من أجمل المدارس من ناحية الهندسة المعمارية و تزخر بأروع نماذج المقرنصات المتمثلة في تيجان أعمدتها , تأسست على يد السلطان المريني أبي سعيد بن يعقوب بن عبد الحق سنة 1323 م و قد تكلف ببنائها عبد الله بن قاسم المزوار , و يأتي تصميم هذه المدرسة على الشكل التالي :
فناء مستطيل مزين بحوض تحف بجوانبه أروقة مدعمة بركيزتين تتعاقب مع أعمدة رخامية تتوفر على طابقين علويين مخصصين للطلبة و لها باب مركزي كبير يربط باب السور الجنوبي الغربي المدرسة بالخارج , بينما تؤدي الأخرى إلى قاعة الصلاة , و ترتكز على ثلاث عقود من خشب الأرز و أعمدة من الرخام مؤطرة بعقود مقرنصة تحمل أطراف الواجهات . و كان يستعمل في الخامات المستخدمة في صناعة المقرنصات : الجبس أو الحجر الصناعي الداخل في تركيبة طحين الرخام و هو الأكثر استعمالا في المغرب العربي.
و قد اختلفت أشكال المقرنصات في العمارة الإسلامية حيث كان لها ارتباط بالعناصر الطبيعية و ذلك انطلاقا من التشكيلات الصخرية الموجودة في الجبال التي ألهمت الفنان المبدع في توظيفها لتشكيل فن زخرفي على شكل مقرنصات . إضافة إلى النخيل فهو أخذت منه الأشكال المقرنصة شكل الدلايات التي يمتاز بها قوام النخيل الممشوق و الأقواس المتناسقة و الرقبة المعرشة .
مقرنصة توضح وجه الشبه الدلايات بالنخلة
فالطبيعة بغناها ساعدت خيال الفنان على تشكيل مقرنصات استوحاها من عناصر الطبيعة . و يؤكد هذا بول كولي بقوله ” يبقى الحوار مع الطبيعة شرطا أساسيا لتكوين الفنان , و لا فن بدون هذا الحوار , و لان الفنان هو قبل كل شيء إنسان فإنه هو نفسه طبيعة ………..,و يستطيع الفنان الدارس عبر تجميع خبرات في التأمل من طرق متنوعة و التي تتحول على يده إلى عمل ….6 .
و خلاصة القول , إن الزخرفة كان لها الأثر الكبير في العمارة الإسلامية و التي تنوعت و تعددت بدورها من الزخرفة الخطية و الهندسية و النباتية إلى الزخرفة بالمقرنصات التي أكسبت العمارة الإسلامية الأناقة و الجمال و الخيال الساحر الذي لا نظير له , و هذا يعبر عن عبقرية الفنان و مهارة إبداعه رغم غياب هذا الفن من الزخرفة في الوقت الراهن ; هذا الفن الذي لم يأخذ حقه في البحث و التحليل على الرغم من أهميته المعمارية و الجمالية .
لائحة البيبليوغرافيا المعتمدة:
1. عبد الرحيم غالب ,”موسوعة فن العمارة الإسلامية “, الطبعة 3 – دار الملتقى للطباعة و النشر , دار الملتقى لخدمات الكتاب, بيروت , 2001 , ص :410 .
2. المرجع نفسه , ص: 411 .
3. المرجع نفسه , ص 411 .
4. مارمول كاربخال , “افريقيا “,ترجمة محمد حجي و آخرون,الجزء الثاني , دار النشر المعرفة , 1989 , ص: 144 .
5. علي ابن أبي زرع الفاسي , “الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب و تاريخ مدينة فاس “,دار المنصور للطباعة و الرباط , 1972 , ص 16.
6. بول كولي ,”نظرية التشكيل ” , ترجمة عادل السيوي , دار ميريت للنشر , الطبعة 1 , 2003 , ص: 75 – ص103 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.