ترحيل جثامين الأسرة المغربية التي لقيت مصرعها اختناقا في مالقة    الأميرة للا زينب تترأس اجتماع الجمعية العامة للعصبة المغربية لحماية الطفولة    المغرب يستعد للتقييم المالي الإقليمي    أخنوش يجري مباحثات مع رئيس وزراء الصومال    مدرب الجيش: مواجهة الأهلي "صعبة"    مونديال قطر لأقل من 17 سنة.. منتخب البرتغال يتوج بطلا للعالم عقب فوزه على نظيره النمساوي ( 1-0)    حموشي: الدورة ال 93 للأنتربول كانت ناجحة على جميع الأصعدة والمستويات    اجتماع رفيع يجمع المغرب وإسبانيا    سجن صاحبة "أغلى طلاق بالمغرب"    الرابور "بوز فلو" يغادر سجن صفرو    المغرب .. 400 وفاة و990 إصابة جديدة بالسيدا سنويا    مصرع قاصر إثر سقوطها من نافذة منزل بطنجة    تفكيك شبكة إجرامية تنشط في الاتجار والتهريب الدولي للمخدرات وحجز حوالي 16 طن من مخدر الشيرا    منظمة الأنتربول توشّح عبد اللطيف حموشي بوسام الأنتربول من الطبقة العليا    فلسطين.. هل سيقوم المغرب بدور مباشر في عملية السلام إلى جانب الولايات المتحدة؟    الأمير مولاي رشيد، رئيس مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش .. المهرجان رسخ، منذ أولى دوراته، مكانته كمنصة للحوار والاكتشاف    لبؤات الفوتسال إلى ربع نهائي المونديال بعد تخطي بولندا    إقليم الحسيمة.. وفاة أستاذ أثناء نشاط تربوي بعد تعرضه لنزيف حاد في الرأس        خمسة مغاربة ضمن قائمة حكام مباريات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم 2025    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    الجريدة الإسبانية "ماركا": صهيب الدريوش.. النجم الصاعد في كرة القدم المغربية    بنجلون يدعو إلى اعتماد مقاربة إفريقيا أولا في صلب استراتيجيات التمويل    استمرار محاكمة الغلوسي في قضية رفعها ضده برلماني من "الأحرار" متابع في قضية غسل أموال    ضربات إسرائيلية على أهداف لحزب الله في جنوب لبنان    غامبيا تدعم سيادة المغرب على الصحراء    أداء إيجابي لبورصة الدار البيضاء    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    الداخلة : انطلاق فعاليات النسخة ال 15 للمعرض الجهوي للكتاب والنشر    المخرجان طرزان وعرب ناصر حول صناعة فيلمهما "كان يا ما كان في غزّة":        الذهب يستقر عند أعلى مستوياته في أسبوعين    "فيدرالية اليسار" تحذر من سياسة تكميم الأفواه والتعامل مع الإبداع الرقمي والفني بمنطق جنائي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الأمم ‬المتحدة ‬تجهض ‬مناورات ‬جزائرية ‬لتحريف ‬الترجمة ‬العربية ‬لقرار ‬مجلس ‬الأمن ‬رقم 2797    مكتب الصرف يفك خيوط "خسائر وهمية" لشرعنة تحويلات نحو الخارج    كتاب أبيض صيني جديد يحدّد ملامح سياسة بكين للسلام ونزع السلاح    الحسيمة.. وفاة أستاذ بعد تعرضه لنزيف على مستوى الرأس اثناء لقاء تربوي    البيرو.. السجن 14 عاما للرئيس السابق مارتن فيزكارا في قضية فساد    الولايات المتحدة تعلق طلبات الهجرة من أفغانستان وترامب يصف إطلاق النار في واشنطن ب"العمل الإرهابي"        أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    إدارة مهرجان الدوحة السينمائي 2025: المهرجان يبرز حضور الأصوات السينمائية المهمة في عالمنا اليوم    حجيرة يدعو إلى تفكير إستراتيجي في سبل تعزيز الأثر الاجتماعي لقطاع الكهرباء    "الكاف" تطرح تعديلات تنظيمية أبرزها رفع عدد اللاعبين لكل منتخب    انقلاب عسكري في غينيا بيساو بعد أيام فقط من الانتخابات    "ميتا" تحدّث بيانات الملف الشخصي في "واتساب"    مصرع 44 شخصا اثر حريق مجمع سكني في هونغ كونغ    المغربي دريوش يقود أيندهوفن لإذلال ليفربول ومبابي ينقذ الريال من أولمبياكوس    مرجع لجبايات الجماعات من "ريمالد"    الذكاء الاصطناعي في ألعاب سحرية يبهر جمهور مهرجان الفنون الرقمية    دراسة علمية حديثة: المراهقة تستمر حتى الثلاثينات من العمر    كيف أنقذت كلبة حياة صاحبها بعد إصابته بتوقف قلبي أثناء النوم؟    بعد ‬تفشيها ‬في ‬إثيوبيا.. ‬حمى ‬ماربورغ ‬تثير ‬مخاوف ‬المغاربة..‬    علماء يكتشفون طريقة وقائية لإبطاء فقدان البصر المرتبط بالعمر    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    معمار النص... نص المعمار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تغيير مناهج التربية الاسلامية، بأي معنى؟
نشر في العمق المغربي يوم 18 - 02 - 2016

في الواقع لا أحد من عقلاء الدنيا يرفض التطوير والاصلاح والمراجعة والنقد وخصوصا للمناهج التعليمية والتربوية في زمن سريعة تحولاته وكثيرة تحدياته، وخصوصا إذا مرت فترة معقولة وتم تشخيص محكم وتقويم علمي سليم لمجمل المنظومة التربوية بمدخلاتها ومخرجاتها ومناهجها ومضامينها وفي ظل طموحات المواكبة والريادة، ويكون الأمر من أهل الشأن المشهود لهم بالنزاهة الفكرية والموضوعية العلمية والبعد عن الأغراض غير المناسبة لهذا المقام، وتوفر لهم الوقت الكافي لهذه المهام الجليلة، وباستقلالية كبيرة عن الاملاءات والضغوط.
فأول شيء يجب فحصه وتمحيصه هو هذه الأهداف المعلنة للتغيير والإصلاح، ألا وهو الانسجام مع مقاصد الاسلام وقيمه السمحة وروح العصر، فبحسب ما أراه أن هذا الذي يطلب، موجود أصلا في منهاج التربية الاسلامية في مختلف المراحل التعليمية من المستوى الأول إلى مستوى الباكالوريا في التعليم العمومي، وأتحدى من يأتيني بشيء في هذه المستويات يتنافى مع مقاصد الاسلام وقيمه السمحة والمفهوم الايجابي لروح العصر الذي يحترم خيارات الانسان وحقه في الخصوصية الثقافية والحضارية بما يفيد التثاقف والتنوع في إطار وحدة التعايش الانساني، ولهذا يطرح على هذه الرغبة في المراجعة والتغيير، الجواب على جملة من التساؤلات المشروعة:ماذا يقصد بالضبط عند الراغبين في التغيير بمقاصد الاسلام وبالتسامح وبروح العصر؟ هل المعيار في تحديد معاني هذه المحددات هي نصوص الشرع ومنطوق الوحيين القرآن والسنة الصحيحة وإجماع السلف في القرون الثلاثة الأولى المشهود لها بالخيرية، أم معاني مملاة علينا من خارج المنظومة الاسلامية؟ وهل تمت فعلا مراجعة علمية لهذه المناهج ووجد تنافيها مع المعاني السليمة للأهداف المعلنة؟ ثم هل تم التأكد علميا من أن بعض المظاهر السلبية المعزولة كالعنف والارهاب مثلا هي نتاج منهاج التربية الاسلامية المعمول به في بلادنا؟ أم أن عينات من المدانين في تلك الأعمال تأكدت مستوياتهم التعليمية المتدنية وبأنهم في عمومهم ليسوا من خرجي المنهاج العمومي ولا منهاج التعليم العتيق، وإنما معظمهم نتاج مناهج أخرى تجري في سرية وعشوائية وبغير نظام ومن غير متخصصين، وبزاد إسلامي ضحل للغاية؟
ثم ما هو الأسلم علميا في بعض المواضيع التي يراد لها أن تكون حساسة كموضوع الجهاد والموقف من الآخر اليهودي والنصراني وغيرهما وبعض الأحكام التي فيها تميز الرجال عن النساء والنساء عن الرجال مثل موضوع الارث وتعدد الزوجات وغيرها، والعقوبات في الاسلام ونحو ذلك؟ هل يتم شطبها والسكوت عنها، أم يتم تحريفها والتعسف في تأويلها، أم تطرح بنظرة علمية رصينة وبسياقها التاريخي والحضاري وفي شمولية الدين وتوازن أحكامه؟
فالسكوت والتشطيب ليس حلا، مادام القرآن والسنة الصحيحة محفوظان من رب العالمين، فإن لم نفهم الناس نصوصهما بالفهم السليم المتوازن، ومن أهل النزاهة والاختصاص،بحث الناس عن معانيهما بالطريقة التي تتيسر لهم وبالشكل الذي لا ندري كيف يكون، ويبقى على كل حال طريقا محفوفا بكل المخاطر.
ثم التسامح المتحدث عنه هل يشمل أيضا المعتدين من الناس على الأعراض والأموال والعقول والأديان والبلاد والأوطان والمقدسات أم أننا نسالم من سالمنا ونقاوم من هاجمنا وعادانا وتجاوز كل الحدود لإهانتنا؟
وحديث البعض عن حذف ما يتعلق بجهنم والنار والعذاب وفتنة القبر للأطفال، حديث من لا يعرف طبيعة هذا الدين وكيف يربي النفوس بمن فيهم الاطفال، بالترغيب والترهيب، وأحيانا في الآية الواحدة كما قال تعالى( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم) وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها أن تقول وقد كانت عنده مابين التاسعة والثامنة عشر من عمرها أن تقول: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات "وهناك من يجعله بعد التشهد وقبل السلام، والصلاة تعلم للأطفال وهم أبناء سبع سنين وأول ما يحفظون قصار السور وفيها الزلزلة والقارعة والهمزة والتكاثر والغاشية والبينة والكوثر والماعون وغيرها وفيها ذكر للجنة والنار والعذاب، حتى ينشأ في النفس الطمع في نعيم الله والخوف من غضبه وعقابة، ونشأ أطفال المغاربة وغيرهم من المسلمين على هذا قرونا متعاقبة وبنوا حضارة وتقدما وأفادوا البشرية فما كان لهم من عقد أو أمراض نفسية أو شيء مما يتوهم بعض بني علمان. بل كانوا أسوياء بناة ومبدعين.
فإذا كان من إصلاح حقيقي وتغيير جاد، فليكن في اتجاه أن نسمع المسلم في مختلف المراحل التعليمية وحي ربه وسنة نبيه الصحيحة، بشكل كامل غير منقوص، في العقيدة والعبادة والسلوك والمعاملات والأخلاق والمؤسسات والعلاقات الدولية وغيرها من المجالات، وبفهم سليم كما فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم التنزيل ومارسه في سيرته، وفهمه الصحب الكرام فيما اجتمعوا عليه وبمدلولات العربية كما كانت أيام نزول الوحي وبضوابط أصول الفقه ومقاصد الشريعة كما حددها العلماء الأعلام وعلى منهج مالك رحمه الله الذي ارتضاه المغاربة مذهبا، وبما يناسب حالنا وزماننا بتوازن واعتدال، وأي شيء نتركه من الدين لا نعلمه أطفالنا وأبناءنا هو مصدر الخوف والخطر. وأي تحريف للنصوص الشرعية هو إشاعة لفقدان الثقة في مؤسساتنا التعليمية الرسمية ورمي لفلذات أكبادنا في سراديب الغلو والتطرف، وزرع لألغام لا ندري متى تنفجر في وجه هذا البلد الأمين، والأنسب جدا أن توضع مهمة الإصلاح في أيد كفأة وأمينة وليس في مخالب من يعادي هويتنا الأصيلة ويشكك في مقدساتنا وثوابتنا وأصولنا ويطعن نبينا الذي تتشرف دولتنا ومملكتنا بالانتساب إليه، وحذاري أن نمكن المغرضين من قطع الشجرة التي نجلس عليها ونتفيأ ظلالها، وحق لنا غيرة ومحبة ان نقول متمثلين بعض ما قاله البصيري رحمه الله: واخش الدّسائس كلها "من بني علمان داخل البلاد وخارجها":
ولا تطع منهما خصما ولا حكما ... فأنت تعرف كيد الخصم والحكم
كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّة ٍ لِلْمَرءِ قاتِلَة ً من حيثُ لم يدرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.