تطل على مدينة الحسيمة ظاهرة موسمية أصبحت مألوفة ومزعجة في آنٍ واحد: التسول الاحترافي. في أحد محلات المدينة، لفت انتباهي شاب عشريني ينهمك في عدّ قطع نقدية متفرقة، حوّلها ببراعة إلى أوراق مالية. سألته عن حصيلة يومه، فأجاب بفخر: "450 درهمًا خلال عشر ساعات فقط. الجالية كريمة، خاصة النساء الريفيات، لا يبخلن حتى بالأوراق من فئة 20 يورو."
ما بدا أنه استثناء، سرعان ما تبيّن أنه جزء من شبكة غير رسمية من المتسولين الموسميين، ممن أتقنوا "العمل" وتفننوا في مخاطبة العاطفة العامة، مستغلين حالة الكرم الموسمي التي تميز المدينة خلال هذه الفترة من السنة.
أحدهم أعرفه منذ سنوات، ينحدر من تيسة، وقد دأب على التنقل بين المدن الساحلية صيفًا، مستهدفًا الحسيمة تحديدًا، حيث "العطاء مضمون"، كما يصفها. رأيته غير ما مرة يحوّل الفكة إلى أوراق مالية تتجاوز أحيانًا ألف درهم في اليوم، قبل أن يأخذ قسطًا من الراحة في مقهى شعبي، يحتسي الشاي، ويضبط مزاجه بسيجارة ملفوفة.