المغرب والصين يوقعان مذكرة تفاهم لإرساء آلية للحوار الاستراتيجي بين وزارتي خارجية البلدين        ملف الصحراء.. دي ميستورا يجري مباحثات مع روسيا حول تطورات القضية    المغرب والصين يطلقان شراكة استراتيجية لإنشاء أكبر مجمع صناعي للألمنيوم الأخضر في إفريقيا    الحكومة تصادق على قانون "يستبق" إفلاس الأبناك والمؤسسات المالية        شركة عالمية أخرى تعتزم إلغاء 680 منصب شغل بجنوب إفريقيا    ظهور جزيرة جديدة بفعل ذوبان نهر جليدي في ألاسكا    شكاية أمام القضاء للتحقيق في عبور عتاد عسكري إلى إسرائيل عبر موانئ مغربية    حركة ضمير تدعو إلى الشفافية وتدين الحملات الإعلامية الأجنبية ضد مؤسسات الدولة    بعثة نهضة بركان تشد الرحال صوب الطوغو لملاقاة أسكو دي كارا في عصبة الأبطال    رسميا.. المنتخب المغربي يواجه الفراعنة وديا استعدادا لكأس العرب    غرفة جرائم الأموال بفاس تفصل في ملف "البرنامج الاستعجالي" الذي كلّف الدولة 44 مليار درهم    تقنية جديدة تحول خلايا الدم إلى علاج للسكتات الدماغية    المغرب يرسخ حضوره البحري بمشاركته في أعرق المناورات الدولية "يونيتاس 2025"...    السجن المؤبد لزوج قتل زوجته بالزيت المغلي بطنجة        دوري الأبطال.. برشلونة يهزم نيوكاسل ومانشستر سيتي يتجاوز نابولي    الفيفا تفتح تحقيقا بشأن إشراك فريق جنوب إفريقيا للاعب موقوف في تصفيات المونديال    استطلاع: 95% من المغاربة لا يثقون في الأحزاب السياسية    فرنسا تجمد التعاون مع مالي في مجال مكافحة الإرهاب وتطرد دبلوماسيين    تمرين مشترك بين القوات المسلحة الملكية والحرس الوطني الأمريكي لمواجهة الكوارث        سطاد المغربي يعين الصحافي الرياضي جلول التويجر ناطقا رسميا    الدّوخة في قمة الدّوحة !    إشهار الفيتو الأمريكي للمرة السادسة خلال عامين ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة يزيد عزلة واشنطن وإسرائيل دوليًا    زلزال بقوة 7.8 درجات يضرب شبه جزيرة كامتشاتكا شرقي روسيا    حديث البقالي يفتح ملف الجامعات المغربية وتصنيفها العالمي    كيوسك الجمعة | الحكومة تبشر المتقاعدين بالإعفاء الكلي من الضريبة على الدخل    وفاة شاب في حادث سير مروع بين مراكش وتحناوت    "لا موسيقى للإبادة".. 400 فنان عالمي يقاطعون إسرائيل ثقافيا    أسعار النفط دون تغير يذكر وسط مخاوف بشأن الطلب    الجزائر تهتز بهروب "ناصر الجن" وحلقة جديدة في صراع الأجنحة داخل الجيش و المخابرات.    حموني يطالب بحل أزمة الكهرباء في بولمان.. انقطاعات متكررة وحرمان من الربط    طقس حار وزخات رعدية محلية بعدد من مناطق المغرب اليوم الجمعة            الحضري يتوقع نهائي المغرب ومصر    المغرب في المهرجانات العالمية    جلالة الملك محمد السادس يدشن ويزور مشاريع كبرى بالعاصمة الاقتصادية للمملكة    تدشينات ملكية تؤجل لقاء وزير الداخلية بقادة الأحزاب الممثلة في البرلمان    أزولاي: الدينامية الثقافية في المغرب تجسد غناه وقدرته على الانفتاح على العالمية        شيرين وحسام حبيب يقضيان عطلة في "ماربيا"    الفنان مولود موملال: جمالية الغناء الأمازيغي وفاعليته التوعوية    إسرائيل تجمد تمويل مكافآتها السينمائية الرئيسية بسبب فيلم «مؤيد للفلسطينيين»    فيلم «مورا يشكاد» لخالد الزايري يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان وزان    تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    الكشف عن لوحة جديدة لبيكاسو في باريس    "مجلس حقوق الإنسان" يطالب بحرية التعبير الرقمي وحماية المواطنين من دعاوى التشهير الحكومية    350 شخصية من عالم الدبلوماسية والفكر والثقافة والإعلام يشاركون في موسم أصيلة الثقافي الدولي    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    ألمانيا تقلق من فيروس "شيكونغونيا" في إيطاليا    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مَقاماتُ َبْحرِ الغُرْبَة
نشر في طنجة الأدبية يوم 18 - 01 - 2010


-1-

لِلْبَحْرِ رائِحَة الشّتاء،
و زُرْقَةٌ نَبَوِيّة النِّداء،
مُنذُ اِقْتِدامِ الزّمَن،
تُسافِر فيه حَمائِمُها البَدَويّة،
و في تاريخِ عُيونِ القَمَر،
و أَوْراقِ الشّجَر...
-2-
لِلْبَحر خُضرَةُ النّظَرْ،
و أَقْواسٌ قُزَحِيّة الأجْراس،
بِلَوْن الخُرافة و أَفْراسِ النّهَر،
و صَلْصالٌ بَشَرِيّ العُيون،
و سَماءٌ مِن فِضّة،
و ليالي شُجون.

-3-
لِلْبَحر بِداياتُ المُنْتهى،
كما لِلْمُدُنِ تاريخ المَطَر،
غَيْرَ أنّي في بَلَد مَجون،
لا لَوْنَ لَهُ ،
لا ذاكِرَة،
لا سَمْعَ،
و لا نَظَرْ.

-4-
و السَّماء مُنْذ فَجْر المَخاض،
و تَدَرُّج أَقواس الزُّرقة،
لا سِرَّ لها،
لا نِهايَة،
و لا سُكون.
-5-
لا طَعمَ لِلحُبّ الخَجول،
لا لَذّةَ لانْتِحارِ المَوَدّة،
لا شَيءَ غَير الفُرْغَة،
و نَجْمٌ في الخَيال رَكون.
-6-
و بَحْر مُنذُ بِدايَةِ الخَليقَة،
مُنذُ بِدايَةِ عُنْفِ السّماوات،
و اجتِرارِ حَريق السّنون،
على صَخْرَةِ البِدايَة،
واقِفٌ ظِلّه الفاتِن،
يساءِلُ مَوجَه أَيّان،
تَعودُ لِلوجود فَراديسُ الرّؤى،
و أَغصانٌ بِلّوْرِيّةُ الشّذى،
لدى الفَجْرِ الغَجَريّ الفَتون،
حُلما رائِعَ الخَوْفِ.. حَنون.

-7-
لِلْبَحْرِ بُعْدُ النّظَر،
كما لَها الهِجْرَة جَوازاتُ سَفَر.
أُهاجِرُ بِدَوري في زُرقَةِ الظّنون،
في جَوْهَرِ المُلوحَة و خُضْرَة النّون،
و اخْضِرار فَظاءات المَطَر.

-8-
أُسافِر كالمُهاجر وَحْدي،
حُبَّ ابتِعادٍ و ضَياعٍ،
في العُيونِ البَعيدَة،
أَبْحثُ فيها لي و في ابْتِعادي،
كالتّائه في تُربَة شُحِّ التّصَوُّفِ،
عَن ميلادِ خاتَمَ أَرْضٍ جَديدَة.

-9-
غَيْرَ أَنّ لَه البَحْرُ،
ذاكِرَةَ كعَرْجونِ السّحَر،
و وَسواسٌ بَدويٌّ بِلَوْنِ الحَجَر.
و رَمل مَخْزنيّ الظّنون،
و شاطِئٌ تِبْريُّ الجُفون،
و يَدٌ مُحَنّاةٌ بالفِضّة،
و خَيمَة زُمُرديّة البِطانَة.
و عُمقٌ تَصْهَلُ فيه الشّظايا،
يا وَيْحَها جِيادُ القَدَر !
يا وَيْلها جَنّاتُ السّهَر !

-10-
لِلبحر نَوافِذَ بَعيدَة،
و ذاكِرةٌ بِعُمْقِ خَيالِ الغِربال،
و سِعَة الفَضاءاتِ الغَريبة.
و أَنا بِأَمواج فِتَني الرّحال،
و اصطِحاب بُروقَ التَّنَبّي ،
عَبْرَ الآفاقِ المُسْتَحيلَة.
أَبْحَثُ لي عَن مَرْفَأَ هِلال،
عَن طينَة وَطَن مُؤمِن،
و قَرْيَةً مُسلِمَة صَبِيّة.

-11-
دُلّوني عَلَيه لِأُبْكيهِ البَحرُ،
لِأَتَأرْجَح في تِلْوانِ مائِه،
و أُبْحِر في اضْطِرابِ خَيالِه،
كَسِندِباد مُغامِرْ،
أُجَدِّدَ في إيقاعِ خُرّافِه،
قِصَّةَ نوحٍ جَديدَة،
رِوايَة نُطْفَة عَذْراء،
لا بِدايَة خَلفَ الماءِ لَها،
لا وَجْهَ لَها،
لا ظِلَّ،
لا نَخيلَ،
و لا رِداء.

-12-
لِلْبَحْرِ ماهِيةُ الوُجودْ،
و عُيونٌ مِن خالِص الكَوثَر،
و أُفُقٌ شَرود.
و زَمَنٌ طَويل و مُمْتَدّ،
رائِعَ الحُلُمِ،
لا وُجْهَةَ،
لا إِطارَ،
لا حُدود.

-13-
لِلْبَحر عُوّاءُ الزّمن،
و فَلسفة كَوْنِيّة،
و حَدْس غَريب،
لا يُشْبِه الوُجودَ في شَيء،
و خَبايا "تَكْنين" و تاء و بَنين.
ندىً على فُسيفساء الوَسَن،
تَفَتّح كما الرّوح في الزّمن العَتيق،
كما عُنفُوان المَكان،
تَحْتَويه الرَّجُلُ الغَريب،
و تُنْجِبُها الأُنثى الغَرومَة.

-14-
لِلْبحر أَعْماقٌ رِحال،
و أَرْوِقَةٌ مِن صَدَفِ العَنْبَرِ و أََنْوارُ ثُريّا،
و مَصابيحٌ خُضْرٌ على زَيْتونَة المُحال،
تَرَحَّلُ غَبْرَتُها الذّهَبِيّة مِن بال لِبال،
في قِبَب النُّبُوّةِ الكََوْنِيّة،
في سَراديبِ مَغاوير الإِلهام.
و الكَلِماتِ الثِّقال.

-15-
لِلبَحر إيقاعُ الفِراق،
و فَضَاء مُذهّبُ الزّوايا،
و جَوْن عَربي الرّوح،
عجيبَ فَواتِن المِزاج،
قَريبَ العِشق بَعيدَ المَنايا.

-16-
لِلبَحْرِ فُجاءاتُ الغُرْبَة،
و تِِلْوانُ خَرائِطَ قَلُوبة،
و صَحاري رُؤى،
مُحَمّدِيَة النّور،
و آفاقُ أَفْعال شُروع،
و تَوَقّعٍ،
و امتناع،
و انْتِشاراتُ أََشْرِعَة رِياحٍ طَروبَة.

-17-
لِمَن إِذَنْ سُفُنُ الرّوح؟
و هَذِه النّفْسُ الشّجِيّة،
على لَوْحِ النّوح،
تَغدو مَخْبولَة و تَروح،
على مَذبَح قوافِلِ القَضِيّة،
و قَد أَسْلمتْها الرّيح،
إلى دَوائِر جدائِلِ المَرِيّة.

-18-
مَن ذاكَ الّذي،
تَخَلّف إِذن عَن مَوْعِدِ السَّفرِ،
و ظَلّ بَعد رَحيلِ العُمرِ،
في فَراغِ الوُجود،
عالقًا بين العُشْبِ و القَهَر.

-19-
لِلْبَحر انْعِكاساتُ الصّدى،
و مَن لَم يُجَرّب بُهتانَه البَحرُ،
عاش بَريقَ دُنياهُ،
بِلا راح و لا رَيْحان،
و لا آس ناعِسٍ في الفِنان،
و لا مَرْكَبَة لِلَذّاتِ الفِكَرْ.
-20-
مَن رَآه غَفْلَة إلهِهِ البَحْرُ ،
و لَم يَنْدَهِش مِن رُؤْيَة عُشْبَهُ القاهِر،
لَن يَعْرِفَ ما مَعناه الأَبَنوس،
لَن يُدْرِك حُدودَ المَنايا،
و لا تِلك الرّوحُ المُتَسَتّرةُ وُجوبًا،
خِفيَةً في دَهاليزِ الرِّوايَة.

-21-
لا مَعناه لَو لَم يَكُنه البَحْرُ،
لا تَحليلَ لِلزّمَنِ المُهاجِر،
لا مَعْنى لِلأُنْثى العَفيفَة،
لا مَعنى لِرِياح الشّمال الرَّشيقة،
حين تَنْعاهُ و لَيْسَ لِلْبَحْر مِن طارِق.

-22-
مَن لَم يَذُق طَعم النّار،
و زُفْرَة بَني خُضْرََة،
على الجِيَادِ البَوارِق،
و اغْتِراب عَتَباتِ الدّيار،
و المَنابِر و الصّوامع،
عاشَ قٌرْبَ دُنياه،
كما بِعادَ أُخْراه،
على خَريرِ النّواعيرِ مَدامِع.

-23-
إِلاّ أَنّه البَحرُ،
لَهُ مَظاهِرَ الخَليقَة،
و خِيامٌ و إِبِل و صَهيل،
كتِرْحالِ خِيام الغَجَر،
و سَنابِك مُعَلّقاتٍ زَكِيّة.
كَتَقَلُّبِ مِزاج الرّياح،
و إيقاعِ حَفيفِ المَطَر،
و رِمال بِمُتْعَة الأَثَر،
و قَلْعَةِ سِرّ عَتيقة،
لا تاريخَ لها،
لا .. و لا ثِقْلَ،
و لا مَفاتيحَ خَباياها،
و لا مَناديل شِعْر أَو عِبَر.
-24-
حينَ يَنْشَرِحُ قِرْص الشّمْسِ،
ذَهَبًا على شَبابيك حُزْنِ الصّباح،
و تَصْعَد شُقْرَة المُوَيْجاتِ الزّرقاء،
مِن خَلْفِ صورِ النِّبْراس،
على ذِراعِ نافِذَة الشَّرْق،
مَحْمولَة على آمال شاشَة البِدايَة،
دونَما وَجَع .. دونما هَلَع،
أو نَحيب حُداء التّنين،
على صَدى أَرْمَلَة بَدَوِيّةَ الرّنين.

-25-
يَنْتَبِهُ بِدَوْرِهِ البَحْر،
مُتّسِعًا في حُقولِ شُجونِه،
شائِعًا .. حائطًا،
بِإِذْن رَحْمَةِ الله،
قابِضًا عَلَيْها أََسْرارَ البِدايَة،
كَجَمرَةِ موسى كَعَبْرَةِ مَريم.

-26-
عِندَ اغْتراب المَساء،
قُبَيْلَ انْفساخِ سِرْج الماء،
و انْحِدار عَرْشِ الشّمْس،
في عَسَلِ خابِيَة الغُروب،
يُسَرّح لَه البَحر،
حِبال المُستَحيل،
و آفاقا طِباقا..طِِباقا ....
كَمُفتَرقاتِ طُرقاتِ الرّحيل.

-27-
كَذالِك يَركَعُ على رُكْبَتَهْ البَحرُ،
في صَلاة خالصة لِلسّماء ،
يَمْتطي آخِرَ صَهوَة للشّمْس،
و يَنْحَدِرُ رُوَيدَهُ،
مُتَثاقِلا في مُوَيْجات البديل،
رُوَيْدَهُ يَنْحَدِر،
و الدُّنيا مِن خَلفِه،
لمّا تَزال في مَنامة الغَفلة نَؤومَة.
-28-
يَنْحدر .. و يَنْحدر،
رُوَيدَه عِند عَتَبة "البَيْضاء"،
عَبرَ مُعجِزة المَسجِد العَصريّ المُحال،
صُوًى يَخلعُ طَحالبَ نَعْلَيْه،
ثُم ثانيَ اثنَين يُصَلّي،
و هُو على عَرْشِ الماءِ سَلامة.

-29-
يُنادي المَلَكُ الثّاني صاحِبَهُ،
في المِحْرابِ العُلْوِيّ سَلامَة،
يُسَبّحان في خُشوع الُخُلْوَة،
الخالصِة لِأَرْبابِ المَعاني،
و لِرَبّ الأسْماءِ الحُسْنى،
و النّونِ و القَلَمِ وما يَسْطرون.

فؤاد اليزيد السني – 16-01-010 – بروكسيل - بلجيكا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.