الذي يختار العمل السياسي، ممارسة ونضالاً وفكراً وتحملاً للمسؤولية العمومية، يستقر عنده، مع مرور الأيام، أن السياسة قدر يختار رجاله قبل ان يختارُوه، يمتحن قدرتهم على الصبر، على الصمود، على التحدي. وتظهر معادنهم الحقيقية في الشدائد والأزمات. وبلا شك مرت السياسة في وطننا من أزمات وتحديات لا تعدُ ولا تُحصى، وقايست واختبرت رجالات كثيرة في مواقع كثيرة ومسؤوليات كثيرة، و ذلك مند الرعيل الأول للحركة الوطنية والنضال من اجل التحرر والاستقلال ، مرورًا بنضالات بناء دولة الحق والقانون والمؤسسات ، وصولًا الى لحظة العهد الجديد وبناء المملكة الحديثة، مملكة المفهوم الجديد للسلطة والأوراش الكبرى؛ مملكة التنمية البشرية والدولة الاجتماعية. في قلب هذا المسار التنموي الحديث… كان هناك رجل قليل الكلام، يشتغل في صمت لإحداث بصمة جديدة في نموذج رجل السياسة في المغرب، بروفايل خارج الكليشهات التقليدية، ومنفصل عن النمطيات ، رجل فضل العمل والمنجز على الخطابة والكلام الرنان ،هذا الرجل هو عزيز أخنوش . التقيته أولا مرة خارج أرض الوطن يدافع في ملتقى دولي عن متانة الاقتصاد المغربي. وكان قدري، مع ثلة من جيل سياسي متجدد، أن انخرط معه في تجربة ومسار سياسي رائد. تجربة تتعرض يوميا لهجومات منسقة من طرف جهات سياسية معلومة وأخرى مجهولة. وهذه الهجمات تزداد حدةً كلما حاولنا الدفاع عنها وعن عزيز أخنوش، ليس من باب التمجيد والتطبيل، ولكن فقط من باب الانصاف وإحقاق الحق. لكن قبل كل هذا، لابد من التفاعل مع ما يعتمل اليوم في المجتمع من نقاش وتعبيرات شبابية ومجتمعية حول النقص الموروث في قطاعات الصحة والتعليم، والتي هي مناط احتجاج مستمر ودائم من طرف المغاربة على خدمات لا تٌلبي طموح المغاربة اليوم. الشباب المغربي اليوم قال كلمته بكل قوة وصدق، والحكومة فتحت باب الحوار والانصات للمزيد من الإصلاحات وربما بشكل أعمق وأكثر فعالية. وهذه الإرادة الصادقة في الإصلاح تُواجَه مع الأسف الشديد بإرادة ماكرة في الإلتفاف على مطالب الشباب وتزييف الوعي الجماعي وتغذي بمغازلة بليدة رومانسية العنفوان. ونحن نرى شدة هذا الاستهداف فكيف لنا أن لا ننصف عزيز أخنوش…؟ وهو السياسي الوطني التي تعرَض ولايزال يتعرض لظلم سياسي كبير وغير مسبوق، وحملات منظمة لضغط الإعلامي رهيب، وشيطنَة سياسية مقيتة، حتى يقتنع المغاربة ان عزيز أخنوش لا يحقُّ له أن يساهم، كباقي المغاربة في خدمة الشأن العام… حتى صار ما يخترعه أعداؤه من تدليس يبدو للشارع صحيحا وحقيقة تدبيره واجراءاته الملموسة تبدو كذبا. شاهدنا بأم أعيننا هذا الظلم سياسي عندما اختار المشاركة في تدبير الشأن العام من 20 سنة، فسمعنا أصوات تقول ليس من حق رجال الاعمال المشاركة في الحياة السياسية … والغريب أن أكبر ديموقراطيات العالم قادها، ويقودها، وقد يقودها رجال اعمال، ولا نسمع هناك من شيطنهم أو يشيطنهم. ورُمح الظلم في كل هذا المُخطط مرتبط بموقعه كرئيس حكومة، وأنه سياسي من خلفية سياسية ليس من حقها الدفاع على الدولة الاجتماعية، وتنزيل برامج تُترجمها الى أرض الواقع. ومن حِكمة القدَر أن الحصيلة الحكومية في الشق الاجتماعي بيّنت أن عزيز أخنوش رجل أفعال وليس اقوال. فهل، ونحن أمام هذا الظلم الكبير نسكت ؟ مسؤوليتنا الأخلاقية والتاريخية تقتضي منا لحظة إنصاف لهذا الرجل … أولا، انصاف مؤسساتي، فعزيز أخنوش هو الذي أعاد لمؤسسة رئاسة الحكومة دورها المِحوري في تنزيل السياسات العمومية، خصوصاً في ظل دستور 2011، سواءً في العلاقة مع المؤسسة الملكية، أو في علاقته مع باقي الفرقاء السياسيين. ثانيا، إنصاف تدبيري، فرغم كل الهذيان الحزبي والضجيج السياسي من طرف بعض مكونات المعارضة، ظل عزيز أخنوش متماسكًا ومنضبطًا للبرنامج الحكومي الذي ينزل بسرعة التوجيهات الملكية السديدة. رأيَنا ورش الحماية الاجتماعية ومدارس الريادة، وميثاق الاستثمار والدعم الاجتماعي المُباشر ودعم السكن وارتفاع موارد الخزينة و الزيادة في الأجور. صحيح أن أثر كل هذا على المواطنين يظل متفاوتا في الوقت الحالي ويزيد من إحباط الشباب لكن الانصاف يقتضي تقدير هذا المجهود الكبير والمحمود. ثالثا، وأخيراً الإنصاف التنظيمي حيث قدم عزيز أخنوش نموذجا في قيادة الأحزاب المغربية (ولكم أن تعودوا لتقارير المجلس الأعلى للحسابات عن الأحزاب). في مرحلته تحول حزب الأحرار الى مؤسسة حزبية حقيقية وعصرية، تضم 19 منظمة موازية للحزب، عشرة ألاف منتخب، ألاف من الأعضاء والمنخرطين، حكامة مالية وتنظيمية. وانضباط حزبي قل ما ألفناه في الحياة السياسية المغربية. الإنصاف، اليوم، يقتضي منا استحضار منطق العقل والبصيرة وألا ننجر وراء خطابات سياسوية شعبوية تحاول الالتفاف على المطالب المشروعة لجيل يسبق الساسويين بسنوات ضوئية. وقد تسير بنا محاولات الالتفاف هاته الى المآزق والطرق المجهولة. *المنسق الجهوي للتجمع الوطني للأحرار بجهة فاس- مكناس