أرجع صندوق النقد الدولي دوافع الاضطرابات في المغرب، وغيره من بلدان المنطقة إلى «السخط حيال الأوضاع الاقتصادية»، معتبرا أن البطالة ومحدودية الفرص والفساد وضعف الخدمات العامة تصنف ضمن أقوى مُسببات الاحتجاجات. جاء ذلك في تقرير بعنوان «آفاق الاقتصاد الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان».
ومن الأرقام الصادمة التي وقف عليها التقرير نفسه، أن حجم الدين العام للخزينة المغربية بلغ 722.7 مليار درهم (76 مليار دولار مع نهاية 2018)، في واقع يصفه المتتبعون بالغارق في الكساد والاحتقان الاجتماعي. ويعد مؤشر المديونية، من المؤشرات الدالة على عدم قدرة الحكومات على تعبئة موارد مالية إضافية تستجيب لتطور نفقات الدولة.
وكشفت بيانات وزارة الاقتصاد والمالية يوم 29 مارس 2019، عن أن الدين الخارجي للمملكة بلغ 34.1 مليار دولار. وفي أحدث تقرير لمديرية الخزينة العامة، سجل الدين الداخلي لبلادنا مع نهاية أبريل الماضي 558.3 مليار درهم (نحو 59 مليار دولار).
ويتوقع بنك المغرب أن ترتفع مديونية الخزينة العامة للمملكة من 65 في المائة من الناتج الداخلي الخام في العام الماضي، إلى 65.8 في المائة خلال العام الحالي، قبل أن تتراجع إلى 65 في المائة في العام المقبل، تحت تأثير الدين الداخلي.
وانتقل الدين العمومي للمغرب، الذي يشمل مديونية الخزينة العامة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية من 82 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2017، إلى 82.2 في المائة سنة 2018، ومن المنتظر أن تصل في هذا العام إلى 82.5 في المائة، حسب المندوبية السامية للتخطيط.
في هذا السياق، يرى خبراء أن من أسباب اللجوء للاستدانة الذي يُنعت «بالمفرط»، هناك الإسراف في النفقات، وارتفاع نفقات السيادة، إذ إن المغرب له وضع خاص في المنطقة العربية، من حيث محدودية موارده وعدم توفره على البترول. ورغم تحويلات المغتربين، وارتفاع وتيرة الاستثمارات الأجنبية؛ تبقى احتياجات المغرب مرتفعة، مما يدفعه للاقتراض المستمر.
ويؤكد هؤلاء المراقبون، أن القطاعات الإنتاجية بالمغرب ضعيفة، وقطاع الزراعة رغم تميزه يظل رهينا للتقلبات الجوية، في حين وضعية التعليم المتردية تجعل إنتاجية العنصر البشري ضعيفة وغير فاعلة في التنمية.
ويشدد الخبراء، على أن المؤسسات العمومية الأكثر فاعلية في الاقتصاد المغربي لديها نقص في التمويل الذاتي، مشيرين إلى أن أكثر من 30 في المائة من نفقات الموازنة رهينة بالمديونية، مما يجعل وضع الاستدانة بنيويا، وبحاجة إلى هيكلة دائمة بالنسبة للمؤسسات العمومية منذ أكثر من 15 سنة.
وتمثل المديونية الداخلية أكثر من 51 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، وينتظر أن تصل الفوائد المرتبطة بها في العام الحالي إلى 24 مليار درهم، مقابل 3.85 مليارات درهم للدين الخارجي. وبلغت فوائد الدين الداخلي حتى فبراير الماضي، حسب الخزينة العامة للمملكة، 21.4 مليار درهم.
وكانت منظمة «أطاك المغرب»، قالت إن «تكاليف الديون تفوق بكثير الميزانيات الاجتماعية الرئيسية، وتحول دون أي تنمية اجتماعية وبشرية حقيقية، وتتحمل الفئات الشعبية والأجراء أعباء تسديدها من خلال سياسات التقشف والفقر وتجميد الأجور والبطالة والتهميش».