انتصر حزب الاستقلال في خوض معركة سياسية اقتضتها طبيعة المرحلة الانتقالية، فخرج منها موفور القوة عزيز الجانب راسخ الكيان، ليبدأ مرحلة جديدة من العمل الوطني يستشرف فيها المستقبل، متجاوزًا للصعاب والعثرات والمطبات التي تعترض الطريق، ومستلهمًا للحكمة والتبصر وحسن التصرف من دروس الماضي التي تنير العقل، وتضيء الوجدان، وتقوي إرادة البناء بحافز من الانتماء الذي يشد الأسرة الاستقلالية إلى دعائم راسخة من الوطنية الخالصة، والمواطنة الحق، والنضال من أجل تحقيق الهدف الأكبر لحزب الاستقلال، ألا وهو (وطن حر ومواطنون أحرار). وبانتخاب الأخ حميد شباط أمينًا عامًا لحزب الاستقلال الذي كان بحق انتصارًا للديمقراطية الاستقلالية، يكون الحزب قد بدأ مرحلة جديدة من مسيرته المظفرة التي استطاعت دائمًا أن تمضي قدمًا في الاتجاه الصحيح، متخطية العراقيل، ومتغلبة على المشاكل، ومتصاعدة نحو تحقيق الأهداف الوطنية في ترسيخ بناء الدولة المغربية الحديثة على أسس ثابتة من الملكية الدستورية ودولة الحق والقانون والمؤسسات النزيهة التي تعبر عن الإرادة الشعبية أقوى وأصدق ما يكون التعبير، والتي ترتقي من خلال الممارسة العملية، إلى المستوى الأرفع الذي يجعل من التجربة الديمقراطية المغربية نموذجًا يحتذى، ومثالا ً يقتدى به، ومظهرًا من مظاهر التميّز الذي يطبع الحياة السياسية في المغرب صانع الاستثناء، ليس فحسب على صعيد المنطقة، بل على الصعيد الأفريقي والعربي. وبانتخاب الأمين العام الجديد لحزب الاستقلال بطريقة ديمقراطية شهد الجميع بسلامتها وصحتها وتميّزها، يكون الاستقلاليون والاستقلاليات قد شرعوا في ممارسة الفعل الديمقراطي الصحيح، على النحو الذي يجعلهم جميعًا شهودًا على تجربة سياسية فريدة غير مسبوقة في المشهد السياسي المغربي، ومسؤولينَ أمام القواعد الشعبية التي يمثلونها، بل أمام المغاربة أجمعين، يتحملون أعباء الأمانة الملقاة على عاتقهم باعتبارهم حَمَلة رسالة الحزب الوطنية التي أرسى قواعدها القادة الماهدون المؤسسون من الوطنيين الاستقلاليين الذين هم رموز للنضال الوطني، ومعالم مضيئة على الطريق نحو مستقبل هذا الوطن الذي يبدأ الآن، والذي نصنعه نحن بتوفيق من الله أولا ً، ثم بعزيمتنا نحن الأسرة الاستقلالية، وبوحدتنا وبتماسكنا، وبانتصارنا على العوامل الذاتية التي هي أصيلة في طبائع البشر، وبقدرتنا على توظيف النصر الديمقراطي الذي حققناه، في تفعيل مسيرة حزبنا، وفي تأمينها، وفي تحصينها ضد كل ما من شأنه أن يؤثر في سلامتها، أو يضعف من وتيرة استمرارها المطرد الصاعد في الاتجاه الصحيح. لقد دقت ساعة الحقيقة، وأزفت ساعة العمل من أجل تقوية العمل الوطني بالتجديد والتحديث، وبالتطوير الذي يساير المتغيرات التي تحدث في محيطنا وبيئتنا، وفي المنطقة التي ننتمي إليها، وفي العالم الذي نعيش فيه. فهذه هي السبيل نحو النهوض بالحزب نهوضًا شاملا ً عاليًا، والرفع من قوة نفوذه وتأثيره وحضوره في المشهد السياسي المغربي، بما يتلاءم والمكانة الرفيعة التي يتبوأها، وينسجم مع رصيده التاريخي باعتبار رائدًا في العمل الوطني، وقائدًا للحركة الوطنية، وعنصرًا فعالا ً من عناصر الحياة الحزبية الوطنية في جميع العهود المتعاقبة. لقد أكد حزب الاستقلال أنه حزب المستقبل، بقدر ما هو حزب الحاضر المرتبط بالواقع المعيش، والمندمج في الظروف الراهنة، والمتكيف مع التحولات التي يعرفها المغرب في هذا العهد، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس. وإن حزبًا يحمل على عاتقه هذه المسؤولية وينهض بها على هذا النحو من التفاني والإخلاص وقوة الولاء وشدة الانتماء، لهو الحزب الذي لا تزيده المعارك التي يخوضها إلا قوة ً ومناعة ً وصمودًا، والذي لن تعوق طريقه نحو المستقبل أية عوائق مهما تكن، لأن مناضليه ومناضلاته يمتلكون الإرادة القوية والعزيمة الشديدة والإيمان الصادق بالرسالة الوطنية السامية التي توحدهم في جميع الظروف أمس واليوم وغدًا.