تحت عنوان "ماراثون مغاربي لمسعد بولوس"، توقفت محلة "جون أفريك" الفرنسية عند الجولة المغاربية التي يقوم بها المستشار الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون إفريقيا، والتي بدأها من تونس، تلتها محطة ليبية مقسمة بين سلطات طرابلس وتلك الموجودة في بنغازي. ثم قام بزيارة خاطفة إلى باريس، قبل أن يتوجه إلى الجزائر ثم الرباط.
في تونس، تقول الصحيفة الفرنسية، كان ما بقي في أذهان الكثيرين هو استفزاز الرئيس قيس سعيد، الذي عرض على ضيفه الأمريكي صورا تُظهر آثار المجاعة على أطفال غزة، متجاهلا الأعراف الدبلوماسية، وذلك على هامش لقائهما في قصر قرطاج.
ووصف المبعوث الأمريكي المشهد بأنه "دعاية مزعجة"، مدينا استغلال الزيارة التي كان هدفها مناقشة قضايا الأمن الإقليمي، ومبادرات السلام التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالإضافة إلى إعادة تنشيط العلاقات التجارية بين البلدين.
وأشارت "جون أفريك" إلى أنه في كواليس هذه الزيارة الباردة رغم حرارة الطقس، لم يحتج مسعد بولوس، المتقن للعربية، إلى مترجم ليرفض الطلبات المتعلقة بالمساعدات، أو ليُبلغ قيس سعيد، بحزم وبكلمات منتقاة، أنه من مصلحة تونس ألا تنخرط في خيارات خاطئة.
المبعوث الأمريكي، الذي يشرف على صياغة إستراتيجية أمريكية جديدة خاصة بإفريقيا، تلقى ردا من الجانب التونسي بأن تونس تسعى لتوسيع شراكاتها الإستراتيجية، وقد فُهم من ذلك أن الرئيس التونسي يُشير إلى تقاربه مع إيران.
عندها – تضيف "جون أفريك" – أوضح مسعد بولوس أن السياسة الجديدة تركز على "التجارة بدلا من المساعدة"، وأكد إغلاق مختلف الوكالات الأمريكية في تونس، بما في ذلك وكالة التنمية الأمريكية (USAID)، مشددا على أن جهود السلام تركز على منطقة المغرب العربي، دون أن تُعتبر تونس طرفا محوريا في هذه المهمة.
أما في طرابلس، – تتابع المجلة الفرنسية – فقد كان الوضع مختلفا، فقد أدان رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون بعبارات محسوبة. وكان فريقه الحكومي قد أعد مسبقا خطة شراكة اقتصادية مع الولاياتالمتحدة تبلغ قيمتها 70 مليار دولار. وتتضمن هذه الخطة مشروعات قصيرة الأمد في مجالات الطاقة والمعادن والكهرباء والبنى التحتية والاتصالات.
وتمثلت ذروة زيارة طرابلس في توقيع اتفاقية بنية تحتية بقيمة 235 مليون دولار بين شركة "مليتة للنفط والغاز" الليبية وشركة "هيل إنترناشيونال" الأمريكية، بهدف تحديث قطاع الطاقة الليبي وتعزيز الإنتاج والصادرات من الغاز.
وفي ختام زيارته، أعلن المبعوث الأمريكي اهتمام واشنطن بتوسيع التعاون والشراكة الإستراتيجية مع حكومة الوحدة الوطنية، المعترف بها دوليا، وأعرب عن دعم الولاياتالمتحدة لجهود تحقيق الاستقرار في ليبيا.
وفي المقابل، تواصل "جون أفريك"، كانت زيارة مسعد بولوس إلى بنغازي بروتوكولية أكثر منها عملية، وتميزت بغياب المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي في الشرق. ومع ذلك، شارك المبعوث الأمريكي في اجتماع مع عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، وأبناء حفتر: بلقاسم حفتر، المدير المالي للنظام ورئيس "صندوق التنمية وإعادة الإعمار"، وصدام حفتر، رئيس أركان القوات البرية، الذي كان قد زار واشنطن في أبريل الماضي كمبعوث دبلوماسي عن والده ويسعى لبناء علاقات عسكرية جديدة.
وقال بولوس إنه "تبادل وجهات النظر حول جهود التنمية الاقتصادية في ليبيا وسبل تعزيز الروابط التجارية بين الولاياتالمتحدة وليبيا"، و"ناقش أهمية المضي قدما في العملية السياسية وإنجاز ميزانية موحدة". ولم يصدر أي تعليق حول أداء أبناء حفتر في هذا اللقاء.
ومضت "جون أفريك" موضحة أن المستشار الخاص للرئيس الأمريكي قام بزيارة خاطفة إلى فرنسا يوم السبت 26 يوليوز الجاري، قبل أن يختتم جولته المغاربية بلقاءات في الجزائر ثم المغرب.
في باريس، تؤكد "جون أفريك"، عقد بولوس لقاء غير رسمي مع جان-نويل بارو، وزير الخارجية الفرنسي. وكان الهدف غير المعلن هو انتظار عودة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من زيارته إلى روما.
ولم يُسرب من الجانب الفرنسي، حسب المجلية، سوى الإشادة بالتعاون المشترك بين فرنساوالولاياتالمتحدة "في خدمة حل الأزمات الكبرى، والسلام، والازدهار في إفريقيا".
خلال زيارته إلى الجزائر، يوم الأحد 27 يوليوز الجاري، تناول لقاؤه مع وزير الخارجية أحمد عطاف ملف تبادل العلاقات الثنائية، حيث ناقش الطرفان "آفاق تعاون جديدة على أعلى مستوى". ثم استُقبل بولوس "بحفاوة" من قبل الرئيس عبد المجيد تبون، العائد للتو من روما حيث وقّع نحو 40 اتفاقية، من بينها عقد كبير في مجال الغاز.
وأكد الجانبان "الإرادة القوية لتعزيز العلاقات في مجالات التجارة، والأمن، وقطاعات أخرى"، وشدد مسعد بولوس على أن "العلاقة مع الجزائر ذات أهمية قصوى للولايات المتحدة"، تُشير "جون أفريك".
ورغم أنه لم يُذكر ملف الصحراء رسميا في المحادثات، توضح المجلة، إلا أن بولوس حرص على عرض موقف دونالد ترامب الذي يركز على التعاون والسلام وتأمين الحدود وتعزيز التجارة العادلة.
واختتم بقوله: "نتطلع إلى مواصلة جهودنا المشتركة لمواجهة تحديات منطقة الساحل والعمل معا من أجل تعزيز السلام والاستقرار"، بعد أن أكد الرئيس تبون أيضا وجود "إرادة مشتركة لتعزيز علاقاتنا في مجالات التجارة والأمن وقطاعات أخرى".
وهكذا بدت العلاقات الجزائرية-الأمريكية في حالة جيدة، قبل المحطة المغربية الأخيرة ضمن جولة المستشار الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون إفريقيا، تقول "جون أفريك".