عاد المجلس الوطني لحقوق الانسان، الذي تترأسه أمينة بوعياش، إلى الواقعة المفصلية في كرونولوجيا أحداث الحسيمة، والمتعلق باقتحام ناصر الزفزافي، لمسجد أثناء صلاة الجمعة. تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان، الذي تتوفر 'القناة' على نسخة منه، أوضح أنه 'بتاريخ 26 ماي 2017، اقتحم ناصر الزفزافي المسجد أثناء خطبة الجمعة مقاطعا الإمام ومخاطبا المصلين داخل المسجد'، مضيفاً أنه 'ترتب عن ذلك حرمان المصلين من ممارسة حقهم في صلاة الجمعة، حيث أم بهم الإمام في نهاية المطاف صلاة الظهر (أربع ركعات) عوض صلاة الجمعة، وبالتالي تم حرمانهم من إتمام شعائر خطبة وصلاة الجمعة'. ما ترتب عن الاقتحام إثر هذه الواقعة، وفي نفس اليوم، أمر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة بإيقاف ناصر الزفزافي بداعي 'عرقلة حرية العبادات داخل مسجد وتعطيلها أثناء صلاة الجمعة. واعتبرت النيابة العامة، في بيان لها عقب ذلك، أن 'المعني' أقدم على منع الإمام من إكمال خطبته، وألقى داخل المسجد خطابا تحريضيا أهان فيه الإمام' وأنه 'أحدث اضطرابا أخل بهدوء العبادة ووقارها وقدسيتها'. ومن جهتها استنكرت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية 'الإخلال بالتقدير والوقار الواجبين لبيوت الله أثناء صلاة الجمعة'، 'مما أفسد صلاة الجمعة وأساء إلى الجماعة ». واعتبرت أن ذلك 'فتنة كبيرة' وأن الحدث يمثل 'تصرفا منكرا' في بلد يحيط العبادات وطقوسها بأكبر قدر من الإجلال والتعظيم والوقار. المرتكزات الحقوقية التقرير أوضح أنه بخصوص هذه الواقعة، فإن الأمر لا يتعلق بنقاش عمومي وبفضاء من الفضاءات العمومية، حيث تتواجه الآراء والمواقف محتكمه إلى الحجة والبرهان. بل نحن أمام شعيرة تعبدية، لها دلالتها القدسية، يمارسها المؤمنون بها. وإذا حدث وكان خلاف أو اختلاف حولها، يضيف تقرير مجلس بوعياش 'فمكان التعبير عنه في الفضاء العمومي، إذ لو اكتفى ناصر الزفزافي بانتقاد الخطبة خارج المسجد، لكان يمارس حقه المشروع في حرية التعبير. لكنه باقتحامه للمسجد، يكون قد اعتدى على حق الذين كانوا بالمسجد في ممارسة حرية تعبدهم وحريتهم الدينية. ولذلك فإنه قد خرق حقهم في ممارسة شعائرهم'. المصدر نفسه، أورد أن 'النصوص الدولية قد أناطت بالسلطات العمومية، مسؤولية حماية أماكن العبادة، من كل فعل من شأنه أن يعرقل سيرها، ويؤثر على طمأنينة المتعبدين. ونظرا للترابط بين الحق في حرية الاعتقاد وحرية ممارسة العبادة، فقد اعتبرت حماية أماكن العبادة، ضمانة لحماية الحق في الاعتقاد والعبادة'. حق ممارسة الشعائر من جهة أخرى، عزز المجلس رأيه بوقائع مماثلة في أوروبا، حيث أورد حالة ناشطة من حركة 'فيمن النسائية، إليوزبوتون – Elois Bouton، التي اقتحمت كنسية المادلين بباريس في دجنبر 2013. ورغم أن مبرر الاقتحام هو التعبير عن رأي متعلق بانتقاد موقف الكنيسة من حرية الإجهاض، فقد أدانتها المحاكم الفرنسية بمختلف درجاتها. وأشار المجلس إلى أن المحكمة الأوروبية، في قرارها سنة 2015، أكد على ضمان حق المتظاهرين في التعبير وكذلك حق المصلين في أداء شعائرهم وصلاتهم وذلك بأخذ المسافة الكافية ما بين الفضائين (فضاء الصلاة وفضاء التظاهر)، مبرزا أن الواضح هنا أن السلطات القضائية لم تعتبر اقتحام الكنائس تعبيرا عن رأي هي ملزمة بنص قوانينها بضمانه، بل رأت الأمر مسا بحرمة مكان للعبادة ولحرية المتعبدين داخله، وهي ملزمة بضمان أمنه.