في مشهد إنساني بليغ، خرج العشرات من سكان أيت بوكماز التابعة لجماعة تبانت بإقليم أزيلال في مسيرة سلمية غير مسبوقة نحو مقر ولاية جهة بني ملال- خنيفرة، مشيا على الأقدام، في خطوة احتجاجية تعكس حجم المعاناة وتراكم الإقصاء الذي طال منطقتهم لسنوات.
وردّد المحتجون شعارات قوية رافعين لافتات تلخص معاناتهم اليومية، مطالبين بفك العزلة الجغرافية المزمنة عن منطقتهم الجبلية، عبر إصلاح الطريقين الجهويين 302 (تيزي نترغيست) و317 (آيت عباس)، واللتين تمثلان شرياني الحياة الوحيدين في منطقة ذات تضاريس وعرة وانقطاعات متكررة.
وشملت المطالب الاجتماعية، تعيين طبيب قار بالمركز الصحي المحلي الوحيد والذي يعاني خصاصا حادا في الموارد البشرية، ما يضطر المرضى لقطع مسافات طويلة في طرق ومسالك جبلية وعرة، بحثا عن أبسط العلاجات.
ووسط موجة التحول الرقمي، طالب المحتجون بتوفير تغطية شاملة لشبكتي الهاتف والإنترنت، خصوصا لأهمية ذلك في التعليم والتواصل، في منطقة ما تزال تعيش خارج تغطية العصر، خاصة لفائدة التلاميذ والطلبة.
كما طالب المشاركون بإنشاء مدرسة جماعاتية تحفظ كرامة التلاميذ وتحد من الهدر المدرسي، إلى جانب ملعب رياضي ودور للشباب، ومركز تكوين في المهن الجبلية يتماشى مع خصوصيات المنطقة السياحية، ويوفر فرص شغل للشباب المحلي.
ولم يغفل سكان المنطقة، التهديدات المناخية، إذ دعوا إلى بناء سدود تلية لحماية هضبة أيت بوكماز من الفيضانات التي تهدد الأرواح والمواسم الفلاحية، وتتلف محاصيل التفاح المنتوج الوحيد الذي تنتعش منه المنطقة، في ظل غياب أي بنية وقائية فعالة.
وفي تصريح له بالمناسبة، خص به "الأيام 24″، قال هشام أزرو، نائب الكاتب المحلي لفيدرالية اليسار الديمقراطي بفرع أزيلال، إن هذه المسيرة تشكل صرخة مدوية ضد التهميش وسياسة اللامبالاة التي عانت منها المنطقة لعقود، محمّلا المسؤولية الكاملة للسلطات المحلية المتعاقبة، ولمجلس جهة بني ملال-خنيفرة، وكذا للحكومة.
وأضاف أزرو، أن ما يجري في أيت بوكماز "نتيجة مباشرة لفشل الأحزاب التي تعاقبت على تدبير الشأن المحلي، ولغياب إستراتيجية حقيقية للتنمية القروية"، مشيرا في الوقت ذاته إلى وجود صراع سياسي داخلي بالمنطقة ساهم في تعميق الأزمة وتعطيل أي إمكانية للإصلاح.
ودعا أزرو، إلى فتح حوار جدي وشامل مع ساكنة الجماعة، بعيدا عن الحسابات السياسوية الضيقة، من أجل تحقيق المطالب المشروعة التي رفعها السكان بطرق حضارية وسلمية، مؤكدا أن "الكرامة ليست ترفا بل حق أساسي".