تشهد العلاقات المغاربية-الخليجية، في الآونة الأخيرة، حراكاً دبلوماسياً لافتاً، تجلى في الزيارات والرسائل الرسمية التي وجهتها المملكة العربية السعودية إلى كل من المغرب والجزائر في فترة زمنية متقاربة جداً.
استقبل الملك محمد السادس، أمس الثلاثاء، الأمير تركي بن محمد بن فهد آل سعود، وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء السعودي، مبعوثاً خاصاً من الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حاملاً رسالة شفوية للملك.
في الجزائر، استقبل الرئيس عبد المجيد تبون سفير السعودية في الجزائر، عبد الله بن ناصر البصيري، الذي سلمه رسالة رسمية من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. اللقاء تم بحضور مسؤولين رفيعي المستوى في الرئاسة الجزائرية، ما يبرز أهمية الرسالة ومحتواها.
هذا التزامن الزمني، وتوجيه الرسائل على أعلى مستوى، يؤشر على مبادرة سعودية دقيقة وحساسة في تعاطيها مع العلاقة المتأزمة بين المغرب والجزائر، التي يقع ملف الصحراء المغربية في قلب توتير العلاقة.
لم تُعلن أي تفاصيل رسمية حول فحوى الرسائل، لكن غياب التصعيد الإعلامي أو السياسي من أي من الطرفين عقب الزيارات يوحي بأن التحرك السعودي لاقى قبولاً أولياً أو على الأقل لم يواجه رفضاً علنياً. وهذا مؤشر مشجع.
رغم عدم وجود إعلان رسمي عن وساطة سعودية، فإن مؤشرات عدة ترجح أن الرياض تسعى إلى لعب دور جسر التواصل بين الجزائر والمغرب، أو على الأقل تهدئة التوتر بين الطرفين. العلاقات بين الرباطوالجزائر مقطوعة منذ 2021، وتسودها حالة من الجفاء والتصعيد الإعلامي والدبلوماسي.
وسائل إعلام سعودية تحدثت أنه من المحتمل أن يكون هذا الحراك جزءاً من التحضير لمبادرة عربية موسعة، خاصة في ظل رغبة السعودية في توحيد الصف العربي قبل أحداث دولية أو قمم مرتقبة، كقمة الجامعة العربية القادمة أو استعدادات السعودية لاستضافة الفعاليات الدولية مثل إكسبو 2030 أو كأس العالم 2034.
وتابعت أن السعودية تدرك أن استمرار الصراع أو القطيعة بين دولتين محوريتين في المغرب العربي يؤثر سلباً على الأمن الإقليمي ويخدم أجندات أطراف خارجية (مثل إيران أو تركيا في بعض الملفات)، لذا قد تسعى إلى خلق توازن في العلاقات دون انحياز ظاهر لأي طرف.
من جهة أخرى، لا يمكن إغفال أن الرسائل قد تتضمن أيضاً مضامين ثنائية تتعلق بالاستثمار، والتعاون الاقتصادي، والطاقة، خاصة مع التوجه السعودي المتزايد لتنويع الشراكات خارج الخليج. فالمغرب والجزائر يمثلان بوابتين استراتيجيتين لأفريقيا وأوروبا.