ارتفاع حصيلة تحطم الطائرة الهندية ل279 قتيلا    "العدل والإحسان": الاعتداء على إيران يؤكد نهج الكيان الصهيوني القائم على العنف والإجرام    أفتاتي: من الواجب التضامن مع الشعب الإيراني في مواجهة إجرام كيان صهيوني مارق    ريال مدريد يضم اللاعب الأرجنتيني ماستانتوونو    نسبة النجاح في امتحانات البكالوريا 2025 تتراجع مقارنة بالسنة الماضية    كيوسك السبت | شركة صينية جديدة تختار المغرب للاستثمار في قطاع صناعة السيارات    الرصاص يلعلع في حي القلعة بالجديدة لتوقيف جانح مسلح بسيف ومرافق بكلب شرس .    القضاء يُدين أستاذا جامعيا في قضية سرقة علمية هزّت كلية الحقوق بأكادير    نقابة مفتشي التعليم تحذر من التوتر والتصعيد وتنتظر ردّ وزارة التربية الوطنية    أجواء حارة في توقعات طقس السبت    واشنطن.. عرض عسكري غير مسبوق احتفالا بالذكرى ال250 لتأسيس الجيش الأمريكي    بطولة اسبانيا: ريال مدريد يضم الشاب الأرجنتيني ماستانتوونو    إسناد تسيير ضريبة السكن وضريبة الخدمات الجماعية إلى المديرية العامة للضرائب    رويترز: القادة الإيرانييون الذين استهدفهم الهجوم الإسرائيلي فاق عددهم ال20    بعد رد إيران... سعر النفط يرتفع إلى 74.23 دولار للبرميل    مهنيو و فعاليات الصيد البحري بالجديدة يعترضون على مقترحات كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري    حملة ميدانية واسعة لمحاربة احتلال الملك العمومي بسوق للازهرة بالجديدة    نهضة بركان يطمع في ثلاثية تاريخية والجيش الملكي يبحث عن التعويض    تراجع ملحوظ في كميات وقيمة الأسماك بميناء الناظور خلال الأشهر الأخيرة    الطالبي العلمي يتباحث مع وفد من أعضاء مكتب المنتدى البرلماني لرؤساء لجان الخارجية والدفاع بالبرلمانات الإفريقية    البواري: لجان محلية تشرف على إيصال دعم القطيع الوطني للماشية إلى المربين    السنغال تؤكد دعمها لسيادة المغرب على الصحراء أمام الأمم المتحدة    "بيجيدي" يُدين هجوم إسرائيل على إيران    اجتماع عمل لبحث إجراءات إعادة تكوين قطيع الماشية على مستوى جهة طنجة-تطوان-الحسيمة    سوق السيارات المستعملة.. تسجيل رقم قياسي تاريخي بلغ 775 ألف و121 عملية تحويل ملكية خلال سنة 2024    " التحول " معرض فردي للفنانة حياة قادري حسني برواق باب الرواح بالرباط    نج وكي بلاك يجمعان صوتهما لأول مرة في عمل غنائي مشترك    السفير الصيني في المغرب، لي تشانغلين، يكتب: إلغاء الرسوم الجمركية سيتيح فرصًا أكبر لإفريقيا        عجز السيولة البنكية يتفاقم إلى 127 مليار درهم خلال أسبوع    ترامب محذرا إيران: إبرام الاتفاق أو الفناء    اللائحة الرسمية لفريق الوداد الرياضي في كأس العالم للأندية لكرة القدم    إسرائيل تستغل الذكاء الاصطناعي في اغتيال كبار العلماء النوويين الإيرانيين    طيران الإمارات تعلن إلغاء رحلاتها من وإلى العراق والأردن ولبنان وإيران    السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    نسبة الإنجاز في الشطر الثالث من مشروع الطريق السيار جرسيف-الناظور تصل إلى 50%    مرحبا2025.. هذه هي المنتجات الممنوع على الجالية إدخالها إلى المغرب    مهرجان حب الملوك بمدينة صفرو يتوج ملكة جمال حب الملوك    أسماء غنائية عربية تعتلي خشبة موازين في دورته العشرين    رمزية بدون شرعية: تجاوز الرمز وخيانة المعنى في مبادرات الشباب المغاربة بإسرائيل    مغرب الحضارة : إفريقيا اليوم لم تعد تنفع معها خطط الإرشاء والتحريف … ولم يعد يليق بها جلباب الاستعمار … !!!    الأخوان عبد الله وزكريا الوزان يلتحقان بنادي ريال مدريد    يونايتد يكمل إجراءات انتقال ماتيوس    حسنية أكادير يتعاقد رسميا مع أمير عبدو مدربا جديدا للفريق    ما أحوجنا إلى أسمائنا الحقيقية، لا إلى الألقاب!    مُحَمَّدُ الشُّوبِي... ظِلُّكَ الْبَاقِي فِينَا    حركة تعيينات جديدة تعيد رسم خارطة المسؤوليات القضائية    هل تم إضعاف مكافحة الفساد؟    شهادات مرضى وأسرهم..    كاظم الساهر يغني لجمهور "موازين"    مشاكل الكبد .. أعراض حاضرة وعلاجات ممكنة    فاس.. "نوستالجيا عاطفة الأمس" تعيد بباب الماكينة إحياء اللحظات البارزة من تاريخ المغرب    قانون ومخطط وطني لمواجهة ظاهرة الحيوانات الضالة بالمغرب    تفشي الكلاب الضالة في الناظور: مخطط وطني لمواجهة الخطر الصحي المتزايد    إمارة المؤمنين لا يمكن تفويضها أبدا: إعفاء واليي مراكش وفاس بسبب خروقات دستورية    متحور ‬كورونا ‬الجديد ‬"NB.1.8.‬شديد ‬العدوى ‬والصحة ‬العالمية ‬تحذر    السعودية تحظر العمل تحت الشمس لمدة 3 أشهر    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أشهر في جميع منشآت القطاع الخاص    









صديقي المثقف.. كن بسيطا لأقرأك!
نشر في العمق المغربي يوم 20 - 02 - 2020


سأحكي لكم اليوم عن زميل درس معي في الجامعة..
زميلي هذا كان من فئة المثقفين المتصنعين، ينتمي إلى عينة من البشر تهوى تعقيد السهل، جمله مستعصية على الفهم.. طويلة.. مزدحمة.. لا نقاط فيها ولا فواصل، كان كلما تكلم تساءلت:
كيف يستطيع النوم مع كل هذا الكم من التعقيد، والمفردات التي تخاصم بعضها؟!
أين تختبئ ذاته الحقيقية، وسط كل هاته التضاريس الوعرة.. والجو الصحراوي؟!
الغريب أن الطلبة كانوا يصفقون له كلما أخذ الكلمة في التجمعات الطلابية وهم يهزون رؤوسهم في انبهار.. مثقف فذ!!
وحتى لا أوصف بالجهل، كنت أصفق له في غباء وأنا أهز رأسي تأسيا بزملائي!
زميلي المتصنع جدا كان إذا خير بين أمرين، اختار أعقدهما.. وإذا تكلم انتقى أصعب الألفاظ، وأراهنك أنك ستفضل الهروب من أمامه حين يستعمل قاموسه الابستميولوجي المستعصي على الفهم! ولكنك قد تكون جبانا مثلي.. ولا تفعل!
كانت له بعض الكتابات لا أذكر حرفا منها، ولكني أتذكر أنها كانت تصيبني بالدوار والغثيان والرغبة في الهرولة! وكنت أحس أنه ينتشي حين نعجز عن فهمه نحن الغوغاء.. الدهماء.. العوام.. الغارقون في أوحال السطحية.. اللامرتقون!
بعد كل محاضرة كنت أدعو الله ألا يطرح أسئلته المعقدة، التعجيزية التي يستعمل فيها قاموسه الحصري، حتى لا تنحرف بوصلتي.. وتضيع مني كل الأبجديات التي تعلمت! فكان كلما ألقى سؤالا فغرت فمي فيه كالبلهاء والتفت إلى صديقتي: هل ما يتكلم عنه هذا المخلوق درسناه الآن؟!
يهيأ لي أنه كان يتكلم عقب المحاضرات خصيصا ليظهر لنا حجم سطحيتنا! وقد كان ينجح كثيرا في جعلي شخصيا أحس كم أنا غبية! خصوصا حين يهز الأستاذ رأسه، ولسان حال المسكين يقول:" فين السؤال ؟!!” على طريقة سعيد صالح في مدرسة المشاغبين.
تذكرت زميلي هذا الآن، وأنا أقرأ ديوان شعر أبياته شبيهة بالكلمات المتقاطعة، نوع من النصوص الميتة.. التي لا تعترف بالقارئ على رأي محمود درويش!
والحقيقة أن بعض كتابنا ومثقفينا تحس حين القراءة لهم أنه لا يعنيهم البتة إقامة علاقة معك كقارئ، يجثمون على قلبك بلغة ثقيلة تتقاطر منها الدهون، وعوض أن تصير القراءة لك لحظة متعة، وجمال وتحليق.. تصير قطعة من العذاب! ثم يشتكون بعد ذلك أن لا أحد يقرأ لهم!
يسبغون على أنفسهم ثوب العبقرية.. والعمق، ويتهمون القارئ بالجهل والسطحية!
ليس هناك ما هو أجمل من البساطة.. ومد الجسور!
أكره التصنع بكل أنواعه، والعمق الزائف.. والتعقيد المقصود الذي لا يفهم إلا نفسه، إن في الفنون أو العلوم أو الأشخاص..
هناك كتاب تحس وأنت تقرأ لهم، أنك مأخوذ ببساطتهم.. تشتاق إليهم كأنهم بعض أهلك.. يكلمونك دون تكلف كأصدقاء قدامى، لا تحتاج لوضع نظارة المثقف وأنت تقرأ لهم.. هم سيعفونك!
يتجسد لك الكاتب أو الشاعر من هؤلاء عبر الأسطر.. بسيطا.. واضحا.. تلقائيا، لن تدوخ السبع دوخات لفهم جمله!
لن تحلل، ستندمج.. ستصير هو ويصير أنت.. ستنجذب إلى عالمه كطفل.. وستتشبث في عنقه حتى آخر حرف.. ستحزن حين ينتهي الحكي!! لقد صار جزءا من عالمك!
البساطة أن تكون أنت!
أن تسمح لي صديقي المثقف برؤية وجهك عاريا من الأصباغ والأقنعة!
أن تكلمني كقارئ ونحن نجلس جنبا إلى جنب.. وأن أنسى الزمن في حضرة أحرفك!
أن أعود من غوصي فيك خفيف الروح.. مثقلا بأماني العودة!
أن أشرب جملك مع قهوتي- وليس مع قاموسي- في استمتاع وحب!
أن أجد فيما كتبت ما عجزت أنا عن التعبير عنه.. ونجحت أنت!
أختم لكم بنصيحة للكاتب الذي تفوق في فن البساطة والجمال، أحمد خالد توفيق، يقول فيها:
عندما تقابل شخصا يقول لك:” إن هذه الأنطولوجيا التي كتبها فلان تنبعث من رؤية بانورامية للمدينة الكوزموبوليتانية..برغم ما فيها من شوفينية واضحة وما يتميز به الكاتب من ديماجوجية،فإنها يمكن أن تكون هرمينوطيقا متكاملة تمتاز بالكثير من الأبستمولوجيا…”
عندما تقابل هذا الشخص فعليك أن تفر منه فرارك من الأسد.. أنت بلا فخر في حضرة شخص متحذلق لا يمكن التعامل معه أبدا.. أنت في مأزق حقيقي.
تصبحون على بساطة.. وجمال!
جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.