قال مسؤولون مسيحيون مغاربة إن "الإنجيليين بالمغرب أحيوا ذكرى ميلاد المسيح، التي تصادف ليل 25 دجنبر من كل سنة، مستحضرين مختلف الظروف السياسية والمناخية والاجتماعية والرياضية التي تمر بها المملكة"، مبرزين أن "هذه المناسبة الدينية جرى إحياؤها بروح المسؤولية والوعي الوطني والاستحقاقات التي يخوضها منتخب البلاد". وسجل المسيحيون الذين تحدثوا إلى هسبريس أن "الصلوات شملت أيضا الدعاء للمغرب بالمزيد من الاستقرار والأمن والازدهار والنجاح في مسيرته التنموية، وأن ينعم الشعب المغربي بمزيد من الرخاء والتقدم"، مشددين على أن "الاستقرار الذي تنعم به بلادنا يظل نعمة جماعية تستوجب العمل المشترك للحفاظ عليها وضمان عدم فقدانها بأي شكل من الأشكال". "وطن للجميع" أكد القس آدم الرباطي، راعي كنيسة المجد بمدينة تمارة ورئيس اتحاد المسيحيين المغاربة، أن "الجزء الأكبر من المسيحيين بالمغرب أحيى، ليلة الأربعاء والخميس الماضيين، ذكرى ميلاد المسيح داخل الكنائس البيتية"، وفق طقوس خاصة "تنسجم مع القيم الروحية والدينية التي تدعو إلى المحبة والسلام والتضامن مع الآخرين". وأوضح القس آدم الرباطي، في حديث إلى هسبريس الإلكترونية، أن "هذه المناسبة الدينية، التي تشكل محطة روحية أساسية لدى المسيحيين، تم إحياؤها هذا العام بروح المسؤولية والوعي الوطني، حيث اتفقت مختلف المكونات الإنجيلية التي تنسق مع الاتحاد بألاّ يتم منح الجانب الاحتفالي حيزا كبيرا، احتراما لما شهدته بعض المدن والمناطق المغربية من أحداث مؤلمة بسبب الفيضانات الأخيرة، خاصة بكل من آسفي وفاس ومناطق أخرى من المملكة". وأبرز المتحدث أن "الصلوات التي رُفعت خلال هذه المناسبة خُصص جزء مهم منها للتعبير عن التضامن الصادق مع الضحايا، والدعاء بالرحمة لمن لبوا نداء ربهم، وبالصبر والسلوان لعائلاتهم، وبالشفاء العاجل للمصابين، والتضرع إلى الرب بأن يحفظ المغرب وشعبه من كل سوء ويُلهم الجميع روح التكافل والتآزر في أوقات المحن". وأشار راعي "كنيسة المجد" إلى أنه، خلال ليلة الميلاد، "تم تخصيص جزء من الصلوات للدعاء بالتوفيق للمنتخب الوطني المغربي في إقصائيات كأس إفريقيا للأمم 2025، التي تحتضنها المملكة"، متمنيا أن "يواصل المنتخب تشريف الكرة المغربية، وأن تكون هذه التظاهرة القارية مناسبة جديدة لتعزيز الوحدة الوطني وإدخال الفرحة على قلوب المغاربة داخل الوطن وخارجه". وبخصوص احتفالات رأس السنة الأسبوع المقبل، سجل أن "المسيحيين بالمغرب سيعمدون إلى تخفيف هذه الاحتفالات إلى الحد الأدنى، انسجاما مع روح التضامن والمسؤولية التي تطبع المرحلة الراهنة"، مؤكدا أنه "سيتم الاكتفاء بتبادل الزيارات الأخوية والتبريكات البسيطة بين المسيحيين المغاربة، إلى جانب تبادل التهاني مع الأصدقاء والمعارف في أقطار أخرى، في أجواء يسودها الاحترام والتقدير، بعيدا عن أية مظاهر احتفالية موسعة". "صلوات للمغرب" قال مصطفى السوسي، الكاتب العام لتنسيقية المسيحيين المغاربة الناطق الرسمي باسمها، إن ليلتي يوم الأربعاء ويوم الخميس الماضيين شهدتا تنظيم احتفالات دينية غير رسمية بمناسبة ذكرى ميلاد المسيح، وفق المعتقدات المسيحيّة، مذكرا بحضور عدد من المسيحيين؛ من بينهم مواطنون من مدينة آسفي، في أجواء اتسمت بالخشوع والسكينة، استحضرت ضحايا الفيضانات التي عرفتها المدينة الساحلية ومناطق أخرى. وأوضح السوسي، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، أن "المناسبة الدينية تخللتها صلوات وأدعية خاصة ترحما على آسفي، وتضامنا مع أسرهم، إلى جانب الدعاء من أجل السلام والأمن لكافة المواطنين في المغرب". وأفاد المتحدث عينه بأن "عددا من الحاضرين من مسيحيي آسفي عايشوا آثار هذه الكارثة عن قرب، وتقاسموا مع باقي ساكنة المدينة معاناة الفيضانات وتداعياتها؛ ما أضفى على هذه الصلوات بعدا إنسانيا عميقا يتجاوز الاختلافات الدينية". وأشار المسيحي المغربي ذاته إلى أن "هذه الاحتفالات جرت في بيوت الإنجيليين في احترام تام للقوانين الجاري بها العمل، وفي انسجام مع القيم المغربية الأصيلة القائمة على التضامن والتآزر والتعايش بين مختلف مكونات المجتمع"، موردا أن "التضامن مع المتضررين من الكوارث واجب إنساني وأخلاقي يتطلب المزيد من نشر قيم المحبة والتآخي والعيش المشترك داخل المجتمع المغربي الذي يتسع للجميع". كما عبر الكاتب العام للتنسيقية عن "أمله في أن يوفق المغرب في المزيد من تنظيم التظاهرات الكروية الكبرى الحالية والمقبلة"، معتبرا أن "هذه الاستحقاقات الرياضية تشكل فرصة مهمة لتعزيز إشعاع المملكة على الصعيد الدولي، وإبراز قدراتها التنظيمية، وترسيخ قيم الانفتاح والتسامح والتلاقي بين الشعوب"، مبرزا أن الدعوات ركزت أيضا على عطاء المنتخب المغربي في الاستحقاق القاري. وعلى غرار الرباطي، أفاد السوسي بأن الاحتفالات التي تُقام في 31 دجنبر من كل سنة تُعد "طقسا اختياريا وخاليا من الطقوس الدينية الجماعية"، مؤكدا أن "المحطة المحورية من الناحية العقدية والروحية تبقى ليلة 25 دجنبر، المرتبطة مباشرة بذكرى ميلاد المسيح، وما يتطلبه ذلك من استحضار للمحطات التي مرت بها البشرية جمعاء".