لم يقتنع المجلس الأعلى للحسابات في تقرير أصدره أخيرا حول «قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية بالمغرب: العمق الاستراتيجي والحكامة» بالدور التشريعي والرقابي المنوط ببعض الوزارات، مشيرا إلى وزارة الاقتصاد والمالية باعتبارها السلطة التي تقوم باقتراح المراسيم قصد المصادقة عليها من طرف رئيس الحكومة وباعتبارها ممثلا للدولة المساهمة وملزمة بتتبع الوضعية المالية لفروع المقاولات والمؤسسات العمومية والتأكد من توافق إنجازاتها مع خطط العمل التي اعتمدت أثناء اتخاذ قرار إحداثها. ولاحظ مجلس إدريس جطو أن العديد من المقاولات العمومية تواصل أشغالها في قطاعات تدخل في مجال اشتغال المقاولات الحرة، وأحيانا حتى في مجال نشاط المقاولات الصغرى والمتوسطة كبعض فروع صندوق الايداع والتدبير، وبعض فروع المكتب الوطني للسكك الحديدية، والشركة الوطنية للنقل واللوجستيك والشركة الوطنية لتسويق البذور. ونفى المصدر ذاته وجود قانون يحدد طرق القيام بمراقبة أنشطة المؤسسات والمقاولات العمومية ومدى تلاؤم استراتيجيتها مع التوجه العام للسياسات العمومية، فالميثاق المغربي للممارسات الجيدة لحكامة المنشآت والمؤسسات العمومية التي أعلنت فيه وزارة الشؤون العامة و الحكامة في مارس 2012 لم يتطرق لهذا الجانب إلا من زاوية العلاقة التعاقدية التي تربط الدولة بالمؤسسات والمقاولات العمومية. وأكد المجلس الأعلى للحسابات أنه ثبت عدم قدرة العديد من الوزارات القطاعية على وضع أسس «حوار استراتيجي» مع المؤسسات العمومية الخاضعة لوصايتها، وفي كثير من الحالات يتم اعداد الاستراتيجيات القطاعية، على مستوى المجموعات العمومية الكبرى، حيث أصبحت اجتماعات الأجهزة التداولية المناسبة الوحيدة السانحة التي يتمكن من خلالها ممثلو الدولة من الاطلاع على هذه الاستراتيجيات ومناقشتها. وأدى تلاشي العلاقات أحيانا بين الوزارات والمؤسسات والمقاولات العمومية إلى اعتماد هذه الأخيرة على إمكانيتها الذاتية، كما حملها أحيانا على القيام بالتحكيم في مجالات تعتبر من اختصاصات الدولة، حيث أصبحت ممارسة الوصاية التقنية في ظل هذه الظروف، غير فاعلة ولا تكتسي صبغة استشرافية خاصة عند التحضير لمجالس الإدارة إذ تتخذ القرارات في بعض الأحيان بشكل استعجالي. وذكر أن هناك وزارات لا تمارس وصاية حقيقية على المؤسسات والمقاولات العمومية الخاضعة لها ولا تستطيع أن تحدد موقفها من التحديات الكبرى، وتبقى هذه الوزارات غير قادرة على التأسيس لحوار استراتيجي حقيقي على المدى البعيد مع المؤسسات العمومية الخاضعة لها، كما أنها تقتصر على المصادقة على بعض القرارات المتعلقة بالتسيير مستجيبة في ذلك لمتطلبات الإجراءات الإدارية دون غيرها. وذكر أنه عند نهاية 2015 تتوزع حصص المؤسسات والمقاولات العمومية الأكثر مديونية على الشكل التالي: المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بمديونية تقدر ب 56,825 مليون درهم ومجموعة المكتب الشريف للفوسفاط بمديونية قدرت ب 54738 مليون درهم و الشركة الوطنية للطرق السيارة للمغرب ب 39930 مليون درهم، ومجموعة صندوق الايداع والتدبير بمديونية تصل إلى 24757 مليون درهم والمكتب الوطني للسكك الحديدية بمديونية وصلت 23995 مليون درهم، والوكالة الخاصة طنجة المتوسط ب 10733 مليون درهم والوكالة المغربية للطاقة الشمسية بمديونية وصلت 9382 مليون درهم وصندوق تمويل الطرق بمديونية 6695 مليون درهم والخطوط الملكية المغربية بمديونية وصلت 5452 مليون درهم.