2447 شكاية توصلت بها المفتشية العامة للأمن الوطني سنة 2023 مقابل 1329 سنة 2022    المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في مرحلتها الثالثة، أصبحت شريكا أساسيا في تنزيل السياسات الاجتماعية    هكذا يهدد المغرب هيمنة إسبانيا في هذا المجال    مدرب "نهضة بركان": جاهزون للقاء "الزمالك المصري" غدا وحضرنا اللاعبين لكل السيناريوهات    إحباط تهريب وترويج 62,550 قرص مخدر وضبط ثلاثة مشتبه بهم    خطاب جلالة الملك محمد السادس في القمة العربية : تصور إستراتيجي جديد للعمل العربي المشترك    الشعباني يرد على مدرب الزمالك: مندهش من تصريحاته وحضرنا اللاعبين لجميع السيناريوهات    زهير الركاني: آليات الوساطة والتحكيم ركائز أساسية في عملية التطوير والتنمية التجارية لتنمية جهتنا و مدينتا    نائب رئيس الموساد سابقا: حرب غزة بلا هدف ونحن نخسرها بشكل لا لبس فيه واقتصادنا ينهار    الداخلية تمنع عقد مؤتمر ب "آسا" لقبائل "آيتوسى" كان سيٌعلن رفضها تفويت أراضيها الجماعية    أخنوش يترأس الوفد المغربي المشارك في المنتدى العالمي العاشر للماء بإندونيسيا    بدء وصول المساعدات إلى غزة عبر الرصيف الأمريكي المؤقت    فلاحون فرنسيون يهاجمون شاحنات طماطم قادمة من المغرب    أخنوش يترأس الوفد المغربي المشارك في المنتدى العالمي العاشر للماء بإندونيسيا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    مداهمة مستودع بداخله قنينات خمر ولفافات كوكايين بطنجة    وفاة دركي خلال حادثة سير بطنجة    الاختلاف قيمة تكامل لا قيمة تنابذ    وهبي مُتحسسا رأسه..يقرأ فنجان التعديل الحكومي    غزة.. مقتل 35386 فلسطينيا جراء الغزو الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر    اتحاد جزر القمر يجدد تأكيد دعمه لمخطط الحكم الذاتي    التصدير يرفع أسعار الخضر بالمغرب ومهني يوضح    غامبيا تجدد تأكيد "دعمها الثابت" للوحدة الترابية للمملكة    "حفيدة آلان ديلون" تراهن على نتائج فحوصات إثبات النسب    المعرض الدولي للكتاب يحتفي برائد السرديات العربية "العصامي" سعيد يقطين    أوكرانيا تنفذ عملية إجلاء من خاركيف    بونعمان :الثانوية التأهيلية ابن خلدون تحتضن ورشات الاستعداد النفسي والمنهجي للإمتحانات الإشهادية ( صور )    تصفيات كأس العالم.. المنتخب المغربي النسوي لأقل من 17 عاما يفوز برباعية نظيفة على الجزائر ويتأهل للدور الرابع    لاعب مغربي "يتوسط" في ملف الشيبي والشحات الذي يصل فصله الأخير    المغربي مهندس مطار غزة يبرز "لقاءات مع التاريخ" في دعم القضية الفلسطينية    البحث عن الهوية في رواية "قناع بلون السماء"    بيان صحفي: ندوة لتسليط الضوء على مختارات من الإنجازات البحثية ضمن برنامج الماجستير في إدارة حفظ التراث الثقافي    مشروع بأزيد من 24 مليون درهم .. هذه تفاصيل الربط السككي بين طنجة وتطوان    بسبب سلوكه.. يوفنتوس يقيل مدربه أليغري بعد يومين من تتويجه بكأس إيطاليا    بعد تعليق دعم تدريس الأطفال المعاقين..أباكريم تجرُّ الوزيرة " عواطف" إلى المساءلة    مدرب مانشستر يونايتد: "سعيد بتألق سفيان أمرابط قبل نهاية الموسم"    الدورة الأكاديمية "الشعري والسردي" فاس، 23-24 ماي 2024    كيف تهدد الجزائر و"البوليساريو" أمن الساحل والصحراء؟    البحث العلمي وبعض الشروط الأساسية من أجل الإقلاع!    وزير الخارجية الإسباني: رفضنا السماح لسفينة أسلحة متجهة لإسرائيل بالرسو بموانئنا    قرار جديد من الفيفا يهم كأس العالم 2030 بالمغرب    الصين: مصرع 3 أشخاص اثر انهيار مصنع للشاي جنوب غرب البلد    شفشاون.. الطبخ المغربي فسيفساء أطباق تعكس ثقافة غنية وهوية متعددة    الساكنة تستنكر لامبالاة المسؤولين تجاه حادث انفجار أنبوب للماء الصالح للشرب وسط الناظور    فرق كبيرة تطارد نجم المنتخب المغربي    ملتقى الأعمال للهيئة المغربية للمقاولات يبرز فرص التنمية التي يتيحها تنظيم كأس العالم 2030    افتتاح الدورة الثانية عشرة لمهرجان ماطا الذي يحتفي بالفروسية الشعبية بإقليم العرائش    مقاولات جهة طنجة-تطوان-الحسيمة توفر أكثر من 450 ألف منصب شغل سنة 2022    هدى صدقي تكشف عن جديد حالتها الصحية    المغرب يسجل 35 إصابة جديدة ب"كوفيد"    كيف يتم تحميص القهوة؟    دراسة: توقعات بزيادة متوسط الأعمار بنحو خمس سنوات بحلول 2050    رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً في إطار تحدٍّ مثير للجدل    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (12)    الأمثال العامية بتطوان... (600)    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة الديني أو ما بعد قرع أجراس الموت

" … مات الإله! ويظل الإله ميتًا! ونحن من قتلناه! كيف يمكننا أن نعزي أنفسنا، نحن أكبر القتلة؟ ".
عندما قرأت هذه العبارة لأول مرة تلقيتها بالسخرية. وقلت في نفسي: "من هذا الأبله الذي يقول إننا نحن البشر قتلنا الإله؟ كيف أصلا يموت الإله؟".
وحين زاد اطلاعي، علمت أن هذا الذي ظننته أبلها، هو أحد أهم فلاسفة القرن التاسع عشر، إنه "فريدريك نيتشه". فتغير عندي السؤال من كيف يموت الإله؟ إلى ماذا يقصد نيتشه بفكرة "موت الإله"؟.
طبعا لا يجب مناقشة أو فهم هذه العبارة بعيدا عن الظروف السياسية والاجتماعية والنفسية التي عاش في ظلها نيتشه، وأدت إلى هذا الإعلان الأشبه بالتمرد على السائد. كما يجب أن نعلم أن نيتشه حين قال بفكرة موت الإله، لم يكن هو نفسه يؤمن أن للإله وجودا واجبا ثم مات موتا حقيقيا بالمعنى الحرفي للموت، لأنه لا يؤمن بهذا الوجود المطلق الواجب للإله.. فقد كان الرجل ملحدا.
ولذلك لا عجب أن جعلت هذه العبارة المشتغلين بحقل الفلسفة منذ القرن التاسع عشر و حتى اليوم ينقسمون فيما بينهم في تأويلها و شرح المعاني المتضمنة فيها، فمنهم من شرحها سياسيا، ومنهم من انكب عليها دلاليا، ومنهم من قدم لها شروحات فلسفية، فقيل أن نيتشه استخدمها معلنا إلحاده الصريح، ومنهم من فهم منها أن العلم قتل الدين، ومنهم من ربطها بموت القيم والأخلاق وموت الميتافيزيقا وموت الإنسانية وحتى موت الفلسفة نفسها.
بالنسبة لفكرة موت الإله في الفلسفة النيتشوية فإنني أميل إلى القول بأن نيتشه يقصد من عبارته هذه التي وردت في كتابه "العلم المرح"، أن فكرة الإنسان الأوروبي عن الإله هي التي ماتت، ويؤكد ذلك أن السياق الذي قيلت فيه هو سياق التطورات العلمية والنزوع الفكري إلى العلمانية، فبعد عصر التنوير، أصبحت فكرة الكون الذي تحكمه القوانين الفيزيائية تسيطر على الوعي الأوربي، وبدأ بالمقابل ما يعرف بدليل العناية الإلهية يضعف أمام فهم الإنسان لقوانين العالم. يضاف إلى ذلك الدور الذي قامت به الفلسفة في إظهار قدرة الإنسان الأوربي على تدبير سياساته، وفق شرعية قانونية وضعية دون حاجة الدولة إلى مباركة الكنيسة أو الحكم بالحق الإلهي لكي تكتسب شرعية وجودها.
ما يعني أن النظريات، سواء العلمية أو الأخلاقية المتسقة، يمكن أن توجد بدون الرجوع إلى فكرة الإله المسيحي. فكان هذا حدثًا بارزا أدى بنيتشه إلى القول بأن أوروبا لم تعد بحاجة إلى الإله/الدين كمصدر ومرجعية للأخلاق أو القيمة أو النظام في الكون. هذه الفلسفة العلمانية المتزايدة دفعته إلى إدراك أن الإله لم يمت فقط، بل إن البشر قد قتلوه بثورتهم العلمية، ورغبتهم في فهم العالم بشكل علمي بعيدا عن ربطه بأي علل ميتافيزيقية.
يأتي هذا كله في سياق الإعلان الغربي عن فكرة النهايات، فبعد وفاة "هيجل" الفيلسوف النسقي، بدأت فكرة النهايات في البروز من خلال تلاميذه، وهو ما أشار إليه"إريك فيل" حين قال: "إن "هيجل" قد وضع للفلسفة نقطة النهاية" أو موت الفلسفة، ثم أعلن "اشبنجلر" صراحة نهاية الغرب أو أفوله. ثم جاء "نيتشه" ليزكي تلك الفكرة عندما أعلن "موت الإله". كما كتب "بنيامين" عن نهاية الفن في عصر الإنتاج الآلي، وأسس "هايدغر" مشروعه الفلسفي على نهاية الميتافيزيقا، وأعلن "ميشيل فوكو" موت الإنسان، كما أعلن "رورتي" نهاية الفلسفة النسقيّة، وكتب "فوكوياما" بعد ذلك نهاية التاريخ.
ولذلك حاول "فاتيمو"، حصر توجهات النصف الثاني من القرن العشرين الفكريّة في خمسة مبادئ رئيسة وهي: نهاية الفن وأفوله، موت النزعة الإنسانيّة، العدميّة أو موت المعنى، نهاية التاريخ، تجاوز الميتافيزيقا. وهي كلها تنويع على فكرة النهايات. لا يوجد علم أو فلسفة أو فن، بل إعلان النهاية لكل شيء، قرع أجراس الموت، كما يشير عنوان أحد مؤلفات جاك دريدا.
فإذا كان شعار الحداثة هو السيطرة والتحكم نتيجة التطور العلمي والتقني، فإن يافطة ما بعد الحداثة، هي الحيرة المعرفية، والارتباك المنهجي، والفراغ القيمي. وغياب المعنى.
أمام هذا الوضع، ازدادت الحاجة إلى الدين والإيمان والتدين. وجرت العودة إليه بوصفه شعورا بالتبعية المطلقة، والعجز الإنساني أمام القوى الخارجية. وفي هذا الإطار، يخبرنا هابرماس، أن المستقبل ل"الدين العاقل". فهابرماس، يقر بأن الدين يجب أن يعود إلى الفضاء العمومي، وأن يساهم في بناء حقائقه.
لقد تم اختزال العلمانية في مهاجمة الدين ومحاربة وجوده في المجتمع، وجعلها وسيلة لإقصاء الرؤية الدينية من الحياة العامة. فنحن هنا أمام نوع من الاستعلاء في الفكر الفلسفي والسياسي، وهو ما عجل بنهايتها، وعودة الدين إلى الفضاء العمومي. ما يعني أن فكرة موت الإله هي التي ماتت ومات قائلها، وعادت الحاجة الفطرية إلى الدين بحثا عن معنى لهذا الوجود، وبرزت حاجة الإنسان إلى من يجيبه عن أسئلته الوجودية الكبرى من أين؟ ولماذا؟ وإلى أين؟، تلك التي تدفعه إلى البحث عن الحقيقة والمعنى لوجود لا معنى له بتعبير فرويد. فالدين وحده هو الذي يقدم جوابا عن تراجيديا الوضع البشري.
بشكل عام، وبتعبير حسن الحريري، إن عودة الديني في الغرب، جاءت استجابة لحاجة إلى المعنى، في ظل مجتمع مأزوم بكل أشكال الاستهلاك والتشيؤ والعلمنة. بينما يختلف الأمر في العالم الإسلامي، حيث يطغى الإسلام السياسي والرهان الآيديولوجي، بوصفهما أفقًا لتجاوز التخلف والاستبداد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.