في مشهد نادر يجسد عمق المعاناة الاجتماعية وسط جبال الأطلس الكبير، خرجت ساكنة آيت بوكماز، أمس الأربعاء، في مسيرة احتجاجية سلمية مشيا على الأقدام، باتجاه عمالة أزيلال ثم ولاية جهة بني ملالخنيفرة. وتأتي هذه الخطوة التصعيدية للمطالبة بخدمات اجتماعية وتنموية تعتبرها الساكنة "حقوقا مؤجلة" في ظل ما تصفه ب"تهميش مزمن" طال المنطقة لعقود. تشهد منطقة آيت بوكماز، وضعا اجتماعيا متأزما منذ أسابيع، تغذيه مطالب بسيطة لكنها حيوية تشمل البنية التحتية، والصحة، والتعليم، والاتصالات. وفيما استفادت جماعات قروية مجاورة من مشاريع إنمائية، لا تزال آيت بوكماز تعاني عزلة جغرافية ومؤسساتية خانقة. في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، انطلقت المسيرة من مختلف دواوير آيت بوكماز، البالغ عددها نحو 27 دوارا، بمشاركة أزيد من ألف رجل، يحاولون إيصال صوتهم لتوفير ظروف أهم الشروط الأساسية للعيش الكريم ،وتتوزع المطالب بين توفير طبيب قار في المركز الصحي المحلي، الذي يضم فقط ممرضين رغم الحاجة الملحة للرعاية الطبية، إضافة إلى إصلاح الطريق الجهوية 302 الرابطة بين آيت بوكماز وتيزي نترغيست، والطريق 317 المؤدية إلى آيت عباس، وكلاهما يغلقان في الشتاء بسبب تراكم الثلوج، ما يعزل السكان عن الخدمات الحيوية. كما تطالب الساكنة بتحسين التغطية بشبكتي الهاتف والإنترنت،إذ تعاني عدة دواوير من انعدام التواصل الرقمي، وتشمل المطالب كذلك بناء ملعب للشباب، وفتح مركز تكوين في المهن الجبلية يتماشى مع خصوصيات المنطقة، بهدف توفير فرص عمل محلية مستدامة. ولم تغفل المطالب ملف التعليم، إذ تطالب الساكنة بإنشاء مدرسة جماعاتية، لمحاربة الهدر المدرسي، إضافة إلى بناء سدود تلية لحماية المنطقة من الفيضانات الموسمية التي تهدد السكان والمزارع. كما شدد المحتجون على ضرورة رفع القيود المفروضة على البناء، والتسريع بإصدار تصميم التهيئة العمرانية، بما يمكن الأهالي من ترميم مساكنهم أو بناء أخرى وفق معايير قانونية واضحة، تنسجم مع طبيعة المنطقة وظروفها الجبلية.