حذر عبد الرحيم منار السليمي أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي، من خطورة تصاعد الخطاب السياسي الذي أصبح يطبع اليوم الفرقاء السياسيين بالمغرب، قبل الانتخابات المقبلة، والتي قد تقود حسب قوله إلى "اقتتال انتخابي"، بين المرشحين والداعمين لهم في الانتخابات المقبلة المحلية والتشريعية. وقال السليمي، في تصريح ل"الأيام24"، حول سمات الخطاب السياسي لدى الأغلبية والمعارضة، "إن العلاقة بين الحكومة والمعارضة تتجه نحو الانفلات مع اقتراب انتخابات شتنبر، فالمغرب –حسب قوله- يدخل حملة انتخابية سابقة لأوانها، وهذا وضع من شأنه أن ينتج مخاطر قد تدفع إلى انتقال صراع القيادات إلى مصادمات حزبية في الميدان مع اقتراب الانتخابات.
واعتبر أن بعض قيادات الحكومة والمعارضة تعمل على تهييج جماهيرها الحزبية، وأن هذا الوضع يحتاج إلى تغيير إيقاع المواجهات الكلامية الانفعالية التي ستخلق تداعيات في الميدان، خاصة أن إيقاع المواجهة الكلامية التهيجية التي تباشرها بعض قيادات الحكومة والمعارضة قد تقود، اذا استمرت بالشكل الحالي، "إلى" "اقتتال انتخابي"، بين المرشحين والداعمين لهم في الانتخابات المقبلة المحلية والتشريعية.
وأوضح المحلل السياسي، أن "العقل الحزبي في الأغلبية والمعارضة ينفلت تدريجيا لأسباب كثيرة منها، أولا، الإمكانيات التي فتحها دستور 2011 على مستوى مراكز السلطة للأحزاب في الجماعات الترابية والحكومية معا، خاصة أن الدستور فتح سقفا كبيرا لأحزاب سياسية لازال الكثير منها غير مهيئ ومدرب على ممارسة قواعد الديمقراطية ولازال يجر وراءه موروث نخبوي حزبي يفكر بمنطق العشر سنوات الماضية ومنها ثانيا، أن القوانين التنظيمية التي من المفترض أن تضبط الحقل الحزبي والسياسي، تبدو إما أنها لازالت غير موجودة أو أنها أقل سقفا من الدستور، وبذلك فاللعبة السياسية لازالت غير مكتملة الملامح مما يفسر ظاهرة الانفلات الحزبي المتزايد، والسبب الثالث، حسب السليمي ضعف البرلمان، ويتجلى ذلك في مجلس المستشارين الذي يعبر عن توازنات سياسية قديمة ولازال يفكر ويشتغل بطموح أكبر من الصلاحيات التي يعطيها إياه الدستور، بينما يبدو مجلس النواب ضعيف، خاصة أن نخبته الجديدة من نساء وشباب لم تستطع أن تَخلق شبكات تمثيلية للمرافعة عن قضايا قطاعية مرتبطة بها اجتماعيا ( نساء وشباب ) بل إنها اندمجت مع النواب الكلاسيكيين وانصهرت ضمن منطق تفكيرهم في العمل البرلماني.
ورأى السليمي أن المعارضة لم تنتبه إلى أن الدستور الجديد للمملكة يعطيها صلاحية الاستفادة من قانون تنظيمي للمعارضة البرلمانية بأن تخوض معركة تأويل على المقتضى الدستوري الوارد في المادة 10 من دستور 2011، زيادة على ذلك أن جلسات تقييم السياسات العمومية مع رئيس الحكومة فشلت في اختيار مواضيعها وتحولت إلى جلسات يخاطب فيها رئيس الحكومة الشارع والجماهير الشعبية مباشرة، لذلك يلاحظ أن وظيفة العمل البرلماني انتقلت إلى الفضاءات العمومية خارج البرلمان.
وفي تطرقه لمضامين الخطاب السياسي لدى الفرقاء السياسيين بين الأغلبية والمعارضة، وما يمكن أن يترتب على ذلك من نتائج لدى الرأي العام، قال الخبير المغربي، إن "الذي يجب الانتباه إليه هو أن سقف مطالب المجتمع بات يتجاوز بكثير سقف تفكير ومبادرة الأحزاب السياسية، معربا عن اعتقاده أن المعضلة الكبيرة التي باتت ترهق الدولة هي حالة بعض الأحزاب الأساسية التي لازالت تشتغل بالنمط القديم في التدبير وقد" لاحظنا المشاكل الكبيرة التي خلقها بعض الوزراء في حكومة بنكيران ".
وأضاف أنه "لذلك، فإن المشهد الحزبي يحتاج إلى حدث يوقف مسلسل انفلات الصراع فيه بين المعارضة والحكومة، وإلى الانتباه للعبة السياسية كلها التي باتت مركزة على الأحزاب السياسية، وهذا خطير، حسب قوله "لأنه منطق قديم يجعل من مفهوم السياسة مرتبط بالصراع ويبعده عن المفهوم الجديد للسياسة المبني على تنافس سياسات عمومية ( مشاريع ومبادرات تتضمن خدمات ).
وأشار إلى أن هذه المركزية المتمحورة حول الأحزاب السياسية ستكون لها خطورتها لأنها تجعل من باقي الفاعلين من مجتمع مدني وإعلام وجامعات مجرد متلقي، وتبدو الخطورة هنا في مؤشر واحد وهو دراسة وتحليل التعيينات الصادرة عن المجلس الحكومي أو التعيينات في الدواوين وبعض المصالح الإدارية التي يهيمن فيها المعيار الحزبي عن باقي المعايير مما يقود إلى أبعاد المعارضة والمجتمع معا.