من المعقول جدا أن لايكترث المغرب لقرار الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون، بعدم التمديد في مهمة مبعوثه الخاص في الصحراء المغربية، لأن القضية لاتتعلق بالتعامل مع الأشخاص ومع الأسماء والذي يحدد الإشكالية في هذا الإطار الضيق فإنما يحاول جاهدا عرقلة الجهود المبذولة والهادفة إلى التوصل إلى تسوية مقبولة ودائمة لهذا النزاع. وللمغرب أكثر من مبرر لعدم الاكتراث لما حدث: أولاها: إن التوجه أضحى واضحا في المجتمع الدولي نحو قناعة نهائية بأن خيار الاستقلال غير واقعي، وهو ما عبرت عنه صراحة أو ضمنيا عدة دول كبرى كالولايات المتحدةالأمريكية وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا وغيرها من الدول، وتضمنت التوصيات الأخيرة لمجلس الأمن المعلن عنها في نهاية شهر أبريل الماضي إشارة واضحة للتحلي بالواقعية وهي إشارة تحيل بالوضوح إلى ما كان فالسوم قد صرح به أثناء اجتماعات مجلس الأمن حينما قال «إن استقلال الصحراء أمر غير واقعي». إن الأمر يتعلق إذن بمسار جديد يسير عليه المنتظم الأممي وسواء كان المبعوث الخاص فيه فالسوم أو غير فالسوم فإنه لا يمكن ولا يحق لأي مسؤول أممي أن يخرج عن قرارات وتوجهات الأممالمتحدة، لذلك من حق المغرب أن لا يكترث لما حدث. إن الجزائر وجبهة البوليساريو سيجتهدان في توظيف هذا القرار، ونتفهم ابتهاجهما له، فالجبهة الانفصالية كانت تطالب بوضوح برأس فالسوم بيد أن الجزائر كانت تحرك الخيوط من وراء الستار ولنا أن نتذكر أن الجزائر رفضت استقبال فالسوم عقابا له على تصريحاته الأخيرة، لكن كيف سيكون حالهما حينما يصر المنتظم الأممي على تأكيد المسار الذي سار عليه لحد الآن؟ إن الجبهة الانفصالية والجزائر المدعمة للانفصال في المغرب معنيان أكثر بهذا القرار الأممي الجديد، لأنهما سيتعرضان لأول امتحان حقيقي بعدما يعتبران أن الأممالمتحدة «طيبت لهما الخاطر» بعدم التمديد لفالسوم، لكنهما سيكونان في وضع لا يحسدان عليه حينما يتأكد أن الأمر يتعلق بمسار للمنتظم الأممي وليس لشخص معين. إن المغرب قبل كل ذلك يوجد فوق أراضيه، والمغاربة يمارسون في صحرائهم حياة عادية، كما هو الحال عليه في باقي أجزاء الوطن الممتد على مآت الآلاف من الكيلو مترات وهؤلاء المغاربة الذين يمارسون هذه الحياة الهادئة لايعنيهم في شيء أن يتغير فالسوم أو غير فالسوم أو أن يجيء بغير فالسوم، لأنهم يمارسون السيادة المطلقة وليسوا في حاجة الى شهادة أحد ولتقل الجزائر وربيبتها البوليساريو ماتريدان وليروحا على نفسيهما بالطريقة التي يرونها مناسبة أمام تأثير الانتكاسات الكبيرة التي تعرضا لهما، أما بالنسبة للمغاربة، فإن القضية حسمت منذ أكثر من ثلاثين سنة