يعيش المشهد السياسي الجزائري واحدة من الغرائب او المتناقضات التي لا شك ستنضاف الى ما عاشته اطوار الانتخابات الرئاسية التي شهدتها الجزائر في ابريل الماضي، واساسا خوض عبد العزيز بوتفليقة الغمار دون حملة انتخابية، وفوزه بالرئاسيات رغم تدهور حالته الصحية حيث حصل حسب النتائج الرسمية على نسبة 81 في المائة من الاصوات في 17 ابريل الماضي. ولم تتأخر بعض المنابر الاعلامية في تناقل انباء يوم امس الاحد واول امس السبت ماصرح به بوتفليقة حول نيته منح الجزائريين دستورا جديدا بعد 15 سنة قضى خلالها اربع ولايات ودشن الولاية الخامسة، وما يثير الاستغراب بالنسبة لوسائل الاعلام هو حالة الترهل التي تبدو على الرئيس ذو السابعة والسبعين عاما والذي يَعِد اليوم من خلال دستور جديد ان يحصر في ولايتين مهمة الرؤساء الذين يخلفونه في مهمته وتحسين موقع المعارضة والمجتمع المدني. مكونات المعارضة والتي لقيت ضروبا وصنوفا من الحصار من طرف الامن الجزائري ابدت امتناعها عن المساهمة في اي مشاورات، بل واعتراضها عن هذا الاعلان على اعتبار ان مناصري بوتفليقة سبق ان اسقطوا في سنة 2009 نظام الولايتين لتعبيد الطريق امامه لولاية ثالثة ورابعة تخطاهما اليوم نحو الخامسة، وهو ما يناقض اليوم تلك الممارسات التي لا تجد مبرراتها في المشهد السياسي. وعود اخرى صرح بها بوتفليقة تتمثل في توسيع صلاحيات الوزير الاول و"توقيع مراسيم تنفيذية نيابة عن رئيس الجمهورية"، وترى منابر اعلامية في تحليلها لهذا الاجراء ان له دوافع وياتي في وقته على اعتبار الحالة الصحية للرئيس والتي اعتبرت المعارضة انها لا تسمح له بتدبير شؤون البلاد، سيما وان بوتفليقة ادى القسم يوم 28 ابريل المنصرم على كرسي متحرك، وتحدث بعد ذلك بصوت خافت وللحظات. على المستوى الاقتصادي وعد بوتفليقة باطلاق برنامج خماسي للاستثمارات العمومية ومحاربة الفساد الذي يعشش في البلاد منذ عقود!!! يذكر ان صحف جزائرية تحدثت عن سباق غير معلن بين بوتفليقة والمعارضة بشان مشروع تعديل الدستور مشيرة الى ان المعارضة المنضوية تحت لواء "التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي" قطعت أشواطا كبيرة في مشروعها الرامي إلى عقد ندوة وطنية، تتمخض عنها أرضية حول "الدستور التوافقي". وكشف احد القياديين في مكونات المعارضة أن نوايا السلطة من خلال سرعتها في بعث تعديل الدستور واضحة، وهي إقامة الحجة على المعارضة، وإرسال إشارة للجزائريين بأنها شرعت في تنفيذ الوعود التي أطلقها ممثلو الرئيس بوتفليقة في الحملة الانتخابية لرئاسيات 17 أبريل المنصرم، حيث يخشى من يختبؤون وراء بوتفليقة أن تصل المعارضة إلى أرضية توافق بشأن الكيفية التي تسير بها المرحلة الانتقالية، وهو ما يضعهم في حرج كبير أمام الرأي العام، ولذلك نجدهم يسعون بكل ما أوتوا من قوة من أجل إظهار الجدية في الذهاب بعيدا في المشروع الإصلاحي المتعثر.