بإشراف جلالة الملك محمد السادس، يوم الأربعاء بالدار البيضاء، على تدشين أكاديمية الفنون التقليدية، يعطي جلالته دفعة قوية لقطاع الصناعة التقليدية الذي يضطلع بدور هام في الحفاظ على الهوية المغربية . وتعكس الأكاديمية الجديدة، وهي واحدة من المكونات الأربعة لمؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، أيضا الرؤية المتبصرة لجلالة الملك لإعادة تأهيل قطاع الصناعة التقليدية وشعبها الحرفية، بهدف الحفاظ عليها وصيانتها. وفي الواقع، ما فتئ جلالة الملك يؤكد على أهمية إرساء أسس نهضة الصناعة التقليدية، كما يتضح ذلك في الرسالة الملكية التي وجهها جلالته في شتنبر 2001 إلى المشاركين في الندوة الوطنية لإعداد الكتاب الأبيض للصناعة الحرفية والمهن بفاس، والتي أكد فيها جلالته العناية الملكية الموصولة لهذا القطاع الحيوي «الذي نكن له ولحرفييه عطفا خاصا وتقديرا فائقا لدوره المركزي في الحفاظ على الهوية المغربية التليدة». كما يندرج تدشين أكاديمية الفنون التقليدية بالدار البيضاء في إطار هاجس صيانة التراث الوطني والحفاظ على حرف الصناعة التقليدية، ولاسيما تلك المهددة بالاندثار. وستمكن الأكاديمية، وهي مؤسسة لتكوين الأطر العليا والبحث في مجال الفنون التقليدية، للمتدربين الشباب من ولوج مجالات الإبداع والتميز، ودمج التكنولوجيات الجديدة واستيعاب أساليب الإدارة الحديثة. وبهذه المناسبة، قدم وزير الأوقاف والشؤون الاسلامية، رئيس مؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء السيد أحمد التوفيق، أمام جلالة الملك عرضا حول مهام وأهداف الأكاديمية، فضلا عن الآفاق المستقبلية التي تفتحها للمتكونين المستفيدين من التكوينات التي تقدمها. وأبرز السيد التوفيق أن المؤسسة الجديدة، التي أنجزت وفقا للتعليمات الملكية السامية، تناط بها مهمة تكوين الصناع المعلمين والأطر ذوي المستوى العالي من أجل تمكينهم من المهارات المهنية والعملية في مختلف الحرف التقليدية وحرف الفن والإنتاج، مضيفا أن الأكاديمية ستوفر المساعدة التقنية والاستشارة في مجال الجودة لفائدة مقاولات الصناعة التقليدية. وسجل أن الأكاديمية، وهي ثمرة شراكة بين مؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل ووزارة الداخلية ووزارة الصناعة التقليدية، مؤسسة نموذجية في مجال تكوين الفنون التقليدية، سواء كان ذلك من حيث الجودة أو من حيث المعارف العلمية والثقافية، مشيرا إلى أن ذلك يجعل منها مؤسسة متفردة في نوعها على الصعيد الوطني، قليلة النظير على الصعيد العالمي. وأضاف أن الأكاديمية، التي تطلب انجازها غلافا ماليا يناهز 107 مليون درهم، تسهر على تكوين جيل جديد من الحرفيين يجمع بين الإبداع والأصالة، مشيرا إلى أن الاكاديمية ستقدم من خلال هذا التكوين فوائد بالنسبة لنسيج هذه الصناعات التي تهم ملايين الايدي العاملة بالمملكة، الأمر الذي سيجعل الأكاديمية حلقة أساسية في شبكة فعاليات وطنية ودولية معنية بالفنون التقليدية وبالنشاطات المرتبطة بها. وأبرز رئيس مؤسسة مسجد الحسن الثاني أن الآثار الحسنة للأكاديمية ستتعدى، لا محالة، الأبعاد الاقتصادية إذ هي مرتبطة بصيانة وترقية جوانب فنية وثقافية من الهوية المغربية الاصيلة. إثر ذلك، قام جلالة الملك محمد السادس، بجولة في مختلف ورشات التكوين بهذه المعلمة ( زواقة الخشب ونحث الخشب وورشة الجبس وورشة الزليج وورشة نقش الحجارة وورشة صياغة الحلي وورشة الزخرفة الفنية للحديد وورشة النسيج التقليدي وورشة الجلد )، وبفضاءات الأكاديمية، قبل أن يقوم جلالته بزيارة متحف مسجد الحسن الثاني الذي سيسمح لزائري المسجد التعرف على بعض المعلومات الأساسية حول بنائه، والجهد الجماعي للحرفيين الذين شاركوا في إنجاز هذا المشروع الرائد. ويضم هذا المتحف بهوا للاستقبال يفضي للمدار السياحي لمركب مسجد الحسن الثاني، وفضاءات مختلفة للوقوف على عينات من الصناعة التقليدية التي استخدمت في بناء مسجد الحسن الثاني (الخشب المزوق والمنحوت والجبس والزليج) وفضاء للعروض يظهر المراحل المختلفة لبناء معلمة مسجد الحسن الثاني وأثرها على البيئة الحضرية للدار البيضاء. كما يشتمل فضاء العروض على وسائط تفاعلية تقدم شروحات أفضل لعملية بناء هذه المعلمة، وعلى فضاء للعروض المؤقتة للفنون التقليدية المغربية، فضلا عن محلات لبيع الهدايا التذكارية المتعلقة بمسجد الحسن الثاني وغيرها من منتجات الصناعة التقليدية المغربية.