تقارير أرجنتينية.. المغرب وقطر والبرازيل في سباق محتدم لتنظيم كأس العالم للأندية 2029    موجة حرّ شديدة وأجواء غير مستقرة بعدد من مناطق المملكة    بورصة البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    اتفاقية ‬الصيد ‬بين ‬المغرب ‬وروسيا ‬أبعد ‬بكثير ‬من ‬أن ‬تكون ‬مجرد ‬تعاقد ‬اقتصادي        المنتخب المغربي يواجه مالي في ربع نهائي "كان" السيدات    مندوبية التخطيط تتوقع اتساع العجز التجاري إلى 19,8% من الناتج الداخلي خلال 2025    تفكيك شبكة لترويج الأقراص المهلوسة بمراكش وحجز أزيد من 37 ألف قرص "ريفوتريل"    حالة غرق ثانية بسد المنع في أقل من شهر تستنفر السلطات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    تطورات تؤكد أن أحداث مورسيا دوافعها سياسية رخيصة    اليقظة الإستخباراتية المغربية تتصدى بحزم لمؤامرات الإحتيال المنظم العابر للحدود    بنسعيد: نحن في تجربة جديدة للمجلس الوطني للصحافة بإيجابياتها وسلبياتها ولا توافق بنسبة 100%    مؤسسة ‬المغرب ‬2030 ‬ومسؤولية ‬بناء ‬المشروع ‬الحضاري ‬الكبير    الرجاء يدخل في معسكر إعدادي بأكادير استعدادا للموسم الجديد    قارئ شفاه يكشف ما قاله لاعب تشيلسي عن ترامب أثناء التتويج    رئيس ‬دولة ‬فلسطين ‬يعزي ‬في ‬وفاة ‬المناضل ‬محمد ‬بنجلون ‬الأندلسي    في ‬تقرير ‬للمنظمة ‬الدولية ‬للهجرة:‬ المغرب ‬في ‬الرتبة ‬18 ‬عالميا ‬وتحويلات ‬المغاربة ‬تجاوزت ‬11 ‬مليار ‬دولار ‬    وفاة معتصم خزان المياه بأولاد يوسف بعد فشل محاولات إنقاذه بمستشفى بني ملال    فرانكو ماستانتونو: مكالمة ألونسو حفزتني.. ولا أهتم بالكرة الذهبية    "فيفا": الخسارة في نهائي مونديال الأندية لن يحول دون زيادة شعبية سان جيرمان    العيطة المرساوية تعود إلى الواجهة في مهرجان يحتفي بالذاكرة وينفتح على المستقبل    الجيش السوري يدخل مدينة السويداء    إيرادات الجمارك المغربية تتجاوز 47,3 مليار درهم في النصف الأول من 2025    منتخبون عن إقليم الحسيمة يلتقون وزير الفلاحة للترافع حول توسيع المشاريع    كيوسك الثلاثاء | توجه جديد لتقنين استعمال الهواتف داخل المؤسسات التعليمية    إسبانيا: توقيف عشرة أشخاص إثر اشتباكات بين متطرفين يمينيين ومهاجرين من شمال أفريقيا    الإفراط في النظر لشاشات الهواتف يضعف مهارات التعلم لدى الأطفال    بوريطة: الشراكة الأورو-متوسطية يجب أن تصبح تحالفا استراتيجيا حقيقيا        الداخلة، "ملتقى طرق" يربط بين فضاء البحر المتوسط ومنطقة جنوب الصحراء (صحيفة كندية)            "OCP GREEN WATER" تطلق رسميا تشغيل خط أنابيب تحلية المياه بين الجرف الأصفر وخريبكة    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يحتضن دورة تكوينية لفائدة وفد فلسطيني رفيع لتعزيز الترافع الحقوقي والدولي    فيدرالية اليسار الديمقراطي تنتقد الوضع العام وتطالب بإسقاط "التطبيع" وإطلاق سراح الزفزافي ورفاقه    اليونسكو تُدرج "مقابر شيشيا" الإمبراطورية ضمن قائمة التراث العالمي... الصين تواصل ترسيخ إرثها الحضاري    الصين تواكب المغرب في إطلاق الجيل الخامس: فتح باب التراخيص يعزز الشراكة التكنولوجية بين الرباط وبكين    نتانياهو يصطدم بالجيش بسبب "المدينة الإنسانية" في غزة: ما هو سبب الخلاف؟    حكيمي وبونو في التشكيلة المثالية لمونديال الأندية    نيجيريا تعلن الحداد لمدة أسبوع على وفاة رئيسها السابق بخاري    "مهرجان الشواطئ" لاتصالات المغرب يحتفي ب21 سنة من الموسيقى والتقارب الاجتماعي    أوروبا تستعد للحرب المدمرة    دراسة علمية: السمنة تسرّع الشيخوخة البيولوجية لدى الشباب وتعرضهم لأمراض الكهولة في سن مبكرة        اللاّوعي بين الحياة النفسية والحرية    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    الذّكرى 39 لرحيل خورخي لويس بورخيس    المحلي بوصفه أفقا للكوني في رواية خط الزناتي    لأول مرة.. دراسة تكشف تسلل البلاستيك إلى مبايض النساء    وفاة مؤثرة مغربية بعد مضاعفات جراحة في تركيا تشعل جدلا حول سلامة عمليات التخسيس    مهرجان ربيع أكدال الرياض يعود في دورته الثامنة عشرة    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"احياء الواحات" ربع المهلكات وربع المنجيات

القوس الواحي المغربي الممتد من فكيك الى كلميم هو مجال ذو خصوصيات بيئية تمنحه صفة الهشاشة والعطوبية بامتياز. من هذا المنطلق التخطيط لهذا المجال ليس بالأمر السهل ولا اللحظي الذي تغلب عليه ردود الافعال بدل الأفعال لا بالتخطيط الممركز الذي تصاغ فيه المشاريع والمخططات بالمركز دون دراية شمولية بهذه المجالات. وليس بالتخطيط الفردي الذي تهمش فيه الساكنة بخبراتها. ولا بالتخطيط الذي تنتجه مكاتب الدراسات بل هو في الحقيقة تخطيط ابسط من كل هذه التعقيدات، كل ما يتطلبه هو تحقيق بعض الاشتراطات ذات التراتبية المجالية التالية:
دوليا: توجيه كل الموارد والإمكانات الدولية (منظمة الفاو، وكالات التنمية الدولية...) المخصصة لحماية الواحات ومحيطها الحيوي، نحو الواحات فعليا وتمكين الواحات وساكنتها من هذه الموارد فكم من قروض اخذت باسم حماية الواحات وتمكين العالم القروي والتكيف مع التغيرات المناخية... لكن لا أثر لها على ارض الواقع.
وطنيا: اقرار عدالة مجالية تساوي ما بين كل مكونات التراب الوطني وبثها في النصوص والقوانين المؤطرة لكل تدخل عمومي. فضلا عن ترسيم حدود صلاحيات السلطات المحلية (من الوالي الى القائد.) مع الأجهزة المنتخبة من (مجلس الجهة الى مجالس الجماعات). مع الحد من الرقابة القبلية والبعدية لرجال السلطة وجعلها بيد المجلس الاعلى للحسابات عبر هياكله الجهوية.
جهويا: خلق جهة واحية تضم الاحواض من بوعنان وكير شرقا الى وادي نون بكلميم غربا وتمكينها من السلطات التقريرية والتنفيذية الكاملة وجعلها أداة للتنمية الترابية. علاوة على فصل تنمية الواحات عن مناطق الاركان.
بعد تحقيق هذه الاشتراطات الثلاث على الفاعل السياسي والمدني ان يدرك ان لإحياء الواحات أربعة ارباع سيرا على تقسيم ابي حامد الغزالي لكتابه احياء علوم الدين ومنها: ربع المهلكات وربع المنجيات. ( هي هنا سرد عفوي بدون ترتيب)
ربع المهلكات :(غيض من فيض)
* التطبيع مع الاستثمار الضخم في وسط هش بيئيا دون مراعاة لمحدودية الموارد. وفتح ابواب الاستثمار على مصراعيه امام الرأسمال وبالتالي توجيه الواحات نحو المجهول خاصة مع غياب دراسات الجدوى، والتغاضي عن صيحات الباحثين.
* إعادة إنتاج النعرات العرقية و الفئوية و المصلحية من داخل المجالس المنتخبة و الدخول في صراعات سيزيفية تأتي على الموارد و تنتج صفر تنمية.
* تحويل صغار الفلاحين (صمام الامان المنظومة الواحية) الى اقنان و خماسة لدى البورجوازية الزراعية عبر برامج الدعم التي لا يستفيد منها سوى ذوي النفوذ.
* تقليص دائرة الانتفاع من خيرات و ثروات المحال الواحي و احتكار أقلية لمصادر انتاج الثروة (المقالع، المناجم، السياحة تصوير الافلام ،مشاريع الطاقة الشمسية، تراخيص الضيعات الكبرى ...) و بالتالي تبلور فكرة الهجرة لدى الجيلين الاخيرين على الاقل منذ بداية ثمانينات القرن العشرين،
* التسويف الذي يطال تسوية ملف الاراضي السلالية. وربما التلاعب بمصالح ذوي الحقوق وتفويت الأراضي لذوي النفوذ.
* تضخم في عدد الجمعيات و تفتيت الفعل الجمعوي (ربما بدون قصد) مما يحيلها الى هياكل جامدة و دكاكين موسمية قدرتها التأطيرية تعادل الصفر.
* استخدام و توظيف "سلطة الماء" كنوع من التركيع في ظل غياب عدالة مائية (الفلاحين الكبار عشرات الابار برخصة واحدة و تغطية مالية كاملة بفعل التلاعب بالفواتير. و الفلاحين الصغار بئر واحد مشروط بصبيب محدد للاستفادة من الدعم....) و التحكم أيضا في برمجة طلقات السدود الواحية.
* تكريس دونية ثيمات (الواحات، القصور، التراث اللامادي ،السياحة البيئية، الفلاحة الأيكولوجية...) من كثرة اجترارها نظريا دون ان ينعكس ذلك على المجال الواحي بشكل ملموس.و بالتالي تشكل نوع من التبخيس الجمعي (للأسف أحيانا يكون رسميا) للمغرب غير النافع.
* التضليل الذي يطال المعطيات الخاصة بالواحات لا سيما ما يرتبط بالأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية حيث كثيرا ما تبدو الأرقام الرسمية بعيدة كل البعد عن الواقع فلم تعد تقطن في القصور و القصبات سوى الاسر الفقيرة (معاينة ميدانية بسيطة تكشف زور و بهتان الاحصائيات)
* النقص الكبير في البنيات التحتية و الخدماتية و ما يرافق ذلك من تذمر يتراكم و يولد نزيف هجروي حاد خاصة مع قلة فرص الشغل بالحزام الواحي.
* تحويل الواحات الى دور للعجزة و منامات موسمية لعمال يشتغلون خارج الواحات و لسكن مناسباتي للأطر الواحية التي تفضل قضاء الاعياد بمسقط رأسها.مع تسجيل فرار جماعي للأطر العليا و المتوسطة من الواحات تجاه المراكز الكبرى ، و بالتالي صفة المجال الطارد للواحات.
* تصاعد و ثيرة تردد العديد من الاخطار و على رأسها الجفاف و الحرائق والبيوض و التمدد المستمر للتصحر ،فضلا عن التغيرات المناخية و مما يزيد من تعقيد الوضع هو غياب (او ضبابية ) اي تخطيط استباقي لمواجهة الكوارث و الاقتصار على تدخلات لا تعدو أن تكون ردود افعال.
* التحولات الاجتماعية المتسارعة التي تعيشها الواحات (ضمن تحولات المجتمع المغربي) و التي احالتنا مجتمعا بينيا (لا عيب في ذلك كفترة انتقالية) لا استطعنا الاندماج في الحداثة الكلية (على الاقل حداثة المدن المغربية) و لا حافظنا على مجتمعنا التقليداني. فدخلت البنيات الحديثة والتقليدية في صراع (القبيلة/ الجماعة) (الاعراف/القوانين) ... يهم مناطق التماس (الدين،السلطة، التراتبية،الثروة، ...)
ربع المنجيات (أتمناها ماءا وليست سرابا)
* التعامل الرسمي مع الواحات كوحدة مجالية استثنائية تقتضي تمييزا ايجابيا في ميزانية الدولة لجبر الضرر التنموي و تدارك التأخر الكبير في مؤشرات التنمية البشرية، مع خلق آليات دقيقة قابلة للتنفيذ و القياس لتنزيل هذا التمييز. مثال الدفع مقابل الخدمات البيئية، اثمنة تفضيلية في التنقل والاستثمار، تسعيرات خاصة، أولوية المنتوجات المجالية الواحي في ولوج الاسواق...
* القطع مع المقاربة الإحسانية التي ينظر بها للواحات و ساكنتها، و التأسيس لمقاربة الحق في التنمية (مستشفيات، جامعات ، خدمات، بنيات تحتية...) كمدخل أساسي لإنصاف الواحات.
* تقوية البنيات التحتية خاصة الشبكة الطرقية وتحسين مؤشرات جودة وفعالية هذه الشبكة. كونها شرايين تدفق التنمية.وربط الواحات عرضيا بخط سيار، وتنويع عروض النقل الجوي وضمان ديمومتها.
* التفكير مستقبلا في الربط بين الاحواض الواحية تحسبا للفترات الجافة ،مع العمل على تغذية و انعاش الفرشاة الباطنية و بناء السدود التلية التحويلية.مع الحسم في الاختيارات الزراعية الملائمة. (أساسا الزراعة المعيشية) والاستثمار المتوسط.
* تعميق البحث العلمي التدخلي بخصوص الواحات واحداث وحدات بحث في مختلف المؤسسات تعنى بالمجال الواحي وتحولاته. وتشبيك مخرجات الأبحاث العلمية مع برامج ومخططات مدبري الشأن العام.
* الحفاظ على الرصيد الواحاتي الموروث (مجالا و ساكنة) و حمايته و دعمه بمختلف التدخلات. مثال: دعم مالي مباشر لساكني القصور والفلاحين الصغار لأنهم هم من يفعلون الوظائف البيئية للواحات.
* تحديد الاولويات التنموية عبر برامج تشاركية دقيقة و الرفع من منسوب الثقة بين ساكنة الواحات و مدبري الشأن العام من المحلي الى المركزي من خلال التزامات أخلاقية و قانونية.
* تقنين (ليس المقصود هنا التضييق) الاستثمار بهذه المجالات وعقلنته تماشيا مع الخصوصيات البيئية الواحات (بيع الماء بثمنه الفعلي، تشغيل اليد العاملة المحلية، خلق ضريبة بيئية معقولة، أفضلية المنتوجات المحلية...)
* إعادة تشكيل العمل التعاوني المذر للدخل (ضيعات زراعية ،تربية مواشي، صناعة تقليدية، أنشطة سياحية آبار جماعية...) بشكل يساهم في خلق مناصب الشغل و تحقيق مردودية جيدة بعيدا عن لوبيات المال و الاعمال.
* الإقرار بان المجتمع المدني لا يمكنه تعويض الدولة ومؤسساتها، بل دوره عمل تكميلي، مع دعم الجمعيات الفاعلة.
* الابداع في تسويق التراب الواحي من خلال المعارض و المهرجانات و ما يرافقها من الأنشطة العلمية و الفنية و الرياضية بمقاربة تتجاوز الطابع الفلكلوري الى مقاربة علمية تراهن على ابراز الفرص وآفاق الاستثمار و الديمومة. ووضع اليات للتسويق وعلى رأسها قنوات واذاعات جهوية ووطنية.
* الاعتراف القانوني بخصوصيات المعمار الواحي (القصور والقصبات، والبناء خارج الاسوار) وبالتالي صياغة قوانين خاصة بهذه المجالات تتضمن المرونة المطلوبة فيما يخص (تراخيص الترميم والبناء، الموافقة على التصاميم، التضريب، رأي الوكالة الحضرية...)
إن الواحات اليوم في حاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى إلى صدق ووطنية وحكمة أكثر من حاجتها الى قوانين، في حاجة إلى رجال ونساء يحبونها بصدق ويحمونها ويعملون على تنميتها. لكيلا يكون مصيرها كمصير كتاب الاحياء. فعطوبية ومأزقية الوضع في الواحات اليوم تقتضي "إحياء "شاملا يجنبها "الاحراق".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.