* ياسر الخلفي كشف رئيس النيابة العامة الحسن الداكي، أن موضوع الاعتقال الاحتياطي ضمن أولويات السياسة الجنائية، إلا أنه بالرغم من الجهود المبذولة لا زالت نسبه يطبعها الارتفاع، حيث بلغت في نهاية شهر أكتوبر 2021 44,56 بالمائة علما أن هذه النسبة تراوحت بين 44 و 45 بالمائة طول سنة 2021.
وكشف رئيس النيابة العامة أثناء مداخلة له في ندوة جهوية نظمت يومي الأربعاء والخميس بمدينة فاس، عن الآثار السلبية في معدلات الاعتقال الاحتياطي التي أفرزها انتشار وباء كوفيد 19 على سير العدالة عموما، وعلى وثيرة البت في قضايا المعتقلين الاحتياطيين على وجه الخصوص، انعكست بشكل ملحوظ على نتائج سنتي 2020 و2021.
وسبق أن عمم الحسن الداكي منتصف شهر يونيو من السنة الجارية دورية حول الاعتقال الاحتياطي شدد فيها على استحضار قرينة البراءة واستثنائيته )الاعتقال الاحتياطي(، كمبدأين أساسيين في قانون المسطرة الجنائية، قبل تحريك الدعاوى العمومية، مع عدم إصدار الأوامر بالإيداع في السجن إلا إذا توفرت الموجبات القانونية، كحالة التلبس أو توافر أدلة قوية على ارتكاب الجريمة مع انعدام ضمانات الحضور أو خطورة الأفعال،
مطالبا في الدورية ذاتها بتعزيز التنسيق مع الرؤساء الأولين ورؤساء المحاكم للرفع من وثيرة تصفية القضايا الخاصة بالمعتقلين. مع القيام بكافة التدابير المساعدة للمحاكم في تجهيز القضايا. وقال رئيس النيابة العامة في مداخلته بالندوة إن "الأمر يقتضي منا جميعا، قضاة الحكم والتحقيق والنيابة العامة وكذا جميع الفاعلين في العدالة الجنائية، مضاعفة الجهود سواء عبر ترشيد اللجوء إلى الاعتقال عند تحريك المتابعات، أو من خلال الرفع من نجاعة الأداء عند البت في قضايا المعتقلين وإصدار الأحكام، والتسريع بإحالة ملفات المعتقلين الاحتياطيين المطعون فيها على المحكمة الأعلى درجة".
وأوضح رئيس النيابة العامة في الندوة ذاتها والتي تميزت بحضور كل من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بفاس، والوكلاء العامون لدى محاكم الاستئناف بفاس ووجدة والناظور وتازة والرشيدية، ووكلاء الملك، ورؤساء الغرف وقضاة التحقيق وقضاة الحكم وقضاة النيابة العامة، -أوضح- أن تدبير الاعتقال الاحتياطي استأثر باهتمام بالغ من جانب رئاسته بدليل العدد الكبير من الدوريات التي وجهت للنيابات العامة في هذا الشأن، قائلا: "إنكم على وعي تام بجسامة مسؤوليتكم في تدبير الاعتقال الاحتياطي، وأهمية دوركم في ترشيده، خاصة وأنتم حماة حرية الأفراد والجماعات وفقا لما ينص عليه الفصل 117 من دستور المملكة".
وأضح رئيس النيابة العامة أن ترشيد الاعتقال الاحتياطي أحد المواضيع الحاضرة في معظم الاجتماعات واللقاءات التي تعنى بالعدالة الجنائية، سواء تلك التي تعقد مع السادة المسؤولين القضائيين أو مع باقي الفاعلين في حقل العدالة، وهذا أمر طبيعي إذا ما استحضرنا أن الاعتقال الاحتياطي يمس الفرد في أحد حقوقه الأساسية التي كرستها المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية ألا وهو الحق في الحرية، كما أنه يشكل مرآة حقيقية لمدى احترام قواعد وشروط المحاكمة العادلة، وتفعيل قرينة البراءة التي تعتبر حجر الزاوية في الأنظمة القضائية الحديثة، فأي إفراط أو سوء تقدير في إعمال سلطة الاعتقال، معناه انتهاك لحرية الإنسان وهدم لقرينة البراءة.
وختم الحسن الداكي مداخلته بقوله إنه "أكد مرارا لقضاة النيابة العامة على أن تحريك الدعوى العمومية في حالة اعتقال يجب أن يتم في الحالات الاستثنائية التي يقع فيها مساس بمصالح أخرى بشكل صارخ من طرف المشتبه فيه، لابد لها من توفر المبررات القانونية المحددة في المواد 47 و73 و74 من قانون المسطرة الجنائية، والتي تتمثل في حالة التلبس، وخطورة الفعل الجرمي، وانعدام ضمانات الحضور، وتوفر دلائل قوية على ارتكاب المشتبه فيه للجريمة".