في طريقه نحو تأكيد سيادته على صحرائه، مزج المغرب خطتين في خلطة سياسية اقتصادية واحدة مكنته من إقبار خيار الاستفتاء وإقناع اللاعبين الكبار في العالم بمقترحه للحكم الذاتي في الصحراء الذي يقوم على إستراتيجية قوية أساسها التنمية والتكامل الاقتصادي والاستثمار، وفق ما نقلته صحيفة MUNDIARIO الإسبانية، التي اعتبرت أن ملف الصحراء لم يعد مجرد إرث سياسي عالق منذ حقبة ما بعد الاستعمار، بل أصبح اليوم محورا مركزيا في معادلة النفوذ الاقتصادي والجيوسياسي بالمنطقة.
تقرير الصحيفة الاسبانية، تحدث عن المغرب وكيف نجح في تحويل النقاش الدولي حول الصحراء من زاوية "الخلاف السياسي" إلى دينامية "المشروع التنموي"، مبرزا أن الموارد الطبيعية في الأقاليم الجنوبية من الفوسفاط إلى الثروات البحرية والطاقة المتجددة، أصبحت محركات فعلية لنمو اقتصادي متسارع.
ففي منجم بوكراع، تضييف الصحيفة الإسبانية، تستغل مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط أحد أهم الاحتياطات العالمية، الموجّهة لتزويد الأسواق الدولية بمواد حيوية تحتوي على عناصر استراتيجية كاليورانيوم، ومنه يمتد أطول حزام ناقل في العالم باتجاه ميناء العيون، في صورة معبّرة عن اندماج الصحراء في الاقتصاد الوطني.
وفي ميدان الطاقة، يردف المصدر ذاته، تعمل مشاريع التنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحل بوجدور، إضافة إلى الاستثمارات الضخمة في الطاقة الريحية والشمسية، على تعزيز موقع الصحراء ك"مستقبل الطاقة المغربي والإفريقي".
أما البحر، فيرى التقرير، أنه يمثل ركيزة ثالثة في الإستراتيجية المغربية، فالمياه الغنية بالثروة السمكية على سواحل الداخلةوالعيون أصبحت اليوم نقطة التقاء بين المصالح المغربية والأوروبية، رغم الجدل السياسي والقانوني المتعلق باتفاقيات الصيد.
ورغم الخلافات، يوضح التقرير، تستمر أوروبا في استيراد المنتجات الفلاحية والبحرية القادمة من المنطقة عبر القنوات التجارية المغربية، ما يعكس حجم الترابط الاقتصادي الذي تجاوز لغة النزاعات.
ويبرز التقرير أن قرار مجلس الأمن رقم 2797 (أكتوبر 2025) شكّل لحظة مفصلية، بعدما تبنّى المقترح المغربي للحكم الذاتي باعتباره "الحل الواقعي والعملي" للنزاع.
هذا التحول لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة دبلوماسية مغربية "هادئة وطويلة النفس" أقنعت العواصم الغربية الكبرى من واشنطن إلى مدريد بأن استقرار شمال إفريقيا يمرّ عبر الرباط، يقول التقرير.
وتؤكد MUNDIARIO أن المغرب يسير بخطوات ثابتة نحو تعزيز مكانته كقوة إقليمية متوسطة، بفضل استراتيجية متكاملة تشمل الاقتصاد، والدفاع، والبنية التحتية.
وختم التقرير، بالإشارة إلى أن ميزانية الدفاع المغربية ارتفعت ب 17% في عام واحد، مدعومة بشراكات إستراتيجية مع الولاياتالمتحدة وإسرائيل، بينما تتواصل المشاريع العملاقة في الداخلةوالعيون—من موانئ جديدة إلى مناطق صناعية وتكنولوجية—في ترسيخ صورة المغرب كقوة اقتصادية صاعدة و"قاطرة للتنمية الإفريقية".