مع اقترابها من خط نهاية ولايتها، تسارع الحكومة الخطى لإنعاش التشغيل بالمغرب، خاصة في ظل الأرقام القياسية لمعدل البطالة الذي ارتفع إلى 13,3 في المائة خلال سنة 2024، حسب مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط حول وضعية سوق الشغل. وفي هذا السياق، ترأس رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اليوم الثلاثاء 29 أبريل 2025 بالرباط، اجتماعا خصص لتتبع تنزيل خارطة طريق قطاع التشغيل، يندرج في إطار سلسلة الاجتماعات التي يترأسها لتتبع تنزيل هذه الخارطة بشكل فعال، ووضع ميكانيزمات الحكامة وآليات التنسيق بين مختلف المتدخلين. وذكر بلاغ لرئاسة الحكومة، أن هذا الاجتماع الثاني من نوعه الذي يترأسه رئيس الحكومة منذ إصدار المنشور الخاص بخارطة الطريق شهر فبراير الماضي، خُصص لتدارس آليات تعزيز الإدماج الاجتماعي والمهني للفئات الأكثر هشاشة، لاسيما الشباب والنساء ودعم الأسر في الوسط القروي، والتي تشكل محورا رئيسيا في خارطة طريق قطاع التشغيل، من خلال مبادرات تهم تقليص وتيرة فقدان مناصب الشغل في القطاع الفلاحي، وتذليل العوائق أمام ولوج المرأة إلى الشغل، ومحاربة الهدر المدرسي.
وتطرق الاجتماع، حسب المصدر ذاته، إلى كيفية التنزيل والأجرأة الفعلية لتنفيذ هذه المبادرات، وفي صلبها تحفيز التشغيل في العالم القروي، لاسيما تحفيز فئة الشباب على إحداث مقاولات ناشئة تنشط في القطاع الفلاحي.
وذكر البلاغ، أنه تم الوقوف على أبرز التدابير التي جرى اعتمادها لمحاربة الهدر المدرسي وخفض أعداد التلاميذ المنقطعين عن الدراسة إلى النصف، وذلك عبر تعزيز إعداديات الريادة وتوسيع مفهوم مدارس الفرصة الثانية، وتنفيذ التدابير الكفيلة بتشجيع التلاميذ على مواصلة التمدرس أو الحصول على تكوين مهني.
وتابع أن تمكين المرأة من الولوج إلى سوق الشغل، شكل بدوره أحد الإجراءات التي تم التداول بشأنها، ويتعلق أساسا بتذليل العوائق أمام النساء الراغبات في العمل، لاسيما فيما يخص جانب رعاية الأطفال، وذلك عبر تعزيز عرض دور الحضانة.
وفي كلمة خلال الاجتماع، أكد رئيس الحكومة، وفق البلاغ، أن الحكومة حريصة على تحقيق التعبئة والالتقائية بين مختلف القطاعات، قصد الرفع من نجاعة التدابير الحكومية الواردة في خارطة طريق قطاع التشغيل، مبرزا أهمية إرساء نظام للحكامة الجيدة بهدف تنسيق تدخلات كافة القطاعات المعنية.
وأوضح رئيس الحكومة، أن هذه الخارطة ستساهم في ضخ دينامية تهم قطاعات متعددة من أجل إنعاش التشغيل من خلال إجراءات عملية، وذلك إيمانا من الحكومة بأن التشغيل يعد أولوية وطنية كبرى بالنظر لدوره في تعزيز منسوب الكرامة لدى المواطنين، وضمان العيش الكريم للأسر.
وأشار البلاغ، إلى أن خارطة طريق قطاع التشغيل، التي تضم 8 مبادرات عملية لتعزيز دينامية التشغيل والحد من البطالة، عبأت الحكومة لتنزيلها غلافا ماليا يقدر بحوالي 15 مليار درهم.
وأمام مرور الحكومة إلى السرعة القصوى في ملف التشغيل، يتساءل متتبعون هل بإمكان الحكومة أن تنجح في إنعاش التشغيل بالمغرب في ما بقي من أيامها الأخيرة، بعد مرور حوالي 4 سنوات من ولايتها، خاصة إذا علمنا أن السنة الأخيرة غالبا ما تكون مخصصة للاستعداد للاستحقاقات الانتخابية؟ أم أنها فقط خطوة لذر الرماد في عيون المغاربة؟.
ويرى مراقبون أن فشل الحكومة، خلال 4 سنوات من ولايتها، في الوفاء بما التزم به رئيسها خلال الحملة الانتخابية للاستحقاقات التشريعية لسنة 2021، وهو "توفير مليون منصب شغل"، يُشكك في قدرتها على تنزيل تعهداتها فيما بقي من أيامها المعدودة.
كما أنه في الوقت الذي وعد أخنوش بتوفير مليون منصب شغل، نجد أن الذي حدث هو أن عدد العاطلين ارتفع ب 58 ألف شخص، ما بين سنتي 2023 و2024، منتقلا من 1.580.000 إلى 1.638.000 عاطل عن العمل، وهو ما يعادل ارتفاعا قدره 4 في المائة، وذلك نتيجة ارتفاع عدد العاطلين ب 42 ألف شخص بالوسط الحضري وب 15 ألف شخص بالوسط القروي.
ورغم أن الحكومة ما فتئت تقول على لسان رئيسها عزيز أخنوش ووزيرها المكلف بقطاع الشغل، بأن ملف التشغيل يحظى بأولوية قصوى، خاصة وأنها خصصت له في قانون مالية 2025 حوالي 14 مليار درهم، غير أن الواقع يعكس خلاف ما تقوله الحكومة.
وحمّل اقتصاديون حكومة أخنوش مسؤولية هذا النزيف بسبب عدم قدرتها على إبداع بدائل وإطلاق محركات أخرى للاقتصاد الوطني قادرة على خلق مناصب للشغل، الأمر الذي جعل الاقتصاد الوطني عاجزا عن خلق مناصب شغل كافية، مما أدى إلى أن نسبة النمو لازالت في مستويات محدودة ولازالت حتى الاستثمارات الخارجية في تراجع.
وبالحديث عن الاستثمارات، فرغم أن حجم الميزانية المرصودة للاستثمار بلغ في قانون مالية 2023، 300 مليار درهم، وفي سنة 2024 بلغ 335 مليار درهم، وفي سنة 2025 بلغ 340 مليار درهم، غير أن هذه الميزانيات الضخمة، حسب محللين اقتصاديين، تبقى غير منتجة للثروة وغير موفرة لوظائف الشغل بالشكل المطلوب.
كما أن "النتيجة الضعيفة" للبرامج التي اعتمدتها الحكومة في خلق مناصب الشغل من قبيل برامج "فرصة" و"أوراش" وغيرها من البرامج التي ضُخت فيها ملايير الدارهم من أجل تشغيل مؤقت بغية رفع المؤشرات الدالة على أن الحكومة قامت بتشغيل عدد كبير من الناس رغم أن الواقع لا يعكس بتاتا نجاح هذه البرامج.