في إطار المحاضرة « إعادة التفكير في الشراكة الاقتصادية الأورومتوسطية » والتي تم تنظيمها بمدينة الثقافة بتونس موازاة مع النسخة الأولى للمنتدى العالمي للصحافة، قدم إبراهيم المزند، مؤسس مهرجان « موسيقى بدون تأشيرة » مداخلة تحدث فيها عن دور الفنانين في المجتمع المتوسطي. وفيما يلي نص الحوار الذي أجريناه معه: ما هو دور وقوة الثقاففة في التغيير الاجتماعي؟ أعتقد أنه لا يمكن لأحد أن ينكر الدور الأساسي للثقافة. والمغرب مثال جيد على ذلك. فالثقافة في المغرب موجودة في الفضاء العام والاجتماعي والمجتمعي، هي موجودة طوال حياتنا. علاوة على ذلك، في المناطق حيث تكون الثقافة غائبة، يكون هناك توعك اجتماعي و نقص في التنمية. يجب حتما تنظيم الأشياء حاليا نظرا للتطور الاجتماعي، يجب أن نكون حذرين. فالأطفال على سبيل المثال، يقضون جل وقتهم أمام الهواتف الذكية في حين أنه علينا أن نولي اهتماما لممارسة الموسيقى. لايمكننا تعلم الموسيقى حاليا بنفس الطريقة التي تعلمناها منذ بضع سنوات. في المغرب مثلا، أضحت بعض الألوان الموسيقية شبه غائبة. في شمال البلاد، يكاد ينعدم موسيقيي العايطة الجبلية. في مناطق مثل الريف يوجد عدد قليل من الفنانين. يوجد العديد من الفنانين هاجروا أو توقفوا عن العمل. أعتقد أنه يجب دمج الموسيقى المحلية والمسرح والرقص في المقررات الدراسية. ولكن لا يمكننا الاعتماد فقط على هذا الجانب من التراث، إذ يجب الانفتاح على أشكال تعبيرية جديدة وتحديث منهجنا. هناك قاعات مفتوحة ويجب تجهيزها، وهناك مسارح كبيرة ستفتح قريبا…يجب علينا تطوير التعليم و الدراسات الإدارية العليا وتقنيات العروض. هذا هو ما يجب القيام به اليوم. هل يمكن اعتبار الثقافة دبلوماسية موازية؟ بالتأكيد. فالقوى العظمى في العالم تعتمد كثيرا على ذلك. السينما الأمريكية حاضرة في كل مكان. فرنسا أيضا طورت نفسها في هذا المجال. فقد اعتمدت فرنسا على مدى قرن من الزمان على جودة متاحفها وتظاهراتها الثقافية ومهرجاناتها السينمائية وعلى موسيقاها. واليوم، اعتمدت بلدان الجنوب على هذا النهج. كوريا أو كولومبيا هي بالنسبة لي أمثلة ممتازة. فهم وضعوا أدوات للترويج لفنانيهم وتصديرهم للخارج. يقومون بأشياء عظيمة. أظن أنه لا يمكننا تطوير البلاد إذا لم تكن هناك دبلوماسية موازية. فالبلدان الصغيرة مثل كوبا وعلى الرغم من كل الصعوبات التي تواجهها استطاعوا خلق التعاطف مع باقي البلدان من خلال قوة الثقافة. أنت مؤسس مهرجان موسيقى بدون تأشيرة: هل لك أن تقدم لنا هذا المهرجان ولماذا اخترت المغرب لتنظيمه؟ مهرجان موسيقى بدون تأشيرة هي منصة تجمع فنانين من الشرق والمغرب العربي والقارة الإفريقية. أعتقد أن هذه المنصة أو السوق يلبي حاجة وهي إظهار أعمال فنانينا مرة في السنة لتشجيع الإبداع المعاصر. كما تتيح هذه المنصة فرصة لقاء مهنيين من جميع أنحاء العالم. كما نقوم بدورات تدريبية ومحاضرات وعروض سينمائية. إنه موعد مكثف من ناحية البرمجة وأعتقد أن للمغرب كل الشرعبة لتنظيمه، أولا، لأن هناك العديد من بلدان جنوب الصحراء ترتبط بالمغرب عن طريق الخطوط الجوية. ولدينا أيضا الكثير من العلاقات مع الشرق الأوسط. دون أن ننسى قرب المغرب من أوروبا, بالنسبة للأوروبيين المجيء إلى الرباط أسهل بكثير من الذهاب إلى عاصمة إفريقية أخرى، بالإضافة إلى أن الرباط تريد ان تصبح عاصمة ثقافية. هل يمكننا التحدث عن مبدأ الاقتصاد الثقافي؟ بالتأكيد. أظن أننا أهملنا لسنوات عديدة مساهمة الصناعات الإبداعية في جميع القطاعات وليس فقط في الموسيقى. أعتقد أننا اليوم في بلداننا لم نعي بعد أهمية هذه الإضافة. هناك بلدان أنشأت كتابات الدولة للصناعات الإبداعية لأنها فهمت مدى مساهمة هذه الصناعات في الناتج المحلي الإجمالي . علينا اليوم أن نضع أدوات تشجع الشباب إلى إنشاء مشاريعهم الصغيرة، مما سيسمح بتطوير العديد من المشاريع الثقافية في المدن الصغيرة وكسب عيشهم وخلق الثروة. وسيقدم هذا المقاول الكثير من الازدهار للمجتمع المحلي.