مع اقتراب يوم الاقتراع للانتخابات الجماعية والجهوية 2015 ، تعيد " العلم " طرح السؤال العريض التالي ، هل سينكب كل من مجلس المدينة والجهة المنبثقين عن انتخابات 4 شتنبر على معالجة قضية الدور غير الصالحة للسكن ،أو مايصطلح عليه بالسكن غير اللائق ؛ خاصة أن أغلبية المرشحين من مختلف اللوائح والأحزاب السياسية ، اطلعوا بشكل مباشر، و في مختلف المقاطعات أو الجماعات الترابية على واقع الحال الذي توجد عليه العائلات البيضاوية التي تقطن في مساكن مصنفة ضمن مصطلح السكن غير اللائق ، هذا المصطلح الذي يخفي وراءه ما يخفي من عيش حاط بالكرامة ومهدد للحياة .. فإشكالية إعادة إسكان قاطني دور الصفيح ، إشكالية عامة لاتخلو منها أي مقاطعة أوجماعة بالدارالبيضاء ،وقد تم إيلاؤها في السنوات الأخيرة اهتماما ظل على العموم دون الأهداف المعلن عنها في السابق ، وهذا راجع من ناحية إلى تنصل كل طرف من مسؤوليته و رميها على مسؤولية الطرف الآخر ، ومن ناحية أخرى ، إلى غياب مقاربة رشيدة تستمد أسلوبها من منهجية الحكامة الجيدة التي تحدد لكل طرف مسؤوليته ومهامه ضمن آلية وقيادة تسييرية موحدة ، مازالت لحد الآن غير متوفرة بتلك المواصفات .. أما إشكالية الدور الآيلة للسقوط بالدارالبيضاء ، فهي تدخل عموما ضمن تسمية الدور غير الصالحة للسكن ، وضمن مصطلح السكن غير اللائق، والتي تشمل عدة مناطق (المدينة القديمة ،منطقة المحج الملكي ، الدور الآيلة للسقوط بعمالة درب السلطان الفداء ، عين السبع المحمدي..) فحتى الدراسات و عملية التشخيص التي تم انجازها بمدينة الدارالبيضاء في السنوات السابقة ، من طرف الوكالة الحضرية والجماعة الحضرية للدارالبيضاء ومندوبية وزارة السكنى ظلت ، غير كاملة بل متضاربة في أرقامها ، وهذا يرجع إلى الإشكال الذي تمت اللإشارة إليه ، والمتمثل في تنصل كل طرف من مسؤوليته و رميها على مسؤولية الطرف الآخر ، وغياب مقاربة رشيدة تستمد أسلوبها من منهجية الحكامة الجيدة التي تحدد لكل طرف مسؤوليته ومهامه ضمن آلية وقيادة تسييرية موحدة .. فعلى سبيل المثال لا الحصر ، فالوكالة الحضرية في العرض الذي قدمه مديرها الأسبق أمام مجلس الجماعة الحضرية للدارالبيضاء في الولاية ماقبل الأخيرة ، تطرق إلى وجود 7000 من الدور الآيلة للسقوط ، في حين جاء في تصريح السيد نبيل بنعبد الله وزير السكنى ،إلى وجود 6000 منزل مهدد بالانهيار، في حين جاء في دراسة لدار الخدمات بالجماعة الحضرية تحت عنوان " إشكالية الدور المتلاشية والمتداعية للسقوط بمدينة الدارالبيضاء " ، أن هناك 2870 بناية مهددة بالسقوط .. ولا حاجة إلى التأكيد مرة أخرى ، على أن عدم تحيين المعطيات وضبطها وتصنيفها و عدم وضع تصورات بمقترحات لمعالجة الظاهرة ، هو شيء لن يكون في صالح عملية التدخل الإيجابي . كما أن عدم وجود مؤسسة تدبيرية لعملية التدخل ، تكون مبنية على المنهجية الاندماجية والتشاركية وتسهر على التنسيق و والتتبع ، وتجمع جميع المتدخلين والفاعلين المحليين والجهويين ، سيجعل من الصعوبة بمكان معالجة الظاهرة بالأسلوب المعقول . فبعد التوقيع تحت إشراف جلالة الملك على مخطط تنمية جهة الدارالبيضاء 2015-2020 ، والذي خصص للجانب الاجتماعي مبلغ 2,6 مليار درهم ، مازال الأمر لحد الساعة دون المستوى المطلوب ، في الوقت الذي يعتبر فيه وجود المخطط بمثابة محفز على ايجاد مخططات للقضاء على الظاهرة التي نحن بصدد الحديث عنها وقد سبق للعديد من المستشارين بمجلس الجماعة الحضرية للدارالبيضاء ، أن عبروا عن استيائهم لتنصل المجلس الجماعي والتهرب من تحمل مسؤولياته . إن مشكل معالجة الدور الآيلة للسقوط بالدارالبيضاء ، لا يمكن أن تعالجه شركة أحادية الجانب تعيد ماتم انتاجه على امتداد السنوات السابقة .. كما ينبغي على الدولة وعلى جميع الفاعلين المحليين والجهويين ، إيجاد آليات مالية تمويلية ، ومقاربة اجتماعية معقولة ، متضمنة لعروض ميسرة و مبتكرة لفائدة العائلات ذات الدخل المحدود أو المنعدم أحيانا للإستفادة من السكن ، فرمي العائلات إلى الخيام أو المدارس ، بعد إفراغ دورهم ، وتنصل المنتخبين من وعودهم ، هو أسلوب لن يحل المشاكل القائمة ، فضلا على أنه أسلوب ضار وغير منصف ويخل بالالتزامات الدستورية المتعلقة بالتضامن والحقوق الإنسانية الأساسية .. فكيف يعقل ، أن يتم رمي العائلات التي ليست لها مبالغ الملايين لتدفعها ، والتي تعيش ظروف الهشاشة في أجلى مظاهرها ، إلى الشارع ،وهذا شيء تم الوقوف عليه ولايمكن إنكاره ، وينبغي على الدولة والفاعلين في الشأن العام المحلي والجهوي تصحيح تلك الاختلالات ، وترشيد أساليب التدخل والمعالجة لحل الإشكالية التي وللأسف مازالت قائمة منذ فترة ماقبل الاستقلال إلى الآن .