رغم استمرار عدّاد إصابات كورونا في التصاعد المقلق، وذلك بموازاةٍ مع دخول المغرب المرحلةَ الثانية من تخفيف تدابير الحجر الصحي، وتكثيف حملة الرصد المبكر لاكتشاف الحالات الحاملة للفيروس التاجي، يرى خبراء أن هذا الارتفاع عادي. بل ويذهب بعضهم أبعد من ذلك بالقول، إن بمقدور المغرب التغلبَ على الجائحة في ظرف أسبوعين فقط شريطةَ التزام المواطنين. وأوضح نبيل قنجاع، رئيس قسم الإنعاش والتخدير بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس، أن عدم اتخاذ الإجراءات الاحتياطية كان سبباً رئيسياً في تفاقم العدوى، وهذا هو ما يجب أن يخيف الناس حقا، مشددا على أن التزام المغاربة الكامل بالإجراءات الاحترازية بصفة تامة، من شأنه أن يمكن المغرب من التغلب على فيروس كورونا المستجد في ظرف 15 يوما فقط، هي مدة حضانته. وأوضح قنجاع، أن الدولة خلال الفترة الأولى من التصدي للجائحة قامت بمجهود كبير، عكسه ضعف حالات الإصابة والإماتة. والآن يضيف المتحدث، المسؤولية ملقاة على عاتق المواطنين المغاربة، وهي تفرض التكافل من أجل الرجوع إلى حياة عادية "جديدة"، فيها التباعد الجسدي وارتداء الكمامات والنظافة الشخصية، إلى حين القضاء على الفيروس. وذكر البروفيسور ذاته، كيف أن دولا عظمى مثل فرنسا انهارت في لحظة معينة أمام قوة الجائحة، محذرا من أن أي تراخٍ في هذه المرحلة يمكن أن يجعلنا أمام إصابات أكبر. منحى الحث على اضطلاع المواطن بدوره في التصدي للجائحة، مضى فيه كذلك محمد أمين برحو، أستاذ علم الأوبئة السريري بكلية الطب والصيدلة بفاس، مؤكدا على أن بلادنا أمام مشكلِ صحة عامة يرتبط بمرض معدٍ هو كوفيد-19، ما يعني أن المسؤولية جماعية وأيضا فردية في حماية النفس والمحيط. وفسر أستاذ علم الأوبئة السريري، كيف أن المعطيات الوبائية المتوفرة حاليا، تظهر استمرار وجود الوباء بين المغاربة، وأنه ينتشر بسرعة وبشكل صامت، وذلك عن طريق أشخاص بدون أعراض. وقال البروفيسور برحو، إن فترة الحجر عرفت مسؤولية كبيرة للدولة في تفعيل تقييد حرية حركة المواطنين للحد من انتشار الوباء، بينما في هذه الفترة التي هي استمرار لاحتوائه، كل فرد فينا ملزم لحماية نفسه ومجتمعه بالخضوع لتدابير الحماية وعلى رأسها ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي والنظافة الشخصية… كما اعتبر الطيب حمضي، رئيس النقابة الوطنية للطب العام بالمغرب، أن الخطورة الحقيقية هي تنقل المواطنين في زمن الوباء بدون كمامات، لأن الفيروس مازال معنا والتعايش مع هذا الوضع يفرض لزوم الإجراءاتِ الحواجزِ، والمتمثلة في غسل الأيدي أو تعقيمها، وعدم المصافحة والتباعد الجسدي، وارتداء الكمامة.. ومنذ رابع وعشري يونيو المنصرم، أُضيف تخفيف آخر في إطار الرفع التدريجي للحجر الصحي بالمملكة، يتعلق بتوسيع رقعته وحرية التنقل، غير أن التقييم الأولي خلال هذه المرحلة، يؤشر على أن الحالة الوبائية تسجل ارتفاعا مقارنة بالفترة السابقة، وهو أمر يبرره خبراء بتخفيف إجراءات الحجر، وازدياد حركية المجتمع، وارتفاع المخالطة والكثافة، وبالتالي ارتفاع احتمالية الإصابة بالفيروس.