بدأ رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، كيريلو بودانوف، حراكا "هادئا" نحو الصعود إلى سدة رئاسة البلاد، وإزاحة الرئيس فولوديمير زيلينسكي، رغم وجود "ميثاق شرف" بينهما. وفي مؤشرات على دخوله القوي إلى الساحة السياسية، كشف موقع "إنتليجنس أونلاين"، أن بودانوف بدأ العمل بشكل سري مع شبكة من المؤسسات الخيرية تُعرف باسم منظمة حماية الدولة، قد تكون قاعدة انطلاق للطموحات السياسية لرئيس الاستخبارات.
وتحدثت تقارير صحفية عن سعي بودانوف لتشكيل حزب سياسي بقيادة المتحدث باسمه، أندريه يوسوف، وهو مهندس الحرب الإعلامية ضد موسكو، والمرشح لإدارة الحملة الرئاسية لرئيس الاستخبارات العسكرية إذا قرر الترشح.
وبحسب مراقبين، يعد دخول بودانوف معترك السياسة "خطرا وجوديا" على زيلينسكي، خصوصا أنه يُعرف بتفضيله التوصل إلى حل سياسي مع موسكو، لوقف الحرب، وهو ما يعارضه الرئيس الأوكراني الذي يواجه منذ أشهر "عدم رضا" الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفي فبراير الماضي، قال ترامب على منصته "تروث سوشال" إن زيلينسكي "ديكتاتور من دون انتخابات"، وطالبه بأن "يتنحى سريعاً وإلا لن يبقى له بلد".
وبحسب مراقبين، قد يحظى بودانوف، بدعم واشنطن، حيث ترى فيه الرجل القادر على إنهاء الحرب عبر الدبلوماسية والحوار، كونه يفضل التوصل إلى حل سياسي ينهي الأزمة.
ومنذ عدة أشهر، تعمل شبكة من المؤسسات الخيرية تُعرف باسم منظمة حماية الدولة، أو "زاخيست ديرزهافي" باللغة الأوكرانية، بشكل سري في البلاد، وتكتسب زخماً تدريجياً، بحسب موقع "إنتليجنس أونلاين".
و"حماية الدولة" مسجّلة كمنظمة غير حكومية أو ربحية تدعم قدامى المحاربين، وتوزع المساعدات الإنسانية، وتعزز الوحدة الوطنية. ووفقا لمصادر مقربة من المجموعة، قد تُشكل أيضاً قاعدة ثابتة للطموحات السياسية لبودانوف، خصوصاً أنها تبسط نفوذها في جميع أنحاء البلاد.
وتعتقد أوساط سياسية أوكرانية أن الاستراتيجية التي يتبناها بودانوف تبدو أداة ما قبل الحملة الانتخابية، وواجهة لجهاز سياسي قيد الإنشاء، يديره الموالون له.
وبينما ينفي بودانوف أي طموحات رئاسية، فإن مصادر مقربة من طاقم الرئاسة الأوكرانية تكشف عن وجود "اتفاق شرف" بين رئيس الاستخبارات العسكرية وزيلينسكي، أنه في حال ترشح الأخير لولاية ثانية بعد رفع الأحكام العرفية في البلاد، فلن يقف بودانوف في طريقه إلا أن مؤشرات عديدة، بحسب "إنتليجنس أونلاين"، تؤكد أن بودانوف ماض بقوة نحو خوض انتخابات رئاسية، بدءا بالجمع السري للتبرعات، وإنشاء شبكات إقليمية، واستهداف ممنهج للمحاربين القدامى، الذين هم مجموعة انتخابية استراتيجية.
ويعود الفضل في صعود مكانة بودانوف إلى العمليات الجريئة التي نفذها جيش التحرير الشعبي في شبه جزيرة القرم ضد روسيا، وعلى جبهة الحرب التكنولوجية.
مع ذلك، لا يخلو مشروعه السياسي من المخاطر، فهو لا يزال ضابطاً عسكرياً في الخدمة، مسؤولاً أمام وزارة الدفاع. وأي تدخل في المجال الانتخابي قد يُحدث صدمة مؤسسية، لكن ما دامت منظمة "حماية الدولة" تحتفظ بوضعها كمنظمة غير حكومية نظرياً، فإن الأمور ستبقى "قانونية وشفافة"، بحسب "إنتليجنس أونلاين".