تعوّل مدينة شفشاون على استعادة وهج سياحي فقدته منذ جائحة كورونا، مع بداية توافد الزوار الصينيين مجددًا نحو وجهات مغربية متنوّعة. ويتجدد الأمل في الأزقة الزرقاء للمدينة، حيث ترتفع التطلعات في صفوف المهنيين إلى موسم خريفي يحمل مؤشرات انتعاش جزئي، مدفوعا بعودة الربط الجوي بين شنغهاي والدار البيضاء، واستئناف الرحلات المنظمة من السوق الآسيوية. تقرير بثّته إذاعة فرنسا الدولية (RFI) مؤخرا، أشار إلى أنّ المغرب يتهيأ لاستقبال نحو 140 ألف زائر صيني خلال السنة الجارية، بعد أن كان هذا الرقم قد تجاوز 180 ألفا في عام 2019. وتُعد شفشاون، وفق المصدر نفسه، من أبرز الوجهات التي عرفت إقبالا لافتا من الزوار الصينيين قبل الجائحة، بفضل طابعها البصري الفريد وانتشار صورها عبر منصات صينية كبرى مثل WeChat وWeibo. ويرى جابر لحبابي، فاعل سياحي محلي، أنّ المدينة عرفت في فترة ما قبل الجائحة "تدفقا كثيفا من السياح الصينيين الذين كانوا يستهلكون محليا، سواء في الفنادق أو المطاعم أو المقاهي". ويصف ذات الفاعل السياحي في تصريحه للإذاعة الفرنسية، تلك المرحلة بأنها "كانت فرصة حقيقية لشفشاون، انعكست على الحركية الاقتصادية في أكثر من قطاع". لكن لحبابي يُبدي تحفظا متزايدا تجاه ما يصفه ب"الهيمنة التدريجية لاستثمارات خارجية تُوجّه حصرًا للسياح الصينيين، دون إدماج حقيقي للفاعلين المحليين". ويتساءل: "إذا أصبح صاحب المطعم صينيا، وصاحب الفندق صينيا، فماذا سيبقى لنا من هذه السياحة؟" من جانبه، يسعى المكتب الوطني المغربي للسياحة إلى تحصين هذا المسار من خلال مبادرة "China Ready"، التي تراهن على تكوين المهنيين، وتكييف العروض والخدمات بما يتلاءم مع التوقعات الثقافية والعملية للزوار الصينيين. وتندرج المبادرة ضمن استراتيجية أوسع لتنويع الأسواق، وتقليص التبعية لوجهات أوروبا الغربية، مع تعزيز اللامركزية في توزيع التدفقات السياحية. ورغم هذه الدينامية، تبقى الأسئلة مفتوحة في شفشاون حول قدرة المدينة على استيعاب التحول دون التفريط في طابعها المجالي. فالسوق الصينية توصف بأنها ضخمة وسريعة التأثر، لكنها أيضا متطلبة، وهو ما يستدعي توازنا دقيقا بين الانفتاح على الفرص وحماية النسيج السياحي التقليدي. في انتظار أن تعود الأزقة الزرقاء إلى إيقاعها السابق، يتعامل الفاعلون بحذر مشوب بالأمل، مع إدراك متزايد بأن استعادة الزخم لا تمر فقط عبر الطيران المباشر، بل أيضًا عبر تثمين الموارد البشرية والمجالية، وضمان استفادة حقيقية للسكان، لا مجرد حركة عابرة على هامش صور جميلة.