لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين تصادق على مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    كأس إفريقيا .. صلاح يقود مصر للفوز على زيمبابوي في الوقت بدل الضائع    بلاغ مشترك توقيع اتفاقية إطار للشراكة والتعاون بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ومؤسسة أرشيف المغرب تهم حفظ الذاكرة القضائية    افتتاح كأس الأمم الإفريقية بالمغرب: حدث قاري يكشف خلفيات العداء السياسي    تراجع عن الاستقالة يُشعل الجدل داخل ليكسوس العرائش لكرة السلة... وضغوط في انتظار خرجة إعلامية حاسمة    ميسور: حملة واسعة لتوزيع المساعدات الإنسانية لفائدة الأسر بالمناطقة الأكثر هشاشة بجماعة سيدي بوطيب    ماذا تريد الدولة من اعتقال الأستاذة نزهة مجدي؟    بصعوبة.. مصر تفوز على زيمبابوي 2_1 في أول ظهور بالكان        مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    نيويورك.. زهران ممداني يفاجئ مشجعي أسود الأطلس في مطعم مغربي    تحضيرات المنتخب المغربي تتواصل استعدادا لمباراة مالي    موندو ديبورتيفو تشيد بحفل افتتاح كان 2025 بالمغرب    حموشي يقرّ صرف منحة مالية استثنائية لفائدة جميع موظفي الأمن الوطني برسم سنة 2025        بركة: دراسة ترسي حماية جديدة لآسفي.. ونراجع المناطق المهددة بالفيضانات        الحسيمة.. حادثة سير خطيرة على الطريق الوطنية قرب بني عبد الله    نشرة انذارية جديدة تحذر من تساقطات ثلجية كثفة وامطار قوية    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    إقليم ميدلت.. تعبئة ميدانية للسلطات تنقذ خمس عائلات من الرحل حاصرتها الثلوج بجماعة أيت يحيى    في ندوة وطنية بأزمور لمختبر السرديات: الخطاب والمرجع في النقد المغربي    «لماذا يخطئ المثقفون» صامويل فيتوسي الانحياز الفكري والأخلاقي أمام امتحان الحقيقة    مجموعة «فوضى مورفي» للكاتبة خولة العلوي .. شغف ووعي ورغبة في كتابة نص مختلف    نبض بألوان الهوية المغربية والإفريقية: عرس كروي رفيع المستوى في افتتاح الكان        تصنيف فيفا .. المغرب يحافظ على المركز 11 عالميا    ختام السنة برياض السلطان تروبادور غيواني بادخ    يومية "آس" الرياضية الإسبانية: براهيم دياز.. قائد جديد لجيل واعد    انتقادات حقوقية لتراجع تصنيف المغرب في تنظيم الأدوية واللقاحات    تحقيق ل"رويترز": في سوريا الجديدة.. سجون الأسد تفتح من جديد بمعتقلين جدد وتعذيب وابتزاز    أزيلال .. القوات المسلحة الملكية تطلق خدمات المستشفى العسكري الميداني بجماعة آيت محمد    ريدوان يطلق أولى أغاني ألبوم كأس أمم إفريقيا "ACHKID"    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    الذهب يسجل مستوى قياسيا جديدا مع توقع استمرار خفض الفائدة الأمريكية    خطر صحي في البيوت.. أجهزة في مطبخك تهاجم رئتيك    رغم انخفاضها عالميا.. المحروقات بالمغرب تواصل الارتفاع والمستهلك يدفع الثمن    نهائيات كأس إفريقيا للأمم تعيد خلط أوراق العرض السينمائي بالمغرب        أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    تيسة تحتضن إقامة فنية في الكتابة الدرامية والأداء لتعزيز الإبداع المسرحي لدى الشباب    ارتفاع أسعار النفط    انقلاب حافلة يودي بأرواح 16 شخصا في جزيرة إندونيسية    سعر الذهب يسجّل مستوى قياسيا جديدا    تفاصيل جديدة بشأن "مجزرة بونداي"    إعلام إسرائيلي أمريكي: نتنياهو يسعى لتفويض من ترامب لمهاجمة إيران    وفاة الممثل الأمريكي جيمس رانسون انتحارا عن 46 عاما    اغتيال جنرال روسي في انفجار قنبلة    الاستيطان يتسارع في الضفة الغربية ويقوّض فرص قيام دولة فلسطينية    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سنواصل جهودنا الدؤوبة وتعاوننا الداعم للمساعي الأممية للوصول إلى حل سياسي توافقي ونهائي للخلاف الإقليمي حول مغربية صحرائنا
حث الحكومة على مضاعفة جهودها ببلورة مخططات وقائية واستباقية ومقدامة للتحفيز الاقتصادي وتوفير الحماية الاجتماعية
نشر في العلم يوم 01 - 08 - 2009

ترأس جلالة الملك محمد السادس محفوفا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن ومرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل يوم الخميس بالقصر الملكي مارشان بطنحة حفل استقبال بمناسبة الذكرى العاشرة لتربع جلالته على عرش أسلافه الميامين.
كما كان جلالة الملك مرفوقا خلال هذا الحفل بعاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة ورئيس غينيا الاستوائية السيد تيودورو اوبيانغ نغيما.
وقد وجه جلالته خطابا الى الامة بمناسبة الذكرى العاشرة لتربع عرش اسلافه الميامين وفي ما يلي نص الخطاب السامي:
الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه شعبي العزيز, نخلد اليوم الذكرى العاشرة لاعتلائنا العرش. وهي مناسبة جديرة بأن نجعل منها لحظة قوية للوقوف الموضوعي على أحوال الأمة, واستشراف مستقبلها.
ومن هذا المنطلق أشاطرك الاقتناع بأن المغرب قد قطع أشواطا كبرى في البناء الديمقراطي التنموي شكلت منعطفا هاما في تاريخه. وبروح المسؤولية أصارحك بأن ما اعترض هذا المسار من عوائق واختلالات يتطلب الانكباب الجاد على إزاحتها وتصحيحها لاستكمال بناء مغرب الوحدة والديمقراطية والتنمية وتأهيل بلادنا لرفع تحديات سياق عالمي مشحون بشتى الإكراهات والتحولات.
سبيلنا إلى ذلك الإسراع بوتيرة الأوراش الإنمائية وتعزيزها بإصلاحات جديدة وتدبيرها بالحكامة الجيدة.
ومهما كان الطريق شاقا وطويلا, فإنه لن يزيدنا إلا إصرارا على المضي قدما ببلادنا على درب التقدم. عمادنا في ذلك ثوابت وطنية راسخة لم نفتأ نتعهدها بالتجديد.
وفي صدارتها وحدة الإسلام السني المالكي الذي نتقلد كأمير للمؤمنين أمانة تحديث صرحه المؤسسي وفضائه العلمي. غايتنا تحصين اعتداله وتسامحه من التطرف والانغلاق وترسيخ تعايش عقيدتنا السمحة مع مختلف الديانات والثقافات.
وبنفس العزم نحرص على توطيد وحدة الهوية المغربية جاعلين من إعادة الاعتبار لروافدها المتعددة مصدر غنى وقوة لوحدتنا الوطنية. كما عززنا الإجماع الوطني حول صيانة الوحدة الترابية باقتراح مبادرة الحكم الذاتي, بعمقها الديمقراطي وأفقها المغاربي.
وباعتبار الملكية قطب الرحى للثوابت الوطنية فقد أضفينا عليها طابع المواطنة وذلك بترسيخ دولة الحق والقانون وديمقراطية المشاركة وانتهاج الحكامة الجيدة وسياسة القرب وكذا بإنصاف المرأة والفئات والجهات المحرومة. كما كرسنا جوهرها كملكية ملتحمة بكل مكونات الأمة متسامية عن النزعات والفئات ملتزمة بالنهوض بالمسؤولية الريادية والقيادية للعرش في الائتمان على القضايا العليا للوطن والمواطنين والانتصار للتقدم.
وتجسيدا لهذا التوجه عملنا على أن يكون المواطن هو الفاعل والمحرك والغاية من كل مبادراتنا ومشاريعنا الإصلاحية والتنموية. ومن ثم كان إطلاقنا للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وإن ارتياحنا لنتائجها الأولى لا يعادله إلا عزمنا على التصدي لما قد يعترضها من صعوبات وعوائق.
لذا قررنا إعطاء دفعة جديدة وقوية لهذا الورش الدائم انطلاقا من توجيهاتنا التالية : أولا : توخي المزيد من النجاعة والمكتسبات. ولأجل ذلك ندعو كافة الفاعلين عند إعداد مشاريعها إلى مراعاة نوعيتها واستمراريتها والتقائها مع مختلف البرامج القطاعية ومخططات التنمية الجماعية. ثانيا : ضرورة إخضاع مشاريعها للتقييم والمراقبة والأخذ بتوصيات المرصد الوطني لهذه المبادرة.
ثالثا : التركيز على المشاريع الصغرى الموفرة لفرص الشغل وللدخل القار لاسيما في هذه الظرفية الاقتصادية الصعبة.
رفع معدلات النمو
شعبي العزيز إن منظورنا المتكامل للتنمية الشاملة يقوم على تلازم رفع معدلات النمو مع التوزيع العادل لثماره وعلى جعل التماسك الاجتماعي الغاية المثلى للتنمية البشرية والنجاعة الاقتصادية.
ومن هذا المنطلق, عملنا على تزويد المغرب بالبنية التحتية اللازمة لتقدمه وإطلاق مشاريع هيكلية كبرى. وانتهاج استراتيجيات طموحة للقطاعات التي تشكل الركائز الأساسية والمستقبلية لاقتصادنا كالسياحة والصناعة والسكن والطاقة والموارد المائية وكذا القطاع الحيوي للفلاحة بإطلاق مخطط المغرب الأخضر.
وإننا لنجدد حمدنا لله تعالى على ما جاد به علينا من موسم فلاحي جيد خفف من وطأة الظرفية الاقتصادية الصعبة على بلادنا وخاصة العالم القروي.
وبفضل صواب اختياراتنا ونجاعة برامجنا الإصلاحية وترسيخنا للتضامن الاجتماعي والمجالي استطاعت بلادنا أن تواجه نسبيا التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لأزمة مالية عالمية عصيبة.
بيد أن ذلك لا ينبغي أن يحجب عنا ما أبانت عنه هذه الأزمة غير المسبوقة من اختلالات هيكلية ومن مضاعفة حدة بعضها لذا ندعو إلى تعبئة جماعية لكل السلطات والفعاليات من أجل تقويمها بما تقتضيه الظرفيات الصعبة من إرادة قوية ومن ابتكار للحلول الشجاعة بعيدا عن كل أشكال السلبية والانتظارية والتدابير الترقيعية.
وفي هذا الصدد نحث الحكومة على مضاعفة جهودها ببلورة مخططات وقائية واستباقية ومقدامة للتحفيز الاقتصادي وتوفير الحماية الاجتماعية.
الحكامة التنموية الجيدة
وبقدر ما نحن مؤتمنون على مقدساتنا الدينية والوطنية فإننا حريصون على التزام الجميع بثوابت اقتصادية واجتماعية تعد من صميم الحكامة التنموية الجيدة التي يتعين التشبث بها في جميع الأحوال ولاسيما في مواجهة الظرفيات الدقيقة.
فعلى الصعيد الاقتصادي يجب التحلي باليقظة الدائمة في مواجهة التقلبات الاقتصادية الدولية والحزم في الحفاظ على التوازنات الأساسية؛ باعتبارها ثمرة إصلاحات هيكلية ومجهودا جماعيا لكافة مكونات الأمة لا يجوز التفريط فيها مهما كانت الإكراهات.
كما ينبغي انتهاج أنجع السبل الكفيلة بضمان التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإحكام التنسيق والأخذ بالتقييم المستمر للسياسات العمومية وذلك في تفاعل مع التحولات الدولية وانفتاح إيجابي على العولمة.
فالأزمة مهما كان حجمها لا ينبغي أن تكون مدعاة للانكماش وإنما يتعين أن تشكل حافزا على الاجتهاد لأنها تحمل في طياتها فرصا يجب العمل على استثمارها وذلك بمبادرات اقتصادية مقدامة تتوخى تعزيز الموقع الاقتصادي الجهوي والعالمي للمغرب.
ولهذه الغاية ندعو للتفاعل المجدي بين مختلف المخططات قصد الرفع من جودة وتنافسية المنتوج المغربي بما يكفل إنعاش الصادرات, وبما يقتضيه الأمر من حفاظ على التوازنات المالية الخارجية, وما يستلزمه من العمل على استثمار رصيدنا في المبادلات التجارية على أفضل وجه.
وتعزيزا للمناخ الاقتصادي الملائم للاستثمار والتنمية يتعين الالتزام بحسن تدبير الشأن العام بما ينطوي عليه من تخليق وحماية للمال العام من كل أشكال الهدر والتبذير ومحاربة لكل الممارسات الريعية والامتيازات اللامشروعة.
وإن المغرب وهو يواجه كسائر البلدان النامية, تحديات تنموية حاسمة وذات أسبقية فإنه يستحضر ضرورة الحفاظ على المتطلبات البيئية.
والتزاما منه بذلك نؤكد وجوب انتهاج سياسة متدرجة وتأهيلية شاملة اقتصادا وتوعية ودعما من الشركاء الجهويين والدوليين. وفي هذا الصدد نوجه الحكومة إلى إعداد مشروع ميثاق وطني شامل للبيئة يستهدف الحفاظ على مجالاتها ومحمياتها ومواردها الطبيعية ضمن تنمية مستدامة.
كما يتوخى صيانة معالمها الحضارية ومآثرها التاريخية باعتبار البيئة رصيدا مشتركا للأمة ومسؤولية جماعية لأجيالها الحاضرة والمقبلة.
وفي جميع الأحوال يتعين على السلطات العمومية أن تأخذ بعين الاعتبار في كناش تحملات المشاريع الإنمائية, عنصر المحافظة على البيئة.
الإصلاح القويم للتربية والتعليم
ويشكل الإصلاح القويم لنظام التربية والتعليم والتكوين المسار الحاسم لرفع التحدي التنموي. فعلى الجميع أن يستشعر أن الأمر لا يتعلق بمجرد إصلاح قطاعي وإنما بمعركة مصيرية لرفع هذا التحدي الحيوي سبيلنا إلى ذلك الارتقاء بالبحث والابتكار وتأهيل مواردنا البشرية التي هي رصيدنا الأساسي لترسيخ تكافؤ الفرص وبناء مجتمع واقتصاد المعرفة, وتوفير الشغل المنتج لشبابنا.
وبموازاة المجال الاقتصادي يعد الجانب الاجتماعي ركيزة أساسية لما نقوده ونتابعه ميدانيا من أوراش تنموية في كافة ربوع المملكة. وفي هذا الإطار نعتبر أن توطيد العدالة الاجتماعية يشكل قوام مذهبنا في الحكم.
ومن هنا ندعو الحكومة لتجسيد هذا التوجه الراسخ وذلك بإعطاء الأسبقية للفئات والجهات الأشد خصاصة في الاستفادة من السياسات الاجتماعية للدولة.
وهذا ما يقتضي تقويم السياسات المتبعة بكل آلياتها ومجالاتها في التزام بمقومات الإنصاف والعقلنة والفعالية, وانتهاج الاجتهاد في ابتكار الحلول الخلاقة بكل مسؤولية وإقدام بعيدا عن أي نزوعات سياسوية أو توظيف شعبوي.
تنويه بمواطنينا في المهجر
وحرصا منا على بلوغ أهداف هذه السياسات الاجتماعية المتجددة في مناخ سليم فإننا ندعو لإقرار ميثاق اجتماعي جديد.
ولأجل ذلك نؤكد ضرورة تفعيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي كإطار مؤسسي للحوار وكقوة اقتراحية لبلورة هذا الميثاق بما يخدم تنمية بلادنا ويمكنها من مواصلة مسارها الإصلاحي ويجعلها قادرة على مواجهة الظرفيات الصعبة والحفاظ على ثقة شركائنا وتعزيز جاذبية المغرب للاستثمارات والكفاءات.
وتعزيزا للتآزر الاجتماعي بالتضامن المجالي ندعو الحكومة لبلورة استراتيجية متجددة تستهدف تحسين ظروف عيش ساكنة المناطق الجبلية والنهوض بمؤهلاتها الاقتصادية والثقافية والبيئية. وإننا لواثقون من انخراط جميع المغاربة, في بناء ما نتوخاه من إرساء نموذج مجتمعي متضامن ومتوازن بروح المواطنة الملتزمة, والعمل الجاد, والثقة في النفس.
وفي هذا الصدد نوكد التنويه بمواطنينا في المهجر لتشبثهم الراسخ بوطنهم الأم في السراء والضراء.
فبالرغم من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية فإن تعلقهم القوي بتجديد العهد ببلدهم المغرب يشهد إقبالا متزايدا وصلة الرحم مع ذويهم تعرف تواصلا مستمرا وإننا لندعو الحكومة إلى مواصلة العناية بأحوالهم داخل الوطن وخارجه.
شعبي العزيز إن الحكامة الجيدة هي حجر الزاوية في البناء التنموي الديمقراطي وقد قطعت بلادنا بالاقتراع المحلي الأخير شوطا جديدا في ترسيخ الممارسة الديمقراطية العادية ولاسيما من خلال تعزيز التمثيلية النسوية في المجالس الجماعية.
تعزيز التمثيلية النسوية
بيد أن الأهم هو نجاح المغرب في رفع تحدي التنمية المحلية الجهوية وهو ما يظل رهينا بتوافر النخب المؤهلة. لذا, ندعو المنتخبين المحليين إلى تحمل مسؤوليتهم في الاستجابة للحاجيات اليومية الملحة للمواطنين من خلال برامج واقعية.
وهو ما يتطلب القرب منهم وحسن تدبير شؤونهم وإيثار الصالح العام وتضافر الجهود مع الفعاليات الإنتاجية والجمعوية والسلطات العمومية.
وذلك في نطاق من الالتزام التام من قبل الجميع بسيادة القانون والحزم الدائم في ردع أي إخلال به.
وفي سياق تصميمنا على الارتقاء بالحكامة الترابية قررنا فتح ورش إصلاحي أساسي بإقامة جهوية متقدمة نريدها نقلة نوعية في مسار الديمقراطية المحلية.
ولهذه الغاية سنتولى قريبا تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية منتظرين منها أن تعرض على سامي نظرنا في غضون بضعة أشهر تصورا عاما لنموذج مغربي لجهوية متقدمة.تنهض بها مجالس ديمقراطية, بما يلزم من التوزيع المتناسق للاختصاصات بين المركز والجهات.
كما ندعوها للتفكير المعمق في جعل أقاليمنا الجنوبية نموذجا للجهوية المتقدمة بما يعزز تدبيرها الديمقراطي لشؤونها المحلية, ويؤهلها لممارسة صلاحيات أوسع.
وبموازاة ذلك نحث الحكومة على الإسراع بإعداد ميثاق للاتمركز الإداري إذ لا جهوية ناجعة بدونه. وذلك بما يقتضيه الأمر من تجاوز للعقليات المركزية المتحجرة.
وإننا لنعتبر الجهوية المتقدمة واللا تمركز الواسع محكا حقيقيا للمضي قدما في إصلاح وتحديث هياكل الدولة.
وإدراكا منا بأن الحكامة الجيدة لن تستقيم, إلا بالإصلاح العميق للقضاء, سنخاطبك, قريبا, إن شاء الله, بخصوص الشروع في تفعيل هذا الإصلاح بعد توصلنا بخلاصات الاستشارات الموسعة في هذا الشأن.
تطبيع العلاقات المغربية-الجزائرية
شعبي العزيز بنفس روح الحزم والعزم عملنا على إعطاء دبلوماسيتنا دفعة قوية. جاعلين قوامها الحزم في المبادئ والواقعية في التوجه والنجاعة في الآليات والنتائج الملموسة.
وغايتها التجند للدفاع عن القضية المقدسة للوحدة الترابية للمملكة وعن المصالح العليا لبلادنا وتعزيز إشعاعها الجهوي والدولي. وكذا التعبئة لخدمة تنميتها بدبلوماسية اقتصادية.
كما أضفينا عليها روحا جديدة عمادها التفاعل بين سياساتنا الوطنية والأجندة الدولية وإعادة تركيزها في ستة فضاءات أساسية وفي صدارتها التزامنا الراسخ ببناء اتحاد مغاربي مستقر ومندمج ومزدهر.
ومساهمة من بلادنا في توفير ظروف تفعيل العمل المغاربي المشترك كخيار استراتيجي لتحقيق تطلعات شعوبه الخمسة للتنمية المتكاملة والاستجابة لمتطلبات الشراكة الجهوية وعصر التكتلات الدولية نؤكد إرادتنا الصادقة لتطبيع العلاقات المغربية-الجزائرية.
وذلك وفق منظور مستقبلي بناء يتجاوز المواقف المتقادمة والمتناقضة مع الروح الانفتاحية للقرن الحادي والعشرين. ولاسيما تمادي السلطات الجزائرية في الإغلاق الأحادي للحدود البرية.
إن هذا الموقف المؤسف يتنافى مع الحقوق الأساسية لشعبين جارين شقيقين في ممارسة حرياتهم الفردية والجماعية في التنقل والتبادل الإنساني والاقتصادي.
وبنفس الروح المغاربية سنواصل جهودنا الدؤوبة وتعاوننا الداعم للمساعي الأممية البناءة للوصول إلى حل سياسي توافقي ونهائي للخلاف الإقليمي حول مغربية صحرائنا.
ومن هنا نؤكد تشبثنا بالمبادرة المقدامة للحكم الذاتي لجديتها ومصداقيتها, المشهود بها دوليا, بركائزها الضامنة لحقوق الإنسان والهادفة لتحقيق المصالحة ولمِّ الشمل بين كافة أبناء صحرائنا المغربية وبأفقها المغاربي والجهوي البناء المتطلع لرفع التحديات التنموية للمنطقة وضمان التقدم والرفاهية لساكنتها.
التعاون مع الدول الافريقية
وبنفس العزم سنواصل جهودنا لتعزيز أواصر الأخوة العربية والإسلامية سواء بإعطائها مضمونا اقتصاديا وتنمويا فعليا أو من خلال نصرتنا الدائمة للقضايا العادلة لأمتنا.
وفي طليعتها عملنا كرئيس للجنة القدس على صيانة هويتها ووضعيتها كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة؛ مؤكدين انخراطنا في إجماع المجتمع الدولي على رؤية الدولتين ومرحبين بالتزام الإدارة الأمريكية بالحل العادل بما يقتضيه من مستلزمات وتوافقات.
ويتمثل الفضاء الثالث في تجسيد تضامن وتعاون المملكة مع الدول الإفريقية الشقيقة وفي مقدمتها بلدان الساحل المجاورة. بالمثابرة على إقامة شراكات حقيقية معها قائمة على المصالح المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة.
واضعين تجاربنا وخبرتنا في خدمتها كنموذج للتعاون جنوب- جنوب بمشاريع تنموية بشرية وهيكلية.
وفي سياق حرصنا على التفعيل الأمثل للوضع المتقدم والمتميز لشراكتنا مع الاتحاد الأوروبي ندعو لتضافر جهود كافة الفعاليات الوطنية للتأهيل لكسب تحدياته وحسن استثمار الفرص التي يتيحها في جميع المجالات.
وبموازاة ذلك ينبغي مواصلة الإسهام الجاد في كسب الرهانات الجهوية الجديدة ومن بينها تفعيل المبادرة الواعدة, للاتحاد من أجل المتوسط.
وفي نفس السياق يتعين المضي قدما في تنويع شراكاتنا وتطوير علاقاتنا المتميزة مع مختلف جهات العالم.
واستكمالا لمنظورنا الشامل للعمل الدبلوماسي يتعين تعزيز انخراطنا الفعال في الأجندة متعددة الأطراف وفي حل القضايا العالمية الشمولية.
شعبي العزيز إننا نجدد في هذه المناسبة التاريخية عهدنا الوثيق على مواصلة قيادتك أوفياء للبيعة المتبادلة.
وبنفس الطموح وصدق العزيمة ووضوح الرؤية نؤكد الالتزام الراسخ بمضاعفة الجهود ليأخذ مسارنا التنموي, وتيرته القصوى سلاحنا في ذلك الالتحام الراسخ بين العرش والشعب وتعبئة كل الطاقات لرفع التحديات بالمثابرة في العمل والثقة في المستقبل.
أوفياء في ذلك للروح الطاهرة لكل من جدنا ووالدنا المنعمين جلالة الملكين محمد الخامس والحسن الثاني أكرم الله مثواهما.
وبكامل التقدير ننوه بالقوات المسلحة الملكية والإدارة الترابية وبكافة القوات العمومية من درك ملكي وأمن وطني وقوات مساعدة ووقاية مدنية في صيانة حوزة الوطن وأمنه واستقراره.
وبدعاء صادق من قلب خديمك الأول المفعم بمحبتك أسأل الله تعالى أن يحفظ كل المغاربة حيثما كانوا في أنفسهم وذويهم, وأن يوالي نعمه على هذا البلد الأمين.
كما أضرع إليه جلت قدرته أن يكلل الجهود الخيرة لكل مغربي ومغربية داخل الوطن وخارجه بالنجاح والتوفيق فيما يسعد أحوالهم ويبلغهم آمالهم ويحقق بعملنا الجماعي لوطننا الغالي دوام الوحدة والاستقرار والتقدم والازدهار.
إنه نعم المولى ونعم النصير. «»قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني»». صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته»».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.